خطبة بعنوان ( إنه مراهق ) مختصرة
سعيد الشهراني
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد : أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل ( يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )
عباد الله : ( إنه مراهق ) كلمة نسمعها كثيرًا وربما نتلفظ بها نحن كثيرًا ؛ ( إنه مراهق ) كلمة نبرر بها لكل شاب أو فتاة وقعا في خطأ وربما خطأ كبير.. ونسمع كثيرا بمقولة اتركوه إنه في سن المراهقة ... سايروه إنه في سن المراهقة ... لا تؤنبوه وتعاتبوه إنه في سن المراهقة. وأصبحت هذه الكلمة ( إنه مراهق ) شماعة يعلق عليها أفعال الشاب والفتاة إذا أخطآ.
يَعصي أباه وأمه ويرفع صوته عليهما ويبرر له ( إنه مراهق ) ؛ يُصاحب أصدقاء السوء ويفعل أفعال الطيش ثم يبرر له ( إنه مراهق ) ؛ يسهر الليل كله ويتأخر فلا يأتي البيت إلا آخر الليل أو بعد الفجر ثم يبرر له ( إنه مراهق ) ؛ يَكذب ويسرق ثم يبرر له ( إنه مراهق ) ؛ يولع في شرب الدخان وربما تطور الأمر إلى المخدارت ثم يبرر له ( إنه مراهق ) ؛ يعاكس الفتيات ويضايق الناس بأخلاقه السيئة ثم يبرر له ( إنه مراهق ) ؛ بل يقصر في الصلاة وربما لا يصلي أبدًا ثم يبرر له ( إنه مراهق ). وهكذا أصبحت كلمة مراهق جواز السفر لينال به الشاب أو الفتاة ما يريدون .
ببساطة – أيها الأخوة – أصبحت هذه الكلمة خدعة كبرى، ليجعلونا نتفرج على شبابنا وفتياتنا وهم يغرقون في شهواتهم ، ولا نحرك ساكنًا، بل نبرر لهم بكلمة ( إنه مراهق ). بل أصبحت هذه الكلمة مبرمجة في العقل اللاواعي للشاب والفتاة بل ولمن هو أصغر منهم، بأن يستعد من الآن، فالمجتمع سيغفر لك كل ما تصنعه حينما تبلغ سن المراهقة ؛ وبسبب هذا كله نسينا أو تناسينا بأن سن المراهقة التي حددها علماء النفس هي بداية التكليف الشرعي، وكتابة الملائكة لما يقوم به من أعمال، وهي المرحلة التي سيحاسب عليها. فهو سن البلوغ والرشد وليست هي مرحلة الطيش.
وافتحوا صفحات التاريخ للمراهقين قديمًا، لتروا أفعال مشرقة تفتخر به الأمة.
من الذي فتح بيته للنبي ﷺ وصحبه بمكة ! إنه الأرقم بن أبي الأرقم وعمره ست عشرة سنة.
من أكرم العرب في الإسلام!! إنه طلحة بن عبيد الله وعمره ست عشرة سنة.
من حواري النبي ﷺ !! إنه الزبير بن العوام وعمره خمس عشرة سنة.
وهل تعرفون قاتل فرعون هذه الأمة (أبو جهل) بغزوة بدر!! إنهما معاذ بن الجموح وعمره ثلاث عشرة سنة، ومعوذ بن عفراء وعمره أربعة عشر سنة.
ومن هو كاتب الوحي وترجمان النبي ﷺ!! إنه زيد بن ثابت وعمره ثلاثة عشر سنة. وقد حفِظ لغة اليهود في سبع عشرة ليلة.
وهذا أسامة بن زيد رضي الله عنه جعله النبي ﷺ يقود جيش المسلمين وفيه كبار الصحابة كأبي بكر وعمر، وهو ابن ثمانية عشر سنة.
هؤلاء وغيرهم كثير .. شباب الأمس .. عاشوا مرحلة المراهقة – كما نسميها – لكنهم سخروا شبابهم وقوتهم في خدمة دينهم.
أما شبابنا اليوم - إلا من رحم الله – يبلغ خمس وعشرين سنة ولا زال مراهق. ضيعوا الكثير من أوقاتهم وطاقاتهم ومواهبهم فيما لا فائدة منه. فاللهم رُد شبابنا وبناتنا وجميع المسلمين إليك ردَّا جميلاً.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين، وصلاة وسلاما على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد :
عباد الله : اتقوا الله حق التقوى واعلموا أن مرحلة المراهقة هي مرحلة حرجة يمر بها كل إنسان و تحتاج إلى المزيد من الجهد والتخطيط في التربية. فالمراهقة هي مرحلة انتقال من الطفولة إلى الرجولة أو الأنوثة وهي المرحلة التي تنضج فيها قدرات الإنسان ويجري فيها التكليف وتحمل المسؤولية. لذلك اهتم الإسلام بهذه المرحلة اهتماماً واضحاً في القرآن والسنة.
ويجب على الأب والأم أن يغرسوا في أبنائهم الأخلاق الإسلامية الفاضلة التي يتأدب بها المسلم مع نفسه ومع غيره كالشجاعة والكرم والحلم والثبات وكظم الغيظ والعفة والحياء والقناعة والعدل والحكمة والصدق والأمانة والصبر ومصاحبة الأخيار. وأن ينهوهم عن الأخلاق السيئة كالكذب والغيبة والنميمة والحسد والبغض والبخل والبعد عن مرافقة أصحاب السوء ؛ ويكون ذلك بالمتابعة والتشجيع المستمر والرفق والتأنيب غير العنيف والتوجيه غير المباشر للأخلاق.
عباد الله : إن أخطر شيء في حياة المراهق هو وقت الفراغ وخاصة مع قدوم إجازة الصيف ، فإذا لم يشغل وقت فراغه بالأعمال المفيدة والنافعة وبالأنشطة والمسؤوليات ؛ اتجه إلى اللعب والتسكع في الشوارع والانحراف. فنسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يعيننا على تربية أبنائنا وبناتنا التربية الصالحة.
هذا وصلوا وسلموا نبيكم محمد ..