خطبة : اللواط والمثلية الجنسية

                                   اللِّوَاطُ وَالْمِثْلِيَّةُ الْجِنْسِيَّة                20/5/1443هـ

الحمدُ للهِ عَظُمَ حِلمُهُ فسَتر ، وَفَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ وَغَفَر ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلا هو أَحَاطَ عِلْمُهُ بِمَا بَطْن وَمَا ظَهَرَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محمداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَكْرَمُ مِنْ مَشَى عَلَى الْأَرْضِ وَأَطْهَر ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ السَّادَات الْغُرَر ، وَبَعْد :

فَلَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهُ إلَّا مِنْ رَحِمَ فلوذوا بِرَحْمَتِه وتوسلوا إلَيْه بِمَغْفِرَتِه ، فاللهم أوْسِعْنَا رَحْمَتَكَ وَصِلْنَا بِمَغْفِرَتِك .

إِخْوَةِ الإِسْلامِ : اعْتَذِرُ إلَيْكُم عَنْ خُطْبَةِ هَذِهِ الْجُمُعَةُ !

اعْتَذِرُ لِأَنِّي سأُكَدِّرُ أسماعَكُم ، لَكِنَّ عُذْرِي أَنَّ الْقُرْآنَ تَحْدَّثَ عَنْهُ لَيْسَ فِي آيَةِ بَلْ آيَات ، لَكِن عُذْرِي أَنَّ النَّبِيَّ r تَحْدَّثَ عَنْهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ وَاحِدٍ بَلْ أَحَادِيث ، وَعُلَمَاء السَّلَفُ والخلَفِ عَنْهُ تَكَلَّمُوا وخطَبُوا ، فرهَّبوا وبشَّعوا ، وَذَكَّرُوا وشنَّعوا .

إنَّهَا فَاحِشَة اللِّوَاط أَكْرَمَ اللَّهُ أسماعَكُم ، وَحَفِظ أَعْرَاضَنَا وَأَعْرَاضَكُم ، تِلْك الْفَاحِشَةِ الَّتِي أَتَى بِهَا قَوْمُ لُوطٍ، وَلَمْ يَزَلْ نَبِيُّ اللَّهِ لُوطٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِقَوْمِه يُحَذِّرُهُم ، وبالعقاِب يُنْذِرَهُم ، وبالجبَّارِ يُذَكِّرُهُم  وبِشَناعةِ الْأَمْرِ يرهِّبُهم ( أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدِ مِنْ الْعَالَمِينَ * إنَّكُم لتأتُونَ الرِّجَال شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسرِفُون ) وَفِي آيَةِ أُخْرَى ( أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُم لتأتون الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) .

لَكِنَّهُمْ لَمْ يَنْتَهُوا بَل طَغَوْا ، واسْتَكْبَرُوا وَبَغَوْا ( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آل لُوطٍ مِنْ قريتِكُم إنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ) عجباً وَرَبِّي لانتكاسِ الْفِطْر وَاسْتِطَالَةِ الضَّرَر ، جَرِيمَةُ آل لُوط الَّتِي يَسْتَحِقُّونَ بِهَا الطَّرْدَ مِنْ الْقَرْيَةِ والتهجِير أنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ، وَعَنِ الْفَوَاحِشِ يَتَعَفَّفُون ، أَمَّا مُعاقَرَةُ الْفَوَاحِشِ وَالْمُحَرَّمَاتِ فَهَذِهِ مِنْ بَابِ الحريات ، قَالَهَا اللُّوطِيَّةُ الْأَوَائِل وَتَبِعَهُمْ فِي كُلِّ جِيلٍ مِنْ الُّشذاذِ أَسافِل ، يُطَالَبُونَ بِالْحُرِّيَّةِ الْجِنْسِيَّةِ زَعَمُوا ، ولراية الْمِثْلِيَّةِ رَفَعُوا .

