خطبة بلا عنوان
عنان عنان
1436/05/19 - 2015/03/10 19:38PM
" الخُطبةُ الأولى "
عبادَ اللهِ، المتأملُ في أحوالِ النَّاسِ يرى أنهم ينظرونَ إلى من هو فوقَهم ولا ينظرونَ إلى من هو أسفلَ منهم، ويعتقدونَ أنَّ هؤلاءِ يعيشونَ بسعادةٍ لما بينَ أيديهم من هذه الأدواتِ، وهذا يُسببُ إحتقارَ نعمةِ اللهِ، والتقليلَ من الشُكرِ، والعيشَ بهمٍّ وغمٍّ، ولقدْ أوصانا رسولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-بهذه الوصيةِ فقالَ: " لا تنظروا إلى من هو فوقَكم، ولكن أُنظروا إلى من هو أسفلَ منكم، فهو أجدرُ أن لا تزدروا نعمةَ اللهِ عليكم " [رواه مُسلمٌ]. فالسعادةُ واللهِ ليستْ بكثرةِ الجاهِ والسلطانِ والمالِ والدورِ والقصورِ، السعادةُ هي بطاعةِ اللهِ وإجتنابِ معاصيهِ، يقولُ الأمامُ الشافعي-رحمه الله-: " ولست أرى السعادةَ جمعَ مالٍ ولكنَّ التقيَّ هو السعيدُ ". فإذا رزقكَ اللهُ السعادةَ، ستعيشُ حياةً أعظمَ من حياةِ الملوكِ، إبراهيم ابنُ أدهم-رحمه الله-كانَ عالماً وعابداً وزاهداً وكانَ فقيراً، فيومٌ من الأيامِ ذهب إلى نهرِ دِجلةٍ بالعراقِ وبيده كسرةُ خبرٍ، ويَغمسها بالنهرِ ويأكلُ، فقالَ لأصحابهِ: " واللهِ نحنُ في عيشٍ لو علمَ الملوكُ وأبناءُ الملوكِ بهِ لجالدونا عليهِ بالسيوفِ ".
معاشرَ المؤمنينَ، عاشتْ أرملةٌ فقيرةٌ مع طفلها الصغيرِ حياةً بسيطةً في ظروفٍ صعبةٍ، فقدت تلكَ الأسرةُ الكثيرَ من مقوماتِ الحياةِ، ولكنَّها وُهبِتْ نعمةُ الرضا والقناعةِ، جاءَ فصلُ الشتاءِ بأمطارِه الغزيرةِ يشكلُ هاجساً وقلقاً لهم، فالغرفةُ عبارةٌ عن أربعِ جُدرانٍ لا سقفَ لها، ولها بابٌ خشبيٌ متهالكٌ، وكانَ قدْ مرَّ على الطفلِ خمسُ سنواتٍ منذُ ولادتِهِ، لمْ تتعرضْ المدينةُ خِلالَها إلَّا لزخاتٍ ضعيفةٍ منَ المطرِ، وفي تلكَ الليلةِ تجمعتْ الغيومُ، وأمتلاتْ السحابُ الداكنةُ، ومع ساعاتِ الليلِ الأولى هطلَ المطرُ بغزارةٍ شديدةٍ، نظرَ الطفلُ إلى أُمِّهِ نظرةً حائلةً، وأرتمى في أحضانها بثيابِهما المبللةِ، والطفلُ ينتفضُ كالعُصفورِ، أسرعتْ الأمُ إلى بابِ الغرفةِ فخلعته ووضعتهُ بشكلٍ مائلٍ على أحدِ جُدرانِ الغرفةِ، وأختباتْ هي وطفلُها الصغيرُ ليحتموا من زخِ المطرِ المنهمرِ، وعندما ذهبتْ روعةُ الموقفِ، نظرَ الطفلُ إلى أُمِّهِ وعلى محياهُ ضحكةٌ صافيةٌ، وقالَ: يا أُمَّاهُ الحمدُ للهِ أنَّ عندنا بابٌ، تُرى ماذا سيفعلُ الفقراءُ الذينَ ليسَ عندهم بابٌ، حينَ ينزلُ عليهم مثلُ هذا المطرِ؟.
إنها القناعةُ واللهِ، وصدقَ من قالَ: القناعةُ كنزٌ لا يفنى، وقالَ الإمامُ الشافعي-رحمه الله-: " إذا ما كنتَ ذا قلبٍ قنوعٍ فأنتَ ومالِكُ الدنيا سواءُ ".
