خطبة بر الوالدين وصلة الأرحام مختصرة للعلامة السعدي
حامد الشثري
عنوان الخطبة : بر الوالدين وصلة الأرحام 12/06/1446هـ
الحمد الله الرؤوف الرحيم، الواسع العليم، ذي الفضل العظيم، والإحسان العميم؛ نحمده على ما أولانا من النعم، ونشكره على ما دفع من النقم، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوِّل في جميع أمورنا عليه ؛ وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ذو الجلال والإكرام، وأن محمدا عبده ورسوله سيد الأنام ومصباح الظلام، اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه المرتقين في الخير إلى أعلى مقام.
أما بعد: أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم ورزقكم وأعطاكم؛ والذي من عليكم بالنعم كلها واختاركم من بين الأمم واصطفاكم ؛ واعلموا أنه لا تستقيم لكم التقوى حتى تقوموا بواجبات الحقوق، وتدعوا ما زجركم الله عنه وتسلموا من القطيعة والعقوق؛ ألا وإن بر الوالدين وصلة الأرحام منجاة للعبد من شرور الدنيا والآخرة، وموصلة إلى دار السلام ؛ وإن الصلة تصل الأرزاق والأعمار، والقطيعة توجب سخط الله وقطع العمر والرزق والخزي والبوار ، (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ) وفي الحديث أن النبي e قال : «رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين»، وروى البخاري من حديث عبدالله بن عمرو قال: «جاءَ أعْرابِيٌّ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما الكَبائِرُ؟ قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الوالِدَيْنِ.» وعنه e أنه قال: «من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ في أثره فليصل رحمه». وقال e : «الرحم معلقة بالعرش؛ تقول: من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله». وعن جبير بن مطعم أن النبي e قال: «لا يدخل الجنة قاطع رحم». وقال رجل: يا رسول الله ، هل بقي من بر الوالدين شيء أبرهما به بعد موتهما ؟ قال: «نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ؛ وإكرام صديقهما».
فطوبى لعبد عرف ما لوالديه من العطف والحنو والإشفاق، وما أبدياه من التربية والإحسان والإنفاق، فرأى من نعم الله عليه أن أدركهما أو أحدهما فتمكن من برهما، وأحسن إليهما ببدنه وخدمته وماله، وتحرى رضاهما وتجنب سخطهما في جميع أحواله، وتلطف لهما في أقواله وأفعاله، فقرت عيون والديه ببره وإحسانه ، ونال بذلك فضل ربه وابتهج برضوانه، فيا سعادة البار الواصل للرحم بطول العمر وصلاح العمل وبركته وسعة الرزق، ويا خيبة القاطع ما أعظم ظلمه وأوبق إثمه وأولاه بالعقوبة والمحق، أما تذكر رحمة الآباء والأمهات، وما قاسته الأم من ثقل الحمل وكرب الولادة وأنواع المشقات ؟ فكم أسهرت ليلها وأتعبت نهارها وكم منعتها راحتها وأزعجت قرارها ، وإذا نابك الألم لازمت أحزانها وأكدارها، وكم للأب عليك من إحسان وإنعام، وكم له عليك من أياد جسام، أما كرر عليك النفقة والكسوة ؟ وغذاك بأطيب الطعام؟ أما تربيت بنعمته صغيرا، وتقلبت بمعروفه كبيرا، وأنت لا تملك فتيلا ولا نقيرا ؟ أما علمك الكتابة وأقرأك القرآن، وبذل ماله وبدنه في تهذيبك وتأديبك وأحسن إليك غاية الإحسان ؟ أفيجمل بك أن تقابل الإحسان بغير الإحسان ؟ أم يليق بمن له عقل ودين أن يستبدل ذلك بالقطيعة والعدوان ؟
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني واياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر الأمة، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه غفور رحيم
الخطبة الثانية:
الحمد لله ولي الصالحين، وإمام المتقين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبدالله على آله وصحبه والتابعين، وبعد
فاتقوا الله عباد الله، وأدوا حقوق الله تنالوا رضاه
ثم أعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه محمد في كل وقت وحين، فقال (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)، فاللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنه حميد مجيد
المرفقات
1734025925_خطبة بر الوالدين وصلة الأرحام - الشيخ عبدالرحمن السعدي 11 - 06 - 1446هـ.docx
1734025935_خطبة بر الوالدين وصلة الأرحام - الشيخ عبدالرحمن السعدي 11 - 06 - 1446هـ.pdf
1734025945_للجوال خطبة بر الوالدين وصلة الأرحام - الشيخ عبدالرحمن السعدي 11 - 06 - 1446هـ.pdf