خطبة بركة العمر والحياة

د . فيصل بن عبدالرحمن الشدي
1442/09/10 - 2021/04/22 11:56AM

                                بركة العمر والحياة                11/9/1442هـ                                                                                                                                                                   

الْحَمْدُ لِلهِ الْكَرِيمِ المَنَّانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الرحيمِ الرحمنِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قام بالقرآنِ وللقرآن، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ ، عبادَ الله اليومُ هو الحادي عشر من رمضان ولكأنَّي بسائلٍ كثيرٍ يسألُ : ما أعجلَ رمضان ! كيفَ مضى؟! أشعرُ أنَّي فرَّطتُ فيما منه انقضى ، كثيرونَ يفتقدون البركةَ في أوقاتِهم وإنجازِهم ولذا يسيرُ العمرُ على هذا حتى يُقال انتهى .

ألا يا صائمونَ إن مورِدَ البركةِ بين أيدينا ، وإنَّ خيرَاتَه بميادينا ، إنَّ بركةَ العمرِ والحياةَ هي والله في العيشِ معَ القرآن {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} .

إنَّ بركةَ العمرِ والحياةَ هي والله في العيشِ معَ القرآنِ فلا حسناتٍ منه أجزلُ ولا أوفى بكل حرفٍ حسنة والحسنةُ بعشرِ أمثالها إلى أضعافٍ لا يعلمُها إلا الله .

إنَّ بركةَ العمرِ والحياةَ هي والله في العيشِ معَ القرآنِ فلا للحيرانِ مِنه أهدى ، ولا للمغموم أكثرَ مِنه بُشرى {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}.

   إنَّ بركةَ العمرِ والحياةَ هي والله في العيشِ معَ القرآنِ فلا للعصاةِ منه أهدى ، ولا للسيئاتِ منه أوقى     

{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} 

إنَّ بركةَ العمرِ والحياةَ هي والله في العيشِ معَ القرآنِ فبيتُ صاحبِه تفرُّ منه الشياطين قَالَ r : «...إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

إنَّ بركةَ العمرِ والحياةَ هي والله في العيشِ معَ القرآن قال أبوهريرة t : «الْبَيْتُ إِذَا تُلِيَ فِيهِ كِتَابُ اللَّهِ اتَّسَعَ بِأَهْلِهِ، وَكَثُرَ خَيْرُهُ، وَحَضَرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ، وَخَرَجَتْ مِنْهُ الشَّيَاطِينُ، وَالْبَيْتُ الَّذِي لَمْ يُتْلَ فِيهِ كِتَابُ اللَّهِ، ضَاقَ بِأَهْلِهِ، وَقَلَّ خَيْرُهُ، وَتَنَكَّبَتْ عَنْهُ الْمَلَائِكَةُ، وَحَضَرَهُ الشَّيَاطِينُ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. 

إنَّ بركةَ العمرِ والحياةَ هي والله في العيشِ معَ القرآنِ فمجالِسُه مَجَالِسُ السَّكِينَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْعَظَمَة . قَالَ النَّبِيُّ r:«...وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

إنَّ بركةَ العمرِ والحياةَ هي والله في العيشِ معَ القرآن فالمشتغلُ به تعلُّماً وتعليماً هو في أشرفِ الوظائفِ وأعلَاها قال r قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

إنَّ بركةَ العمرِ والحياةَ هي والله في العيشِ معَ القرآنِ فلا عُسرَ والله معه ولا أحصلَ للمطلوب منه لِأَنَّ مَنْ كَانَ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى هَمَّهُ، كَفَاهُ اللهُ تَعَالَى مَا أَهَمَّهُ، قَالَ عَبَّاسٌ الْكِنَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ المَقْدِسِيِّ: أَوْصَانِي وَقْتَ سَفَرِي، فَقَالَ: أَكْثِرْ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَلَا تَتْرُكْهُ؛ فَإِنَّهُ يَتَيَسَّرُ لَكَ الَّذِي تَطْلُبُهُ عَلَى قَدْرِ مَا تَقْرَأُ، قَالَ: فَرَأَيْتُ ذَلِكَ وَجَرَّبْتُهُ كَثِيرًا، فَكُنْتُ إِذَا قَرَأْتُ كَثِيرًا تَيَسَّرَ لِي مِنْ سَمَاعِ الْحَدِيثِ وَكِتَابَتِهِ الْكَثِيرُ، وَإِذَا لَمْ أَقْرَأْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لِي.

إنَّ بركةَ الحياةِ الآخرة هي والله لمن عاشَ مع القرآن فلا في الآخرةِ منه أشفَع قَالَ النَّبِيُّ r: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.   

ولا في الرقي في درجاتِ الجنةِ من القرآنِ أنفع قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

بعد هذه البركاتِ والخيراتِ والرحماتِ في القرآن ألا تدعوكَ النفسُ لمحاسبَة ، ووقوفٍ مع حالِها ومعاتَبة، إيهِ يا نفسُ ما حظُّك من هذه البركات ؟! إيهِ يا نفسُ ما حالُك معَ القرآن ؟! إيهِ يا نفسُ كم من العمرِ بلغتي ؟! وكم من القرآنِ حفِظتي ؟! وكم من آي القرآن بكيتي ؟! وكم له ختمتي ؟! إيهِ يا نفسُ  مضى من رمضانَ عشرةُ أيامٍ رحلَ  فيها العُبَّاد مع القرآنِ وارتحلوا وأنتي ما هي رحلتك ؟!، ومع القرآن ما هي وقفتك ؟! إيهِ يا نفسُ أيامُ رمضانَ المعدوداتِ تمشي سريعاً وتنقضي جميعاً ، هلَّا أدركتيها قبل الفوات ! اللهم أيقظ قلوبنا من الغفلات أقول ما قلت ولي ولكم أستغفر الله

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ على إحسانه...أَيُّهَا النَّاسُ: ولتحصيلٍ من بركةِ القرآن أكثر وانتفاعٍ أكبر فإني أوصيك عند إقبالكَ على القرآنِ أن تتخلَّص من أي شاغلٍ وقاطعٍ لاسيما الجوال الذي بيديك دعه جانباً قليلاً أو صمِّته أو أغلِقه واقرأ القرآن قراءة المُتدبِّر المُتفكِّر الذي يريد فهم خطابِه والانتفاعَ بكتابِه وردِّد الآياتَ المؤثرةَ على قلبِك كما ردَّدها حبيبك ، عِش مع الآياتِ بوجدانِك ، إذا ذُكرتِ الأخرةُ ولكأنَّك تعيشُ فيها ، وإذا ذُكر اللهُ ولكأنَّك تستحضرُ مَقَامَك بين يديه معظِّماً للعظيمِ سُبحانه عندها تعيشُ حياةً جميلةً وقد تكون جديدةً عليك مع القرآن وسُتدرك من بركتِه كثيرا. هذا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...

 

المشاهدات 2015 | التعليقات 0