يأتي فقراءُ المسلمينَ الصابرينَ يومَ القيامةِ، فيدخلونَ الجنةَ قبلَ أغنياءِ المسلمينَ بنصفِ يومٍ، كما جاءَ في الحديثِ عن رسولِ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-والنصفُ يومٍ في الأخرةِ بمقدارِ خمسِ مئةِ يومٍ، لأنَّ اليومَ عندَ اللهِ كالفِ سنةٍ، كما قالَ سبحانه: " وإنَّ يوماً عندَ ربِّكَ كالفِ سنةٍ مما تعدُّونَ " فيأتون على أبوابِ الجنَّةِ، فتقولُ لهم الملائكةُ: أوَ قدْ حُوسبتم؟ فيقولونَ: وعلى أيِّ شيءٍ تُحاسبوننا، قال رسولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-: " هلْ تدرونَ أولَ من يدخلُ الجنَّةَ؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ؟ قال: أولُ من يدخلُ الجنةَ من خلقِ اللهِ الفقراءُ والمهاجرونَ، الذينَ تُسدُّ بهم الثغورَ، ويُتقى بهم المكاره، ويموتُ أحدُهم وحاجتُه في صدرِهِ لا يستطيعُ لها قضاءً، فيقولُ اللهُ-عزَّ وجلَّ-: لمن يشاءُ من ملائكتهِ، ائتوهم فحيوهم، فتقولُ الملائكةُ: نحنُ سُكانُ سمائِكَ وخيرتُكَ من خلقِكَ أفتأمرنا أن نأتيَ هؤلاءِ فنسلِّمَ عليهم؟ قالَ: " إنهم كانوا عِباداً يَعبدونني لا يُشركونَ بي شيئاً، وتُسدُّ بهم الثُغورَ ويُتقى بهم المكاره ويموتُ أحدهم وحاجتُه في صدرهِ لا يستطيع لها قضاءً، قالَ: فتأتيهم الملائكةُ عندَ ذلكَ فيدخلونَ عليهم من كُلِّ بابٍ، سلامٌ عليكم بما صبرتُم فنعمَ عُقبى الدَّارِ " [رواه أحمد وقال أحمدُ شاكرٍ إسنادُه صحيح]. فلنصبرْ على الجوعِ والظمأِ وعلى حبسِ النفسِ عن الشهواتِ، لِنسمعَ في الجنَّةِ نداءً " سلاٌم عليكم بما صبرتُم فنعمَ عُقبى الدَّارِ ". قال عمرُ بنُ الخطابِ-رضي الله عنه-: " وجدنا خيرَ عيشِنا بالصبرِ ".
معاشرَ المؤمنين، الفقرُ وحاجاتُ النَّاسِ قد إنتشرتْ في مُجتمعنا، وأغلبُ حياةِ النَّاسِ في تَرفٍ ونعيمٍ، والذي نفسي بيده كثيرٌ من الناسِ ينامونَ بلا أكلٍ والناسُ من حولِهم يعلمونَ ولا يَبالونَ بهم ولا يشعرونَ، فأصبحتْ قلوبُهم كالحجارةِ بل هي أشدُّ قسوةً، قال رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم-: " ليسَ المؤمنُ الذي يشبعُ وجارُهُ جائعٌ إلى جنبه وهو يعلمُ " [صححه الشيخُ الألباني-رحمه الله-]. والنفسُ إذا عاشتْ في الترفِ والنعيمِ، جُمحتْ إلى الدنيا وتكبَّرتْ وحرصت على المالِ، ونسيتِ الإلهَ، إلا قليلاً، وقدْ ذكرَ اللهُ حالَهم فقالَ سبحانه: " وإذا أنعمنا على الإنسانِ أعرضَ ونئا بجانبهِ وإذا مسَّهُ الشرُّ فذو دعاءٍ عريضٍ ". قالَ الإمامُ أحمدُ-رحمه الله-: " أُبتلينا بالسراءِ فلمْ نصبرْ، وأُبتلينا بالضراءِ فصبرنا ". وسببُ كثرةِ الفقرِ في البلادِ الأسلاميةِ، منعُ الزكاةِ وسرقةُ أهلِ المناصبِ من أموالِ المُستضعفينَ، قالَ عليٌّ بنُ أبي طالبٍ-رضي الله عنه-: " إذا رأيتَ فقيراً يمشي في سككِ المدينةِ، فأعلمْ أنَّ هُناكَ غنيٌ لمْ يؤدِّ زكاةَ مالِهِ ". فويلٌ لهمْ ثُّمَّ ويلٌ لهم من غضبِ الجبارِ عليهم وما أعدَّ لهم من العذابِ الأليمِ في يومٍ كانَ على الكافرينَ عسيرٌ، قالَ تعالى: والذين يكنزونَ الذَّهبَ والفِضةَ فبشرْهم بعذابٍ أليمٍ يومَ يُحمى عليها في نارِ جهنَّمَ فتُكوى بها جباهُم وجنوبُهم وظهروُهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزونَ ". اعلموا عبادَ اللهِ، أنَّه كلما إزدادَ الظلمُ والطغيانُ والفسوقُ والفجورُ، كلما اقتربَ عقابُ اللهِ الدونيوي، قالَ تعالى: " وإذا أردنا أنْ نُهلِكَ قريةً أمرنا مُترفيها ففسقوا فيها فحقَّ عليها القولُ فدمَّرنها تدميراً ". بل وصل حالُ المترفين والمستكبرين أن يحتقروا أهلَ العلمِ والدينِ والمؤذنينَ، وأصبحوا يعتقدونَ أنَّ هذه المهمةَ صارتْ للضعفاءِ والمساكينَ، قالَ عمرُ بنُ الخطابِ-رضي الله عنه-: " لو كنتُ مؤذناً لكمل أمري وما باليتُ ألا أنتصِبَ لقيامِ الليلِ ولصيامِ النهارِ، فإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-يقولُ: " اللهمَّ اغفرْ للمؤذنينَ ثلاثاً، قالَ فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، تركتنا ونحنُ نتجلدُ على الأذانِ بالسيوفِ، قالَ-صلى الله عليه وسلم-: " كلا يا عمرُ إنَّه سيأتي على النَّاسِ زمانٌ يتركونَ الأذانَ على ضُعفائِهم، وتلكَ لحومٌ حرَّمها اللهُ على النَّارِ لحومَ المؤذنينَ " [أخرجه أبنُ أبي حاتمٍ]. فلا يحزنْ الفقراءُ، ولا يحزنْ الضُعفاءُ، ولا يحزنْ الغرباءُ، حسبهم أنَّهم مع النبيين والصديقينَ والشُهداءِ والصالحينَ وحَسُنَ أولئكَ رفيقاً، عن أنسِ بنِ مالكٍ-رضي الله عنه-قالَ: قالَ رسولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-: " يؤتى بأنَعمِ أهلِ الدنيا من أهلِ النَّارِ يومَ القيامةِ، فيُصبغُ صبغةً في النَّارِ-أي يُغمسُ غمسةً في النَّارِ- ثُمَّ يُقالُ يا ابنَ أدمَ هلْ رأيتَ خيراً قطُّ؟ هلْ مرَّ بك نعيمٌ قطُّ؟ فيقولُ: لا واللهِ ياربِّ، ويؤتى بأشدِّ النَّاسِ بؤساً في الدنيا من أهلِ الجنَّةِ، فيُصبغُ صبغةً في الجنَّةِ، فيُقالُ لهُ: يا ابنَ أدمَ هلْ رأيتَ بؤساً قطُّ؟ هلْ مرَّ بكَ شِدةٌ قطُّ؟ فيقولُ: لا واللهِ ياربِّ ما مرَّ بيَ بؤسٌ قطُّ، ولا رأيتُ شِدةً قطُّ " [رواه مسلم].
أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهِ لي ولكم فأستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التوابُ الرحيمُ.
" الخُطبةُ الثانية "
أما بعدُ عبادَ اللهِ، فاتقوا اللهَ واعملوا بطاعته ورضاه.......
معاشرَ المؤمنين، رَغِمَ هذه الصعوباتُ والازماتُ التي تمرُّ بها الأمةُ ينبغي على المؤمنِ العاقلِ أن يجعلَ الأخرةَ همَّهُ حتى تأتيه الدنيا وهي حقيرةٌ ذليلةٌ، وقدْ قالَ رسولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-: " من كانتِ الدُنيا همَّهُ، جعلَ اللهُ فقرهُ بينَ عينيهِ، وشتَّتَ اللهُ شملَهُ، ولمْ يأتهِ من الدنيا إلَّا ما كُتِبَ له منها، ومن كانتِ الأخرةُ همَّهُ، جعلَ اللهُ غِناهُ في قلبهِ، وجمعَ اللهُ شملَهُ، وأتتهُ الدنيا وهي راغمةٌ-أي حقيرة- " [رواه الترمذي].
وعلى المؤمنِ العاقلِ أنْ يُعلِّقَ قلبَهُ باللهِ-عزَّ وجلَّ وهذا ما كان عليه السلفُ الصالحُ، وأسمعوا لهذه القصةَ الرائعةَ التي حدثتْ بين سعيدِ بنِ جُبيرٍ-رضي الله عنه- والحجاجِ
كان الحجاج بن يوسف الثقفي، واليا لعبد الملك, يأخذ بالشبهات ويتحرى المناوئين في جميع البلاد الاسلامية لحكم أميره وسيده. فيصب المحن عليهم دون هوادة ولا خوف من الله المقتدر الجبار, وكان خالد بن عبد الملك القسري واليا على مكة المكرمة وقد علم بوجود ابن جبير في ولايته فألقى القبض عليه واعتقله, ثم أراد أن يتخلص منه فأرسله مخفورا مع اسماعيل بن واسط البجلي الى الحجاج بن يوسف.
