خطبة بعنوان: لا تظلم ولو كنت مقتدرا

خطبة بعنوان: "لا تظلم ولو كنت مقتدرا"

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(آل عمران،102). أما بعد:

((أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ))

عباد الله: يقول الله تعالى في سورة هود: ﴿أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾(هود، 18).

من الملعون، ومَن الذي لَعَنه؟

أما الملعون في هذه الآية: فهو الإنسان الظالم، وأما مَن الذي لعنه: فهو الله، العظيم، الجليل، الحق، سبحانه وتعالى، ومن لعنه الله، فاقرأ على حياته السلام.

الله حق، وخلق السموات والأرض بالحق، وأرسل رسوله بالحق، وأقام الجنة والنار بالحق، وأقام الوزن بالحق، وأدخل أهل الحق الجنة بالحق، وأدخل أهل الظلم والجور النار بالحق، وطالبنا بالحق، وطالبنا بالعدل؛ لأنه سبحانه عدل وحق، ولعن الله الظالم بالحق، لمّا أبتْ نفسه الظالم العدل والحق؛ لأن الله تعالى قد طالبنا جميعا بأن نكون من أهل الحق ومن أهل العدل، لا أن نكون من أهل الباطل الجور والظلم، فقال لنا جميعا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ﴾(المائدة، 8)، ولكن بعض النفوس– وما أكثرها اليوم- أبتْ أمر الله، وأبت النور والحق والعدل، والرحمة والنزاهة– أبتْ ذلك كله– أبتْ ألا أن تكون ظالمة، جائرة، خبيثة، فاختارت الظلم طريقا لها، ومعاشا لها، وسببا للوصول، ورافعة للنهوض، ومسلكا للتكسب والتزلّف.

لقد زالت مخافة الله من قلوب بعض الناس اليوم, فأصبحت قلوبهم مسودّة، قاتمة حاقدة، قاسية، فتجدهم يظلمون غيره من الناس بغير الحق، ويتفنّنون في ظلمهم، ولا يجدون لأنفسهم راحة إلا إذا ظلموا.

عباد الله، لقد تفنّن الناس اليوم في أشكال الظلم وابتداع صوره. نعم، تفنن الناس اليوم في ظلم بعضهم بعضا، وتراهم يستخدمون كافة أشكال الظلم، ووسائله وطرقه، ويدخلون في جميع مجالاته.

عباد الله: من أشكال الظلم: الظلم باللسان.

فَمَن قَلبَ الحقائق رأسا على عقب، فجعل الحق باطلا والباطل حقا، والأبيض أسود، والأسود أبيضا، فشهد على الأخرين بالزور، فهو ظالم، ظالم.

ومَن قالَ في الأخرين ما ليس فيهم، وتقوّل عليهم الأقاويل، وطعن في نزاهتهم،  فهو ظالم، ولعنة الله على الظالمين، جاء في صحيح البخاري، عنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الكَبَائِرِ، قَالَ: (الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ)، جاء في تعليق مصطفى البغا: "(الكبائر) جمع كبيرة وهي كل فعل قبيح نهى عنه الشرع وشدد النهي عنه وأعظم أمره. (عقوق) هو كل فعل يتأذى به الوالدان تأذيا شديدا وهو ليس من الأفعال الواجبة شرعا أصله من العق وهو القطع لأن العاق يقطع ما بينه وبينهما من صلة. (الزور) الكذب والباطل". وجاء في الحديث الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حمى مؤمنا من منافق أراه قال بعث الله ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم ومن رمى مسلما بشيء يريد شينه به حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال).

نعم، يا عباد الله، ومَن تجسّس على الأخرين، ونقل أخبارهم ليضرهم، ومن تتبّع عورات المسلمين، فهو ظالم، ومَن يسحرهم بسحرٍ ليدمر حياتهم، فهو ظالم، ظالم، ولعنة الله على الظالمين.

ومن عامل زوجته أو ابنته أو ابنه أو أباه أو أيّ مسلم، معامله سيئة واحتقره، وازدراه، فهو ظالم، ولعنة الله على الظالمين، وفي هؤلاء جميعا، وفي أمثالهم، يقول الحق جل ثناؤه: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾(الأحزاب،58).

عباد الله: من أشكال هذا الظلم: الظلم بالمال.

