خطبة بمناسبة الإنتخابات
فهد موفي الودعاني
1432/10/24 - 2011/09/22 09:00AM
خطبة بمناسبة الانتخابات 25 شوال 1432هـ
للشيخ محمد بن مبارك الشرافي
أَشْهَدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه صَلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ الدِّينِ !
أما بعد :
فاتقوا اللهَ , عِبَادَ اللهِ , وتَمسَّكُوا بدينِكُمُ الذي ارْتَضاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ لكمْ , قالَ اللهُ تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا) فَهُوَ دينٌ كاملٌ , نَظَّمَ العِلاقَةَ بينَ العبدِ وربِّه وبينَ العبدِ وبينَ غيرِه .
أَيُّها الإخْوَةُ : إِنَّ شرعَ اللهِ - عز وجل - كاملٌ شاملٌ , لَمْ يَتْرُكْ صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً مِمَّا يَحتَاجُهُ النَّاسُ إِلا وَضْحَها , ولذلك قال رسول الله r (قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلا هَالِكٌ) رواه ابن ماجه وصححه الألباني
وهذا الحديثُ عامٌ في أُمورِ العباداتِ وأُمُورِ المُعَامَلاتِ , فِيمَا بينَ العبدِ وربِّه و فِيمَا بينَ العبدِ وغيره من الناس .
وإنَّ مِمَّا أَوْضَحَتْهُ شَرِعَتُنَا الغَرَّاءُ : صِفَاتِ مَنْ يَكُونُ أَهْلاً لِحَمْلِ المَسْؤوليةِ , وسواءٌ كانتْ عَامةً أَمْ خَاصةً , قَاَل العلماءُ : إِنَّ صِفَاتِ مِنْ يَتَوَلَّى أَمراً مِنْ أُمورِ الناسِ : القُوَةُ وَالأَمَانَةُ !
قَالَ اللهُ تَعَالى (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)
فَيَكُونُ عِنْدَهُ : دِرَايَةٌ فِيْمَا يَتَوَلاه , وَعلمٌ بِمَا نُصِّبَ مِنْ أَجْلِه , وخِبْرَةٌ وَبَصِيرةٍ بِالأُمُورِ وبِتَدْبِيرِها .
وَيَكُونُ عِنْدَهُ : أَمَانَةٌ وَخَوْفٌ مِنَ اللهِ , بِحَيْثُ لا يَخُونُ فِيمَا وُلِّيَ إِيَّاهُ , فَيَكُونُ أَمِيناً في نَفْسِهِ ، أَمِيناً في تصرُّفاتِه وأقوالِهِ وأعمالِهِ وما اسْتُحْفِظَ عليه ، أَمِيناً في عدله ، أَمِيناً في الأمر الموكل إليه ! وَسَواءٌ كانَ ذلك في الإِدَاراتِ العامةِ أوِ الخاصةِ , كالأجهزةِ الحكوميةِ أو المدارسِ , أو ما يُسَمَّى الآن بِالمَجالِسِ البلديةِ التي يَخُوضُ الناسُ في هذه الأيامِ غِمِارَها
فالقُوَةُ وَالأَمَانَةُ هِيَ الصِّفَةِ الكُبْرَى التي يجبُ أنْ يُفَاضَلَ بين أهلِ الوِلايَاتِ على أَسَاسِها , فَمَنْ لم يَتْقِ اللهَ لم تُؤْمَنْ غَوَائِلُه ، ومَنْ لم يَصُنْ نفسَهُ لم تَنْفَعْه فَضَائِلُه !
فَإِنْ كانَ ممن يَخُوضُ في المُحَرَّماتِ ويَخُوضُ في تصرفاتٍ بعيدةٍ عنِ الأخلاقِ الفَاضِلةِ مُسْتَهْتِراً فِي نفسِه لا يُشارِكُ المُسلمينَ في صلاةِ الجماعةِ ولا في أخلاقِهم الإِسلاميةِ الفاضلةِ فليس هذا بِأَمينٍ على المُجْتَمعِ ولا على مَنِ اخْتَارَهُ ، بَلْ إذا كانَ صاحبَ بِدْعَةٍ وَهَوَى وشُبُهَاتٍ وَانْحِرَافاتٍ أَوْ مخالفاً لأهْلِ السُّنةِ والجَمَاعَةِ فلا يَصْلحُ أن يكونَ أميناً يختارُه المجتمعُ .
