خطبة بعنوان (التسول+ مزايا شعبان) مختصرة
سعيد الشهراني
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحمدُ لله الذي أَغْنَانَا بِحلالِهِ عن حَرَامِهِ، وبِفضلِهِ عمَّن سِواهُ، وأَشْهَدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شَريكَ لَهُ لا رَبَّ لنا إلَّا إيَّاهُ، وَأَشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَمُصْطَفَاهُ، فالَّلهم صَلِّ وَسلِّمْ وَبَاركْ عليه وعلى آلهِ وأَصحَابِهِ ومَنْ اهتدى بِهداهُ.
أمَّا بَعْدُ: فاتّقُوا اللهَ عبادَ اللهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}
عِبَادَ اللَّهِ: لَقَدْ حَرَصَ الْإِسْلَامُ عَلَى حِفْظِ كَرَامَةِ الْإِنسَانِ، وَصَوْنِ نَفْسِهِ عَن الابْتِذَالِ، وَالتَّعَرُّضِ لِلْإِهَانَةِ، وَالْوُقُوفِ بِمَوَاقِفِ الذُّلِّ وَالْهَوَانِ. فَقَدْ حَذَّرَ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلتَّسَوُّلِ الَّذِي يَتَنَافَى مَعَ كَرَامَةِ المُسْلِمِ، وَعِزِّهِ، وَالَّتِي خَصَّهَا اللهُ تَعَالَى لِلإِنْسَانِ، فَقَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، ولقد بين لنا ديننا الإسلامي حُكمُ التسوُّلِ، وسؤالِ النّاسِ أموالَهُمْ، لِمن كَانَ غنيًّا، أَوْ قادرًا عَلَى العَمَلِ، فالتسوُّلُ وسؤالُ النّاسِ أموالَهم ظاهرةٌ غيرُ محمودَةٍ، تُسيءُ إِلَى سُمْعَةِ الفَرْدِ وَالمُجْتَمَعِ، فلسائلِ يا عباد الله عقوبتان؛ عقوبةٌ في الدنيا وعقوبةٌ في الآخرة: أما التي في الدنيا، فكلُّ مَن سأل الناسَ تكثرًا وعنده ما يغنيه يفقره الله في الدنيا. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:« ثَلاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلاَ ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا، وَلاَ فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ.(
أما عقوبتُهُ في الآخرة؛ ألَّا يكون في وجهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ-أي قطعةُ لحم رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِيِ صَحِيِحَيْهِمَا مِنْ حَدِيِثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ)، وَقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: (مَن سَأَلَ النَّاسَ أمْوالَهُمْ تَكَثُّرًا، فإنَّما يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ، أوْ لِيَسْتَكْثِرْ).
عباد الله: إنِّ العملَ والتكسبَ هو ما يقتضيه أمر الله، قال تعالى:﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور﴾ أمرَهُمْ أن يَأْكُلُوا من رزقِهِ الَّذِي أودعهُ فِيها، فذلّلها لَهُم ووطّأها، وما دامَ المرءُ صحيحًا معافًا، قويُ البدنِ فلا تحلُّ عليه الصدقة؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:«لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلاَ لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» أَيِ: الْقَوِيِّ صَحِيحِ الْبَدَنِ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ.
أيهُّا المؤمنون: علينا أن نقف ضدّ ظاهرة التسوّل، وألا نتعاطف مع المتسوّلين، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ هَؤُلَاءِ المُتَسَوِّلِينَ يَتُمُّ اسْتِخْدَامُهُمْ مِنْ أَفْرَادٍ، وَجِهَاتٍ خَارِجِيَّةٍ، بِهَدَفِ جَمْعِ الأَمْوَالِ بِطُرُقٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ، تُسْتَخْدَمُ لِلإِضْرَارِ فِي المُجْتَمَعَاتِ. نسأل الله تعالى أن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِمَوَاسِمِ الْخَيْرَاتِ، وَأَبْقَى فِي أَعْمَارِنَا لِنَزْدَادَ مِنَ الْحَسَنَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.
أَمَّا بَعْد: اتقوا الله فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْه كَفَاه!
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّنَا فِي هَذِهِ الأَيَامِ نعيش في أيام شَهْرِ شَعْبَانَ، وَهُوَ مِنْ أَيَامِ اللهِ التِي نَحْنُ مُتَعَبِدُونَ لِلهِ بِهَا عَلَى الدَّوَامِ، وَلَكِنْ قَدْ جَاءَتْ لَهُ مَزِيَّتَانِ :
الأُولَى: فيه يوم يغفر الله فيه الذنوب، فَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اَللهَ يَطَّلِعُ عَلَى عِبَادِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِلمُؤْمِنِيْنَ وَيُمْلِي لِلكَافِرِيْنَ وَيَدَعُ أَهْلَ الحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُ.
والثَّانِيَةُ: كَثْرَةُ الصِّيَامِ فَقَدْ كَانَ النَّبِيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخُصُّهُ بِهَا، حَيْثُ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ إِلَّا القَلِيْلَ، فعن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ »صححه الألباني.
عباد الله: وَمَنْ َبَقِيَ عَلَيهِ قَضَاء من رَمَضَان الماضي، فليُبادِرْ إلى قضائِه وجوبًا قبلَ أنْ يَدخلَ عليه شهرُ رمضانَ إنْ كانَ قادرًا على ذلك، ولم يَمنعْهُ مِنهُ مانعٌ شَرعِي، فاتقوا الله عباد الله وأَكْرِمُوا شَهْرَ شَعْبَان؛ فَهُوَ سَفِيرُ رَمَضَان! ومَحَطَّةٌ لِلْتَّزَوّدِ مِنَ الإِيمانِ، والتَّرْوِيضِ على فِعْلِ الطَّاعَات، وتَرْكِ المُنْكَرَات؛ اِسْتِعْدَادًا لِشَهْرِ الخَيْرَاتِ! نسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يُوَفِّقَنَا لاغْتِنَامِ شَعْبَانَ، وأَنْ يُبَلِّغَنَا رَمَضَانَ آمِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ.
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد....(الدعاء مرفق)
المرفقات
1739347116_خطبة بعنوان (التسول مزايا شعبان) مختصرة.docx
المشاهدات 2207 | التعليقات 2
وإياك أخي الفاضل طلال الدعاء مرفق مع الخطبة في ملف الوورد.
طلال شنيف الصبحي
جزاك الله خير شيخنا الفاضل
أين نجد الدعاء
تعديل التعليق