خطبة بعنوان(وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) مختصرة

سعيد الشهراني
1445/12/20 - 2024/06/26 15:05PM

الخطبة الأولى: 

الحمدُ لله الذي دلّنا على الخيرِ والرَّشادِ، وحذَّرَنا من الطيشِ والفَساد، نَشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شَريكَ لَه ربُّ العبادِ، ونَشهدُ أنَّ محمداً عبدُ الله ورسولُه، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِهِ ومَنْ تَبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ المَعَادِ.

أمَّا بعد: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل (يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون).

أيُّها المسلمون : الحديث عن حوادث السيارات حديث ذو شجون! وفيه من الآلام الكثير! كم من أبٍ خرَج من بيته سليمًا معافًى قد ودَّع أولاده وودَّعوه على أمل لقاء قريبٍ! ولكن حال دون اللقاء مرة ثانية حادثٌ مُروري! كم من أمٍّ غاب عنها فَلذة كَبِدها، وتأخَّر أوان رجوعه، فقَلِقت وشعَرت بالخطر، فجاءها الخبر الأكيد، فقد توفِّي ابنها في حادث مروري! كم زوجة أعدَّت طعام الغداء أو العشاء لزوجها الذي تأخَّر عن أوان عودته من عمله يوميًّا، فجاءها الخبر، فعَلِمت أنْ لا لقاءَ آخرَ في هذه الدنيا! والسبب : حادث مروري! كم في المستشفيات والبيوت من شخصٍ أصبَح حبيس الفراش، أو معاقًا فقَد القدرة على الحركة والتنقُّل، وأصبَح عالَةً على الآخرين، والسبب: حادث مروري! كم من شخص ادَّخر ماله لاقتناء سيارة كلَّفته الكثير، ورُبَّما رَكِبه الدَّيْن لأجْلها، تَلِفت في غَمضة عينٍ، أو لَحِق بها من التَّلفيَّات ما يكلِّف الكثير! وكم، وكم هي هذه الصور المؤلِمة التي قلَّما يَسلم منها بيت أو أسرة!

أيها الأحبة : ألم يُرشدنا دينُنَا إلى آداب القيادة؟! وعلَّمَنا حُقُوقَ الطَّريقِ؟! بلى واللهِ إنَّ دِينَنَا لَعظيمٌ وشَامِلٌ، فقد حرَّم اللهُ علينا التَّهوُّرَ والسَّفهَ، والطَّيشَ والعَبَثَ، فقال: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، ووصفَ اللهُ عبادَهُ المُؤمنين بأنَّهم: (يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا)، أي: سَاكِنِينَ مُتَواضِعِينَ للهِ ولِلخلقِ، فالسَّكِينَةَ السَّكِينَةَ -يا قائِدَ المركَبَةِ-، فبينَ يديكَ حَديدٌ لا يَرحَمُ، وخطأٌ واحدٌ يُكلِّفُكَ ما لا تَحمَدُ عُقباهُ! فإلى متى هذِه الأحزانُ، وإلى متى فَقدِ الأحبَّةِ والإخوانِ، أصبحَت شوارعُنا كساحاتِ القِتالِ، جُثثٌ متناثرةٌ، وأشلاءٌ مُقَطَّعةٌ، دماءٌ مُتدَفِّقةٌ، وسيَّاراتٌ مُحتَرِقةٌ، إصاباتٌ بليغة، وإعاقاتٌ مُستديمةٌ، أرواحٌ تصعدُ إلى الغَمامِ، مُخلِّفةٌ الأراملَ والأيتامَ، فإيَّاك ودمعةَ أمِّك، وكَربَ أبيك، وحسرةَ زوجتِك، وشوقَ أولادِك، وحُزنَ أحبابِك، وقبلَ ذلك إيَّاك وغضبَ الذي كانَ لك كريماً وأوصاكَ بقولِه: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا).

وليستمع هؤلاءِ المُتَهَوِّرُونَ لعقوبة مَن قَتَلَ نَفْسَهُ؟! فقد قالَ رسولُنا صلى الله عليه وسلم: "مَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ، يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا".

معاشِرَ الشباب: النَّاسُ يُريدونَ أنْ يعيشوا حياةَ آمِنَةً، وأنْ يَسيروا عَبْرَ طُرقٍ آمِنَةٍ، يأمَنُونَ فيها على أنفسِهم وأموالِهم وأولادِهم، وأنتم –معاشرالشبابُ- مَن يُساعِدُ على ذلِكَ بإذنِ اللهِ تعالى.

