خطبة ثانية عن الواجب لأصحاب رسول الله ﷺ 1443/7/3هـ

عبد الله بن علي الطريف
1443/07/03 - 2022/02/04 08:15AM

خطبة ثانية عن الواجب لأصحاب رسول الله ﷺ 1443/7/3هـ

أيها الإخوة: سئل الشيخ حافظ حكمي رحمه الله: ما الواجب التزامه في أصحاب رسول الله ﷺ.؟ فأجاب بقوله: الواجب لهم علينا سلامةُ قلوبنا وألسنتنا، ونشرُ فضائلهم والكفُ عن مساويهم وما شجر بينهم، والتنويهُ بشأنهم كما نوه تعالى بذكرهم في التوراة والإنجيل والقرآن، وثبتت الأحاديث الصحيحة في الكتب المشهورة من الأمهات، وغيرها في فضائلهم..

ثم استدل رحمه الله بقولِ الله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الفتح:29] قال الشيخ السعدي رحمه الله: يخبر تعالى عن رسوله ﷺ وأصحابه من المهاجرين والأنصار، أنهم بأكمل الصفات، وأجل الأحوال، وأنهم (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) أي: جادون ومجتهدون في عداوتهم، وساعون في ذلك بغاية جهدهم، فلم يروا منهم إلا الغلظة والشدة، فلذلك ذل أعداؤهم لهم، وانكسروا، وقهرهم المسلمون، (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) أي: متحابون متراحمون متعاطفون، كالجسد الواحد، يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه، هذه معاملتهم مع الخلق، وأما معاملتهم مع الخالق فإنك (تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا) أي: وصفهم كثرة الصلاة، التي أجل أركانها الركوع والسجود.. (يَبْتَغُونَ) بتلك العبادة (فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا) أي: هذا مقصودهم بلوغ رضا ربهم، والوصول إلى ثوابه.

(سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) أي: قد أثرت العبادةُ من كثرتها وحسنها في وجوههم، حتى استنارت، لما استنارت بالصلاة بواطنهم، استنارت بالجلال ظواهرهم.. (ذَلِكَ) المذكور (مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ) أي: هذا وصفهم الذي وصفهم الله به، مذكور بالتوراة هكذا.

وأما مثلهم في الإنجيل، فإنهم موصوفون بوصف آخر، وأنهم في كمالهم وتعاونهم (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ) أي: أخرج فراخه، فوازرته فراخه في الشباب والاستواء.

(فَاسْتَغْلَظَ) ذلك الزرع أي: قوي وغلظ (فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ) جمع ساق، (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) من كماله واستوائه، وحسنه واعتداله، كذلك الصحابة رضي الله عنهم، هم كالزرع في نفعهم للخلق واحتياج الناس إليهم، فقوة إيمانهم وأعمالهم بمنزلة قوة عروق الزرع وسوقه، وكون الصغير والمتأخر إسلامه، قد لحق الكبير السابق ووازره وعاونه على ما هو عليه، من إقامة دين الله والدعوة إليه، كالزرع الذي أخرج شطأه، فآزره فاستغلظ، ولهذا قال: (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) حين يرون اجتماعهم وشدتهم على دينهم، وحين يتصادمون هم وهم في معاركِ النزالِ، ومَعَامِعِ القتالِ.

(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) فالصحابة رضي الله عنهم، الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح، قد جمع الله لهم بين المغفرة، التي من لوازمها وقاية شرور الدنيا والآخرة، والأجر العظيم في الدنيا والآخرة. أ هـ

وقال ابن كثير رحمه الله تفسيرِ فيِ قَوْلِ اللهِ تعالى: (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ) يَعْنِي: السَّمْتَ الْحَسَنَ.. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: يَعْنِي: الْخُشُوعَ وَالتَّوَاضُعَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) قَالَ: الْخُشُوعُ؛ قَالَ مَنْصُورٌ -الراوي عن مجاهد- قُلْتُ: مَا كُنْتُ أَرَاهُ إِلَّا هَذَا الْأَثَرَ فِي الْوَجْهِ، فَقَالَ: رُبَّمَا كَانَ بَيْنَ عَيْنَيْ مَنْ هُوَ أَقْسَى قَلْبًا مِنْ فِرْعَوْنَ" رواه ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.. وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ.

