خطبة بعنوان: (بِـ"بِسْمِ اللهِ" تَطِيبُ الحَيَاةُ.)

رمضان صالح العجرمي
1446/04/28 - 2024/10/31 12:30PM

خطبة بعنوان: (بِـ"بِسْمِ اللهِ" تَطِيبُ الحَيَاةُ.)
(مستفاد من تفريغ لخطبة للشيخ على غلاب حفظه الله).
1- فَضَائِلُ وَثَمَرَاتَ وَأَهَمِّيَةُ المُحَافَظَةِ عَلَيْهَا.
2- المَوَاضِعُ وَالأَحوَالُ الَّتِي يُستَحَبُّ أَنْ تُقَالَ فِيهَا.
(الهَدَفُ مِنَ الخُطبَةِ)
التذكير بفضائل هذه الكلمة، وأهميتها في حياة المسلم اليومية، مع فرصة التذكير بكثير من الأذكار التي تتكرر مع المسلم في حياته اليومية؛ فيكون بذلك نفع وخير عظيم بإذن الله تعالى.

• مُقَدِّمَةٌ ومَدَخَلٌ للمُوْضُوعِ:
•أيُّهَا المُسلِمُونَ عِبَادَ اللهِ، (بِـ"بِسْمِ اللهِ" تَطِيبُ الحَيَاةُ) هذا هو عنوان موعظتنا اليوم بإذن الله تعالى. وهل تطيب الحياة إلا بذكر الله جل في علاه؟ قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾
•فإذا رأيت مَن يشكو من قلة البركة في بيته ورزقه، فقل له: أين بيتك من بسم الله؟ وإذا جاءك من يشتكي من كثرة المشاكل في بيته مع زوجته ومع أولاده، فقل له: أين بيتك من بسم الله؟ وإذا جاءك من يشتكي من فساد الذرية وانحراف الأولاد، فقل له: أين أنت من بسم الله؟ وإذا جاءك من يخشى على نفسه ويخاف الوقوع في الضرر، فقل له: أين أنت عند دخولك وخروجك من بسم الله؟
•فإن "بسم الله" أفضلُ ما قد قيل، وأفضل ما يقال، وأفضل ما يُبدأ به كل أمر ذي بال، "بسم الله" افتتح بها المولى عز وجل كتابه العزيز، وعندما نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أول ما سمع هو لفظ يتضمن الأمر بالبسملة: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ وفيه الإشارة إلى بدء الأمور ذات الشأن باسم الله تعالى وحده.
• "بسم الله" أول ما نطق به نوح عليه السلام عندما ركب سفينة النجاة، "بسم الله" استهل بها سليمانُ عليه السلام كتابه إلى بلقيس ملكة سبأ، وبدأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم رسائله إلى الملوك لدعوتهم إلى الإسلام.
•ومعناها: أبدأ أمري متبركًا بـ"بسم الله" ومستعينًا بالله سبحانه وتعالى، واستمدُّ العون منه وأتبرَّأ من حولي وقوَّتي.
 