أيُّها الأولياءُ الكرام: أنتم مسؤولونَ عن أولادِكُم أوَّلاً وأخيراً، فلا تُؤتُوا السُّفهاءَ أموالَكم، فاحفظوهم ووجِّهوهم وخذوا على أيديهم وائطروهم على الحقِّ أطراً! ؛ واجعلوا تَدريبَ أولادِكم على أيدِيكم وَتحتَ سَمعِكم وبَصَرِكُم، ولا تُحوجُوهم لأحدٍ يُعَلِّمُهم القيادَةَ، فأنتم أولى بهم، وأبعدوهم عن مواقع الخطر، وخُذُوهم بالتَّعليمِ بالرِّفقِ واللينِ. فاللهم احفظنا بحفظك ؛ واكفنا شر الحوادث والفواجع برحمتك يا أرحم الرحمين .

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ .

أمَّا بعدُ: فأوصيكم -عبادَ الله- ونفسي بتقوى الله -عزَّ وجل-، فمن اتقى اللهَ وقاه، وأسعده وأرضاه.

شَبَابنا الأكارِم: أنتم عمادُ الأُمَّة وتاجُها وعِزُّها وفخرها، فاحمدوا الله على ما حبَاكُم به من نعمةِ الصِّحةِ والأمنِ والرَّخاءِ والعَافِيَةِ، وكونوا رحمةً على أهليكُم وذويكُم، واحذروا الأذية بشتى أشكالها، فاللهُ تعالى حذَّرَ فقالَ: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)، أتعلمون -شَبَابنا- أنَّ أكثَرَ من ستَّةِ آلاف إنسانٍ يَمُوتونَ سنويّاً بسببِ حوادثِ السيارات والدَّراجاتِ؟! فَأَسأَلُكُم بالله، بأيِّ ذنبٍ قُتِلوا؟! كم فُجعنا بشبابٍ راحوا ضحايا مَزحٍ بالسَّيَّاراتٍ؟! وعبثٍ لا طائلَ من ورائِهِ!! وتَحدٍّ في غيرِ مَحلِّهِ! فنسألكم باللهِ شَبَابَنا كُونوا علينا رَحمَةً، ولا تُدخلوا الرَّعْبَ والحُزْنَ على قُلوبِنا!

أخي الشاب: وأنت تقودُ سيارتَك تصوَّر أنَّ الخطرَ مُحدِقٌ بك في كلِّ لحظة، فإيِّاكَ والعجلةَ والتهوُرَ، إيِّاك أن تمشيَ على الأرض مَرحًا، إنَّ الله لا يحبُ كلَّ مُختالٍ فخور.

معاشر الشباب: "َأَعْطُوا الطَّريقَ حَقَّهُ". قال الصحابةُ: وما حَقُّ الطَّريقِ يَا رسولَ الله؟! قَالَ: "غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأمْرُ بِالمَعْرُوفِ، والنَّهيُ عن المُنْكَرِ".

معاشر الشباب: السَّعيدُ من وُعظَ بغيره، فاحذر أنْ تكونَ عبرة ًلغيرك، فلا تكن سبباً في شقاءِ وتعاسةِ أسرٍ، فلا يَستهْوِينـَّك شياطينُ الإنسِّ والجنِّ ؛ وعليكم معاشر الشباب بالرِّفقِ والأناةِ، والصَّبر والتَّحَمُّلِ وكظمِ الغيظِ وعدمِ مجاراةِ السُّفهاء، وأكثروا من قول هذا الذكر العظيم عند الخروج من بيتك والركوب في سيارتَك فقل: بسم الله توكلتُ على الله ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ، فإنَّ ملائكةَ الرحمن تقولُ لك: هُديتَ وكُفيتَ ووقيتَ، ويتنحَّى عنك الشيطانُ، ويقول: ما ليَ بِرَجُلٍ قد هُدِيَ وكُفيَ ووقِي؟! وقل: (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ)، جَعَلكَم اللهُ قرَّةَ عينٍ لوالديكم، وحفظكَم اللهُ من كلِّ شَرٍّ ومكروه.

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد .....

المرفقات

1719403507_خطبة ( ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) مختصرة.docx

المشاهدات 1689 | التعليقات 0