( خطبة ) المسجد الأقصى التعريف به وبيان مكانته (معادة ومنقحه تناسب الحدث)

خالد الشايع
1442/10/07 - 2021/05/19 15:45PM

    9/10/1442الخطبة الأولى ( المسجد الأقصى التعريف به وبيان مكانته )     

أما بعد فيا أيها الناس : أيها الناس اللقد من الله على خلقه بنعم كثيرة ، ومنها أن جعل له بيوتا في الأرض ، نسبها لنفسه ، تسمى بيوت الله ، فيها تقام الشعائر ، والعبادات ، وتخشع القلوب وتطمئن النفوس ، ويلتقي فيها أهل الإيمان ، وميز بينها ، فمنها المسجد ، ومنها الجامع ، ومنها القديم ، ومنها الجديد ، ومنها ما جعل  الله له مزية من بين المساجد ، فجعله حرما ، وجعل الصلاة فيها مضاعفة ، كالمسجد الحرام ، الصلاة فيه بمائة ألف صلاة ، و مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، الصلاة فيه بألف صلاة ، ، ومنها ما ضاعف الصلاة فيه ولم يجعله حرما ، كالمسجد الأقصى ، الصلاة فيه بمائتين وخمسين صلاة ، وهذا ما سنتحدث عنه في هذه الخطبة بمشيئة الله تعالى .

المسجد الأقصى ، في القدس المبارك ، أسير اليهود مايقارب القرن من الزمن ، وهو ثاني مسجد وضع في الأرض روى البخاري (3366) ، ومسلم (520) عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : " قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ : أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ ؟ ،قَالَ: ( الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ) ، قُلْتُ : ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ( الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى ) ، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا ؟ ، قَالَ: ( أَرْبَعُونَ سَنَةً ) " .

والمقصود من الحديث الإشارة إلى أول بناء بينهما . وقد حصل الخلاف فيمن بنى المسجدين
فقيل : بناهما جميعا آدم عليه السلام .
وقيل : بنى آدم المسجد الحرام ، وبنى بعض أبنائه المسجد الأقصى ، فكان بين البناءين أربعون سنة ، ثم بعد ذلك جدد بناء المسجد الحرام إبراهيم عليه السلام ، وجدد بناء المسجد الأقصى سليمان عليه السلام .

وقد جعل  الله له مزية بمضاعفة الصلاة فيه ، وقد اختلف أهل العلم في عدد المضاعفة لاختلاف الروايات في ذلك منها ما جعل الصلاة فيه بخمسين ألف صلاة على النصف من مسجد الكعبة ، ومنهم من جعلها بألف صلاة كالحرم النبوي ومنها ما جعلها بخمسمائة صلاة ومنها ما جعلها بمائتين وخمسين صلاة على الربع من مسجد الحرم النبوي ، غير أن الجميع متفقون  على أن الصلاة فيه مضاعفة .

ويخطئ البعض فيقول ( أولى  القبلتين وثالث الحرمين ) فهو أولى القبلتين بلا شك ، غير أنه ليس بحرم ، فليس في الدنيا حرم إلا حرم الكعبة وحرم مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، كما نص على ذلك ابن تيمية وغيره رحمهم الله

وسبب تسميته بالأقصى لبعده عن المسجد الحرام  .

وكذلك هو مسرى النبي صلى الله عليه وسلم بل صلى فيه الأنبياء من قبل ، قال سبحانه ( سبحان الذي أسرى بعده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله )

فهو مبارك ومن عظيم بركته أنه بارك ما حوله أيضا ، وهي أرض الشام ، قال أهل العلم وكلما اقتربنا من المسجد كلما زادت البركة .

يقع داخل البلدة القديمة بالقدس في فلسطين. وهو كامل المنطقة المحاطة بالسور واسم لكل ما هو داخل سور المسجد الأقصى الواقع في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة المسورة.

تبلغ مساحته قرابة المائة وأربعة وأربعين ألف متر مربع، ويشمل قبة الصخرة والمسجد القِبْلي والمصلى المرواني وعدة معالم أخرى يصل عددها إلى مائتي معلم ، ويقع المسجد الأقصى فوق هضبة صغيرة تُسمى "هضبة موريا"، وهذا هو الصحيح فكل ما هو داخل محيط السور هو جزء من المسجد الأقصى، وليس كما شاع عند معظم العامة أنه المسجد ذو القبة الذهبية ( مسجد قبة الصخرة) والذي بناه عبد الملك بن مروان سنة 72 هجرية، أو الجامع القِبلي ذو القبة الرصاصية أو البرونزية.

عباد الله : إن المسجد الأقصى مسلوب من المسلمين منذ عقود من السنين ،  فلهجوا بالدعاء أن  يقيض الله من يعيد المسجد الأقصى إلى حضيرة الإسلام عاجلا غير آجل يارب العالمين ، أقول قولى هذا ...

