خطبة : ( المدرسة الرمضانية وعوائق الاجتهاد )
عبدالله البصري
المدرسة الرمضانية وعوائق الاجتهاد 5 / 9 / 1440 |
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، شَهرُ رَمَضَانَ ثَلاثُونَ يَومًا ، وَهِيَ كَمَا وَصَفَهَا اللهُ - تَعَالى – في كِتَابِهِ الكَرِيمِ أَيَّامٌ مَعدُودَاتٌ . نَعَم – أَيُّهَا الإِخوَةُ – إِنَّ رَمَضَانَ أَيَّامٌ مَعدُودَاتٌ ، تَمُرُّ وَكَأَنَّهَا سَاعَاتٌ ، لَكِنَّهَا أَيَّامٌ عَظِيمَةُ الأَثَرِ مُبَارَكَةُ التَّأثِيرِ ، فِيهَا عِلاجٌ وَتَهذِيبٌ وَتَغيِيرٌ ، وَبِنَاءٌ إِيمَانيٌّ لِلنُّفُوسِ ، وَإِصلاحٌ لِلذَّوَاتِ ، وَعِلاجٌ لِلأَروَاحِ ، وَلَكِنْ لِمَن أَحسَنَ استِثمَارَهَا ، وَأَخَذَ نَفسَهُ فِيهَا بِالجِدِّ وَالعَزِيمَةِ ، وَضَاعَفَ فِيهَا الاجتِهَادَ وَنَوَّعَ العَمَلَ ، وَجَانَبَ التَّسوِيفَ وَتَرَكَ الكَسَلَ ، وَنَهَى نَفسَهُ عَنِ اتِّبَاعِ الهَوَى ، وَلم يَستَسلِمْ لإِملاءَاتٍ الشَّيَاطِينِ وَتَسوِيلِهَا ، وَحَذِرَ أَشَدَّ الحَذَرِ مِن أَمرَاضٍ مُزمِنَةٍ مُهلِكَةٍ ، مَا زَالَت تَستَولي عَلَى النَّاسِ في كُلِّ عَامٍ ، فَتَحرِمُ كَثِيرًا مِنهُمُ التَّزَوَّدَ مِنَ الخَيرِ ، في مَوسِمٍ مِن أَعظَمِ مَوَاسِمِ كَسبِ الخَيرِ ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " فَأَمَّا مَن طَغَى . وَآثَرَ الحَيَاةَ الدُّنيَا . فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأوَى . وَأَمَّا مَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفسَ عَنِ الهَوَى . فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوَى "
أَلا وَإِنَّ مِن أَشَدِّ الأَمرَاضِ فَتكًا بِالمَرءِ وَأَكثَرِهَا مَنعًا لَهُ مِنِ اكتِسَابِ الحَسَنَاتِ في شَهرِ البَرَكَاتِ ، مَرَضَ التَّسوِيفِ وَالتَّأجِيلِ ، وَدَاءَ التَّبَاطُؤِ وَالتَّكَاسُلِ وَالخُمُولِ . يَدخُلُ رَمَضَانُ ، فَيُهمِلُ المَرءُ أَوَّلَ لَيلَةٍ مِنهُ وَلا يَهتَمُّ بِهَا ، ثم تَمُرُّ عَلَيهِ الليلَةُ الثَّانِيَةُ كَالأُولى ، ثم لا يَشعُرُ إِلاَّ وَقَد مَرَّتِ العَشرُ الأُولى وَهُوَ في مَكَانِهِ ، يُرَاوِحُ وَيَتَلَفَّتُ حَائِرًا ، ويَقِفُ مَشدُوهًا لا يَدرِي مَاذَا يَفعَلُ . النَّاسُ حَولَهُ مَا بَينَ مُستَكثِرٍ مِن نَوَافِلِ الصَّلاةِ ، وَتَالٍ لِلقُرآنِ وَذَاكِرٍ وَمُستَغفِرٍ ، وَمُزَكٍّ وَمُتَصَدِّقٍ وَبَاذِلٍ ، وَمُفَطِّرٍ لِلصَّائِمِينَ وَقَائِمٍ في المَسَاجِدِ مَعَ القَائِمِينَ ، يَتَنَافَسُونَ في جَمعِ الحَسَنَاتِ ، وَيَتَسَابَقُونَ في الصُّعُودِ في