أَفَلَا فِي التَّارِيخِ نَظَرُوا فَاعْتَبِرُوا ! وَخَافُوا الْعُقُوبَاتِ الْإِلَهِيَّةِ وارتدعوا ، فَهَا هِي عُقُوبَةُ الْعَظِيمِ الْقَهَّارِ باللوطية عقوبةٌ لَمْ يَسْبِقْ مَثِيلٌ لَهَا بَيْنَ الْأُمَم ( فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ منضود * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ) ياللَّه ثَوَاٍن مَعْدُودَات حَتَّى جَاءَتِ الصّيْحَةُ فاجتثَّت أَرَاضِيهِم بِمَا فِيهَا قُصُورُهَا دَوَابُّهَا رِجَالُها نِسَاءُهَا رُفِعَت لعلياِء السَّمَاءِ حَتَّى سَمِعَ سُكَّان السَّمَاءِ أَصْوَات النَّاسِ وَالصِّيَاحِ وَالصُّرَاخِ وَالْبُكَاء كَان عَدَدِهِم أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهِ ثُمَّ قَلَبَ الْقَرْيَة فَأَرْسَلَهَا إلَى الْأَرْضِ منكُوسةً ودَمدَمَ بَعْضُهَا بَعْضًا فَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا ثُمَّ أَتْبَعَهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ .

اللَّهُ أَكْبَرُ مَا أشدَّ بَطْشَ اللَّهِ ! مَا أشدَّ عَذَابَه ! مَا أَقْوَى عِقَابَه ! أَخْذُهُ أَلِيمٌ وَعَذَابُه عَظِيمٌ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِهِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِهِ .

عِبَادَ اللَّهِ : اللِّوَاط شُذُوذٌ جِنْسِيٌّ ، وانتكاسٌ فِطْرِيّ ، وَفَسَادٌ أَخْلاَقِيٌّ ، صَاحِبُه مُتَعَلِّقٌ بِالْفِسْق وَالصُّوَر وَالْمُرْدَانِ وَالْغِلْمَان يَقُولُ ابْنُ الْقَيِّمِ : " نَجَاسَةُ الزِّنَا وَاللِّوَاطِ أَغْلَظُ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تَفْسُدُ الْقَلْب ، وَتُضْعِف تَوْحِيدِه جداً " .

وَكَفَى عُقُوبَةً لِهَذِه الجَرِيمَةِ النكراءِ لَعْنَةُ فَاطِرِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ فَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَه الذَّهَبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ : " لَعَنَ اللَّهُ مِنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ " .

وَلِذَا اتَّفَقَ الصَّحَابَةِ عَلَى قَتْلِ أَهْلُ اللِّوَاطِ لِقَوْلِهِ r : " مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولِ بِهِ " أخرجَهُ أحمدُ و أبوداود وصحَّحهُ الألباني ، وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَتْلِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ وَقَالَ آخَرُونَ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ حَتّى الْمَوْت ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُرْمَى مِنْ أَعْلَى بِنَاءٍ فِي الْقَرْيَةِ يُرْمَى مُنكَّساً ثُمَّ يُتْبَعَ بِالْحِجَارَةِ ، وَالْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَنْكَى .

عِبَادِ اللَّهِ : وَمَا تَجَرَّأت نَفْسٌ عَلَى هَذِهِ الْفَاحِشَةِ وَالْمِثْلِيَّةِ إلَّا عِنْدَ ضَعْفِ الْإِيمَانِ ومُراقبةِ اللَّه ، وَتَرْكِ الصَّلَاةِ ( إنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) ، وَصُحْبَةُ السُّوءِ يَرْغِّبُونَ فِي الْحَرَامِ ويجرُّون للآثام ، وَهَذِهِ الْمَقَاطِعُ وَالْمَشَاهِدُ وَالصُّوَر مَا أَعْظَمَ ما فِيهَا مِنَ الشَّرِّ وَالشَّرَر ، فاحفظُوا أَبْنَاءَكُم وَبَنَاتَكُم ، ربُّوا الِابْنَ رجُلاً برجولتِهِ يَعْتَزّ ، وَالْبِنْتَ بنتاً بأنُوثَتِها تَتَجَمَّل ، احفَظُوهُم مِنْ التَّعَرِّي ، وَجَنِّبُوا الْمَجَالِسَ عِبَارَاتِ الِابْتِذَالِ المُسِفِّ وَكَلِمَاتِ التَّشَهِّي .