واعْلَمُوا أَيُّها الإِخْوَةُ : أنَّ اجتماعَ القوةِ والأَمانةِ في شخصٍ واحدٍ بِقُوَةٍ واحدةٍ هو أَمْرٌ نَادِرٌ , لكنْ يكونُ الاختيارُ بِحَسَبِ تَوَفُّرِ الصفاتِ بِقَدْرِ الإمْكَانِِ !
أَيُّها الإِخْوَةُ : إِنَّ تَحَمُّلَ المسؤوليةِ أمرٌ خطيرٌ لكنْ لابُدَّ مِنْ أَنْ يَقُومَ بِهِ بعضُ الناسِ , لِئَلا تَضيعَ مصالحُ المسلمينَ .
وإنَّ في طلبِ الوِلايَةِ تَعْرِيضاً للنفسِ لمَا لا يَنْبَغِي , فَيُوكَلُ الإنسانُ إلى نفسِهِ , وَهُنَا وُكِلَ إلى ضَعْفٍ وَخَوَرٍ .
عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَt قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ r (يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا) رواه مسلم
فَمَا دَامَ الإنسانُ في عَافِيَةٍ فَلْيُرِحْ نَفسَهُ , وَلْيَتْرِكِ الأمرَ لِمَنْ يقومُ بِهِ , ولكنْ إذا تَعَيَّنَ عليه الأمرُ , بِأَنْ رأَى من نفسِهِ الأَهْلِيَةَ وعرفَ قدرتَهُ على القيامِ بِالمُهِمَّةِ , وليسَ هناكَ مَنْ يقومُ بها بَدَلَهُ , فَلا بأسَ بِطَلبِها , بلْ قدْ يكونُ أمراً مُسَتحباً أو واجباً كَمَا لَوْ عرفَ أنَّهُ إِنْ تَخَلَّى عنِ المَنْصِبِ ولم يطلبْه تَولاهُ منْ ليسَ أَهلاً , أو تولاهُ بعضُ المُتَلاعِبينَ , الذين يَغُشُّونَ المسلمينَ ولا يَقُومونَ بِمَصَالِحِهم , فلا بأسَ هنا بطلبِ الوِلايةِ , ويَدُلُّ لذلكَ أنَّ يُوسُفَ بْنَ يعقوبَ عليهما السلامُ طلبَ وِزَارَةَ مِصْرَ لِيُدِيرَ أمورَ الناسِ بَعْدَ أَنْ عَبَرَ رُؤْيَا المَلِك , قالَ اللهُ تعالى عَنْه (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) فَهُنا طلبَ يوسفُ u الإمارةَ لأنَّه خَافَ إِنْ تَوَلاها غيرُه أنْ لا يُحْسِنَ تَصْرِيفَ الأمورِ فَتَضِيْعَ مصالحُ الناسِ !