الدَّرَجَاتِ ، وَهَذَا المُسَوِّفُ المُتَكَاسِلُ الخَامِلُ ، مَا زَالَ وَاقِفًا مُتَرَدِّدًا ، مُتَشَاغَلاً بِتَوَافِهِ الأُمُورِ ، مُستَسلِمًا لِصَغَائِرِ الهُمُومِ ، أَلا فَلْيَحذَرِ المُسلِمُ العَاقِلُ سَأَفعَلُ وَسَوفَ أَفعَلُ ، فَإِنَّهُ لا يَدرِي هَل يُكمِلُ هَذَا الشَّهرَ أَم تُقبَضُ رُوحُهُ قَبلَ تَمَامِهِ ؟! بَل وَاللهِ إِنَّهُ لا يَعلَمُ إِذَا أَصبَحَ هَل يَعِيشُ يَومَهُ إِلى غَدٍ أَم لا ؟! عَن عَبدِاللهِ بنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا – قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِمَنكِبِي فَقَالَ : " كُنْ في الدُّنيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَو عَابِرُ سَبِيلٍ " وَكَانَ ابنُ عُمَرَ يَقُولُ : إِذَا أَمسَيتَ فَلا تَنتَظِرِ الصَّبَاحَ ، وَإِذَا أَصبَحتَ فَلا تَنتَظِرِ المَسَاءَ ، وَخُذْ مِن صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ ، وَمِن حَيَاتِكَ لِمَوتِكَ . رَوَاهُ البُخَارِيُّ . وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ : " اغتَنِمْ خَمسًا قَبلَ خَمسٍ : شَبَابَكَ قَبلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبلَ فَقرِكَ ، وَفَرَاغَكَ قَبلَ شُغلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبلَ مَوتِكَ " رَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَمِنَ العَوَائِقِ الَّتي تَصِيبُ النَّاسَ في هَذَا الشَّهرِ العَظِيمِ ، وَتَحُولُ بَينَهُم وَبَينَ فُرَصِ الخَيرِ العَمِيمِ ، وَتَحرِمُهُمُ اغتِنَامَهَا وَاقتِنَاصَهَا ، كَثرَةُ الأَكلِ وَالشُّربِ ، ثم الاستِسلامُ لِلنَّومِ الطَّوِيلِ ، فَبَدَلاً مِن أَن يَكُونَ رَمَضَانُ شَهرَ صِيَامٍ يَخِفُّ فِيهِ الجَسَدُ بِتَخَفُّفِهِ مِنَ الأَكلِ وَالشُّربِ ، لِتَنشَطَ النَّفسُ بما تَعِيشُ فَيهِ مِن عِبَادَاتٍ ، وَتَخِفَّ الرُّوحُ بما تَتَغَذَّى بِهِ مِن قُرُبَاتٍ ، فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَن جعَلَهُ شَهرَ تَنوِيعٍ لِلأَكلِ وَالشُّربِ ، وَسَهَرٍ فِيمَا يُضِيعُ الوَقتَ وَيُذهِبُ السَّاعَاتِ ، فَإِذَا طَلَعَ النَّهَارُ أَو قَبلَ أَن يَطلُعَ بِقَلِيلٍ ، طَرَحَ نَفسَهُ في فِرَاشِهِ كَالمُغمَى عَلَيهِ ، وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ أَلاَّ يُحِسَّ في نِهَارِهِ بِجَوعٍ وَلا ظَمَأٍ ، وَلا يَصحُوَ إِلاَّ في وَقتِ الأَكلِ وَالشُّربِ ، فَيَا للهِ ! كَم يَضِيعُ مِن أَوقَاتٍ ثَمِينَةٍ وَسَاعَاتٍ غَالِيَةٍ عَلَى النَّائِمِينَ !
