خطبة ( تنظيم الحياة يبارك فيها ) مناسب لتعميم الوزارة في التحذير من التستر
خالد الشايع
الخطبة الأولى ( تنظيم الحياة يبارك فيها ) 9/3/1443
أما بعد فيا أيها الناس : إن المسلم في هذه الحياة يسير وفق خطة زمنية محكمة ، قدرها المولى جل وعلا ، لا يمكن الحياد عنها قِيد أنملة .
وعلى العبد أن يتعامل معها بكل دقة وتنظيم ليستثمر كل ثانية في حياته ، قبل انقضائها .
عباد الله : إن الناظر في حياتنا ، ومن يعيش حولنا من الناس ، يجد التفاوت بينهم في كيفية إدارة شؤون حياتهم ، فمنهم المتخبط وهم الأكثرون للأسف ، ومنهم المنظمون ، ومنهم من يدير دنياه باحترافية عالية ، ومضيع لآخرته ، ومنهم العكس ، ولهذا تطرقنا لهذا الموضوع في خطبتنا هذه ، ف (تنظيم الحياة يبارك فيها) بإذن الله .
أيها المؤمنون : كل عمل يسير بلا تخطيط يفقد كثيرا من فوائده ، ويحرم كثيرا من بركته ، سواء كان عملا أخرويا أو دنيويا .
فمثلا في أمور الآخرة ، لابد من تنظيم الأوقات وترتيب الطاعات ، ولا تجعلها تسير سبهللا ، فضع وقتا لقراءة القرآن ، وآخر للذكر ، وآخر لصلة الرحم ، ومثله لخدمة الوالدين ، وهكذا ، لا تجعل الأمور تسير على الفراغ ، وكذلك اجعل لك وقتا للعمل ، ووقتا للجلوس مع الأسرة ، ووقتا للأصدقاء ، وهكذا .
من تأمل شريعة الله وجدها منظمة ومرسومة على ضوء خطة واضحة ، فالصلاة فرضت في أوقات محددة ، والزكاة فرضت بأنصبة دقيقة ، ووقت لها وقت لإخراجها ، ومثلها رمضان في شهر محدد ، وفي ساعات محددة ، وكذلك الحج رسم على وفق مناسك مرتبة ، فدين الله كله منظم لا يعرف الفوضوضية ، ومن تأمل حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وجدها تسير وفق تنظيم دقيق ، لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم منظما في حياته وأداء عباداته ، وأدعو نفسي والجميع لقراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخذ الدروس منها في تنظيم الحياة .
معاشر المسلمين : حتى في المعارك الحربية التي لا تقبل الخطأ ولا التأخير في اتخاذ القرار ، تجد المعركة يخطط لها ، وترسم كما لو كانت واقعة ، وبعدة احتمالات ، والدول الناجحة هي الدول التي تسير وفق خطط ودراسات ، ويكون لها هدف مرسوم ووقت للوصول .
معاشر المؤمنين : خططوا لآخرتكم ، وضعوا لكم أهدافا تصلون إليها قبل الممات ، حتى لو مات الإنسان قبل بلوغها فقد تبلغها النية ، ولكل امرئ ما نوى .
وكذلك خططوا لدنياكم ، مالا يفسد أخرتكم بل يصلحها وينميها ، واجعلوا دنياكم تصب في مصالحكم الأخروية .
ومن الأحاديث التي تحث المسلم على التخطيط وعدم هدر الأوقات ، ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: (( كنْ في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل))، وكان ابن عمرَ رضي الله عنهما يقول: "إذا أمسيتَ فلا تنتظرِ الصباح، وإذا أصبحتَ فلا تنتظرِ المساءَ، وخُذْ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لِموتك"
فهذا درس للاستعداد ليوم الرحيل ، والعمل في الدنيا وكأن الإنسان راحل منها في المساء قبل الصباح ، أو في الصباح قبل المساء ، وأن يشتغل بالأهم عن المهم ، فضلا عما لا فائدة فيه .
ويتلخص الأمر بكون الدنيا مزرعة للآخرة ، يستعد فيها المرء للقاء الله ، ويبني منازله في الجنة قبل دخولها .
اللهم أعنا على تنظيم الأوقات فيما يعود علينا بالنفع في الدنيا والآخرة
أقول قولي هذا ...........
الخطبة الثانية
أما بعد فيا أيها الناس : يقول سبحانه ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )
فطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم واجبة لا مجادلة فيها ولا تردد ، ولا يقدم عليها طاعة أحد من الخلق .
وطاعة ولاة الأمر واجبة في طاعة الله ورسوله ، وتنقسم طاعة ولي الأمر إلى ثلاثة أقسام ، طاعتهم إذا أمروا بطاعة الله ، فهذه من طاعة الله ورسوله ولا يجوز مخالفتها ، والثاني طاعتهم إذا أمروا بمنكر ومعصية ، فهنا لا يجوز طاعتهم ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، والقسم الثالث طاعتهم في الأمور المباحة ، وذلك في تنظيم أمور الدولة وما يعود بالمصلحة على الناس وحياتهم ، فهذه واجبة لما فيها من سياسة الناس وجلب المنافع لهم ، ولو أضرت ببعض الخلق فالحكم للأعم الأغلب ، ومن ذلك تنظيم المرور ، والجوازات ، وأمور التجارة ، ونحوها ، وإن مما يتساهل فيه البعض وهو مخالف لولي الأمر ، ويعود بالضرر على المجتمع ومصالح الناس وأرزاقهم ، قضية التستر في الشركات والمؤسسات ومخالفة أنظمة مكتب العمل والعمال ، فهذا محرم شرعا ، ومضر بالبلد وأمنها ، وأرزاق الناس ، فاتقوا الله عباد الله ، فما من شيء ينفع الناس إلا وأباحه الشرع وما من شيء يضر بالناس إلا حرمه الشرع .
اللهم أعنا على طاعتك ويسر لنا أسباب رزقك
المرفقات
1634230318_خطبة تنظيم الحياة يجلب البركة.docx