خطبة بعنوان ( أعمارنا وأعمالنا ) مختصرة

سعيد الشهراني
1445/12/27 - 2024/07/03 09:46AM

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ: فَالتَّقْوَى خَيْرُ سِلاحٍ لِلْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّ آجَالَنَا تَنْقَضِي يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، وَعَامًا بَعْدَ عَامٍ، وَإِنَّ فِي انْقْضَائِهَا عِبْرَةً وَعِظَةً لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مَضَتْ سَنَواتٌ مِنْ أَعْمَارِنَا، كُتِبَتْ فِيهَا صَحَائِفُنَا، وَحَمَلَتْ بَيْنَ طَيَّاتِهَا مَا أَوْدَعْنَاهُ فِيهَا مِنْ عَمَلٍ، قَالَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}، وَمَهْمَا عِشْنَا يَا عِبَادَ اللهِ وَطَالَتْ بِنَا الْأَعْمَارُ، فَنَحْنُ إِلَى زَوَالٍ وَانْتِقَالٍ.

عِبَادَ اللهِ: أَيْنَ مَنْ رَحَلُوا مِنْ آبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، وَإِخْوَانِنَا وَأَخَوَاتِنَا، وَأَهْلِينَا وَذَوِينَا ؟ تَرَكُوا دِيَارَهُمْ وَرَحَلُوا إِلَى الْقُبُورِ، فَتَأَمَّلُوا أَحْوَالَهُمْ، وَاتِّعِظُوا بِمَاضِيهِمْ، لَعَلَّ الْقُلُوبَ الْقَاسِيَةَ تَلِينُ، وَاغْتَنِمُوا حَيَاتَكُمْ فِي صَالِحِ الْأَعْمَالِ، قَبْلَ أَنْ تَتَحَسَّرُوا وَيَقُولُ كُلُّ مِنَّا لِنَفْسِهِ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قال: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي، فَقَالَ (كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ)، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَقُولُ: (إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيّ. فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أَنْ يَقِفَ مَعَ نَفْسِهِ مُحَاسِبًا، مَاذَا أَسْلَفْتُ فِي عَامِيَ الْمَاضِي؟ هَلْ أَسَأْتُ أَمْ أَحْسَنْتُ، هَلَ ظَلَمْتُ، أَمْ عَدَلْتُ؟، هَلْ وَقَعْتُ فِيمَا حَرَّمَ اللهُ، أَمْ حَرَصْتُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا ازْدَادَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اسْتَغْفَرَ وَأَنَابَ، فَإِنَّمَا تُمْحَى السَّيِّئَةُ بِالْحَسَنَةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}

فَاتَّقَوا اللهَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَاسْتَدْرِكُوا مَا بَقِيَ مِنْ أَعْمَارِكُمْ، فَرَحِمَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ قَوْلَ رَبِّهِ {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، فَاغْتَنَمَ أَيَّامَ قُوَّتِهِ وَشَبَابِهِ، وَأَسْرَعَ بِالتَّوْبِةِ وَالْإِنَابَةِ قَبْلَ طَيِّ كِتَابِهِ، وَأَخَذَ نَصِيبًا مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ يُثَقِّلُ بِهَا مِيزَانَهُ.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ فَاسْتَغْفِرُوا اللهَ يَغْفِرْ لِي وَلَكُمْ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخُطَّبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ عَلَى فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ وَجُودِهِ وَإِكْرَامِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ خَيْرَ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى واعلموا أن أجسادكم على النار لاتقوى.

عباد الله : وها نحن على أعتابِ وداع هذا العام، وإستقبال عام جديد ، يَقِفُ أولو الألبابِ وقفةَ اعتبارٍ وادِّكار، يَتفكّرونَ في سرعةِ انقضاء الأيام وكأنّها ساعةٌ مِن نهار، ويَعتبرونَ بما يجري فيها مِن مِحنٍ وأقدار ؛ ويجتهدون ويغتنمون أوقاتهم في طاعة الرحمن ؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ) رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ . وَخَطَبَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: إِنَّكُمْ تَغْدُونَ وَتَرُوحُونَ إِلَى أَجَلٍ قَدْ غُيِّبَ عَنْكُمْ عِلْمُهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لا يَمْضِي هَذَا الْأَجَلُ إِلَّا وَأَنْتُمْ فِي عَمَلٍ صَالِحٍ فَافْعَلُوا . وَخَطَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوهَا قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، وَتَأَهَّبُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ عَلَى اللهِ، {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : ابْنَ آدَمَ إِنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ وَكُلَّمَا ذَهَبَ يَوْمٌ ذَهَبَ بَعْضُكَ.

فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، واشكروا ربَّكم حيثُ أَفسحَ في آجالِكم، وأَمدَّ في أعمارِكم، وحاسِبُوا أنفسَكم فإنّكم عن دنياكم قريبًا راحلون، وبينَ يديِ اللهِ موقوفون، وعن أعمالِكم محاسبون .. فاللهم اجعلنا ممن يغتنم أوقاته بالطاعات ؛ والإبتعاد عن المعاصي والمحرمات .

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد .....

المرفقات

1719989464_خطبةبعنوان ( أعمارنا وأعمالنا) مختصرة.docx

المشاهدات 1853 | التعليقات 1

هذه الخطبة مستوحاة ومختصرة من خطبة الشيخ محمد مبارك الشرافي جزاه الله خير