خطبة بعنوان ( العشر الأواخر + ليلة القدر) مختصرة

سعيد الشهراني
1445/09/17 - 2024/03/27 16:15PM

الخطبة الأولى :

الْحَمْدُ للهِ الذِي وَفَّقَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى مَا لَهُ مِنَ الأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَالصِّفَات، وَأَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَسْدَاهُ مِنَ الإِنْعَامِ وَالْبَرَكَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, صَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.

أَمَّا بَعْدُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.

أيها المسلمون: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّمَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ (آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ) فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ قُلْتَ: آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ؟ قَالَ (إِنَّ جِبْرِيلَ آتَانِي فَقَالَ : مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغَفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ آمِينَ فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ، أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَبَرَّهُمَا فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ, قُلْ: آمِينَ, قُلْتُ: آمِينَ ) رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ الأَلْبَانِيُّ: حَسَنٌ صَحِيح.

عباد الله: ها هو شَهْرُ رَمَضَانَ قَدْ آذَنَ بِالرَّحِيلِ وَهَا نَحْنُ قَدْ قَرُبْنَا دُخُولَ عَشْرِهِ الأَخِيْرِ, وَهِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ عَلَى الإِطْلاقِ, لِأَنَّ فِيهَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ التِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر, وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّمَ يَخُصُّ هَذِهِ الْعَشْرَ بِمَزِيدِ عِنَايَةٍ وَشَدِيدِ اجْتِهَادٍ! فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا. رَوَاهُ مُسْلِم. وَعَنْها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَيْ: اَلْعَشْرُ اَلْأَخِيرُ مِنْ رَمَضَانَ, شَدَّ مِئْزَرَهُ, وَأَحْيَا لَيْلَهُ, وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ السُّنَّةَ النَّبَوِيَّةَ قَدْ ثَبَتَتْ بِالاعْتِكَافِ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ, فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ, ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالْحِكْمَةُ مِنَ الاعْتِكَافِ: التَّفَرُّغُ التَّامُّ لِعِبَادَةِ اللهِ وَالأُنْسُ بِهِ وَالانْقِطَاعُ عَنِ الدُّنيَا وَشَوَاغِلِهَا, وَالتَّفَرُّغُ لِذِكْرِ اللهِ وَدُعَائِهِ! وَيَنْبَغِي لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِكَثْرَةِ الْعِبَادَةِ وَالذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَتَدَبُّرِ مَعَانِيهِ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ تَعَلُّقَ الْقَلْبِ بِاللهِ وَتَفَرُّغَهُ لِطَاعَتِهِ, وَانْقِطَاعِهِ مِنَ الدُّنيَا وَشَهَوَاتِهَا وَمُلْهِيَاتِهَا, لَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ صَلاحِ الْعَبْدِ, وَمِنْ أَكْبَرِ مَا يَجْلِبُ لَهُ السَّعَادُةَ فِي الدُّنيَا التِي جُبُلَتْ عَلَى الْكَدَرِ وَالتَّنْغِيصِ قَالَ اللهُ تَعَالَى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ الْحَيِّ الذِي لا يَمُوتُ, تَفَرَّدَ بِالْكِبْرَيَاءِ وَالْعَظَمَةِ وَالْجَبَرُوت, وَالصَّلاةُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيراً.

أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنْ دِينِكُمْ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى

عباد الله : كان النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّمَ يَعْتَكِفُ في الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ طَلَباً لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ, وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ, وَلَكِنَّهَا لَيْسَتْ لَيْلَةً مُعَيَّنَةً مِنْهُ بَلْ تَتَنَقَّلُ , فَقَدْ تَكُونُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ, وَقَدْ تَكُونُ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ, وَقَدْ تَكُونُ غَيْرَهُمَا! وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي الاجْتِهَادُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ كُلِّهَا, وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَطْعاً يُصِيبُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَيَكْسِبُ أَجْرَهَا!

وَليلة القدر تَبْدَأُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَتَنْتَهِي بُطُلُوعِ الْفَجْرِ! وَمَنْ قَامَهَا كُتِبَ لَهُ أَجْرُهَا وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا! وَيَنْبَغِي للمسلم في لَيْلِةِ الْقَدْرِ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الاسْتِغْفَارِ وَلا سِيَّمَا بِقَوْلِ: اَللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي, فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ, مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ (قُولِي: اَللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي) رَوَاهُ الْخَمْسَةُ

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: تَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ اللهِ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ الْمُبَارَكَةِ, وَاجْتَهِدُوا فِيهَا كُلَّ لَيْلَةٍ ! وَاحْرِصْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ أَنْ تَعْمَلَ فِيهَا فَيُضَاعَفُ لَكَ, كَمَا لَوْ عَمِلْتَ فِي أَلْفِ شَهْرٍ! أَيْ مَا يَزِيدُ عَلَى ثلاث وثمانون سَنَة . فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : دَخَلَ رَمَضَانُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّمَ ( إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ, وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ, مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ, وَلا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مُحْرُومٌ ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه.فاللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ .

هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على نبيكم محمد ...

المرفقات

1711545346_خطبة بعنوان ( العشر الأواخر ليلة القدر) مختصرة.docx

المشاهدات 1362 | التعليقات 1

هذه الخطبة مستوحاة ومختصرة من خطبة الشيخ محمد مبارك الشرافي جزاه الله خير