خطبة بعنوان ( استفزازات المجالس ) مختصرة .

سعيد الشهراني
1445/04/24 - 2023/11/08 11:21AM

الخطبة الأولى :

إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.

أَمَّا بَعدُ: أُوصِيكُم وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾.

معاشر المسلمين: إِنَّ مِمَّا جُبل عليه الإنسان استئناسه بغيره بالجلوس والحديث مع الأخرين سواءً كانوا من الأقارب أو الأصدقاء أو في المجالس الخاصة أو العامة أو عبر وسائل التواصل المختلفة، وَلا بُدَّ في هذه المجالس أَن يَكُونَ هناك ثَمَّةَ طَرحٌ لِبَعضِ القَضَايَا، يَكتَنِفُهُ أَخذٌ وَرَدٌّ وَنِقَاشٌ، وَيَصحَبُهُ حِوَارٌ وَتَفصِيلٌ ، وَقَد تَتَطَوَّرُ بَعضُ تِلكَ المُنَاقَشَاتِ وَالمُحَاوَرَاتِ حَتَّى تَكُونَ مُلاسَنَاتٍ حَادَّةً وَتَرَاشُقًا بَذِيئًا وَجِدَالاً عقيماً، وَمِن ثَمَّ كَانَ لا بُدَّ مِنَ التَّذكِيرِ بِأَهَمِّيَّةِ الكَلِمَةِ وَقِيمَتِهَا وَوُجُوبِ وَزنِهَا، وَالتَّنبِيهِ إِلى عِظَمِ شَأنِ اللِّسَانِ وَلُزُومِ ضَبطِهِ وَفَدَاحَةِ إِطلاقِهِ.

عباد الله : الكَلِمَةِ قَد تَكُونُ طَيِّبَةً فَيُكتَسَبُ بها الأَجرُ وَتُسَبِّبُ صَلاحًا وإِصلاحًا ،فالكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ تُؤَلِّفُ بَينَ القُلُوبِ وَتَجمَعُ النُّفُوسَ، وَتُذهِبُ الغَيظَ وَتَجلِبُ الرِّضَا، وَتَزِيدُ السُّرُورَ، وَتَذهَبُ بِالشَّحنَاءِ وَتَمسَحُ آثَارَ البَغضَاءِ، بَل وَتَفتَحُ أَبوَابًا مِنَ الخَيرِ كَبِيرَةً، وَتُغلِقُ نَوَافِذَ شَرٍّ كَثِيرَةً ، الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ جَمِيلَةُ المَعنَى بَعِيدَةُ الأَثَرِ، تَطرَبُ لَهَا الأُذُنُ وَيَنشَرِحُ لَهَا الصَّدرُ، وَمَن آلانَ الكَلامَ وَطَيَّبَهُ، كَانَ حَرِيًّا بِسُكنى غُرَفِ الجَنَّةِ، الَّتي قَالَ فِيهَا النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ في الجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِن بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِن ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللهُ لِمَن أَلانَ الكَلامَ وَأَطعَمَ الطَّعَامَ وَتَابَعَ الصِّيَامَ وَصَلَّى بِاللَّيلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ)) .

وَأَمَّا الكَلِمَةُ الخَبِيثَةُ عِيَاذاً بِاللهِ، تُسقِطُ هَيبَةَ قَائِلِهَا وَتُحَمِّلُهُ الوِزرَ، أَو تَدعُو لِفَسَادٍ أَو إِفسَادٍ والكلمة الخبيثة هِيَ لَفظٌ خَشِنٌ وَصَوتٌ نَشَازٌ، ثَقِيلَةُ الوَقعِ قَلِيلةُ النَّفعِ، تُصِمُّ الآذَانَ وَتُؤلِمُ الأَسمَاعَ، وَتَجرَحُ الشُّعُورَ وَتُضَيِّقُ الصُّدُورَ، وَتُفسِدُ الوُدَّ وَتَكسِرُ النُّفُوسَ، وَتَجلِبُ الهَمَّ وَتَجمَعُ الغَمَّ، وَتُوقِدُ الشَّحنَاءَ وَتُشعِلُ فَتِيلَ البَغضَاءِ، وَكَم مِن كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ أَو غَيرِ مَوزُونَةٍ، أَلقَاهَا غِرٌّ جَاهِلٌ أَو رَمَى بها أَحمَقُ طَائِشٌ، تسببت في قطع الصلة والعلاقة بين الإخوان أوالأصدقاء .

عباد الله : إِنَّ مِن كَمَالِ العَقلِ وَرَجَاحَةِ الرَّأيِ، أَن يَضبِطَ المَرءُ لِسَانَهُ وَخَاصَّةً في الاجتِمَاعَاتِ العَامَّةِ وَالمَحَافِلِ الكَبِيرَةِ، وَأَن يُعَوِّدَهُ على الكَلامَ الطَّيِّبَ وَاللَّفظَ الجَمِيلَ والحديثَ فيما يخصه ويعنيه

وَلَكُم أَن تَتَأَمَّلُوا آيَتَينِ مِن كِتَابِ اللهِ، أُشِيرَ في إِحدَاهُمَا إِلى أَثَرِ الكَلِمَةِ في الإِفسَادِ بَينَ النَّاسِ، وَدَلَّتِ الأُخرَى عَلَى مَكَانَةِ الكَلِمَةِ في إِزَالَةِ العَدَاوَةِ الَّتي بَينَهُم، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَقُل لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ الشَّيطَانَ يَنزَغُ بَينَهُم إِنَّ الشَّيطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾، وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ اِدفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَليٌّ حَمِيمٌ ﴾.

