خطبة جمعة الموافق 6-9-2013 بعنوان حق المسلم على المسلم...
علي الفضلي
1434/10/30 - 2013/09/06 14:19PM
خطبة جمعة الموافق 6-9-2013 بعنوان حق المسلم على المسلم :
https://app.box.com/s/ohv96lpwz45cqmvxj213
https://app.box.com/s/ohv96lpwz45cqmvxj213
المشاهدات 4720 | التعليقات 2
أمدك ربي بالعافية وكتب لك النفع والقبول
علي الفضلي
إن الحمد لله نحمده...
عباد الله/ إن من مقاصد الشريعة التي جاءت بها تنظيمَ حياة المجتمع الإسلامي،وتوطيدَ العلاقات بين المسلمين ،وإذكاءَ روح المحبة بين المسلمين، يقول عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين من حديث النعمان واللفظ لمسلم: «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
ولفظ البخاري:
(تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى).
وفي رواية لمسلم: « المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسُه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ».وفي رواية له:«المسلمون كرجل واحد إن اشتكى عينُه اشتكى كلُّه، وإن اشتكى رأسُه اشتكى كلُّه».
وفي الصحيحين عن أبى موسى الأشعري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا »وفي رواية البخاري: (وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ).
ولذلك فإن الله -تبارك وتعالى- أوجب حقوقا للمسلم على المسلم،لكي تتوطد المحبة بين المسلمين،ومن أجل أن يتعاونوا جميعا على نشر كلمة "لا إله إلا الله محمد رسول".
أهم هذه الحقوق ست ذكرها رسول الله-ص-كما في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (حق المسلم على المسلم ست: قيل: وما هنّ يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلّم عليه؛ وإذا دعاك فأجبه؛وإذا استنصحك فانصح له؛ وإذا عطس فحمد الله فشَمِّته؛ وإذا مرض فعُدْه، وإذا مات فاتّبعه" .
هذه الحقوق الست التي سمعتم في الحديث كثير من الناس في زماننا هذا فرطوا فيها! وهي حقوق واجبة فيها الخير الكثير والأجر العظيم من الله تعالى؛ من قام بها في حق المسلمين،كان قيامه بغيرها أولى.
الأولى: "إذا لقيته فسلّم عليه" فإن السلام سبب للمحبة التي توجب الإيمان الذي يوجب دخول الجنة، كما قال صلّى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم"رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
والسلام من محاسن الإسلام الذي حسدتنا عليه يهود، قال رسولنا-ص-:
(ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين)رواه البخاري في الأدب المفرد وابن ماجه وصححه الألباني.
فإن كل واحد من المتلاقيين يدعو للآخر بالسلامة من الشرور، وبالرحمة والبركة الجالبة لكل خير، ويتبع ذلك من البشاشة وألفاظ التحية المناسبة ما يوجب التآلف والمحبة، ويزيل الوحشة والتقاطع.
فالسلام حقّ للمسلم؛وعلى المسلَّم عليه ردّ التحية بمثلها أو أحسن منها، وخير الناس من بدأهم بالسلام،قال رسولنا-ص-: (إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام) رواه ( د ) وصححه الألباني.
الثانية: "إذا دعاك فأجبه" أي: دعاك لدعوة طعام وشراب فاجبر خاطر أخيك الذي أدلى إليك وأكرمك بالدعوة، وأجبه لذلك إلا أن يكون لك عذر! فإن إجابة دعوة المسلم واجبة إلا لعذر لقوله –ص- : (إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها، عرسا كان أو نحوه؛ ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله). رواه أبو يعلى وأصله في الصحيحين وصححه الألباني.
الثالثة: قوله: "وإذا استنصحك فانصح له" أي: إذا استشارك أخوك المسلم في عمل من الأعمال، فانصح له بما تحبه لنفسك،إذا كان نافعاً قل له وحثه على فعله، وإن كان مضراً فحذره منه .
وكذلك إذا شاورك على معاملة أحد من الناس أو تزويجه أو التزوج منه فابذل له محض النصيحة،وإياك أن تغشه أو تخونه.فإن النبي-ص- يقول: ((المستشار مؤتمن)رواه(4) عن أبي هريرة وصححه الألباني.
ويقول-ص- : (من غشنا فليس منا).
الرابعة: قوله: "وإذا عطس فحمد الله فشمته" وذلك أن العطاس نعمة من الله؛ لخروج هذه الريح المحتقنة في أجزاء بدن الإنسان، يسر الله لها منفذاً تخرج منه فيستريح العاطس؛ فشرع له أن يحمد الله على هذه النعمة، وشرع لأخيه أن يقول له: "يرحمك الله" وأمره أن يجيبه بقوله: "يهديكم الله ويصلح بالكم" فمن لم يحمد الله لم يستحق التشميت، ولا يلومن إلا نفسه؛ فهو الذي فوّت على نفسه النعمتين: نعمة الحمد لله، ونعمة دعاء أخيه له المرتب على الحمد.
قال-ص-(إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ)رواه البخاري.
الخامسة: قوله "وإذا مرض فعُدْه" عيادة المريض من حقوق المسلم،وهي من أفضل الأعمال الصالحة؛ ومن عاد أخاه المسلم لم يزل يخوض الرحمة، فإذا جلس عنده غمرته الرحمة؛واسمعوا لهذين الحديثين العظيمين:
في صحيح ابن حبان وصححه الألباني قال-ص-:
(ما من امرىء مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا إِلَّا ابْتَعَثَ اللَّهُ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ؛ فِي أَيِّ سَاعَاتِ النَّهَارِ كَانَ حَتَّى يُمْسِيَ؛ وَأَيِّ سَاعَاتِ اللَّيْلِ كان حتى يصبح).
وروى أحمد وغيره وصححه الألباني قال-ص-: (من عاد مريضا لم يزل يخوض في الرحمة حتى يجلس فإذا جلس اغتمس فيها).
وعن ثوبان قال-ص- : « من عاد مريضا لم يزل فى خرفة الجنة ». قيل يا رسول الله وما خرفة الجنة قال « جناها ».رواه مسلم.جناها: أي: اجتناء ثمر الجنة.وهذه الأحاديث تدلك على فضل زيارة المريض،ألا فلنحرص عليها.
السادسة: قوله: "وإذا مات فاتّبعه" فإن من تبع جنازة حتى يُصلى عليها فله قيراط من الأجر؛ فإن تبعها حتى تدفن فله قيراطان؛ والقيراط مثل الجبل العظيم! في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال –ص- :
« من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان ». قيل:وما القيراطان؟ قال «مثل الجبلين العظيمين».واتباع الجنازة فيه حق لله، وحق للميت، وحق لأقاربه الأحياء.
فاحرصوا يرحمكم الله على هذه الأجور،وعلى هذا الفضل العظيم،علّنا أن يتقبلنا الله تعالى برحمته وهو أرحم الراحمين.
تعديل التعليق