اللَّهُمّ ارْحَمْنَا وَمَن الْفَوَاحِشِ احْفَظْنَا وَعَنِ الْحَرَامِ اصرِفنا اللَّهُمّ آمِين اللَّهُمّ آمِين اللَّهُمّ آمِين

الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إحْسَانِهِ وأشهدُ أَن لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تعظيماً لِشَآنِه ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا الدَّاعِي إلَى رِضْوَانِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى إخْوَانِهِ وَبَعْد :

إنَّ شُعوبَ العالمِ اليومَ ــ ولاسِيَّما أهلُ الْإِسْلَام ــ يُغزَونَ : بالمِثْلِيَّةِ الجِنسيَّة ، والشُّذُوذِ الجِنسِّي ، يُغزونَ : بعملِ قومِ لوطٍ ، وإتيانِ الرَّجلِ رجلًا مِثلَه ، وسِحَاقِ المرأةِ معَ الْمَرْأَة ، بَل أصبَحَ الذَّكَرُ يُجْرِي عمليَّاتٍ تجعلُهُ كالمرأةِ صورةً وأعضَاءً ، وأصبحَتِ الأُنْثَى تُجْرِي عمليَّاتٍ تجعلُها كالرَّجلِ صورةً وأعضاءً ، ثمَّ وصَلوا إلَى زواجِ الرَّجلِ بالرَّجل ، ومُعاشرتِه لَه كالمرأةِ ، وزواجِ المرأةِ بالمرأةِ ، ومُعاشرتِها لهَا كالرَّجل وحاربَ أهلُ هَذَا الغَزوِ الماكِرِ الفاجرِ المُفسِدِ فِي سبيلِ نشرِهِ وفرضِهِ الدُّوَلَ والحكوماتِ والشُّعوبَ والمُصلِحينَ والعُقلاءَ والنُّبلاءَ بتُهْمَةِ تضييقِ الحُرِّيات ، والتَّعدِّي عَلَى حقوقِ الإنسانِ ، واستعانوا عَلَيْهِم بمُنظَّماتٍ مُتعدِّدة ، وَقَدْ وَقَفْت بِلَادِكُم الْمَمْلَكَةُ العَرَبِيَّةُ السَّعُودِيَّةُ فِي الْمَحَافِلِ الدَّوْلِيَّةِ والأممية مِنْ هَذِهِ الجَرِيمَة موقِفَاً مُشرِّفاً ثابتاً راسخاً ممانعاً لإقرار هَذَا الشُّذُوذِ وتشرِيعه ، متحفظاً عَلَى عَدَمِ التَّوْقِيع عَلَى معاهداتِه كَانَ آخِرُهَا قَبْلَ أَيَّامٍ أعلنَته بِرَفْضِهَا فَقْرَةَ " الْهُوِيَّةِ والميولِ الْجِنْسِيَّةِ " الْوَارِدَةِ فِي مَشْرُوعِ الأُمَمُ الْمُتَّحِدَة وَقَالَت عَلَى ملأِ الْعَالِمِ كلمتَها " بِأَنَّ اللَّهَ خلَقَ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَمَا هُوَ غَيْرُ ذَلِكَ يَتَعَارَضُ مَعَ هَذِهِ الطَّبِيعَةِ وَالْفِطْرَةِ الَّتِي خلَقَ اللَّهُ بِهَا الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِنَّ فُرِضَ قَيِّمٍ ومفاهيمَ لَا تتناسب مَعَ هَذِهِ الطَّبِيعَةِ الْإِلَهِيَّةِ أَمَر مَرْفُوضٌ " . جَزَى اللَّهُ بِلَادِنَا الْغَالِيَة وَوُلَاةَ أَمَرَنَا خَيْرَ الْجَزَاءِ عَلَى هَذَا الْمَوْقِفُ النَّبِيل وَزَادَهَا ثباتاً وَرَفْعَة اللهم صلِّ على محمد ...

المرفقات

1640838544_اللِّوَاطُ وَالْمِثْلِيَّةُ الْجِنْسِيَّة.docx

1640838544_اللواط والمثلية الجنسية.pdf

المشاهدات 2491 | التعليقات 0