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُؤمِنُونَ وعليكم بالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، فقد قَالَ الله تَعَالى في وَصفِ أَهلِ الجَنَّةِ وَمُستَحِقِّيهَا: ﴿ وَهُدُوا إِلى الطَّيِّبِ مِنَ القَولِ وَهُدُوا إِلى صِرَاطِ الحَمِيدِ ﴾.

باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم، أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَاسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ تعظيمً لشأنه، وَأشهدُ أنَّ نبينا مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ الداعي إلى رضوانه، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً.

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَتَأَدَّبُوا بِآدَابِ الإِسلامِ وَاحرِصُوا عَلَى طَيِّبِ الكَلامِ ، وَاحذَرُوُا التَّنَاجِيَ فَإِنَّهُ ﴿ لا خَيرَ في كَثِيرٍ مِن نَجوَاهُم إِلاَّ مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَو مَعرُوفٍ أَو إِصلاحٍ بَينَ النَّاسِ ﴾ ، وَإِيَّاكُم وَنَقلَ الحَدِيثِ عَلَى وَجهِ الإِفسَادِ بِالنَّمِيمَةِ فَإِنَّهُ: ((لا يَدخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ)) ، وَاحذَرُوُا المِرَاءَ وَالجدال ، فَقَد قَالَ نَبِيُّكُم صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : ((أَنَا زَعِيمٌ بِبَيتٍ في رَبَضِ الجَنَّةِ لِمَن تَرَكَ المِرَاءَ وَإِن كَانَ مُحِقًّا)) ، واحذروا من هذه الصفات التي ذكرها النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -((لَيسَ المُؤمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا بِاللَّعَّانِ وَلا الفَاحِشِ وَلا البَذِيءِ)).

أَخِي المُسلِمَ المُبَارَكَ : عند جلوسك في المجالس العامة أو الخاصة عليك أَن تَجعَلَ الصِّدقَ دِثَارَكَ وَالكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ شِعَارَكَ، تُنَادِي مَن تَدعُوهُ بِأَحَبِّ الأَسمَاءِ إِلَيهِ، وَتَتَجَنَّبُ التَّلقِيبَ وَالتَّعيِيرَ وَالتَّحقِيرَ، تَشكُرُ كُلَّ مَن بَذَلَ مَعرُوفًا أَو أَسدَى جَمِيلاً، تُبَلِّغُ آيَةً أَو تَروِي حَدِيثًا أَو تَنقُلُ فَتوَى، تُحيِي سُنَّةً حَسَنَةً أَو تُمِيتُ بِدعَةً وَضَلالَةً، تَأمُرُ بِمَعرُوفٍ أَو تَنهَى عَن مُنكَرٍ أَو تَدعُو لِخَيرٍ، تُذَكِّرُ بِفَضِيلَةٍ أَو تُحَفِّزُ لِعَمَلٍ صَالحٍ، تُقَدِّمُ نَصِيحَةً خَالِصَةً أَو تَبذُلُ مَشُورَةً صَادِقَةً، تُبدِي رَأيًا نَافِعًا أَو تَقتَرِحُ فِكرَةً صَائِبَةً، تَهدِي ضَالاًّ أَو تُذَكِّرُ غَافِلاً، وَتُرشِدُ تَائِهًا أَو تُعَلِّمُ جَاهِلاً، تَبذُلُ شَفَاعَةً حَسَنَةً أَو تَتَوَسَّطُ في نَفعٍ ، وَتَذَكَّرْ - أَخِي المُبَارَكَ - أَنَّ ((الرِّفقَ لا يَكُونُ في شَيءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلا يُنزَعُ مِن شَيءٍ إِلاَّ شَانَهُ)). فاللهم طيب ألسنتنا بالقول الحسن ؛ وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد ....

اللهم إنا نسألك الجنة وماقرب إليها من قول وعمل ، ونعوذ بك من النار وماقرب إليها من قول وعمل ..

اللهمّ لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته ، ولا همّاً إلا فرّجْته ، ولا دَيناً إلا قضيته ، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلى إلا عافيته ، ولا عقيماً إلا ذرية صالحةً رزقته، ولا ولداً عاقّاً إلا هديته وأصلحته يا ربَّ العالمين .

اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولوالد والدينا ولمن له حق علينا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الرحمين .

عباد الله : اذكروا الله العلي العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .

المرفقات

1699433012_خطبة بعنوان ( استفزازت المجالس )مختصرة.docx

المشاهدات 2016 | التعليقات 1

خطبة مختصرة شافيه كافية لله درك