(خطبة) بم نستقبل شهر رمضان

خالد الشايع
1442/08/19 - 2021/04/01 14:26PM

الخطبة الأولى ( بم نستقبل رمضان )      20/8/1442

أما بعد فيا أيها الناس : بعد أيام سيحل بنا ضيف كريم بإذن الله ، ضيف يمر بنا كل عام وهو محمل باالعطايا والخيرات من رب الأرض والسموات ، من أدرك هذا الضيف وربح مما فيه من الخيرات فقد ربح خيرا كثيرا ، إنه يمر العالم الإسلامي بأسره ، إنه شهر التائبين ، شهر المتصدقين ، شهر الفقراء والمساكين ، شهر المنفقين والباذلين ، شهر التالين والمصلين ، شهر لكل من أراد الخير ، ولهذا ينادى فيه يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر، وحري بالمؤمن الفطن ، أن يتفكر في نفسه ، ويستعد لهذا الشهر ، حتى لا يفوته الخير ، ويكون من المحرومين والعياذ بالله .

عباد الله : بعد أحد عشر شهرا خلت ، مر فيها على المسلم فتن وشهوات ونكبات ومحن ، ثم يجيء رمضان ليمسح عنا كدر الحياة ، ولتقلب صحائفنا بيضاء نقية ، رحمة من الله ، فلنقدر لهذا الشهر قدره ، ولنتعرف على مافيه من الخيرات لنتعرض له ، ولنجاهد أنفسنا فيه قدر المستطاع ، فهو كما قال سبحانه ( أياما معدودات )

أيها المؤمنون : كيف نستقبل موسما بهذه الصفة والمكانة ؟

يجب على المؤمن أن يجلس مع نفسه جلسة صادقة ، يرتب فيه أوراقه وملفات حياته ، وماهي مشاريعه الخيرية في رمضان ؟

وليقرأ في سيرة السلف كيف كانوا يستقبلون رمضان ، وكيف يعدون العدة له ؟

لم يكونوا يستقبلونه بالمأكولات ولا بالمشروبات ، ولا بالزينة والفوانيس ، ولا بالأغاني والأناشيد ، فكل هذه كانت من ترهات العوام الذين لا يقدرون للشهر قدره ، أما أهل العلم وأهل العبادة فلقد كانت نظرتهم لهذا الشهر نظرة أخرى ، كانوا يرونه فرصة لا تعوض أبدا ، ولربما كانوا يرون أنهم لن يدركوه العام القادم ، فكانوا يستغلون كل دقيقة فيه ، وكانوا يهذبون أنفسهم ، ويطهرونها من أدران الذنوب التي ربما صدتهم أو أخرتهم عن المسابقة في الخيرات في شهر رمضان، وكانوا يتمنون لو كان رمضان السنة كلها .

قال عمر بن عبد العزيز :كان المسلمون يقولون عند حضور شهر رمضان ، اللهم قد أظلنا شهر رمضان وحضر فسلمه لنا وسلمنا له وارزقنا صيامه وقيامه وارزقنا فيه الجد والاجتهاد والنشاط أعذنا فيه من الفتن .

وقال معلى بن الفضل : كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم .

وقال يحيى بن أبي كثير : كان من دعائهم اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا )

وكان بعضهم يترك العمل والكسب إلا ما يتقوت به ، ويتفرغ للعبادة ، وكان كثير من أهل العلم يتوقفون عن دروس العلم ويشتغلون بالقرآن ويقولون شهر رمضان هو شهر القرآن .

وكانوا يتلمسون أهل الحاجة والفقر ، ليغنوهم في رمضان ، ويبدأون بالأقارب ، ثم الجيران ، ثم بقية المسلمين .

اللهم بلغنا رمضان ، وارزقنا فيه الصيام والقيام وصالح الأعمال .

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي  ولكم

الخطبة الثانية

أما بعد فيا أيها الناس : هاهي نسائم رمضان لاحت في الأفق ، بدأ يشمها أهل المسابقة للخيرات ، الذين يخشون فوات كل لحظة منه بلا استغلال .

رمضان ميدان للعمل والمثابرة ، ميدان للمسابقة والتشمير ، ينبغي على العبد أن يسعى فيه بكل قوته على تحصيل الخير ، والفوز مع الفائزين ، وأن يطهر قلبه ونفسه من الأدران ، ومن ظلمات الشهوات والشبه ، ليخرج من رمضان نقيا من الذنوب ، سليم القلب ، نقي الصحائف ، قد تخلص من أخلاق السوء ، وازداد من الأخلاق الفاضلة التي تدرس في رمضان ، وإن هذا ليسهل على من استعد لرمضان ، فروض نفسه على فعل الخير ، من تلاوة للقرآن ومكث في المسجد ، وإخراج صدقات ، وكثرة ذكر لله ، حتى تصفو نفسه ، ويطهر قلبه ، وتسهل عليه العبادات في رمضان فيسابق إليها .

معاشر المسلمين : هاقد جاء شهر التوبة والمصالحة ، فكم سوفنا في التوبة ، والتماس المعاذير ، والآن قد مد الله في أجلك ، وبلغت رمضان ، فلا تفوت على نفسك التوبة من كل إثم وخطيئة وفعل سيئ وقبيح ، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين .

هل تذكرون رمضان الماضي ، كان الناس في حجر ، ويصلون في بيوتهم ، وكان الناس يتمنون أن يسمعوا صوت الإمام في الصلاة ، والآن رجع الناس لمساجدهم ولله الحمد ، وحصلت الأمنيات ، فلا تكن ممن وعد فأخلف ، وممن ذاق حر الفقد ثم نكث ، اللهم أدم علينا أمننا ، وعافيتنا ، وارفع عنا وعن المسلمين البلاء والمرض يارب العالمين

المشاهدات 2608 | التعليقات 0