(خطبة) توجيهات لحجاج بيت الله الحرام
خالد الشايع
الخطبة الأولى ( توجيهات لحجاج بيت الله ) 9/11/1445
أما بعد فيا عباد الله :
نحن في أيام فاضلة ، يمن الله فيها على عباده بالرحمة والخيرات ، وجعل لنيل ذلك أسبابا ، فمن أسباب مغفرة الذنوب ، حج بيت الله ، وإن من كتب الله له الحج ، فقد أجاب دعوة أبيه إبراهيم ، لذا هو يلبي منذ أن يحرم ، لبيك اللهم لبيك ، وإن من كتب الله له الحج فقد اصطفاه من بين الخلق ليكون من ضمن وفد الحجاج ، الذين يفدون إليه فيكرمهم ، ويفيض عليهم من رحماته ، ويخصهم بشيء لا يناله إلا هم ، ويكفي أنه عمل صالح ، ليس له جزاء إلا الجنة .
لذا وجب على من عزم على الحج أن يستعد له ، وأن يعلم أنها أيام قلائل ، فلا ينشغل بغير الحج وأعماله ، وها أنا أوجه إلى حجاج بيت الله بعض التنبيهات على وجه الإختصار :
فأولا بادر بالحج في حملة مرخصة تصدر لك تصريحا للحج ، واحذر من الحملات الوهمية ، أو أن تحج بلا تصريح ، فمن لم يستطع اصدار التصريح فهو معذور ، وفرض التصريح على الحجاج هو من باب السياسة الشرعية للحاكم ، لكي يستطيع إدارة الحشود العظيمة ، وتأمين الحج للحجاج ، فالترتيب مطلوب والفوضى ممنوعة ، وبهذا أفتت هيئة كبار العلماء بالمملكة .
فينبغي لمن أراد الحج أن يتخذ رفقة صالحة تعينه على الطاعة ، وتحثه على ذلك ، كما عليه أن يتزود بالعلم الشرعي المقروء والمسموع في صفة الحج ، ككتاب التحقيق والإيضاح لشيخنا ابن باز قدس الله روحه .
كما ينبغي له أن يتحلل من الخلق الذين لهم حقوق عليه ، مالية أو شخصية .
كما ينبغي له توديع الناس ، ليدعوا له بالسلامة والتوفيق والقبول .
وهناك أمور قد يخطئ فيها بعض الحجاج ننبه عليها ليحذروا الوقوع فيها ، فمن ذلك اعتقاد بعض الحجاج أن الغسل في الميقات والتنظف واجب ، والصواب أنه سنة من فعل فقد أحسن ومن لا فلا شيء عليه ، ولو استعد لذلك من البيت أجزأ ، ولا يؤمر بالإعادة للغسل في الميقات ، ومن الأخطاء كذلك الجهر بالنية عند الإحرام وهذه من البدع فالحاج مأمور أن يجهر بالتلبية لا بالنية وبينهما فرق ، فيقول لبيك اللهم حجا أو عمرة ولا يقول اللهم إني نويت الحج أو العمرة ، فالنية أبدا مكانها القلب ولا يتلفظ بها في أي عبادة ، ومنها كذلك قول البعض في تلبيته لبيك عمرة متمتعا بها إلى الحج إذا كان متمتعا ، فهذه التلبية لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم والسنة أن يقول لبيك عمرة فإذا جاء اليوم الثامن لبى بالحج كما جاء ذلك في حديث عائشة في الصحيحين ، ومن الأخطاء كذلك لبس المرأة للنقاب حال الإحرام حتى ولو غطت عينيها ، فالمحرمة منهية عن لبس النقاب ، أو أنها تكتفي بالكمامة عن تغطية الوجه ، وهذا منكر عظيم ، وفتنة للحجاج ، ومنها كذلك قول البعض عند رؤية البيت اللهم زد هذا البيت تعظيما وتشريفا .....إلى آخره وهذا الذكر لا يصح عن النبي ، ومنها كذلك البحث عن مطوف ليدعو له وهو يردد خلفه ، اعتقادا منه أن للطواف دعاء خاصا ، وهذا خطأ ، أو القراءة في الكتيبات التي فيها دعاء خاص لكل شوط ، وهذه من الأمور المحدثة ، والعبد يدعو بماشاء وليس هنالك دعاء خاص واجب ، ومنها كذلك التمسح بالكعبة أو بالمقام ، وهذا من البدع وليس في الأرض ما يجوز التمسح به إلا الحجر الأسود والركن اليماني وهذا لمطلق الاتباع ، وليس طلبا للبركة ، كما جاء ذلك في الصحيحين عن عمر بن الخطاب أنه قبّل الحجر الأسود ثم قال : والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك .
ومنها : التكبير عند مسح الركن اليماني أو الإشارة إليه عند عدم استلامه ، والصواب
أنه يستلم فقط وليس له دعاء ولا ذكر ، ولا يشار إليه ، وإنما ذلك للحجر الأسود ، ومنها كذلك إدامة الاضطباع من أول ما يلبس الإحرام إلى أن يخلعه ، والصواب أنه لا يضطبع إلا في طواف القدوم فقط ، ومنها كذلك اعتقاد أن ركعتي الطواف لا تجزئ إلا عند المقام ، والصحيح أنه يصليها بأي مكان ولا يزاحم الناس ولا يضيق على الطائفين ، ومنها كذلك اعتقاد أن للمقام دعاءً معينا وأن لزمزم دعاء معينا .
اللهم اجعل حج هذه السنة آمنا مطمئنا ، وأخله من الفتن ياكريم ، أقول قولي هذا ...........
الخطبة الثانية
أما بعد فيا أيها الناس : ومن الأخطاء كذلك قراءة الآية كاملة عند الصفا والمروة من قوله تعالى ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) والصواب الوقوف على من شعائر الله ، ولا تقال إلا عند الصفا أول ما يبدأ ثم لايعيدها ، ومنها كذلك رفع اليدين مع التكبير على الصفا ، فرفع الأيدي لم يرد به الدليل ، إنما يرفعهما للدعاء فقط ، ومنها كذلك الرمل للنساء في الطواف أو الركض في السعي وهذان خاصان بالرجال ولا يجوز للنساء فعل ذلك ، ومنها كذلك : الاكتفاء في حال التقصير بأخذ خصل من الشعر من الناصية ومن الخلف ومن الجوانب ، وهذا لا يجزئ والصواب أن يعمم الرأس كله ، ومنها أن القارن يقصر شعره بعد العمرة ، والقارن لا يجوز له أن يمس شيئا من شعره ولا بشرته حتى يوم العيد والسنة حتى ينحر ، ومنها كذلك اعتقاد بعض الناس أن الإحرام بالحج كون في الحرم أو من تحت الميزاب ، والصواب أنه يحرم من بيته الذي يبيت فيه أيا كان بمكة أو منى ، ومنها كذلك : العجلة عند الدفع من عرفة ، و السنة السير بسكينة ووقار ففي صحيح مسلم من حديث جابر أن النبي لما دفع من عرفات شنق للقصواء وأشار بيده السكينة السكينة ، ومن الأخطاء كذلك أن الحاج أول ما يصل لمزدلفة يبدأ بلقط الجمار والصواب أنه يبدأ بالصلاة ، والجمار يلتقطها في الصباح من الطريق ، ويلتقط سبع حصوات فقط لجمرة العقبة ، والباقي يلتقطه كل يوم من منى ، ومنها كذلك الدعاء بعد رمي جمرة العقبة ، وجمرة العقبة ليس بعدها دعاء لا يوم العيد ولا أيام التشريق ، ومنها كذلك وهي من أبرزها تقليد الناس بعضهم لبعض ، وهذا من أسباب انتشار البدع ، ولهذا الذي يوصى به الحاج ألا يقلد أحدا بل يسأل أهل العلم وهم متوافرون في كل مكان ولله الحمد ومنها كذلك ترك الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر ، وهذا من أسباب تفشي الأخطاء بين الناس وغيرها كثير ، فأهل العلم قريبون منه ، وما عليه إلا السؤال .
حجاج بيت الله : اعتنوا بأنفسكم في الحج ، وابتعدوا عن أماكن التدافع والزحام ، فالوقت واسع ، ومالا تدركه بالنهار تدركه بالليل ، وأكثروا من شرب الماء ، وتجنبوا الوقوف في الشمس ، فالوقت حار ، والحاج معرض لضربات الشمس ، وتجنبوا شرب البارد ، أو اجهاد النفس فوق طاقتها ، فالله رحيم بعباده ، ولا يريد بهم العسر .
اللهم سلم الحجاج والمعتمرين وردهم إلى أهلهم سالمين
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ...
اللهم فرج عن المسلمين في كل مكان ..
ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا ..
المرفقات
1715868637_توجيهات لحجاج بيت الله.docx