قال الحجاج: ما أسمك؟
سعيد: سعيد بن جبير.
الحجاج: بل أنت شقي بن كسير.
سعيد: بل كانت أمي أعلم باسمي منك.
الحجاج: شقيت أمك وشقيت أنت.
سعيد: الغيب يعلمه غيرك.
الحجاج: لا بد لك بالدنيا نارا تلظى.
سعيد: لو علمت أن ذلك بيدك لاتخذتك الها.
الحجاج: ما قولك في محمد؟.
سعيد: نبي الرحمة وامام الهدى.
الحجاج: ما قولك في علي, أهو في الجنة أم هو في النار؟..
سعيد: لو دخلتها وعرفت من فيها, عرفت أهلها.
الحجاج: ما قولك في الخلفاء؟.
سعيد: لست عليهم بوكيل.
الحجاج: فأيهم أعجب اليك؟.
سعيد: أرضاهم لخالقي.
الحجاج: فأيهم أرضى للخالق؟.
سعيد: علم ذلك عند الذي يعلم سرهم ونجواهم.
الحجاج: أحب أن تصدقني.
سعيد: ان لم أحبك لن أكذبك.
الحجاج: فما بالك لم تضحك؟.
سعيد: وكيف يضحك مخلوق خلق من طين, والطين تأكله النار!!.
الحجاج: فما بالنا نضحك؟.
سعيد: لم تستو القلوب.
ثم أمر الحجاج باللؤلؤ والزبرجد والياقوت, فجمعه بين يديه.
قال سعيد: ان كنت جمعت هذا لتتقي به فزع يوم القيامة فصالح والا ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت, ولا خير في شيء من الدنيا الا ما طاب وزكا.
ثم دعا الحجاج بالعود والناي, فلما ضرب بالعود ونفخ بالناي بكى سعيد.
فقال: ما يبكيك؟ أهو اللعب؟.
قال سعيد: هو الحزن, أما النفخ فذكرني يوما عظيما يوم ينفخ في الصور, وأما العود فشجرة قطعت من غير حق!! وأما الأوتار فمن الشاة تبعث يوم القيامة!!.
قال الحجاج: ويلك يا سعيد.
فقال لا ويل لمن زحزح عن النار وأدخل الجنة.
قال الحجاج: اختر يا سعيد أي قتلة أقتلك؟.
فقال: اختر أنت لنفسك فوالله لا تقتلني قتلة الا قتلك الله مثلها في الآخرة.
قال: أتريد أن أعفو عنك؟.
فقال: ان كان العفو فمن الله, وأما أنت فلا براءة لك ولا عذر.
قال الحجاج: اذهبوا به فاقتلوه, فلما خرج ضحك فأخبر الحجاج بذلك فردوه اليه.
وقال: ما أضحكك؟.
فقال: عجبت من جرأتك لى الله وحلم الله عليك.
فأمر بالنطع فبسط.
وقال: اقتلوه.
فقال سعيد: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين.
قال الحجاج: وجهوا به لغير القبلة.
قال سعيد: فأينما تولوا فثمّ وجه الله.
قال الحجاج: كبوه على وجهه.
قال سعيد: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى.
قال الحجاج: اذبحوه.
قال سعيد: أما أنا فأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله, خذها مني حتى تلقاني بها يوم القيامة, اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي.
(وفيّات الأعيان 2371).
قال ابنُ القيمِ-رحمه الله-: " إذا استغنى الناسُ بالنَّاسِ، فأستغنِ أنتَ باللهِ، إذا فرحوا بالدنيا ففرحْ أنتَ باللهِ، إذا أنسوا بأحبابهم، فأجعلْ أُنسَكَ باللهِ، إذا تعرفوا على ملوكِهم وكبرائِهم لينالوا بهم العزةَ والرفعةَ، تعرفْ أنتَ إلى اللهِ، تنلْ بذلكَ غايةَ العزِّ والرفعةِ، كما قالَ اللهُ: " من كانَ يُريدُ العِزَّةَ فللهُ العزةُ جميعاً " وقالَ: " وللهِ العزةُ ولرسولهِ وللمؤمنينَ ولكنَّ المنافقينَ لا يعلمونَ ".