وقال رحمه الله في تفسيره: قَالَ مَالِكٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّصَارَى كَانُوا إِذَا رَأَوُا الصَّحَابَةَ الَّذِينَ فَتَحُوا الشَّامَ يَقُولُونَ: "وَاللَّهِ لَهَؤُلَاءِ خَيْرٌ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ فِيمَا بَلَغَنَا". وَصَدَقُوا فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ مُعَظَّمَةٌ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَعْظَمُهَا وَأَفْضَلُهَا أَصْحَابُ رسول الله ﷺ، وقد نَوَّهَ اللَّهُ بِذِكْرِهِمْ فِي الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ وَالْأَخْبَارِ الْمُتَدَاوَلَةِ.. والأدلة من الكتاب والسنة على فضلهم والترضّى عنهم أكثر من أن يجمعها مكان..

أيها الإخوة: ولقد ذكر شيخنا محمد العثيمين رحمه الله في تعليقه على لمعة الاعتقاد حقوقهم فقال: فلهم على الأمة: محبتهم بالقلب والثناء عليهم باللسان بما أسدوه من المعروف والإحسان.. والترحم عليهم والاستغفار لهم تحقيقًا لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر:10].

وعلينا الكف عن مساوئهم التي إن صدرت عن أحد منهم فهي قليلة بالنسبة لما لهم من المحاسن والفضائل، وربما تكون صادرة عن اجتهاد مغفور وعمل معذور لِقَولِ النَّبِيِّ ﷺ: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ، ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ» رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قال النوويُ رحمه الله: قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ تَفْضِيلِ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ عَلَى جَمِيعِ مَنْ بَعْدَهُمْ، وَسَبَبُ تَفْضِيلِ نَفَقَتِهِمْ أَنَّهَا كَانَتْ فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَضِيقِ الْحَالِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، وَلِأَنَّ إِنْفَاقَهُمْ كَانَ فِي نُصْرَتِهِ ﷺ وَحِمَايَتِهِ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ بَعْدَهُ وَكَذَا جِهَادُهُمْ وَسَائِرُ طَاعَتِهِمْ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أولئك أعظم درجة الْآيَةُ، هَذَا كُلُّهُ مَعَ مَا كَانَ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الشَّفَقَةِ وَالتَّوَدُّدِ وَالْخُشُوعِ وَالتَّوَاضُعِ وَالْإِيثَارِ وَالْجِهَادِ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَفَضِيلَةِ الصُّحْبَةِ وَلَوْ لَحْظَةً لَا يُوَازِيهَا عَمَلٌ وَلَا تُنَالُ دَرَجَتُها بِشَيءٍ، وَالْفَضَائِلُ لَا تُؤْخَذُ بِقِيَاسٍ.. ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ.. أهـ

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَلَامٌ، فَقَالَ خَالِدٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: تَسْتَطِيلُونَ عَلَيْنَا بِأَيَّامٍ سَبَقْتُمُونَا بِهَا، فَبَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: «دَعُوا لِي أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنْفَقْتُمْ مِثْلَ أُحُدٍ -أَوْ مِثْلَ الْجِبَالِ- ذَهَبًا، مَا بَلَغْتُمْ أَعْمَالَهُمْ» رواه أحمد وقال الأرناؤوط صحيح الإسناد وصححه الألباني رحمهم الله.

