خطبة بعنوان ( وقفة مع المناسبات) مختصرة.
سعيد الشهراني
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد : أوصيكم ونفسي بتقوى الله (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون)
عباد الله: يكثر في هذه الأيام اجتماعات الناس وتتزاحم المناسبات فيها، اجتماعات عائلية، ولقاءات عامة، واحتفالات وزواجات، وهي مظاهر رائعة تسعد الروح وتظهر مدى تآلف الناس وتحابهم وفيها من الخير الكثير الذي لايخفى.
أيها المسلمون: ومع كثرة هذه اللقاءات الاجتماعية، فلابد أن يكون فيها ما يحتاج لتنبيه وتوجيه والموفق من استجاب لأمر الله وأمر رسوله فمن المظاهر الطارئة المزعجة في هذه اللقاءات المبالغة والتكلف في الملبس والمطعم والمركب، فأصبح المقصد في هذا الحضور التباهي والتفاخر وليس التواصل والتأخي فاختفى على أثر هذا التكلف روح هذه الإجتماعات وجمالها وثمرتها وأصبحت ثقيلة على النفوس بعيدة عن الوصول لغايتها التي وضعت لأجله.
أيها المسلمون: هذا وإن الشارع الحكيم قد وضع المنهج الصحيح لهذه الإجتماعات وبين الطريق الموصل الى هدفها والمقصد منها فقد أرشد صلى الله عليه وسلم الناس في مثل هذه المناسبات إلى البعد عن التكلف والرضا باليسير حتى في أعظم المناسبات وهي حفلات الزواج وتوابعها فقال(( أعظم النساء بركة أيسرهن مئونة)) وقال عليه الصلاة والسلام لعبد الرحمن بن عوف لما تزوج(( أولم ولو بشاة)). ووليمة العرس تقدر بحال الزوج ولا يكلف فوق طاقته وإن كان مقتدرا فله ان يولم بما شاء مع مراقبة حرمة الإسراف والتبذير والتجاوزات الشرعية حتى لو كانت أعرافا متوارثة.
فالاعراف المحمودة هي التي تكون موافقة لمقاصد الشرع وتوجيهاته وان كانت مخالفة لشرع الله فالخير كل الخير في البعد عنها وعن أهلها ونهجه صلى الله عليه وسلم في الدعوات الإستجابة لها ويأمر من يدعى إليها أن يستجيب لها حتى لو كان الدعوة متواضعة وذلك لدفع ما يكون في النفس من علو وتكبر قال صلى الله عليه وسلم( لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع أو ذراع لقبلت) وقال (إذا دعيتم إلى كراع فأجيبوا) .
ولا ينبغي للمرء أن يجعل مكانته عند الناس مقترنة بما يقدم له من طعام وشراب فهذا من ضعف العقل ودناءة النفس بل إن العاقل هو الذي يحب أن لا يتكلف له الناس وأن يضعوا له ما تيسر لهم.
أيها المؤمنون: إن المرء حينما يرى تكلف الناس في كماليات حياتهم وركوبهم السهل والحزن في سبيل الحصول عليها من فرش كثيرة وتحف أنيقة ثم يتذكر حال رسول الله صلى الله عليه وسلم مأكله وملبسه، وفرشه ومركبه، ليعلم علما قاطعا بالسبب الذي أبعد السعادة عن هؤلاء المتكلفين، ذلك أن السعادة كل السعادة والهناء كل الهناء هو بالتأسي بمن هو أهل للتأسي والإقتداء ذلك النبي الخاتم الذي أمرنا بالإقتداء به إن أردنا السعادة في الدنيا والفلاح في الاخرة( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) وقد كان صلى الله عليه وسلم يمقت الكبر والتعالي ويحب التواضع والتبسط ويتواضع للصبية ويسلم عليهم. جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون الهدى فيتبعون احسنه.
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ، أقولُ قَولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كل ِّذَنبٍ، فاستغفروه إنَّه هو الغَفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية :
الحمدُ للهِ حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأصلِّي وأسلِّمُ على المبعوثِ رحمةً للعالمينَ، نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ. أما بعدُ: اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أن أجسادكم على النار لاتقوى.
ايها المسلمون : إن الإنسان كلما أسقط التكلف عن نفسه كلما رجح عقله وزاد إيمانه واكتملت مروءته فهنيئا لمن يسر على الناس حملهم ولم يشق عليهم في ضيافتهم وهنيئا لمن يسر النكاح على الشباب والفتيات وجنب نفسه ومجمعه عواقب التبذير وغوائله ولم ينسق وراء أراء السفهاء والجهال فحفظ الأموال ولم يبددها وأعان على نشر الخير والبركة.
عباد الله: والمجتمعات بطبعها تتغير ولا تقبل التوقف فإن تصدر أهل العقل والرأي وبادروا بالتغيير إلى الخير والصلاح فسينفع الله بجهودهم وإن قصروا فسيبادر غيرهم للتغيير إلى ما يضر في الدين والدنيا وكم نفع الله بمبادرات نافعة فتحت أبوابا من الخير والهدى والصلاح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلاله كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) رواه مسلم. والخير باق في هذه الامة وهي أمة مباركة مرحومة فمن بذل جهده يريد الخير والصلاح فسيثمر جهده ولو بعد حين نسأل الله أن يصلحنا ويصلح لنا ويصلح بنا.
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد.....
المرفقات
1718848397_pdfjoiner.pdf