وصلِّ اللهمَّ وباركْ على سيدنا محمدٍ وعلى آلهِ وأصحابه أجمعينَ.
عبادَ اللهِ، المتأملُ في أحوالِ النَّاسِ يرى أنهم ينظرونَ إلى من هو فوقَهم ولا ينظرونَ إلى من هو أسفلَ منهم، ويعتقدونَ أنَّ هؤلاءِ يعيشونَ بسعادةٍ لما بينَ أيديهم من هذه الأدواتِ، وهذا يُسببُ إحتقارَ نعمةِ اللهِ، والتقليلَ من الشُكرِ، والعيشَ بهمٍّ وغمٍّ، ولقدْ أوصانا رسولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-بهذه الوصيةِ فقالَ: " لا تنظروا إلى من هو فوقَكم، ولكن أُنظروا إلى من هو أسفلَ منكم، فهو أجدرُ أن لا تزدروا نعمةَ اللهِ عليكم " [رواه مُسلمٌ]. فالسعادةُ واللهِ ليستْ بكثرةِ الجاهِ والسلطانِ والمالِ والدورِ والقصورِ، السعادةُ هي بطاعةِ اللهِ وإجتنابِ معاصيهِ، يقولُ الأمامُ الشافعي-رحمه الله-: " ولست أرى السعادةَ جمعَ مالٍ ولكنَّ التقيَّ هو السعيدُ ". فإذا رزقكَ اللهُ السعادةَ، ستعيشُ حياةً أعظمَ من حياةِ الملوكِ، إبراهيم ابنُ أدهم-رحمه الله-كانَ عالماً وعابداً وزاهداً وكانَ فقيراً، فيومٌ من الأيامِ ذهب إلى نهرِ دِجلةٍ بالعراقِ وبيده كسرةُ خبرٍ، ويَغمسها بالنهرِ ويأكلُ، فقالَ لأصحابهِ: " واللهِ نحنُ في عيشٍ لو علمَ الملوكُ وأبناءُ الملوكِ بهِ لجالدونا عليهِ بالسيوفِ ".
معاشرَ المؤمنينَ، عاشتْ أرملةٌ فقيرةٌ مع طفلها الصغيرِ حياةً بسيطةً في ظروفٍ صعبةٍ، فقدت تلكَ الأسرةُ الكثيرَ من مقوماتِ الحياةِ، ولكنَّها وُهبِتْ نعمةُ الرضا والقناعةِ، جاءَ فصلُ الشتاءِ بأمطارِه الغزيرةِ يشكلُ هاجساً وقلقاً لهم، فالغرفةُ عبارةٌ عن أربعِ جُدرانٍ لا سقفَ لها، ولها بابٌ خشبيٌ متهالكٌ، وكانَ قدْ مرَّ على الطفلِ خمسُ سنواتٍ منذُ ولادتِهِ، لمْ تتعرضْ المدينةُ خِلالَها إلَّا لزخاتٍ ضعيفةٍ منَ المطرِ، وفي تلكَ الليلةِ تجمعتْ الغيومُ، وأمتلاتْ السحابُ الداكنةُ، ومع ساعاتِ الليلِ الأولى هطلَ المطرُ بغزارةٍ شديدةٍ، نظرَ الطفلُ إلى أُمِّهِ نظرةً حائلةً، وأرتمى في أحضانها بثيابِهما المبللةِ، والطفلُ ينتفضُ كالعُصفورِ، أسرعتْ الأمُ إلى بابِ الغرفةِ فخلعته ووضعتهُ بشكلٍ مائلٍ على أحدِ جُدرانِ الغرفةِ، وأختباتْ هي وطفلُها الصغيرُ ليحتموا من زخِ المطرِ المنهمرِ، وعندما ذهبتْ روعةُ الموقفِ، نظرَ الطفلُ إلى أُمِّهِ وعلى محياهُ ضحكةٌ صافيةٌ، وقالَ: يا أُمَّاهُ الحمدُ للهِ أنَّ عندنا بابٌ، تُرى ماذا سيفعلُ الفقراءُ الذينَ ليسَ عندهم بابٌ، حينَ ينزلُ عليهم مثلُ هذا المطرِ؟.
إنها القناعةُ واللهِ، وصدقَ من قالَ: القناعةُ كنزٌ لا يفنى، وقالَ الإمامُ الشافعي-رحمه الله-: " إذا ما كنتَ ذا قلبٍ قنوعٍ فأنتَ ومالِكُ الدنيا سواءُ ".