الوقفة الأولى: فَضَائِلُ وَثَمَرَاتَ وَأَهَمِّيَةُ المُحَافَظَةِ عَلَيْهَا.
1- من قالها وحافظ عليها عند كل صباح ومساء لم يضرَّه شيء ولم تفجأه فاجئة بلاء؛ فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ، وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ -ثَلاَثَ مَرَّاتٍ- فَيَضُرُّهُ شَيْءٌ)) [رواه الترمذي، وابن ماجه.] وفي رواية: ((مَن قال: بسم الله الذي لا يضُرُّ مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاثَ مرَّاتٍ لم تُصِبْه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاثَ مرَّاتٍ لم تُصِبْه فجأةُ بلاءٍ حتى يُمْسي)).
2- من حافظ عليها في بيته تنحَّى عنه الشيطان؛ فهي حراسة مشدَّدة لبيوت مَن يقولونها عند دخولهم وخروجهم؛ ففي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، أنه سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، فَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ)).
3- بل ويتصاغر الشيطان حتى يصير كالذبابة، وبدونها فإنه يتعاظم؛ فعن أبي المَلِيحِ عن أبيه رضي الله عنه، قال: كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَثَرَتْ دَابَّتُهُ؛ فَقُلْتُ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ. فَقَالَ: ((لاَ تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ؛ تَعَاظَمَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ، وَيَقُولَ: بِقُوَّتِي صرعته، وَلَكِنْ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ؛ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ، تَصَاغَرَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ.)) [رواه أبو دواد، وصححه الألباني.] ؛ ولذلك من الأخطاء: قول مثل هذه العبارة، أو الاستعاذة من الشيطان عند التثاؤب، وإذا عثر في شيء وغيرها.
4- "بسم الله"، ستر ووقاية ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء؛ فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((سَتْرُ ما بينَ أَعْيُنِ الجِنِّ، وعَوْرَاتِ بَنِي آدمَ إذا دخلَ أحدُهُمْ الخلاء؛ أنْ يقولَ: بسمِ اللهِ.)) [رواه أبو داود، وحسَّنه الألباني.]؛ ومن المعلوم: أن الجن يرى الإنسان دون أن يراه الإنسان؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ﴾
5- "بسم الله"، ما ذكرت على شيء إلا حلَّت فيه البركة فيزيد وينمو؛ فعن عائشةَ رضي اللَّه عنها، قالت‏:‏ كان رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يأكلُ طعامًا في ستة من أصحابه، فجاء أعرابيٌّ فأكلَه بلقمتين، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم‏:‏ (‏(أمَا إنَّهُ لَوْ سَمَّى لَكَفاكُمْ‏))؛ [رواه الترمذي‏] وفى الحديث الصحيح أَنَّ أصحابَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسولَ اللهِ، إِنَّا نَأْكُلُ ولا نَشْبَعُ؟ قال: ((فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ؟)) قالوا: نعم، قال: ((فَاجْتَمِعُوا على طَعَامِكُمْ، واذْكُرُوا اسمَ اللهِ؛ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ))؛ [رواه أبو داود، وابن ماجه، وصححه الألباني].
• وقد جاء الحثُّ على التسمية حتى إذا تذكَّر أثناء الطعام؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أكلَ أحدُكم طعامًا فليقُلْ: بسم الله، فإنْ نسي في أوَّلِه فَلْيَقُل: بسم الله في أوَّلِه وآخره))؛ [صحيح سنن الترمذي].
• وذلك لأن الشيطان يستحل الطعام عند عدم التسمية فتزول منه البركة؛ فقد قال رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم‏:‏ (‏(إنَّ الشَّيْطانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعامَ الذي لا يُذْكَرَ اسْمُ اللَّه عَلَيْه)) [رواه مسلم، عن حذيفة رضي الله عنه]
• فإذا ذكرت الله فإنه ينتظر ويترقب ما يسقط من الطعام؛ ولذا جاء التوجيه النبوي: ((إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ، فَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى، وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ.)) [رواه مسلم، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه] ؛ فأين المسلمون من هذه السُّنَّة النبوية لا سيَّما في هذا الزمان فإنها تسقط على محل نظيف، وغالبًا أنها تسقط على سفرة الطعام وهي نظيفة، ومع ذلك من الناس مَن يترك هذه السُّنَّة.
6- "بسم الله" تحفظ من أعين العائنين وشرور الحاسدين؛ فإذا رأيتَ ما يعجبك فقل: بسم الله ما شاء الله، وإذا أعجبك مالك أو متاعك فخشيت عليه من نفسك فقل: بسم الله ما شاء الله، لا قوة إلا بالله.
7- "بسم الله" فيها شفاء للأبدان، وعلاج أكيد للأمراض والأسقام؛ كما في حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعًا يجده في جسده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ ثَلاَثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ.)) [رواه مسلم.]
8- ولأهميتها جاءت في أعظم رقية حصلت على الأرض؛ فهي رقية الشفاء التي رقى بها جبريلُ عليه السلام رسولَنا الكريم صلى الله عليه وسلم؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ فَقَالَ: ((نَعَمْ)). قَالَ: "بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ، بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ." [رواه مسلم]
9- "بسم الله" تحول الحرام إلى الحلال، وبدونها يتحوَّل الحلال إلى حرام؛ فلو ذبح إنسان ذبيحة ما ولم يُسَمِّ الله عامدًا، لكانت مما لا يحل أكله، فهي كالميتة سواء، فى حين لو سمَّ الله وأرسل كلبه المعلَّم لجاز أن يؤكل هذا الصيد؛ لحديث عدي بن حاتم رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أرسلتَ كلبَكَ المعلَّم وذكرتَ اسمَ اللهِ عليه فكُلْ ممَّا أمْسَك عليك)).
10- "بسم الله" مع العبد قبل ولادته وهو نطفة في صلب أبيه حتى يوضع فى قبره؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أما إن أحدكم إذا أتى أهلَه قال: بسم الله اللهمَّ جَنِّبْنا الشيطانَ وجَنِّب الشيطان ما رزقْتَنا فرزقهم ولدًا لم يضُرَّه الشيطانُ))، وتستمر معه في حياته حتى عند إدخاله القبر؛ فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا وَضَعَ الْمَيِّتَ فِي الْقَبْرِ، قَالَ: ((بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.)) [رواه أبو داود، وابن ماجه، وصححه الألباني.]