فمَن أكل مال أخيه المسلم قَلّ هذا المال أو كثر، نقدا أو غيره، سواء أكان اختلاسا، أو دينا، أو أجره: فهو ظالم، ولعنة الله على الظالمين.

وَمن حرم بعض ورثته من حقه، أو أكل ورثة أخته، فهو ظالم، ولعنة الله على الظالمين.

وفي هؤلاء ومَن على شاكلتهم وسلك طريقهم، جاء الوعيد الشديد في حقهم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (قَالَ اللَّهُ: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ). جاء في تعليق مصطفى البغا: "(أعطى بي) عاهد باسمي وحلف. (غدر) نقض العهد ولم يف به أو لم يبر بقسمه. (باع حرا) وهو يعلم أنه حر. (فاستوفى منه) العمل الذي استأجره من أجل". فأكل حقوق العباد المالية ظلم عظيم، يستوفيه الله تعالى من صاحيه يوم القيامة بعدله المطلق".

عباد الله: من أشكال الظلم، الظلم بالمناصب والمسؤولية.

فيظلم مَنْ يعمل تحت يده، ومن يكون له عليه سلطة ومسؤوليه: من الموظفين والعمال والشغِّيله، فيحرمه من بعض حقوقه، أو يتسبب في إذلاله أو قطع رزقه، أو منعه من حقه، أو استغلال منصبه في غير المسموح له به، أو بظلم في الفصل بين المتخاصمين. فمن فعل ذلك فهو ظالم، ظالم، ولعنة الله على الظالمين.

وكل من يضع الشيء في غير مكانه الصحيح شرعا، فهو جائر وظالم، ولعنة الله على الظالمين، والظالم يظلم عندما يظلم، لأنه يكون قادرا على الظلم.

             لا تظلمن إذا كنت مقتدرا        فالظلم ترجع عقباه إلى الندم

              تنام عينك والمظلوم منتبه      يدعو عليك وعين الله لم تنم

فيا مَنْ تظلم الناس، يامن تظلم الآخرين، يا ظالم: اعلم أنك مشتق من الظلمة، فأنت ظلمة في ظلمة، وقلبك مظلم, ونفسك مظلمة، ولسانك مظلم، وعقلك، ودنياك مظلمة، وآخرتك مظلمه. ففي صحيح مسلم، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاتَّقُوا الشُّحَّ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ).

ويا مَنْ تظلم الناس أذكّرك بقوة الله عليك، أذكرك يقدره الله عليك، فماذا تساوي قوتك أمام قوة الله، بل ماذا تساوي قوة الكون أمام قوة الله رب الكون؟ ماذا؟ فالله قادر على أن يدمّر عليك حياتك، آجلا أم عاجلا، فلا تغفل عن قوة الله ولا عن قدرة الله ولا عن رقابة الله، يقول جل ثناؤه:  ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾(إبراهيم، 42).

ويا مَنْ تظلم الناس، أذكرك بأنه سيأتي عليك وقت، تدفع فيه ثمن  ظلمك هذا، فكما أذهبت طعم النوم من عيني المظلوم، ولذّة الراحة من نفسه، وشغلت باله بالهموم والضيق، سيأتي وقت عليك تدفع فيه الثمن، تدفعه في جسدك، تدفعه في هموك وغمومك ومشاكلك، تدفعه في مستقبلك، تدفعه في مكبرك، والأيام دول. يقول الله تعالى: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)(آل عمران،140)، ويقول الله تعالى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ)(البروج،12). ويقول الله تعالى: (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)(النمل،52)، وفي صحيح البخاري، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ)، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود،102). جاء في تعليق البغا: "(ليملي) ليمهل. (لم يفلته) لم يخلصه ولم يتركه حتى يستوفي عقابه. (وكذلك) أي كما ذكر من إهلاك الأمم وأخذهم بالعذاب. (أخذ ربك) إهلاكه وعذابه. (أخذ القرى) أخذ أهلها".

وفي المسند، بإسناد صحيح، عن أبي بكرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِن ذَنْبٍ أجدَرُ أن يُعجِّلَ الله تعالى لصاحِبِه العُقوبَةَ في الدُّنيا، مع ما يَدَّخِرُ له في الآخرة، مثلُ البَغيِ، وقَطيعةِ الرحمِ).

عباد الله، وأقول لكل مظلوم: الحمد الله أنه نجّاك من أن تكون ظالما، فأنْ تكون مظلوماً خيرا من أن تكون ظالما. والحمد لله، أن الله نجّاك من أن تكون مطلوبا لعدالة السماء، بل جعل عدالة السماء مطلوبة لك.