أيها المسلمون : وإنَّ الواجبَ على مَنْ تَوَلَّى أمراً مِنْ أُمورِ الناسِ أنْ
يُحْسِنَ قَصْدَهُ وتكونَ نيتُه أن يُصْلِحَ , لِكَيْ يُوَفِقَهُ اللهُ ويُعِينَه ويُسَدَّدَه , قالَ اللهُ عنْ شُعَيْبٍ u (إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)
وَلْيَحْذَرْ مِنَ النيةِ الفاسدةِ , فَيَخِيبَ ويَخيبَ مَسْعَاه , قالَ اللهُ تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ)
وَلْيَحْذَرْ كذلكَ مِنَ التَّوَصُّلِ إلى هذا المنصبِ عَنْ طريقِ شِراءِ الأَصْواتِ أو الرَّشَاوَى , فإنَّ ذلكَ أَمْرٌ محرمٌ بَلْ من كبائرِ الذنوبِ , وفيه لَعْنَةٌ تَشْمَلُ جميعَ الأَطْرافِ المُشْتَرِكينَ في الرَشْوةِ فَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اَللَّهِ r اَلرَّاشِي وَالْمُرْتَشِيَ رَوَاهُ َاَلتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَالأَلْبَانِي
فَمَا قَدْ يَفْعَلُه بعضُ ضِعَافِ النفوسِ من شِراءِ الأَصْوَاتِ وبَيْعِ الذِّمَمِ أمرٌ مُؤْلِمٌ جدا مِنْ جِهَةِ الشرعِ ومن جهةِ النظامِ ومن جهةِ المُرُوءَةِ والأَخْلاقِ , إِذْ كَيفَ يَرْضَى الرجلُ لنفسِهِ أنْ يأْتِيَ لِهذا المَنْصِبِ مِنْ خِلالِ طُرقٍ غَيرِ مَشْروعةٍ ؟
إِنَّ هذا الشَّخْصَ الذي قَبِلَ وارْتَضَى بهذا الأُسلوبِ المُخَادِعِ المُنَافِي لِلأمَانةِ سَيَقْبَلُ غَداً بِخِدَاعِ مَنْ رَشَّحُوه !!! وَقَدْ يَبيعُ ذِمَّتَهُ وَهُوَ يُمارِسُ عَمَلَهُ !!! إِنَّ هذا خِيَانةٌ للأَمانةِ التي أَمَرَ اللهُ بِأَدَائِها , وَرَتَّبَ شَديدَ العِقَابِ على مَنْ لا يُؤَدِيها كَمَا حَمَلَها ! قال الله تعالى (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا)
وإِنِّنَي أَرْبَأُ بِإخواني المسلمينَ وأُحَذْرُهم أَنْ يَنْزَلِقُوا في هذا المَسْلَكِ الوَخِيمِ وِالدَّرْبِ الخَطِيرِ .
كَمَا أَنَّ على مَنْ طَلَبَ الوِلايةَ - عند الحاجةِ للطلبِ - أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ , فَلا يُحَرِّشْ بينَ المسلمينَ أَوْ أَنْ يَطْعَنَ في أَحِدٍ مِنْهُم أو أنْ يُلْقِيَ التُهَمَ أو يُهَيِّجَ أسبابَ الفُرْقَةِ بين أفرادِ المُجتمعِ , مِنْ أَجْلِ التَّوَصُّلِ إِلَى ذلكَ المَنْصِبِ فهوَ أمرٌ يُخالفُ المَنْهَجَ الشَّرْعِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الحديثِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ طَلَبِ الإمَارةِ , ثم مُخالفٌ للنظامِ الذي جَعلتُهُ الدولةُ , فَهُوَ إِذَنْ على خَطرٍ في دينِه ومروءَتِه , وسَيَنْكشفُ أمرُه حاضراً أو مُستقبلاً ، فَلْيَتَّقِِ اللهَ , وإِيَّاهُ أَنْ يَبْذُرَ ما يُفرقُ به بين المسلمينَ أَوْ يُكَدِّرَ نُفوسَهم.
وإذا تَوَلَّى فَعَليهِ أَنْ يَعملَ بِجِدٍ وإَخْلاصٍ لإبْراءِ ذِمتِهِ أمامَ اللهِ عَزَ وجلَ قبلَ كلِ شيءٍ ثم أمامَ المسئولينَ ثم أمامَ المجتمعِ !!! فإنَّ مَنْ أخَذَ الأجرَ طُوِلبَ بالعملِ !
أيُّهَا الإخوةِ : وإنَّ الواجبَ علينا إذا صارَ لنَا يدٌ في الاختيارِ للولاياتِ بأنْواعِهَا أنْ نختارَ الأصلحَ في كلِّ ولايةٍ بِحَسَبِهَا , ونَحْذَرَ مِنْ ضِدِ ذلكَ فإنَّهُ طريقٌ مذمومٌ , ونذيرُ شؤمٍ وهلاكٍ ! بلْ هُوَ مِنْ عَلامَاتِ الساعةِ !
