خطبة بعنوان ( وانتصف شهر رمضان) مختصرة
سعيد الشهراني
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ جَعَلَ الصِّيَامَ جُنَّةً أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ عَلَى مَا يَسَّرَ مِنْ صِيَامٍ وَقِيَامٍ رَمَضَانَ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ خَيْرُ مَنْ صَلَّى وَصَامَ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا الصَّائِمُونَ اتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَاجْتَهِدُوا فِي طَاعِهِ رَبِّكُمْ فَقَدْ أَفْلَحَ مَنِ اجْتَهَدَ فِي الطَّاعَاتِ وَخُصُّوا مَا بَقِيَ مِنْ شَهْرِكُمْ بِمَزِيدٍ طَاعَةٍ وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ اللَّهِ وَبِرِّهِ وَاغْتَنِمُوا مَا بَقِيَ مِنْ شَهْرِكُمْ قَالَ ﷺ:«وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ..»رواه الترمذي وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
أيها الصائمون: ها قد انتَصَفَ رَمَضَانُ فهل من مشمر، وَأَحسَنَ اللهُ عَزَاءَ مَن قَصَّرَ في النصف الأَوَّلِ وَجَبَرَ مُصِيبَتَهُ، وَأَحسَنَ لَهُ استِقبَالَ بَقِيَّةِ المَوسِمِ العَظِيمِ، وَجَعَلَنَا جَمِيعًا فِيمَا نَستَقبِلُ مِن شَهرِنَا خَيرًا مِمَّا وَدَّعنَا، فَيَا أَيُّهَا المُجتَهِدُ المُحسِنُ ، دُمْ عَلَى طَاعَتِك وَإِحسَانِك ، وَيَا أَيُّهَا المُسِيءُ المُفَرِّطُ الغَافِلُ، تدارك ما بقي من الشهر ،وَبَادِر ثم بَادِر فَمَا زَالَ في شهر رمضان بقية والأيام القادمة عظيمة النفع وأبواب الخير فيها كثيرة ومتنوعة، من صَلاةٌ وَصَومٌ وَقِيَامُ لَيلٍ، وَصَدَقَةٌ وَإِحسَانٌ وَحُبٌّ لِلمَسَاكِينِ، وَرِفقٌ بِالنَّاسِ وَتَجَاوُزٌ عَنِ المُعسِرِينَ، وَصِلَةٌ لِلأرحام، وَكَفٌّ لِلِّسَانِ عَنِ الشَّرِّ وَإِشغَالٌ لَهُ بِالتَّلاوَةِ وَالذِّكرِ، فاغتنموها وسارعوا إلى الخيرات وحافظوا على الصلوات في المساجد وأحسنوا في تربية أبنائكم وأكثروا من الدعاء لهم قَالَ تَعَالَى:﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾. واحرصوا على الأَمرٌ بِالمَعرُوفِ وَالنَهيٌ عَنِ المُنكَرِ قَالَ تَعَالَى:﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾، كذلك ينبغي التواصي بفعل الخيرات والمسابقة إليها قَالَ تَعَالَى:﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ﴾. وعليكم بترك المنكرات وإياكم والبدع والشرك فإنهما تهدمان الدين، وَأَكْثِرُوا فِي شهركم مِنْ أعمال البر والإحسان و صلة الأرحام ،وزيارة الأقارب قَالَ تَعَالَى:﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ﴾. وكذلك عيادة المريض واتباع الجنائز وغيرها من العبادات الكثيرة .
فعَلَينَا ياعِبَادَ اللَّهِ أَن نُصلِحَ نِيَّاتِنَا، وَأَن نُرِيَ اللهَ مِن أَنفُسِنَا خَيرًا،فَلُقيَا الشَّهرِ مَرَّةً أُخرَى غَيرُ مُؤَكَّدَةٍ، وَرَحِيلُ الإِنسَانِ مُنتَظَرٌ في كُلِّ لَحظَةٍ . فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغروه إنه هو الغفور الرحيم .
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
الحمدُ للهِ ذي الفَضْلِ والإنعَام، أوجَبَ الصِّيامَ على أُمَّةِ الإسلام، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريك له، ذو الجَلالِ والإكرام، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أفضَلُ مَن صلَّى وصام، وطاعَ ربَّهُ واستقام، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ وأصحابِه البرَرَةِ الكرام، وسلَّمَ تسليمًا كثيرا..
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الصَّائِمُونَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ لَكُمُ الوَعْدَ بِالثَّوَابِ الْكَبِيرِ وَالأَجْرِ الْعَظِيمِ، وَأَبْشِرُوا فَإِنَّكُمْ تَرَكْتُمُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالْمَلَذَّاتِ طَاعَةً للهِ وَخَوْفَاً مِنْهُ وَمَحَبَّةً لَهُ، أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصِّيَامِ فَامْتَثَلْتُمْ، وَمَنَعَكُمْ فِي النَّهَارِ الأَكْلَ وَالشُّرْبَ فَصَبَرْتُمْ، وَعَانَيْتُمْ حَرَارَةَ الْجُوعِ وَأَلَمَ الْعَطَشِ فَمَا غَيَّرْتُمْ وَلا بَدَّلْتُمْ.
عباد الله : ومع انتصاف شهر رمضان ومما يجدد نشاطنا عند الفتور تذكر قول نبينا ﷺ (( أن لله عتقاء من النار ؛ وذلك في كل ليلة من رمضان )) . الله أكبر يا صائمون يا لها من عبارة عظيمة محفزة لنا وتمنعنا من التكاسل والفتور ؛ فلعلك إن لم تكن من العتقاء أول الشهر أن تكون في أوسطه، نسأل الله أن نكون منهم .
ومما يجدد النشاط في منتصف رمضان أيضاً؛ عدم الإقتصار على نوع عبادة ؛ فلا بد من التنويع في عبادات شتى حتى تطرد السامة ؛ فمن قراءة للقران إلى دعاء ؛ إلى إطعام وإنفاق ؛ إلى سعي على الفقراء ؛ وتلمس لحاجات الأسر والمحتاجين ؛ إلى تلاوة لتفسير أو استماع قصص القران ؛ وغيرها من أنواع البر والإحسان ؛ ولو بالمشاركة في مشروع تفطير الصائمين ؛ فحينها يتجدد نشاطك وتعود حيويتك .
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن ضَيْفَكُمْ رَمَضَانُ قَدْ انتصفت أيامه ؛ فَأَكْرِمُوا ضَيْفَكُمْ، وَاغْتَنِمُوا شَهْرَكُمْ، وَسَارِعُوا إلى طاعة رَبِّكُمْ؛ فَهُوَ شَهْرٌ قَصِير، لا يَحْتَمِلُ التَّقْصِير، وَقُدُوْمُهُ عُبُور، لا يَقبَلُ الفُتُور! وَكُلَّمَا تَكَاسَلْتَ؛ فتَذَكَّرْ أَنَّها ﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ﴾. فَاللهَ اللهَ في رَمَضَانَ؛ فَهُوَ ضَيْفٌ يَأْتِي عَلَى عَجَلٍ؛ فَاجْتَهِدُوا فِيْهِ بِالجِدِّ وَالعَمَلِ .فاللهم اجعلنا ممن صام وقام رمضان إيمانا وإحتسابا .
هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على نبيكم محمد ...
المرفقات
1711013861_خطبة بعنوان ( وانتصف شهر رمضان) مختصرة.docx