خطبة ( تلمس المحاويج زمن الجائحة وفضل عشر ذي الحجة)

خالد الشايع
1441/11/24 - 2020/07/15 20:51PM

الخطبة الأولى ( تلمس أحوال المحتاجين وقت الجائحة ، وفضل عشر ذي الحجة )       26/11/1441

أما بعد فيا أيها المؤمنون : لقد جعل الله المؤمنين إخوة ، يعطف بعضهم على بعض ، وجعل بينهم حقوقا يجب أن يؤدوها لبعضهم حسب قدرتهم ، وهذه من آداب الإسلام التي تميز بها عن المذاهب والقوانين الوضعية ، والتي دعت العقلاء من البشر ليدخلوا في دين الله تعالى .

وإن المسلمين تمر بهم النكبات والشدائد ، وتعصف بهم البلاءات والمحن ، فمن واجب المؤمن على المؤمن أن يتفقد أحواله ، ويقف معه ويسانده ، وإنها وإن كانت من حقوق المسلم إلا أن فيها أجرا عظيما لمن فعل ذلك ، كما قال تعالى ( أو إطعام في يوم ذي مسغبة ) ، بل إن القيام بذلك ، يبين صدق إيمان العبد ، وصدقه مع الله .

معاشر المسلمين : قد يكون لك عقار يسكن فيها من تعطل وقت الجائحة ، والذين يكون رزقهم باليومية ، وحجروا في البيوت ، ثم خرجوا للعمل الضعيف في ظل الجائحة ، وأصبح عاجزا عن سداد الإيجار ، فما هو موقفك الآن منه ، وأين حقوق المسلم ؟

سمعنا بمن عفى عن المستأجرين ، ومنهم من أنظرهم حتى يجدوا ما يقضون به ماعليهم ، وهذه من خصال الإسلام ، ومن صفات الشهامة .

والغالب على من نتحدث عنه ، هو ذاك الذي اضطرته الجائحة ، فأصبح محتاجا ، والأصل أنه كان مستورا ، ولا يسأل الناس شيئا ، فرحم الله امرأ أنزل الناس منازلهم ، وجبر عثرات الكرام .

وربما يأتيك ممن وصفنا يطلب قرضا ، وأنت لديك مايزيد على حاجاتك ، فلا تتردد في إقراضه ، فالقرض يحسب لصاحبه كل يوم صدقة ، حتى وقت السداد ، فإن حل وقت السداد ولم يسدد ، حسب له كل يوم صدقتين .

قال تعالى {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[البقرة:245]

أخرج أحمد في مسنده من حديث بريدة- رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أنظر معسراً فله كل يوم مثله صدقة » ثم سمعته يقول : « من أنظر معسر فله كل يوم مثليه صدقة » فقلت: يا رسول الله سمعتك تقول: من أنظر معسراً فله كل يوم صدقة، ثم سمعتك تقول: من أنظر معسراً فله كل يوم مثليه صدقة. قال: « كل يوم مثله صدقة قبل أن يحل الدّين، فإذا حل فأنظره فله كل يوم مثليه صدقة »

وأخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة- رضي الله عنه- أنه طلب غريماً له، فتوارى عنه، ثم وجده، فقال: إني معسر. قال: آالله؟ قال: آالله. قال: فإنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر، أو يضع عنه »

.

قال تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [4].

وقد كان صلى الله عليه وسلم يحث الصحابة وهم فقراء على الصدقة ، فكانوا يذهبون إلى السوق ويكسبون ليتصدقوا

وأخرج الترمذي في جامعه من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة لتُطْفِئ غضَب الربّ، وتدفع عن ميتة السُّوء)  

واخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم يُصبح العباد فيه إلا ملكان ينْزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ مُنفقًا خلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ مُمسكًا تلَفًا)

ومن صور تلمس حوائج المحاويج ، سداد فواتير الكهرباء والماء ، شراء العلاج ، دفع دين البقالة ، وهكذاعباد الله : إن هذه الجائحة ابتلاء وامتحان فجودوا على أنفسكم ، ونحن مقبلون على عشر فضيلة تضاعف فيها الحسنات وتغفر السيئات فجودوا على أنفسكم .

اللهم وفقنا لفعل الخيرات وترك المنكرات ....

الخطبة الثانية

أما بعد فيا أيها الناس : نحن مقبلون على أيام هي أفضل أيام السنة على الإطلاق ، كما نص على ذلك نبينا صلوات الله وسلامه عليه ، فقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ. قَالُوا: وَلا الْجِهَادُ، قَالَ: وَلا الْجِهَادُ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ

ولفضلها أقسم الله بها فقال ( وليال عشر)

والعمل الصالح مطلق ، اعمل ما شئت من الطاعات ، وأهمها وأعظمها ما افترض الله عليك ، ثم النوافل من كل عمل ، كصلاة وصوم ، وصدقة وذكر ، ونحو ذلك .

فصوموا ماتيسر منها ، وآكدها التاسع وهو يوم عرفة الذي يكفر سنتين من صغائر الذنوب ، وقوموا لياليها ، وأكثروا من الصدقات ، ومن قراءة القرآن ، ومن جميع الأذكار ، لا تتركوا بابا من الخير إلا طرقتموه ، فلا يدري العبد ، أي باب يدخله الجنة ؟

المشاهدات 1924 | التعليقات 0