وأقول للمظلوم، خذ بالأسباب حتى ترفع عن نفسك وقع الظلم وشدة وطئته، ولكن، قد لا تستطيع ذلك، فعندها عليك أن تطرق باب العدالة السماوية، أن تطرق باب القويّ العزيز المقتدر سبحانه، أنْ تمدّ يديك في الليل البهيم، متضرعا إلى ربك رب العالمين، أنْ يأخذ لك حقك، فقد وعدك الله بذلك ومن أصدق من الله قيلا.

ففي صحيح البخاري، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ).

وفي الحديث الصحيح، كما في المسند، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ، وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاوَاتِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ).

وأقول للمظلوم أيضا: اصبر، واحتسب صبرك عند الله، فإن الله سيعوضك خيرا في الدنيا والأخرة، فهذا ابتلاء وامتحان لك من الله تعالى.

عباد الله:

جميعنا، وحتى لا يظلم أيُّ واحد منا غيرَه، ولا يقع في الظلم مستقبلا، وحتى يبتعد عن ظلم الناس، ويكون في بر الأمان، وحتى لا تظلم ولا أظلم. أذكر بعدالة الأخرة، بالمحكمة الإلهية التي ستقام للخلائق في الأخرة، يقول الحق سبحانه: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)(الأنبياء،47).

وفي صحيح مسلم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ). جاء في شرح محمد فؤاد عبد الباقي: "(لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة) هذا تصريح بحشر البهائم يوم القيامة وإعادتها يوم القيامة كما يعاد أهل التكليف من الآدميين وكما يعاد الأطفال والمجانين ومن لم تبلغه دعوة وعلى هذا تظاهرت دلائل القرآن والسنة قال الله تعالى وإذا الوحوش حشرت وإذا ورد لفظ الشرع ولم يمنع من إجرائه على ظاهره عقل ولا شرع وجب حمله على ظاهره قال العلماء وليس من شرط الحشر والإعادة في القيامة المجازاة والعقاب والثواب وأما القصاص من القرناء والجلحاء فليس هو من قصاص التكليف إذ لا تكليف عليها بل هو قصاص مقابلة والجلحاء هي الجماء التي لا قرن لها".

تصوروا يا عباد الله، شاة له قرون اعتدت على شاه ليس لها قرون، ستدفع الشاه الظالمة التي لها قرون، الثمن كاملا يوم القيامة للشاة المظلومة، التي ليس لها قرون, هذا بين الحيوانات والأنعام فما بالك بعدل الله بين البشر والأنام.

نعم، يا عباد الله، أذكركم بعدالة الأخرة، يوم أن يختم على فمك، وتنطق جوارحك، قال الحق سبحانه: (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (فصلت،20).

ولذلك تروي لنا كتب الإسلام أن شريك بن عبد الله، كان لا يجلس للحكم حتى يخرج ورقة من خفه، فينظر فيها، ثم يأمر بتقديم الخصومة إليه، فحرص بعض أصحابه على قراءة ما في تلك الورقة فإذا فيها: "يا شريك بن عبد الله  اذكر الصراط وحدته، يا شريك بن عبد الله اذكر الموقف بين يدى الله عزو جل، وكان يقول: أن الظلم ينتظر العقاب، والمظلوم ينتظر النصر".

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:

عباد الله:

لقد أوصى الحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جميع الناس بأن يرحلوا عن هذه الدنيا وقد فكّوا الديون من رقابهم، فقال لهم، كما في صحيح البخاري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ  دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ). جاء في تعليق مصطفى البغا: "(له مظلمة) أي قد ظلم أحدا بقول أو فعل. (عرضه) جانبه الذي يصونه ويحامي عنه من نفسه وحسبه. (فليتحلله) يطلب منه العفو والمسامحة أو يؤدي إليه مظلمته. (فحمل عليه) ألقي على الظالم عقوبات سيئات المظلوم".

عباد الله: باب التوبة مفتوح، فلنعِدْ الحقوق لأصحابها، ولنردّ المظالم لأهلها، ولنتبْ إلى الله، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

اللهم اجعل أعمالنا صالحة، واجعلها لوجهك خاصة.

 

 

 

المرفقات

1616141609_لا تظلم ولو كنت مقتدرا.docx

المشاهدات 1867 | التعليقات 0