خطبة بادروا بالأعمال

Abosaleh75 Abosaleh75
1445/12/15 - 2024/06/21 09:46AM

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

أما بعد:

أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

 

عباد الله: إن لكل عامل محاسبة وجزاء (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)، ولكل مفرط ندامة وبكاء (وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ) ، ولكل شيء في هذه الدنيا نهاية وفناء( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ).

 

وأنت أيها الإنسان قد أعطيت إمكانات وفرص تستطيع أن تعمل بها لنفسك في دنياك ما يكون نجاة وسعادة لك في آخرك، وإن هذه الإمكانات والفرص يوشك أن تسلب منك وتفوت عما قريب؛ ويحال بينك وبين العمل بسبب آفات وقواطع وشواغل.

 

ثبت عند الإمام الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة t قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بادروا بالأعمال سبعاً: هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر".

 

إنها كلمات جامعة، ووصايا نافعة,كل كلمة منها تحمل نذارة وتحذيراً من خطر محقق إن لم يتداركه الإنسان وقع فيه.

 

إنه عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث يأمرنا بالمبادرة بالعمل الصالح والمسارعة إليه قبل أن تحول بيننا وبينه القواطع المانعة، والآفات الحاجزة وهي كثيرة إن سلم الإنسان من واحدة منها لم يسلم من بقيتها, وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث سبعا من الآفات والقواطع:

 

الأفة الأولى: قوله e (فقرًا منسيًا) أن يصاب الإنسان بالفقر الذي ينسيه العمل؛ لأن الفقر يجلب الغم والهم الذي يشغل النفس ويكدر البال، فينشأ عن ذلك نسيان العمل.

 

والأفة الثانية: قوله e (أو غنى مطغيًا) أن يصاب الإنسان بغنى وفيض من المال يحمله على الطغيان فيشغله بتحصيل ملذاته، ويتلهى به في جميع أوقاته. بحيث لا يبقى عنده وقت للعمل للآخرة، أو يرى أنه ليس بحاجة إلى العبادة (كَلَّا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى).

 

وليس كل فقر وغنى مذموم بل قيده النبي e بالفقر المنسي والغنى المطغي, وإلا فإن منهما ما يكون نجاة لصاحبه.

 

والأفة الثالثة: قوله e (أو مرض مفسدًا) أن يصاب الإنسان بمرض مفسد مفسدٌ للبدن لشدته وقوته، فيكون المرض سببًا مانعًا من أداء بعض العبادات والطاعات والقربات إلى ربِّ البريَّات، والإنسان إذا كان في صحة وعافية يكون منشرح الصدر، فإذا مرض أصبح في غمٍّ وهمٍّ تفسد فيه حياته وعيشته، والعياذ بالله تعالى.

 

والأفة الرابعة: قوله e (أو هرمًا مفندًا) إذا سلم الإنسان من المرض ومُّدَّ في عمره لم يسلم من الهرم المفند، أي الذي يفضي بصاحبه إلى حد التخريف والهذيان فلا يعقل شيئاً من أمره. قال تعالى: (ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً).

 

الأفة الخامسة: قوله e (أو موتًا مجهزًا) أي: الموت المفاجئ والسريع، الذي يأتي بغتة دون سابق إنذار، بحيث يجهز على حياة الإنسان؛ إما بحادث سير مفاجئ، أو جلطة حادة؛ فكم من إنسان خرج من بيته وبعد ساعات رجع محمولًا على الأكتاف، وقد كثُر موت الفجأة في زماننا هذا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن ….

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .

 

أما بعد أيه المسلمون عباد الله:

 

الأفة السادسة: قوله e  (أو الدجال فشر غائب ينتظر) أي: خروج المسيح الدجال، ففتنته فتنة عظيمة حذَّر منها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمتَه، والأنبياء السابقون كلهم حذروا أممهم منها؛ ولعظيم فتنة الدجال أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة منه في دبر كل صلاة.

 

الأفة السابعة: قوله e (أو الساعة فالساعة أدهى وأمرُّ) أي: القيامة أشد الدواهي وأقطعها وأصعبها، (وأمر)؛ أي: أكثر مرارة من جميع ما يكابده الإنسان في الدنيا من الشدائد لمن غفل عن أمرها، ولم يعد لها عدَّتها بالطاعات والعبادات والقربات قبل حلولها وقدومها؛ قال الله تعالى: (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ)

 

عباد الله: أيليق بنا أن نتكاسل عن العمل الصالح ونحن معرضون لهذه المخاطر، والآفات ونفتح لأنفسنا أبواب الأمل والأماني ونطمع بالنجاة من غير بذل لأسبابها؟

 

فهذا من أعظم السفه وأشد الظلم لأنفسنا فلنتب إلى الله ولنبادر قبل فوات الأوان.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: بسم الله الرحمن الرحيم (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) السورة.

ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة السلام عليه .......

المشاهدات 726 | التعليقات 0