خطبة: بِشَاراتٌ وإشْراقاتٌ للقائمِ في الصّلاة

وليد بن محمد العباد
1443/10/25 - 2022/05/26 21:02PM

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة: بِشَاراتٌ وإشْراقاتٌ للقائمِ في الصّلاة

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله

(فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي) إنّه ليس مَلَك، بل ملائكةٌ تسابقوا ليَزُّفوا له البُشرى، وهو قائمٌ يُصلي، إنّها الصّلاةُ رأسُ العبادات، ومَوْطنُ البِشاراتِ والكرامات، ومَحَلُّ العطايا والهِبات، ولذا كانتْ قُرّةَ عيونِ الموحّدين، يَجدونَ فيها راحةَ قلوبِهم ولذّةَ نفوسِهم ونعيمَ أرواحِهم، يقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: وجُعلتْ قُرّةُ عيني في الصّلاة، وعلى هذا كانَ السّلفُ رحمهم الله، حتى قالَ بعضُهم: إنّي لأدخُلُ في الصَّلاةِ فأحملُ هَمَّ خروجي منها، بالصّلاةِ تُجابُ الدّعواتُ وتَتَحَقَّقُ الأمنيات، ويَزيدُ الإيمانُ ويَعظمُ اليقينُ وتَتَغَيَّرُ الموازين، ويُكشفُ الألمُ ويُشفَى السّقمُ وتَزولُ والهمومُ والغموم، ويُقْصَفُ الظالمُ ويُنصفُ المظلوم، ويَنتصرُ الضّعيفُ وتُهزمُ الجيوش، ففي غزوةِ بدرٍ باتَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ ليلةَ المعركةِ يُصلي ويدعو على المشركينَ حتى الصّباح، ولمّا غزا قتيبةُ بنُ مسلمٍ وخافَ الهَلَكَةَ من كثرةِ الأعداء، قالَ ابحثوا عن محمدِ بنِ واسع، فوجدوه قائمًا يُصلي وقد رفعَ سبّابَتَه يدعو على الأعداء، فأخبروا قتيبةَ ففرحَ واستبشرَ بالنّصرِ وقال: لأصبُعُه الذي أشارَ أحبُّ إليَّ من ألفِ فارس، إنّها الصّلاةُ بها تَحصلُ الخيراتُ وتَندفعُ الشّرور، وتَنحطُّ الخطايا وتَعظمُ الأجور، وتَطيبُ الحياةُ وتَنشرحُ الصّدور، فيا أيّها الشّباب، هل عرفتم بعدَ هذا مكانَ العطايا والهِبات؟ نعم إنّها في مِحرابِ الصّلاة، فيا لَخسارةِ من لا يُحافظُ على الصّلاة، ويا لَحرمانِ من يُقصّرُ في الصّلاة، كم يفوتُه من النّعيم، وكم ينتظرُه من العذابِ الأليم، فاتّقوا اللهَ رحمكم الله، واعرفوا قيمةَ الصّلاة وعظّموها، وحافظوا عليها والزموها، فمن أرادَ السّعادةَ والصّلاحَ والهدايةَ والرّفعةَ فإنّها في الصّلاة، ومن أرادَ المالَ والعيالَ والتّوفيقَ والنّجاحَ فإنّها في الصّلاة، ومن أرادَ الطّمأنينةَ والسّكينةَ والفوزَ ومغفرةَ الذّنوبِ فإنّها في الصّلاة، فما خابَ ولا ضلَّ ولا زلَّ ولا ذلَّ من لزمَ الصّلاة (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ)

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله:

اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار. اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين

عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. وأقمِ الصلاةَ إنّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكر، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 26/ 10/ 1443هـ

المشاهدات 1066 | التعليقات 0