يأتي فقراءُ المسلمينَ الصابرينَ يومَ القيامةِ، فيدخلونَ الجنةَ قبلَ أغنياءِ المسلمينَ بنصفِ يومٍ، كما جاءَ في الحديثِ عن رسولِ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-والنصفُ يومٍ في الأخرةِ بمقدارِ خمسِ مئةِ يومٍ، لأنَّ اليومَ عندَ اللهِ كالفِ سنةٍ، كما قالَ سبحانه: " وإنَّ يوماً عندَ ربِّكَ كالفِ سنةٍ مما تعدُّونَ " فيأتون على أبوابِ الجنَّةِ، فتقولُ لهم الملائكةُ: أوَ قدْ حُوسبتم؟ فيقولونَ: وعلى أيِّ شيءٍ تُحاسبوننا، قال رسولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-: " هلْ تدرونَ أولَ من يدخلُ الجنَّةَ؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ؟ قال: أولُ من يدخلُ الجنةَ من خلقِ اللهِ الفقراءُ والمهاجرونَ، الذينَ تُسدُّ بهم الثغورَ، ويُتقى بهم المكاره، ويموتُ أحدُهم وحاجتُه في صدرِهِ لا يستطيعُ لها قضاءً، فيقولُ اللهُ-عزَّ وجلَّ-: لمن يشاءُ من ملائكتهِ، ائتوهم فحيوهم، فتقولُ الملائكةُ: نحنُ سُكانُ سمائِكَ وخيرتُكَ من خلقِكَ أفتأمرنا أن نأتيَ هؤلاءِ فنسلِّمَ عليهم؟ قالَ: " إنهم كانوا عِباداً يَعبدونني لا يُشركونَ بي شيئاً، وتُسدُّ بهم الثُغورَ ويُتقى بهم المكاره ويموتُ أحدهم وحاجتُه في صدرهِ لا يستطيع لها قضاءً، قالَ: فتأتيهم الملائكةُ عندَ ذلكَ فيدخلونَ عليهم من كُلِّ بابٍ، سلامٌ عليكم بما صبرتُم فنعمَ عُقبى الدَّارِ " [رواه أحمد وقال أحمدُ شاكرٍ إسنادُه صحيح]. فلنصبرْ على الجوعِ والظمأِ وعلى حبسِ النفسِ عن الشهواتِ، لِنسمعَ في الجنَّةِ نداءً " سلاٌم عليكم بما صبرتُم فنعمَ عُقبى الدَّارِ ". قال عمرُ بنُ الخطابِ-رضي الله عنه-: " وجدنا خيرَ عيشِنا بالصبرِ ".
معاشرَ المؤمنين، الفقرُ وحاجاتُ النَّاسِ قد إنتشرتْ في مُجتمعنا، وأغلبُ حياةِ النَّاسِ في تَرفٍ ونعيمٍ، والذي نفسي بيده كثيرٌ من الناسِ ينامونَ بلا أكلٍ والناسُ من حولِهم يعلمونَ ولا يَبالونَ بهم ولا يشعرونَ، فأصبحتْ قلوبُهم كالحجارةِ بل هي أشدُّ قسوةً، قال رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم-: " ليسَ المؤمنُ الذي يشبعُ وجارُهُ جائعٌ إلى جنبه وهو يعلمُ " [صححه الشيخُ الألباني-رحمه الله-]. والنفسُ إذا عاشتْ في الترفِ والنعيمِ، جُمحتْ إلى الدنيا وتكبَّرتْ وحرصت على المالِ، ونسيتِ الإلهَ، إلا قليلاً، وقدْ ذكرَ اللهُ حالَهم فقالَ سبحانه: " وإذا أنعمنا على الإنسانِ أعرضَ ونئا بجانبهِ وإذا مسَّهُ الشرُّ فذو دعاءٍ عريضٍ ". قالَ الإمامُ أحمدُ-رحمه الله-: " أُبتلينا بالسراءِ فلمْ نصبرْ، وأُبتلينا بالضراءِ فصبرنا ". وسببُ كثرةِ الفقرِ في البلادِ الأسلاميةِ، منعُ الزكاةِ وسرقةُ أهلِ المناصبِ من أموالِ المُستضعفينَ، قالَ عليٌّ بنُ أبي طالبٍ-رضي الله عنه-: " إذا رأيتَ فقيراً يمشي في سككِ المدينةِ، فأعلمْ أنَّ هُناكَ غنيٌ لمْ يؤدِّ زكاةَ مالِهِ ". فويلٌ لهمْ ثُّمَّ ويلٌ لهم من غضبِ الجبارِ عليهم وما أعدَّ لهم من العذابِ الأليمِ في يومٍ كانَ على الكافرينَ عسيرٌ، قالَ تعالى: والذين يكنزونَ الذَّهبَ والفِضةَ فبشرْهم بعذابٍ أليمٍ يومَ يُحمى عليها في نارِ جهنَّمَ فتُكوى بها جباهُم وجنوبُهم وظهروُهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزونَ ". اعلموا عبادَ اللهِ، أنَّه كلما إزدادَ الظلمُ والطغيانُ والفسوقُ والفجورُ، كلما اقتربَ عقابُ اللهِ الدونيوي، قالَ تعالى: " وإذا أردنا أنْ نُهلِكَ قريةً أمرنا مُترفيها ففسقوا فيها فحقَّ عليها القولُ فدمَّرنها تدميراً ". بل وصل حالُ المترفين والمستكبرين أن يحتقروا أهلَ العلمِ والدينِ والمؤذنينَ، وأصبحوا يعتقدونَ أنَّ هذه المهمةَ صارتْ للضعفاءِ والمساكينَ، قالَ عمرُ بنُ الخطابِ-رضي الله عنه-: " لو كنتُ مؤذناً لكمل أمري وما باليتُ ألا أنتصِبَ لقيامِ الليلِ ولصيامِ النهارِ، فإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-يقولُ: " اللهمَّ اغفرْ للمؤذنينَ ثلاثاً، قالَ فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، تركتنا ونحنُ نتجلدُ على الأذانِ بالسيوفِ، قالَ-صلى الله عليه وسلم-: " كلا يا عمرُ إنَّه سيأتي على النَّاسِ زمانٌ يتركونَ الأذانَ على ضُعفائِهم، وتلكَ لحومٌ حرَّمها اللهُ على النَّارِ لحومَ المؤذنينَ " [أخرجه أبنُ أبي حاتمٍ]. فلا يحزنْ الفقراءُ، ولا يحزنْ الضُعفاءُ، ولا يحزنْ الغرباءُ، حسبهم أنَّهم مع النبيين والصديقينَ والشُهداءِ والصالحينَ وحَسُنَ أولئكَ رفيقاً، عن أنسِ بنِ مالكٍ-رضي الله عنه-قالَ: قالَ رسولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-: " يؤتى بأنَعمِ أهلِ الدنيا من أهلِ النَّارِ يومَ القيامةِ، فيُصبغُ صبغةً في النَّارِ-أي يُغمسُ غمسةً في النَّارِ- ثُمَّ يُقالُ يا ابنَ أدمَ هلْ رأيتَ خيراً قطُّ؟ هلْ مرَّ بك نعيمٌ قطُّ؟ فيقولُ: لا واللهِ ياربِّ، ويؤتى بأشدِّ النَّاسِ بؤساً في الدنيا من أهلِ الجنَّةِ، فيُصبغُ صبغةً في الجنَّةِ، فيُقالُ لهُ: يا ابنَ أدمَ هلْ رأيتَ بؤساً قطُّ؟ هلْ مرَّ بكَ شِدةٌ قطُّ؟ فيقولُ: لا واللهِ ياربِّ ما مرَّ بيَ بؤسٌ قطُّ، ولا رأيتُ شِدةً قطُّ " [رواه مسلم].
أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهِ لي ولكم فأستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التوابُ الرحيمُ.
" الخُطبةُ الثانية "
أما بعدُ عبادَ اللهِ، فاتقوا اللهَ واعملوا بطاعته ورضاه.......
معاشرَ المؤمنين، رَغِمَ هذه الصعوباتُ والازماتُ التي تمرُّ بها الأمةُ ينبغي على المؤمنِ العاقلِ أن يجعلَ الأخرةَ همَّهُ حتى تأتيه الدنيا وهي حقيرةٌ ذليلةٌ، وقدْ قالَ رسولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-: " من كانتِ الدُنيا همَّهُ، جعلَ اللهُ فقرهُ بينَ عينيهِ، وشتَّتَ اللهُ شملَهُ، ولمْ يأتهِ من الدنيا إلَّا ما كُتِبَ له منها، ومن كانتِ الأخرةُ همَّهُ، جعلَ اللهُ غِناهُ في قلبهِ، وجمعَ اللهُ شملَهُ، وأتتهُ الدنيا وهي راغمةٌ-أي حقيرة- " [رواه الترمذي].
وعلى المؤمنِ العاقلِ أنْ يُعلِّقَ قلبَهُ باللهِ-عزَّ وجلَّ وهذا ما كان عليه السلفُ الصالحُ، وأسمعوا لهذه القصةَ الرائعةَ التي حدثتْ بين سعيدِ بنِ جُبيرٍ-رضي الله عنه- والحجاجِ
كان الحجاج بن يوسف الثقفي، واليا لعبد الملك, يأخذ بالشبهات ويتحرى المناوئين في جميع البلاد الاسلامية لحكم أميره وسيده. فيصب المحن عليهم دون هوادة ولا خوف من الله المقتدر الجبار, وكان خالد بن عبد الملك القسري واليا على مكة المكرمة وقد علم بوجود ابن جبير في ولايته فألقى القبض عليه واعتقله, ثم أراد أن يتخلص منه فأرسله مخفورا مع اسماعيل بن واسط البجلي الى الحجاج بن يوسف.