                                الخطبة الثانية

أما بعد فيا أيها الناس : إن للأقصى تاريخا مجيدا يغيب عن الآباء فضلا عن الأبناء ، فكيف نرجو استرداده ونحن لا نعرف تاريخه ، بل نسمع أحيانا من بعض من لا يفقه في الإسلام شيئا ، قوله : ليس لنا علاقة بفلسطين ، وهي قضيتهم وحدهم ، ضاربا بالأخوة الإسلامية عرض الحائط ، فضلا عن مقدسات المسلمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله

عباد الله : لا يذكر المسجد الأقصى إلا ويذكر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله ، الذي نذر لله أن يخرج الصليبيين من بلاد المسلمين وأن يقتل صاحب الكرك الرومي  وأن يخلص المسجد الأقصى من الروم النصارى وأن يعيده إلى حضيرة الإسلام ، وكان طيلة جهاده يؤسس لهذا حتى تم على يديه ، وما مات حتى تم له ذلك ، رحمه الله رحمة  واسعة .

ذكر صاحب الروضتين : أن شابا أسيرا من بيت المقدس كتب إلى صلاح الدين رقعة فيها ( يا أيها الملك الذي      لمعالم الصلبان نكس

جاءت إليك ظلامة       تسعى من البيت  المقدس

كل المساجد طهرت      وأنا على شرفي منجس

وكتب في آخرها  نشتاق لنسمع الأذان من الأقصى )

لما قرأها صلاح الدين بكى حتى بل الورقة وجعل من أولى مهامه تحرير البيت المقدس ، وجهز الجيوش لذلك ، وانطلق بجيشه سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة من الهجرة ووجد في بيت المقدس ستين ألف رومي كلهم يرى أن يموت أهون عليه من تسليم البيت المقدس فقاتلهم في معارك يتلوا بعضها بعضا حتى حاصرهم وعلم الروم أنهم يذلون لصلاح الدين فطلبوا الصلح ، فصالحهم ودخل بيت المقدس فاتحا ، ونظفه من خنازير الروم ، وأعاد له هيبته ، وطلب منبر نور الدين الذي صنعه لبيت المقدس ليخطب عليه إذا حرره ، ومات قبل تحريره ، فجيء به ووضع في المسجد الأقصى ، وأذن المسلمون في الأقصى ووفى صلاح الدين بنذره وخطب على منبره ، وكان أول كلمة قالها بعد أن صعد المنبر وأطال البكاء ( الحمد لله الذي أعز الإسلام بظلال السيوف ) ولم تزل القدس محررة حتى جاءت بريطانيا وأباحتها للصهاينة ، ولما دخل هنري قورو قائد معركة ميسلون المشهورة بلاد الشام ذهب لقبر صلاح الدين وركله برجله وقال : ها قد عدنا يا صلاح الدين .

وليعودن المسجد الأقصى إلى حضيرة الإسلام بلا منازع ، وسيكون هذا بإذن الله ، ولكن هل نحن ممن يكرمه الله بذلك أم لا ؟

أخرج مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ»   لا شك أن معظمنا يعرف هذا الحديث ويحفظه ويُوقِن تماماً بتحققه يوماً ما وهذا هو الأصل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، ولكن الإشكال الحاصل هو إسقاط الحديث على ما يُسمّى بدولة إسرائيل الآن، وصحيح أن الدولة المزعومة هي دولة لليهود ولكن هذا لا يعني أن وقت انهيارها سوف ينطق الشجر والحجر ويتحقق فيها الحديث ، ولكننا نستخلص من مجمل ما ورد من الأحاديث أن القتال بين المسلمين واليهود حاصل لا محالة، وأن نطق الشجر والحجر ستتحقق حينما يقاتل المسلمون (مع المسيح عليه السلام) الدجال والسبعين ألف يهودي، أي أن المعارك مع اليهود لن تنتهي بنهاية دولة إسرائيل وأن يهود أصفهان سوف يتحالفون مع الدجال ويتبعونه بعد ظهوره ،كما في صحيح مسلم «يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة»  

فتحرير الأقصى وقتال اليهود مستمر حتى يحرر ، وقد يحرر مرارا وقد يستمر في أيديهم حتى يخرج الدجال ، إلا أن نطق الحجر والشجر هو عند قتال اليهود الذين يخرجون مع الدجال والله أعلم  

اللهم حرر الأقصى من أيدي اليهود الغاصبين ، اللهم ثبت إخواننا في فلسطين وثبت الذين يحامون عن المسجد الأقصى بدمائهم وثبت أقدامهم وانصرهم على الأنجاس الخنازير

المرفقات

1621448060_المسجد الأقصى التعريف به وبين مكانته.docx

المشاهدات 4967 | التعليقات 0