وَمِنَ العَوَائِقِ الَّتي يَتَلاعَبُ الشَّيطَانُ عَن طَرِيقِهَا بِبَعضِ النَّاسِ وَخَاصَّةً الصَّالِحِينَ ، التَّوَسُّعُ في الرِّضَا عَنِ النَّفسِ ، وَانخِفَاضُ مَعَايِيرِ تَقوِيمِ الإِيمَانِ في القَلبِ وَآثَارِهِ عَلَى الجَوَارِحِ ، حَيثُ يَتَصَوَّرُ بَعضُهُم أَنَّهُ مَا دَامَ مُجتَنِبًا الكَبَائِرَ ، مُؤَدِّيًا لِلصَّلَوَاتِ الخَمسِ ، فَقَد أَحسَنَ استِثمَارَ الشَّهرِ ، وَهَذَا التَّصَوُّرُ وَإِن كَانَ حَقًّا مِن جِهَةِ كَونِ الاكتِفَاءِ بِالوَاجِبَاتِ مَعَ تَركِ الكَبَائِرِ كَافِيًا لاستِحقَاقِ المُسلِمِ دُخُولَ الجَنَّةِ بِرَحمَةِ اللهِ ، فَهُوَ لَيسَ بِحَالِ المُؤمِنِ الحَيِّ القَلبِ ، الَّذِي يَطلُبُ الكَمَالَ ، وَيَسعَى لِرَفعِ دَرَجَاتِهِ في الجَنَّةِ وَإِثقَالِ مِيزَانِهِ بِالحَسَنَاتِ ، وَيَرجُو أَن يَكُونَ مِنَ المُقَرَّبِينَ السَّابِقِينَ ، قَالَ – تَعَالى - : " إِنْ تَجتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنهَونَ عَنهُ نُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَنُدخِلْكُم مُدخَلاً كَرِيمًا " وَفي الحَدِيثِ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - جَاءَهُ أَعرَابيٌّ يَسأَلُ عَنِ الإِسلامِ ، فَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " خَمسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ وَاللَّيلَةِ " فَقَالَ : هَل عَلَيَّ غَيرُهَا ؟ قَالَ : " لا ، إِلاَّ أَن تَطَوَّعَ " قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " وَصِيَامُ رَمَضَانَ " قَالَ : هَل عَلَيَّ غَيرُهُ ؟ قَالَ : " لا ، إِلاَّ أَن تَطَوَّعَ " قَالَ : وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – الزَّكَاةَ ، قَالَ : هَل عَلَيَّ غَيرُهَا ؟ قَالَ : " لا ، إِلاَّ أَن تَطَوَّعَ " قَالَ : فَأَدبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ : وَاللهِ لا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أَنقُصُ . قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " أَفلَحَ إِنْ صَدَقَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ . فَمَنِ اجتَنَبَ الكَبَائِرَ كَفَّرَ اللهُ عَنهُ الصَّغَائِرَ ، وَذَلِكَ وَعدُ اللهِ ، وَاللهُ لا يُخلِفُ المِيعَادَ ، وَمَن حَافَظَ عَلَى الفَرَائِضِ أَفلَحَ ، ذَاكَ خَبرُ الصَّادِقِ المَصدُوقِ الَّذِي لا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى ، وَلَكِنْ ... أَينَ مَن يُؤَدِّي الفَرَائِضَ عَلَى وَجهِهَا الأَكمَلِ دُونَ انتِقَاصٍ مِنهَا ؟! وَأَينَ الَّذِي يَسلَمُ مِن إِتيَانِ بَعضِ الكَبَائِرِ ؟! ثم مَن هَذَا الَّذِي تَسمَحُ لَهُ نَفسُهُ أَن يُعرِضَ عَن مَوَائِدِ الرَّحمَنِ المَمدُودَةِ في شَهرِ الخَيرِ ، وَمَن ذَا الَّذِي يَقوَى قَلبُهُ عَلَى تَفوِيتِ فُرَصِ التَّزَوُّدِ مِنَ الحَسَنَاتِ ، أَو يَقبَلُ أَن يَرَى العُقَلاءَ في سِبَاقٍ وَمُنَافَسَةٍ ، وَأَبوَابُ الجَنَّةِ مُفَتَّحَةٌ ، وَأَبوَابُ النَّارِ مُغَلَّقَةٌ ، وَالمَرَدَةُ مُصَفَّدَونَ ، وَالفُرصَةُ قَد تَفُوتُ وَلا تَتَكَرَّرُ ، ثم يَكتَفيَ مَعَ ذَلِكَ بِأَقَلِّ مَا يُمكِنُ ، وَيَتَوَقَّفَ عِندَ الحَدِّ الأَدنى ، وَلا يَتَزَوَّدَ مِن خَيرِ الزَّادِ ؟! أَجَل – أَيُّهَا الإِخوَةُ – إِنَّ رَمَضَانَ مَوسِمُ تَزَوُّدٍ وَاغتِنَامِ فُرَصٍ ، وَمَيدَانُ مُسَابَقَةٍ لِلخَيرِ وَمُنَافَسَةٍ في البِرِّ ، وَإِذَا كَانَ مَا سَبَقَ ذِكرُهُ مِن عَوَائِقَ وَمُثَبِّطَاتٍ دَاخِلِيَّةً مَنشَؤُهَا مِنَ دَاخِلِ النَّفسِ ، فَإِنَّ ثَمَّةَ عَوَائِقَ وَمُثَبِّطَاتٍ خَارِجِيَّةً ، تَقطَعُ الطَّرِيقَ عَلَى المُسلِمِ ، مِنهَا وَسَائِلُ الإِعلامِ وَأَجهِزَةُ التَّوَاصُلِ بِمُختَلِفِ أَشكَالِهَا وَأَنوَاعِهَا ، وَمِمَّا يُؤسِفُ وَيُحزِنُ أَنَّهُ وَإِن كَانَت وَسَائِلُ الإِعلامِ في المَاضِي تَصرِفُ عَنِ التَّزَوُّدِ لِلآخِرَةِ بِشَغلِ النَّاسِ بِبَرَامِجَ سَطحِيَّةٍ تَافِهَةٍ ، فَقَدِ اتَّخَذَ شَرُّهَا في هَذَا الزَّمَانِ وَجهًا آخَرَ ، حَيثُ جَعَلَ كَثِيرٌ مِنهَا يَتَحَرَّى وَقتَ اجتِمَاعِ النَّاسِ لِلإِفطَارِ أَوِ لِلسَّحُورِ ، لِيَعرِضَ عَلَيهِم مُسَلسَلاتٍ تُحَارِبُ الدِّينَ ، وَمَشَاهِدَ تَستَهزِئُ بِالصَّالِحِينَ ، وَبَرَامِجَ تَقصِدُ تَشوِيهَ الدَّعوَةِ إِلى اللهِ ، وَتَنَالُ مِنَ عَمَلِ الخَيرِ وَرِجَالِهِ وَمُؤَسَّسَاتِهِ ، في زَورٍ مِنَ القَولِ وَبَاطِلٍ مِنَ الأَحكَامِ ، وَاتِّهِامَاتٍ تُلقَى جُزَافًا دُونَ شَوَاهِدَ وَلا أَدِلَّةٍ وَلا بَرَاهِينَ ، فَوَا خَسَارَةَ مَن أَضَاعَ حَسَنَاتِهِ وَاحتَمَلَ أَثقَالاً مِنَ السَّيِّئَاتِ ، بِإِطلاقِهِ بَصرَهُ وَعَقلَهُ في مُتَابَعَةِ وَسَائِلِ الإِعلامِ ، أَو بِاشتِغَالِهِ بما في وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ مِن كَذِبٍ وَافتِرَاءٍ وَدَجَلٍ ، وَخُصُومَاتٍ وَمِرَاءٍ وَجَدَلٍ !