أيها الإخوة: ومنهج أهل السنة والجماعة في تعاملهم مع حقوق الصحابة الكرام منهج رشيدًا، قال ابن كثير رحمه الله عند تفسيره لآية التوبة: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:100] "يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ رِضَاهُ عَنِ السَّابِقَيْنِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَرِضَاهُمْ عَنْهُ بِمَا أعدَّ لَهُمْ مِنْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ"، ثم قال "فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ الْعَظِيمُ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ: فَيَا وَيْلُ مَنْ أَبْغَضَهُمْ أَوْ سَبَّهم أَوْ أَبْغَضَ أَوْ سبَّ بَعْضَهُمْ، وَلَا سِيَّمَا سيدُ الصَّحَابَةِ بَعْدَ الرَّسُولِ وَخَيْرُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ، أَعْنِي الصِّدِّيقَ الْأَكْبَرَ وَالْخَلِيفَةَ الْأَعْظَمَ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي قُحَافَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِنَّ الطَّائِفَةَ الْمَخْذُولَةَ مِنَ الرَّافِضَةِ يُعَادُونَ أَفْضَلَ الصَّحَابَةِ ويُبغضونهم ويَسُبُّونهم، عِياذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُقُولَهُمْ مَعْكُوسَةٌ، وَقُلُوبَهُمْ مَنْكُوسَةٌ، فَأَيْنَ هَؤُلَاءِ مِنَ الْإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ، إِذْ يسبُّون مَنْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؟ وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَإِنَّهُمْ يَتَرَضُّونَ عَمَّنْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَيَسُبُّونَ مَنْ سَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيُوَالُونَ مَنْ يُوَالِي اللَّهَ، وَيُعَادُونَ مَنْ يُعَادِي اللَّهَ، وَهُمْ مُتَّبِعُونَ لَا مُبْتَدِعُونَ، وَيَقْتَدُونَ وَلَا يَبْتَدُونَ وَلِهَذَا هُمْ حِزْبُ اللَّهِ الْمُفْلِحُونَ وَعِبَادُهُ الْمُؤْمِنُونَ".. اللهم إنا نتقرب إليك بحب أصحاب نبينا وحبيبنا وموالاتهم والترضي عنهم، اللهم اجمعنا بهم في فردوسك الأعلى والمكانة الأسمى.

الخطبة الثانية:

أيها الإخوة: وقفت متأملاً لأحاديث مصير من لعن أصاحب رسول الله ﷺ فهالني وعيدهم فَفِي حَدِيْثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي» رواه الطبراني في المعجم الأوسط وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير علي بن سهل وهو ثقة.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» رواه الطبراني في المعجم الكبير وحسنه الألباني حمهما الله.

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَّا نُسَبُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» الْعَدْلُ: الْفَرَائِضُ، وَالصَّرْفُ: التَّطَوُّعُ. رواه الطبراني وحسنه الألباني رحمهما الله.

 وقد دلت هذه الأحاديث على أن من سب الصحابة رضي الله عنهم عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، واللعن هو الطرد والإبعاد عن مواطن الأبرار، ومنازل الأخيار.. وتحريم سبهم رضي الله عنهم يشمل من لابس الفتن ومن لم يلابسها، لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون فسبهم كبيرة ونسبتهم إلى الضلال أو الكفر كفر..

أيها الإخوة: قال شيخنا محمد العثيمين رحمه الله حكم سب الصحابة على ثلاثة أقسام: الأول: أن يسبهم بما يقتضي كفر أكثرهم، أو أن عامتهم فَسَقُوا فَهَذَا كُفْرٌ؛ لأنه تكذيبٌ لله ورسوله بالثناء عليهم والترضي عنهم، بل من شك في كفرِ مثلِ هذا فإن كفره متعين؛ لأن مضمون هذه المقالة -أي القول بكفرهم أو فسقهم- أن نقلة الكتاب أو السنة كفار أو فساق.

الثاني: أن يسبهم باللعن والتقبيح ففي كفره قولان لأهل العلم، وعلى القول بأنه لا يكفر يجب أن يجلد ويحبس حتى يموت أو يرجع عما قال.

الثالث: أن يسبهم بما لا يقدحُ في دينهم، كالجبن والبخل فلا يكفر، ولكن يُعَزَّر بما يردعه عن ذلك، وقد ذكر معنى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب الصارم المسلول ونقل عن أحمدَ قولَه: لا يجوز لأحد أن يذكر شيئًا من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب أو نقص فَمَنْ فعل ذلك أُدِّبَ فإن تاب وإلا جلد في الحبس حتى يموت أو يرجع. اللهم أرضى عن أصحاب نبيك وأرضهم وأكرم وفادتهم.... وصلوا على نبيكم..

 

المشاهدات 340 | التعليقات 0