نسأل الله العظيم أن يملأ قلوبنا وبيوتنا بركةً، وأن يحفظنا بحفظه.

         *      *      *
الخطبة الثانية:- المَوَاضِعُ وَالأَحوَالُ الَّتِي يُستَحَبُّ أَنْ تُقَالَ فِيهَا: "بسم الله".
1- عند الخروج من المنزل وعند الدخول؛ لحديث أبي مالك الأشعري رضي اللَّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم‏:‏ (‏(إذا وَلَجَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَلْيَقُلِ‏:‏ اللَّهُمَّ إِنِّي أسألُكَ خَيْرَ المَوْلِجِ وَخَيْرَ المَخْرَجِ، باسْمِ اللَّهِ وَلجْنا، وباسْمِ اللَّهِ خَرَجْنا، وَعَلى اللَّهِ رَبِّنا تَوَكَّلْنا، ثُمَّ ليُسَلِّمْ على أهْلِهِ)) [سنن أبي داود].
•وكان من هَدْيه صلى الله عليه وسلم إذا خرج أيضا يبدأ بها؛ لحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ ولا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟))؛ [رواه أبو داود].
2- عند دخول المسجد والخروج منه؛ فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد يقول: ((بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبوابَ رحمتِكَ))، وإذا خرج قال: ((بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبوابَ فضلِكَ)).
3- عند الخروج للخلاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((سِتْرُ ما بين الجنِّ وعوراتِ بني آدم إذا دخل الخلاء أن يقولَ: بسم الله)).
4- عند الوضوء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا صلاةَ لمن لا وضوءَ له، ولا وضوءَ لمن لم يذكُرِ اسْمَ اللهِ عليه))؛ [رواه مالك، وأحمد، وفيه ضعف]، وذهب بعض الفقهاء أن التسمية من الواجبات أول الوضوء.
5- عند الركوب؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، وفي حديث جابر الطويل في قصة بعيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((اركبْ باسمِ اللهِ))، وحديث علي بن أبي طالب رضى الله عنه: ((بسم الله، والحمد لله، سبحان الذي سخَّر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنَّا إلى ربِّنا لمنقلبون))؛ [رواه أبو داود، والترمذي، وصححه الألباني].
6- عند الأكل والشرب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((يا غلامُ، سَمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينكَ، وكُلْ ممَّا يليكَ)).
والتسمية أول الطعام قد أوجبها بعضُ العلماء بحيث لو تركها العبد متعمدًا فإنه يأثم؛ لأنه رضي بأن يُشاركه في طعامه أعدى عدوٍّ له وهو الشيطان؛ إلا إذا كان ناسيًا وتذكَّر أثناء الطعام فإنه يقولها؛ لحديث عائشة: ((إذا أكلَ أحدُكم طعامًا فليقل: بسم الله، فإن نسي في أوله فليقل: بسم الله في أوَّلِه وآخره)).
•‏ومَرَّ معنا خطورة ترك التسمية أول الطعام وأن الشيطان يستحله، ‏والمقصود بالطعام كل ما يطعمه الإنسان من أكل أو شراب؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي﴾، فمن الأخطاء ترك التسمية عند شرب الماء أو العصير أو الشاي ونحوها.
7- عند الذبح أو النحر؛ لقوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾، وذهب بعض الفقهاء: إلى وجوب التسمية على الذبيحة، بحيث لو تركها متعمدًا لم تؤكل ذبيحته؛ كما قال تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾
8- عند النوم؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أوَى أحَدُكُمْ إلى فِراشِهِ، فَلْيَنْفُضْ فِراشَهُ بداخِلَةِ إزارِهِ؛ فإنَّه لا يَدْرِي ما خَلَفَهُ عليه، ثُمَّ يقولُ: باسْمِكَ رَبِّ، وضَعْتُ جَنْبِي، وبِكَ أرْفَعُهُ، إنْ أمْسَكْتَ نَفْسِي فارْحَمْها، وإنْ أرْسَلْتَها فاحْفَظْها بما تَحْفَظُ به عِبادَكَ الصَّالِحِينَ.)) [متفق عليه.]، وعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: ((اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا)) وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانًا بعد ما أماتنا، وإليه النشور.)) [رواه البخاري]
9- عند الجماع؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أما إنَّ أحدَكم إذا أتى أهله، فقال: بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، ثُمَّ قُدِّرَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ، أَوْ قُضِيَ وَلَدٌ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا)) [متفق عليه]، ولهذا قال الله تعالى للشيطان: ﴿وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾، ‏وذكر جماعةٌ من السلف أن معنى المشاركة في الأموال والأولاد: أن يُعاشر مع الرجل إذا أتى أهله ولم يذكر الله، ‏وأقل ما يحصل للإنسان أنه يعاشر والشياطين يتفرجون عليه؛ فإذا ذكر اسم الله تعالى حيل بينهم وبين ذلك.
10- الخلاصة: يشرع للمسلم أن يبدأ جميع أموره وأحواله بـ"بسم الله" تبركًا وتيمُّنًا واستعانة؛ واستدلوا بحديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا استجنح الليل أو كان جنح الليل فكفُّوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذٍ، فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم، وأغلق بابك، واذكر اسم الله، وأطفئ مصباحك، واذكر اسم الله، وأوْكِ سِقاءك، واذكر اسم الله عليه، وخمِّر إناءك، واذكر اسم الله ولو تعرض عليه شيئًا)).
•وبين علة ذلك: كما في صحيح مسلم: ((غطُّوا الإناء وأوكوا السقاء؛ فإن في السَّنة ليلةً ينزل فيها وباءٌ، لا يمر بإناء ليس عليه غطاءٌ، أو سقاء ليس عليه وكاءٌ، إلا نزل فيه مِن ذلك الوباء))
•ونختم بهذه القصة التي ذكرها الشيخ عبدالعزيز السدحان حفظه الله، يقول: قد حضرت مرة جلسة قراءة على شخص مصاب بمسٍّ، فقال الراقي مخاطبًا الجني الملتبس بالإنسي: لم تلبَّسْتَ به؟ فقال: الجنِّي: لقد صبَّ الماء الساخن على أحد أبنائي فقتله، فقال الراقي له: لأنه لا يعرف أنَّ ابنَك في ذلك المكان، فقال الجنِّي: لِم لَم يسم الله فيَتَنبَّه له؟
 
نسأل الله العظيم أن يحفظنا بحفظه، وأن يرطب ألسنتنا بذكره، وأن يُبارك لنا في بيوتنا وأولادنا وأزواجنا.
 
(ملحوظة)
1- موضوع مهم جدًّا وسهل ويسير بإذن الله تعالى وقابل للإضافة والتعديل أو الحذف.
2- اشتملت الخطبة بفضل الله تعالى على أكثر من عشرين أدبًا وذكرًا من الأذكار يحتاج الناس إلى التذكير بها وترديدها لا سيَّما لو كان الإلقاء درسًا من الدروس العامة.
3- عَشَرَةُ عناصر في الخطبة الأولى، ومثلها فى الخطبة الثانية وبترتيب سهل وميسور بإذن الله تعالى (تكرار قراءتها وحفظها؛ سيجعل الخطبة قويةً، فاستعن بالله ولا تعجز).

#سلسلة_خطب_الجمعة.
#دروس_عامة_ومواعظ.
(دعوةٌ وعمل، هدايةٌ وإرشاد)
قناة التيليجرام:
https://t.me/khotp

المشاهدات 784 | التعليقات 0