وَمِنَ العَوَائِقِ وَالمُثَبِّطَاتِ الخَارِجِيَّةِ ، كَثرَةُ مُخَالَطَةِ النَّاسِ ، دُونَ انتِقَاءٍ لِمَن تَنفَعُ المَرءَ خُلطَتُهُم وَمُجَالَسَتُهُم ، إِذْ إِنَّ كَثِيرًا مِنَ المَجَالِسِ وَلِلأَسَفِ ، لا تُورِثُ إِلاَّ ضِيَاعَ الوَقتِ وَالجُهدِ ، بما فِيهَا مِنَ المِرَاءِ وَالجِدَالِ ، وَكَثرَةِ القِيلِ وَالقَالِ ، وَالغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالاستِهزَاءِ ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا الصَّائِمُونَ – وَلْنُحَاسِبْ أَنفُسَنَا ، وَلْنَتَفَكَّرْ في أَوقَاتِنَا كَيفَ تَمُرُّ ، وَفي أَيِّ شَيءٍ تُقضَى في هَذَا الشَّهرِ ، وَلْنُقبِلْ عَلَى مَا يَنفَعُنَا مِن قِرَاءَةِ القُرآنِ وَتَدَبُّرِ آيَاتِهِ ، وَلْنُحَافِظْ عَلَى فَرَائِضِ الصَّلَوَاتِ وَلْنَستَكثِرْ مِن نَوَافِلِهَا ، وَلْنَحرِصْ عَلَى صَلاةِ التَّرَاوِيحِ وَالقِيَامِ مَعَ الإِمَامِ حَتى يَنصَرِفَ ، وَلْنَشغَلْ أَلسِنَتَنَا بِذِكرِ اللهِ وَدُعَائِهِ ، وَسُؤَالِهِ الجَنَّةَ وَالاستِعَاذَةِ بِهِ مِنَ النَّارِ ، وَلْيَكُنْ لَنَا حَظٌّ مِنَ الصَّدَقَةِ وَلَو قَلَّ ، وَلْنَعتَنِ بِبُيُوتِنَا وَنِسَائِنَا وَبَنَاتِنَا وَأَبنَائِنَا ، وَلْنَتَعَاوَنْ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ . أَيَّامًا مَعدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضًا أَو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِديَةٌ طَعَامُ مِسكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيرًا فَهُوَ خَيرٌ لَهُ وَأَن تَصُومُوا خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمُونَ . شَهرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ . وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَستَجِيبُوا لِي وَلْيُؤمِنُوا بي لَعَلَّهُم يَرشُدُونَ "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ " وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيرَ الزَّادِ التَّقوَى " وَاغتَنِمُوا شَهرًا عَظِيمًا وَمَوسِمًا كَرِيمًا ، اجتَمَعَ لَكُم فِيهِ مِن أَسبَابِ الإِقبَالِ عَلَى الطَّاعَةِ وَالإِعَانَةِ عَلَيهَا مَا لم يَجتَمِعْ لَكُم في غَيرِهِ ، فَالنُّفُوسُ مُنشَرِحَةٌ ، وَالقُلُوبُ فَرِحَةٌ ، وَالشَّيَاطِينُ مُصَفَّدَةٌ ، وَأَبوَابُ الجَنَّةِ مُفَتَّحَةٌ ، وَأَبوَابُ النَّارِ مُغَلَّقَةٌ ، وَللهِ في كُلِّ لَيلَةٍ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ ، وَمَآذِنُ المَسَاجِدِ تَصدَحُ بِكَلامِ اللهِ في كُلِّ لَيلَةٍ ، وَالنَّاسُ مِن حَولِكُم مُقبِلُونَ ، وَعَن يَمِينِكُم وَشِمَالِكُم مَشرُوعَاتُ تَفطِيرٍ ، وَزَكَوَاتٌ تُخرَجُ وَصَدَقَاتٌ تُوهَبُ ، فَالهِمَّةَ الهِمَّةَ ، وَخُذُوا نَصِيبَكُم مَعَ المُسَابِقِينَ ، وَالحَذَرَ الحَذَرَ أَن تَقعُدُوا مَعَ الخَالِفِينَ ، وَتَرَقَّوا في مَرَاقِي الإِيمَانِ وَالإِحسَانِ ، وَاسأَلُوا اللهَ التَّوفِيقَ وَتَوَكَّلُوا عَلَيهِ ، وَاستعِينُوا بِهِ وَاصبِرُوا ؛ فَإِنَّكُم في شَهرِ الصَّبرِ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ "
المرفقات
الرمضانية-وعوائق-الاجتهاد
الرمضانية-وعوائق-الاجتهاد
الرمضانية-وعوائق-الاجتهاد-2
الرمضانية-وعوائق-الاجتهاد-2
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق