خطبة ثانية في المولد النبوي : شروط قبول العبادات

جابر السيد الحناوي
1431/02/29 - 2010/02/13 19:45PM
بســم الله الرحمــن الرحــيم
خطــبة ثانية في المــولد النبوى
شــروط قبول العــبادات
تناولنا فى الأسبوع الماضي ، وبمناسبة بداية شهر ربيع الأول ، تناولنا موضوع الاحتفال بالمولد النبوى الشريف ، وانتهينا إلى أن الاحتفال به على الوجه الذى نراه الآن ، إنما هو بدعة ضلالة ، لم تنقل عن النبى صلي الله عليه وسلم الذين يحتفلون بمولده ، ولم يفعلها الصحابة رضوان الله عليهم ، ولا التابعين لهم بإحسان ، وقد كتب الكثير من العلماء أصحاب الرأى السديد ، كتبوا الكتب والرسائل فى تفنيد هذه البدعة ، إلا أنه نظرا لسوء أحوال الأمة ، وانتشار الفساد ، فقد علا صوتُ المبتدعين على صوتِ الحق ، لدرجة أن البعض مازال يحبذها لطول ما تعود عليها ، وولطول ما وجد أهله يعملونها ، بل ووجد بعض العلماء وطلاب علم يدعون إليها ويعملون بها .
وفى هذه المناسبة يعمل أعداء الإسلام على استغلال ذكرى المولد النبوى الشريف على إثارة الفتن بين المسلمين ، حتى أصبحنا نرى من بين المسلمين من يكفر بعضهم بعضا ، ويلعن بعضهم بعضا في شأن المولد ، واستفحل الأمر وأصبح من الخطورة بحيث وجب على أهل العلم أن يبينوا الحق فى هذه المسألة الخطيرة .
ولهذا وجدت أن من واجبى ، وأملا في وضع حد لهذه الفتنة التي تتجدد كل عام ، أن نبين الحق في هذه المسألة الخطيرة التي أدت إلى أن أبغض المسلمون بعضُهم بعضا ، ولعن بعضُهم بعضا ، وأن ألفت النظر إلى شىء هام وخطير ، وهو أن نبحث عن معيار لا يفيد في فهم قضية المولد المختلف فيها فحسب ، بل يفيد في كثير من القضايا الدينية التي يتنازع فيها الناس فى العادة : هل هي بدعة أم سنة ؟
فكلامنا إذن ــ إن شاء الله سبحانه وتعالي ــ أحسـبه كالمفتاح ، لفهم المغلق من مسائل الخلاف فيما هو دين وسنة يعمل به ، وبين ما هو ضلال وبدعة يجب تركه والبعد عنه .
إخـوة الإســلام :
اعلموا أن الله عز وجل قد بعث رسوله نبينا محمدا صلي الله عليه وسلم وأنزل عليه القرآن الكريم ، من أجل هداية الناس وإصلاحهم فيكملوا ويسعدوا في دنياهم وأخراهم . قال سبحانه وتعالي : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا " ( [1] )
هاتان الآيتان من أواخر سورة النساء ، قد قررتا ما قلناه من أن الله عز وجل قد أرسل رسوله صلي الله عليه وسلم وأنزل كتابه الكريم لهداية الناس وإصلاحهم ، فالبرهان فى قوله سبحانه وتعالي : " قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ " هو النبى صلي الله عليه وسلم عند كثير من أهل التفسير ، والنور فى قوله سبحانه وتعالي : " وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا " هو القرآن الكريم.
وعليه فإن هداية الناس وإصلاحهم لا تتم إلا على الوحي الإلهي المتمثل في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم ، فالله عز وجل يوحي بالأمر والرسول صلي الله عليه وسلم يبلغه ويبين كيفية العمل به ، والمؤمنون يعملون به ، فعلى الله الوحى ، وعلى الرسول البلاغ ، وعلى المؤمنين الطاعة ، فيكملون عليه ويسعدون به.
وأقسـم بالله العظيم أنه لا سبيل إلى إكمال الناس وإسعادهم ــ بعد هدايتهم وإصلاحهم ــ لاسبيل إلي الخروج من الضنك الذي يعيشه الناس في هذه الأيام ، ولا الانخلاع من ثوب الذل الذي يسربل الأمة حاليا ، إلا هذا السبيل ، وهو العمل بالوحي الإلهي الذي تضمنه الكتاب و السنة ، وَسِرُّ هذا أيها الإخوة الكرام : أن الله تعالى هو رب العالمين أي : خالقهم ومربيهم ومدبر أمورهم ومالكها عليهم ، فالناس كلهم مفتقرون إليه في خلقهم وإيجادِهم ، ورزقهِِم وتربيتِهِم وهدايتِهم وإصلاحِهم ليكملوا ويسعدوا في الدنيا والآخرة .
وقد جعل الله عز وجل سننا للخلق يتم عليها خلقُهم وهي التلاقح بين الذكر والأنثى ، وجعل كذلك سننا تتم عليها هدايتهم وإصلاحهم ، وكما أنه لا يتم الخلق إلا على سنته في الناس ، وهى الزواج والتلاقح ، فلا تتم كذلك الهداية والإصلاح إلا على سنته سبحانه وتعالي في ذلك ، وهي العملُ بما شرع الله في كتابه ، وعلى لسان رسوله محمد صلي الله عليه وسلم ، وتطبيقُ ذلك على الوجه الذي بينه صلي الله عليه وسلم ، ومن هنا فلا أمل مطلقا في هدايةٍ أو سعادةٍ أو كمالٍ يأتي من غير طريق شرع الله بحال من الأحوال.
وها نحن نشاهد أهل الشرائع الباطلة والمحرفة كاليهودية والنصرانية والمجوسية وغيرها ، لم يهتدوا بها أو يكملوا أو يسعدوا عليها ؛ وذلك لأنها ليست من شرع الله ، كما أننا نشاهد القوانين التي وضعها الناس لتحقيق العدالة بين الناس وحفظ أرواحهم وأموالهم وصيانة أعراضهم وتكميل أخلاقهم ، فهل حققت ما أريد منها ؟ طبعا لا ، بل الأرض كما نرى قد أنَّت وخَمَّتْ من الجرائم والموبقات !
كما نشاهد أيضا أكثر المسلمين لما عدلوا عن شرع الله إلى ما شرع الناس من تلك القوانين ، تفرقت كلمتُهم ، وحقر شأنهم وذلوا وهانوا ، وما ذاك إلا لأنهم يعملون بغير الوحي الإلهي .
واسمعوا معى القرآن الكريم كيف يُنَدِّدُ بكل شرع غير شرع الله عز وجل : " شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ " ( [2] ) واستمعوا أيضا إلى قول الرسول صلي الله عليه وسلم : " ... وَمَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ " ( [3] ) ومعنى رد أى : مردود على صاحبه لا يقبل منه ولا يثاب عليه ؛ ذلك : أن العمل الذي لم يشرعه الله لا يُؤَثِّر في النفس بالتزكية والتطهير لخلوه من مادة التطهير والتزكية التي يوجدها الله تعالى في الأعمال التي يشرِّعها ويأذن بفعلها
وهذابالضبط مثله كمثل مادة التغذية التي أوجدها الله عز وجل في الحبوب والثمار واللحوم ، فكان في أكل هذه الأنواع غذاءً للجسم ، ينمو عليها ويحتفظ بقواه بها بإذن الله ، أما التراب والخشب مثلا فهي غير مغذية ؛ لما أخلاها الله سبحانه وتعالي من مادة التغذية ، وبهذا يظهر لنا أن العمل بالبدعة كالتغذية بالتراب والحطب والخشب ، فإذا كان آكل هذه لا يتغذى فكذلك العامل بالبدعة لا تطهُر روحُُه ولا تزكو نفسُه .
وبناء على هذا فكل عمل يراد به التقرب إلى الله سبحانه وتعالي للحصول على الكمال والسعادة ، بعد النجاة من الشقاء والخسران ، ينبغي أن يكون :
أولا : مما شرع الله سبحانه وتعالي في كتابه أو على لسان رسوله صلي الله عليه وسلم
ثانيا : أن يؤدىً على نحو ما أداه عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم بحيث يراعى فيه كميتََه أي عددَه ، بحيث لا يزيد عليه ولا ينقص منه ، وكيفيتَََََََََََه بحيث لا يقدم فيه بعض أجزائه ولا يؤخر . وزمانََََه بحيث لا يفعله في غير الوقت المحدد له . ومكانه فلا يؤديه في غير المكان الذي عينه الشارع له .
ثالثا : أن يريدَ به فاعلُه طاعةَ الله I بامتثال أمره ، والتقرّب إليه طَلَبًا لمرضاته والقرب منه.
فإن فقد العمل واحدة من هذه الاعتبارات أو الشروط : أن يكون مشروعا ، وأن يؤديه على النحو الذي أداه عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم بحيثياته الأربع ، وأن يُراد به وجهَ الله سبحانه وتعالي ، إن فقد العمل واحدة من هذه الاعتبارات فإنه يبطل ، ومتى بطل العمل فإنه لا يؤثر في النفس بالتزكية والتطهير بل قد يؤثر فيها بالتدنية والتنجيس .
ونوضح هذه الحقيقة بالمثال التالي :
الصلاة مثلا فإنها مشروعة بالكتاب قال سبحانه وتعالي : " فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ علَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا " ( [4] ) ومشروعة أيضا بالسنة قال رسول صلي الله عليه وسلم : " خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعِبَادِ... " الحديث . ( [5] )
فهل يكفى العبد أن يصليها كيف شاء ومتى شاء ، وفي أي زمان أو مكان شاء ؟ والجواب لا ، بل لا بد من مراعاة باقي الحيثيات من عددها وكيفيتها وزمانها ومكانها ، فلو صلى المغرب أربع ركعات بأن زاد فيها ركعة عمدا بطلت ، ولو صلى الصبح ركعة واحدة بأن نقص منها ركعة لما صحت ، وكذلك لو لم يراع فيها الكيفية بأن قدم بعض الأركان على بعض لم تصح ، وكذا الحال في الزمان والمكان فلو صلى المغرب قبل الغروب ، أو الظهر قبل الزوال لما صحت ، كما لو صلى في مجزرة أو مزبلة لما صحت لعدم مراعاة المكان المشروط لها .
وهكذا سائر العبادات لا تصح ولا تقبل من فاعلها إلا إذا راعى فيها كلَّ شروطها وهى :
* أن تكون مشروعة بالوحي الإلهي لقول الرسول صلي الله عليه وسلم : " ... و من عمل عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ " . ( [6] )
* أن يؤديها أداء صحيحا ملاحظا فيه الحيثيات الأربع : الكمية بمعنى العدد والكيفية وهي الصفة التي عليها العبادة ، والزمان الذي حدد لها ، والمكان الذي عُيِّنَ لها .
* وأن يخلص لله سبحانه وتعالي بحيث لا يشرك فيها معه أحدا كائنا من كان .
ومن هنا ــ أخى المسلم ــ كانت البدعة باطلة وكانت ضلالة ، كانت باطلة لأنها لا تزكي الروح إذ هي من غير شرع الله ، أي ليس عليها أمره سبحانه وتعالي ولا أمر رسوله صلي الله عليه وسلم ، وكانت ضلالة لأنها أضلت فاعلها عن الحق فأبعدته عن عمل مشروع يزكي به نفسه ويجزيه به ربه ويثيبه عليه.
*** *** ***
أخي المسلم :
إن العبادة المشروعة بالكتاب والسنة ، أي التى عليها أمر الله عز وجل وأمر رسوله صلي الله عليه وسلم قد يطرأ عليها الابتداع ، ويداخلها الإحداث في كميتها أو كيفيتها أو زمانها أو مكانها فتفسد على فاعلها ولا يثاب عليها ، وقد قدمنا مثلا على ذلك بالصلاة ، ولنضرب مثلا بالذكر ؛ فإن ( ذكر الله) مشروع بالكتاب والسنة قال سبحانه وتعالي : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا "( [7] ) ومع مشروعيته فقد داخله الابتداع عند كثير من الناس فأفسده عليهم ، وحرمهم ثمرته من تزكية النفس وصفاء الروح ، وما يترتب على ذلك من مثوبة ورضوان .
يروى أن أَبا مُوسَى الأَشْعَرِىُّ رضي الله عنه رَأَي بالمسجد أَمْرًا قد ذعَرَه فتوجه إلي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ( وهي كنية ابن مسعود ) إِنِّى رَأَيْتُ فِى الْمَسْجِدِ آنِفاً أَمْراً أَنْكَرْتُهُ ، وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلاَّ خَيْراً. قَالَ : فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ : رَأَيْتُ فِى الْمَسْجِدِ قَوْماً حِلَقاً جُلُوساً يَنْتَظِرُونَ الصَّلاَةَ ، فِى كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ ، وَفِى أَيْدِيهِمْ حَصًى فَيَقُولُ : كَبِّرُوا مِائَةً ، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً ، فَيَقُولُ : هَلِّلُوا مِائَةً ، فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً ، وَيَقُولُ : سَبِّحُوا مِائَةً فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً " قَالَ ابْنِ مَسْعُودٍ : " فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ؟ " قَالَ : مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئاً انْتِظَارَ رَأْيِكَ أَوِ انْتِظَارَ أَمْرِكَ ، قَالَ : " أَفَلاَ أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لاَ يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ ؟ " ثُمَّ مَضَى وَالجميع حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ : " مَا هَذَا الَّذِى أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ ؟ " قَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ. قَالَ : " فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لاَ يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَىْءٌ ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ ـ أو : مَا أَسْرَعَ مَا ضَلَلْتُمْ ـ هَؤُلاَءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ I مُتَوَافِرُونَ ـ أي أَحْيَاءُ ـ وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ ـ أو لَمْ تُغَيَّرْ ـ وَالَّذِى نَفْسِى فِى يَدِهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِىَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ ، أَوْ مُفْتَتِحِى بَابِ ضَلاَلَةٍ." قَالُوا : وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا أَرَدْنَا إِلاَّ الْخَيْرَ. قَالَ : " وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ I حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْماً يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِى لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ. " ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلِمَةَ : رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ .( [8] ) فإذاكان هذا قد حدث في عهد الصحابة ، فما بالنا وما يحدث هذه الأيام ، نجـد البعض يذكر الله عز وجل مع الموسيقى والمزامير، وبعضهم يذكره بألفاظ غير مشروعة مثل الذكر بالاسم المفرد : ( الله ، الله ، الله ) أو بضمير الغيبة المذكر : ( هو ، هو ، هو ) إلي غير ذلك مما لم يفعله الشارع ، ولم يأمر به أو يأذن فيه.
فالذكر عبادة شريفة فاضلة ولكن نظرا إلى ما داخله من الابتداع في كميتة أو كيفيتة وهيئتة بَطُلَ مفعولُه وحُِرم أهلُه مثوبتَََه وأجرَه.
خلاصة القول : إن ما يتعبد به العبد ويتقرب به إلى الله عز وجل لينجو من عذابه ويفوز بالنعيم المقيم في جواره ، لا يكون ولن يكون إلا : عبادة مشروعة أمر الله سبحانه وتعالي بها في كتابه ، أو على لسان رسوله صلي الله عليه وسلم ، وأن يؤديها المؤمن أداء صحيحا مراعىً فيها الحيثيات الأربع : الكمية ، والكيفية ، والزمان والمكان مع الإخلاص فيها لله تعالى وحده ، فإن كانت العبادة غير مشروعة بالوحي الإلهي فهي بدعة ضلالة ، وإن كانت مشروعة واختل أداؤها بعدم مراعاة حيثياتها الأربع أو داخلها الابتداع في ذلك فهي قربة فاسدة ، وإن خالطها شرك فهي عبادة حابطة باطلة لا تجلب رجاء ، ولا تدفع بلاء ، والعياذ بالله تعالى
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
(جميع الحقوق متاحة لكافة المسلمين بمختلف الوسائل غير الربحية فإنها تحتاج إلي تصريح كتابي )



[1] النساء 174 ، 175

[2] الشورى 21

[3] صحيح البخاري ج 7 / ص 347

[4] 103 النساء

[5] موطأ مالك ج 1 / ص 361

[6] صحيح البخاري ج 9 / ص 201

[7] الأحزاب 41

[8] سنن الدارمي ج 1 / ص 233 والزيادات من المعجم الكبير للطبراني ج 8 / ص 32
المشاهدات 4948 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا

ملاحظة: نأمل منك يا شيخ جابر أن تكون الكتابة ليس فيها رموز مثل: الآيات القرآنية ، والدعوات كصلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنه ورحمه الله وغير ذلك


وأنتم أيضا جزاكم الله كل خير علي ملاحظتكم
والحقيقة أخي الكريم أن هذه الرموز غير متعمد تركها
في صلب الموضوع
إنما هي أصلا بسبب قصور صندوق الكتابة الخاص بالشبكة
عن التعامل مع الخطوط Fonts
من نوع AGA Arabesque
وأنا من جانبي أحرص دائما علي عدم استخدام هذه الخطوط
ولكن الحذر كما يقال لا يمنع القدر
فتظهر هذه الرموز بسبب السهو والعجلة
شـكــ وبارك الله فيكم ـــرا لكم ... لكم مني أجمل تحية .