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : بَيْنَمَا النَّبِيُّ r فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : مَتَى السَّاعَةُ ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ r يُحَدِّثُ , حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ (أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ عَنْ السَّاعَةِ ؟ ) قَالَ : هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَالَ (فَإِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ ! ) قَالَ : كَيْفَ إِضَاعَتُهَا ؟ قَالَ (إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ) رواه البخاري ومَعْنَى الحديثِ : أَنَّ مِنْ عَلاماتِ قُربِ يومِ القيامةِ , أنْ يَتَولَّى أمورَ الناسِ مَنْ ليسَ أهلاً لها , إمَّا لِفِسّقِهِ أو لِضعفِهِ وجهلِهِ أو مَا أشبَهَ ذَلِكَ ! وهَذَا يَدُلُّ على فسادِ أهلِ الزمانِ وخرابِ أحوالِهمِ !
وفَّقنَا اللهُ جَمِيعاً للعملِ بطاعتِهِ وأخَذَ بنواصِيَنَا للبِرِ والتَقَوى
أقولُ ما سَمعْتُمْ , واستغْفرُ اللهَ لي ولكمْ , فاستغفرِوهُ إنَّه هُوَ الغفورُ الرحيمُ
الخطبة الثانية
الحمّدُ لِلهِ حمداً كثيراً طيباً مباركاً فِيهِ , وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا
اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ , وأشهدُ أنَّ محمداً عبْدُهُ ورسولُهُ صَلََّى اللهُ عليْهِ وعلى آلهِ وصحبِهِ وسلَّْمَ تسليماً كثيراً .
أمَّا بَعْدُ :
فإنَّ اللهَ تعالى يقولُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) وعَنْ ابِنِ مَسْعُودٍ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) مُتَفَقٌ عَلَيْهِ
وعَنْ أَنَسٍ t عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِجَارِهِ أَوْ قَالَ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) متفق عليه
و عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r (فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْه) رواه مسلم
فالواجبُ علينَا جميعاً أنْ نكونَ صادقينَ جادينَ فيما نأتي ونذر , وأنْ نتعاملَ فيما بينَنَا بالصدقِ والمحبةِ والنصحِ , وأنْ نُحِبَ الخيرَ لبعْضِنَا وأنْ لا نَتَحَاسَدَ أوْ نتباغَضَ , ثُمَّ علينَا أنْ نُرَاقِبَ اللهَ عزَّ وجلَّ في جميعِ شُؤونِنَا , وكُلٌ مِنَّا يكونُ جاداً في عملهِ , مخلصاً فيهِ , حاملاً هَمَّ المسؤوليةِ , متعاوناً معَ إخوانِهِ في إيصالِ الخيرِ للغيرِ, آمراً بالبِرِ والتقوى , ناهياً عَنْ الشرورِ والآثامِ ! قالَ اللهُ تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) وقال(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
هكذا فلنكنْ , وهكذا فلنعشْ , ليَرضَى ربُّنَا عَنَّا , وتتصَافَى قلوبُنَا , والرزقُ والتوفيقُ بيدِ اللهِ , والبركةُ مِنْ اللهِ !
واسْتَمِعُوا أيُّهَا الإخوةِ لِهذا الحديثِ : فعَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ t عَنْ رَسُولِ الله r ، قَالَ (لَيْسَ شَيْءٌ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَيُبَاعِدُكُمْ مِنَ النَّارِ إِلاَّ أَمَرْتُكُمْ بِهِ ، وَلاَ شَيْءٌ يُبَاعِدُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَيُقَرِّبُكُمْ مِنَ النَّارِ إِلاَّ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ ، وَإِنَّ الرُّوحَ الأَمِينَ نَفَثَ فِي رُوعِي ، أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ ، إِلاَّ وَقَدْ كَتَبَ الله رِزْقَهَا ، فَاتَّقُوا الله ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، وَلاَ يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِالْمَعَاصِي ، فَإِنَّهُ لاَ يُدْرَكُ مَا عِنْدَ الله إِلاَّ بِطَاعَتِهِ) رواهُ عبدُ الرزاقِ وصَحَحَهُ الألّبَانِي
أيُّهَا الإخوةِ ثُمَّ إذا أشكلَ علينَا شيءٌ مِنْ أمُورِنَا الخاصةِ أوالعامةِ ولمْ نعرفِ الصوابَ فيه فإنَنَا نستشيرُ أهلَ النصحِ والأمانةِ !