قال الحجاج: ما أسمك؟
سعيد: سعيد بن جبير.
الحجاج: بل أنت شقي بن كسير.
سعيد: بل كانت أمي أعلم باسمي منك.
الحجاج: شقيت أمك وشقيت أنت.
سعيد: الغيب يعلمه غيرك.
الحجاج: لا بد لك بالدنيا نارا تلظى.
سعيد: لو علمت أن ذلك بيدك لاتخذتك الها.
الحجاج: ما قولك في محمد؟.
سعيد: نبي الرحمة وامام الهدى.
الحجاج: ما قولك في علي, أهو في الجنة أم هو في النار؟..
سعيد: لو دخلتها وعرفت من فيها, عرفت أهلها.
الحجاج: ما قولك في الخلفاء؟.
سعيد: لست عليهم بوكيل.
الحجاج: فأيهم أعجب اليك؟.
سعيد: أرضاهم لخالقي.
الحجاج: فأيهم أرضى للخالق؟.
سعيد: علم ذلك عند الذي يعلم سرهم ونجواهم.
الحجاج: أحب أن تصدقني.
سعيد: ان لم أحبك لن أكذبك.
الحجاج: فما بالك لم تضحك؟.
سعيد: وكيف يضحك مخلوق خلق من طين, والطين تأكله النار!!.
الحجاج: فما بالنا نضحك؟.
سعيد: لم تستو القلوب.
ثم أمر الحجاج باللؤلؤ والزبرجد والياقوت, فجمعه بين يديه.
قال سعيد: ان كنت جمعت هذا لتتقي به فزع يوم القيامة فصالح والا ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت, ولا خير في شيء من الدنيا الا ما طاب وزكا.
ثم دعا الحجاج بالعود والناي, فلما ضرب بالعود ونفخ بالناي بكى سعيد.
فقال: ما يبكيك؟ أهو اللعب؟.
قال سعيد: هو الحزن, أما النفخ فذكرني يوما عظيما يوم ينفخ في الصور, وأما العود فشجرة قطعت من غير حق!! وأما الأوتار فمن الشاة تبعث يوم القيامة!!.
قال الحجاج: ويلك يا سعيد.
فقال لا ويل لمن زحزح عن النار وأدخل الجنة.
قال الحجاج: اختر يا سعيد أي قتلة أقتلك؟.
فقال: اختر أنت لنفسك فوالله لا تقتلني قتلة الا قتلك الله مثلها في الآخرة.
قال: أتريد أن أعفو عنك؟.
فقال: ان كان العفو فمن الله, وأما أنت فلا براءة لك ولا عذر.
قال الحجاج: اذهبوا به فاقتلوه, فلما خرج ضحك فأخبر الحجاج بذلك فردوه اليه.
وقال: ما أضحكك؟.
فقال: عجبت من جرأتك لى الله وحلم الله عليك.
فأمر بالنطع فبسط.
وقال: اقتلوه.
فقال سعيد: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين.
قال الحجاج: وجهوا به لغير القبلة.
قال سعيد: فأينما تولوا فثمّ وجه الله.
قال الحجاج: كبوه على وجهه.
قال سعيد: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى.
قال الحجاج: اذبحوه.
قال سعيد: أما أنا فأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله, خذها مني حتى تلقاني بها يوم القيامة, اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي.
(وفيّات الأعيان 2371).
قال ابنُ القيمِ-رحمه الله-: " إذا استغنى الناسُ بالنَّاسِ، فأستغنِ أنتَ باللهِ، إذا فرحوا بالدنيا ففرحْ أنتَ باللهِ، إذا أنسوا بأحبابهم، فأجعلْ أُنسَكَ باللهِ، إذا تعرفوا على ملوكِهم وكبرائِهم لينالوا بهم العزةَ والرفعةَ، تعرفْ أنتَ إلى اللهِ، تنلْ بذلكَ غايةَ العزِّ والرفعةِ، كما قالَ اللهُ: " من كانَ يُريدُ العِزَّةَ فللهُ العزةُ جميعاً " وقالَ: " وللهِ العزةُ ولرسولهِ وللمؤمنينَ ولكنَّ المنافقينَ لا يعلمونَ ".
وصلِّ اللهمَّ وباركْ على سيدنا محمدٍ وعلى آلهِ وأصحابه أجمعينَ.