وقالَ سبحانَهُ (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) وفي هذا توجيهٌ ِمنَ اللهِ عزَّ وجلَّ لرسولِه محمدٍ r في كَيفِيَةِ مُعاملةِ المؤمنينَ , ومِنْ ضِمْنِها أَنْ يُشَاوِرَهُمْ في الأُمورِ الهامةِ التِي لِمْ يَتَبَيَّنْ وَجْهُ الحَقِّ فيها . فَإِذا كانَ سيدُ البشرِ والمؤيدُ بالوَحْي r يَحْتَاجُ لِمُشَاوَرِةِ أَصْحابِهِ y فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ ؟؟؟
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : "مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَكْثَرَ مَشُورَةً لأَصْحَابِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" رواه ابن أبي حاتم وَلِذَلِكَ فَمِنْ حِكْمَةِ الرَّجُلِ وَرَجَاحَةِ عقلِهِ أَنَّهُ يَسْتَشِيرُ في أُمُورِهِ الهَامَةِ أَهْلَ الخِبْرَةِِ والنُّصْحِ ,,, وَقَدْ قِيْلَ : إِنَّ مَنِ اسْتشَارَ الرِّجَالَ فَقَدِ اسْتَخْدَمَ عُقُولَهُمْ
وعَنِ الْحَسَنِ البَصْرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ ، فِي قَوْلِهِ الله تعالى (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) قَالَ : وَاللَّهِ مَا تُشَاوَرَ قَوْمٌ قَطُّ إِلا عَزَمَ اللَّهُ لَهُمْ بِالرُّشْدِ وَالَّذِي يَنْفَعُ" رواهُ ابنُ أبي حاتم.
عبادَ اللهِ : صَلُّوا وسَلِّمِوا على رسولِ اللهِ فَقَدْ أمَرَكُمْ اللهُ بالصَلاةِ والسلامِ عليِهِ فقالَ جلَّ مِنْ قائلٍ عليماً (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللهُمَّ صَلِّ وسَلِمْ على عبْدِكَ ورسولِكَ محمدٍ وعلى آلهِ وصحبِهِ وسلم اللّهُمَّ أعَزَّ الإسلامَ والمسلمينَ وأذلَّ الشركَ والمشركينَ ودمّر أعداءَ الملةِ والدين . اللهمَّ رحمةً اهدِ بها قُلُوبَنَا، واجْمَع بها شمْلَنا، ولُمَّ بَهَا شَعَثَنَا، وردَّ بِهَا الفِتَنَ عَنَّا , اللهمَّ أيقظْ قلوبَنَا من الغفلاتِ، وطَهّرْ جَوارِحَنَا مِنْ المعاصِي والسيئاتِ ، اللهمَّ اختمْ بالصالحاتِ أعمالَنَا، وثَبِتْنَا عَلَى الصراطِ المستقيمِ بالقولِ الثابتِ في الحياةِ الدُّنيا وفي الآخرةِ .
اللهمَّ أقمْ عَلَمَ الجهادِ، واقمَعْ أهَلَ الزَيْغِ والبدعِ والعنادِ والفسادِ، اللهمَّ آمِنَّا في أوطانِنَا، وأصلِحْ ووفِقْ أئمَّتَنَا وولاةَ أمورِنَا، سبحانَ ربِّكَ ربِّ العزةِ عَمَّا يَصِفُونَ وسلامٌ عَلَى المرسَلِينَ والحمدُ للهِ ربِّ العَالمَِينَ .
عبدالله يحي
جزاك الله خيرا على نقلك وجزا الله الشيخ خير الجزاء على التبين والتوضيح
تعديل التعليق