( خطبة ) اللعن وخطورته

خالد الشايع
1443/04/20 - 2021/11/25 13:53PM

الخطبة الأولى ( خطورة اللعن )                 21/4/1443

أما بعد فيا أيها الناس : إن المسلم إذا تفكر في نعم الله عليه ، عجز عن حصرها وعدها ، خصوصا التي في نفس الإنسان ، كما قال سبحانه ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون)

ومن أجل النعم التي أنعم الله بها على العبد ، نعمة اللسان ، والتكلم بالإفصاح عما يريد العبد ، فبه يتفاهم الناس ويعرفون مقاصدهم ، وبه يجني  العبد المسلم ملايين الحسنات ،  ولهذا صار شأن اللسان عظيما ، إذ به يدخل العبد الجنة أو النار ، أخرج الترمذي في جامعه من حديث عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدْنِي مِنْ النَّارِ، قَالَ: "لَقَدْ سَأَلْت عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أَدُلُّك عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ تَلَا: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ [السجدة: 16] حَتَّى بَلَغَ ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17]، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُك بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْت: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُك بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ فقُلْت: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْك هَذَا. قُلْت: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْك أُمُّك وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟!".
فمن هذا الحديث يتبين أن اللسان من أسباب دخول النار والعياذ بالله .

عباد الله : لقد انتشر في أواسط الناس اللعن ، حتى أصبح الرجل يلعن ولده ، وزوجته ، وأهل بيته ، والزوجة تلعن والابن يلعن ، بل البعض يلعن نفسه ووالديه ، فيا سبحان الله ، هل يعلم هذا اللعان ما معنى اللعن ؟
إنه الطرد و الإبعاد عن رحمة الله تعالى - .

ولهذا جاء تحريم اللعن ، والزجر عن جريانه على اللسان ، وأن المسلم ليس بالطعان ولا اللَّعَّان ، ولا يجوز التلاعن بين المسلِمين ، ولا بين المؤمنين ، وليس اللعن من أخلاق المسلمين ولا أوصاف الصديقين ، ولهذا  أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث الثابت بن الضحاك أن النبي ﷺ  قال : (( لعْنُ المسلم كقتله )) .

 واللَّعَّان قد جرت عليه نصوص الوعيد الشديد ؛ بأنه لا يكون شهيداً ، ولا شفيعاً يوم القيامة ، ويُنهى عن صحبته ، ولذا كان أكثر أهل النار : النساء ؛ لأنهن يُكثرن اللعن ، ويكفرن العشير . وأن اللعان ترجع إليه اللَّعْنةُ ، إذا لم تجد إلى من وجهت إليه سبيلاً .

ومن العقوبات المالية لِلَّعَّان : أنه إذا لعن دابة تُركت .

وقد بالغت الشريعة في سد باب اللعن عن من لم يستحقه ، فنهى النبي ﷺ عن لعن الديك ، وعن لعن البرغوث ، فعلى المسلم الناصح لنفسه حفظ لسانه عن اللعن ، وعن التلاعن ، والوقوف عند حدود الشرع في ذلك ، فلا يُلعن إلا من استحق اللعنة بنص من كتاب أو سنة .

معاشر المسلمين :  كم سمعنا من مسلم يتسوره الغضب على مسلم فيقول : لعنته إلى آدم . .

وهذه من أقبح اللعن ، وكله قبيح ، ومن لعن نبياً أو رسولاً فقد كفر . نسأل الله السلامة .فكم في سلسلة النسب إلى آدم من نبي ورسول وصديق وشهيد .

والبعض يلعن الدين فيقول مثلا لعنة الله على دين فلان  ، وهذا إذا كان الملعون مسلما ، فهو كفر صراح لسبه الدين ، وإن كان غير مسلم فعلى حسب دينه وتحريفه .

إلا فليتق الله قوم يلعنون في كل يوم مرات ومرات ، وينشئون أولادهم على اللعن ، فالبيت كله لعن في لعن ، فكيف تدخل الرحمة بيتا فيه كل هذا اللعن .

اللهم أعنا على حفظ ألسنتنا ، واكفنا شر ألفاظنا ، أقول قولي هذا .....

الخطبة الثانية :

أما بعد فيا أيها الناس : إن اللعن محرم في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، حتى على البهائم ،

فيحرم لعن الدابة ، واللعان للدواب ترد شهادته ؛ لأن صفة اللعن جرح له .

أخرج مسلم في صحيحه من حديث عمران بن حصين – رضي الله عنه – أن النبي ﷺ كان في سفر ، فلعنت امرأة ناقةً ، فقال ﷺ : (( خذوا ما عليها ، ودعوها مكانها ملعونة )) ، فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد .  

ولهما عن أبي برزة الأسلمي – رضي الله عنه – أن النبي ﷺ قال : (( لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة ))  .

عباد الله : كم نحن بحاجة لتهذيب ألسنتنا ، وحفظها ، فاللسان يهدم الجبال من الحسنات ، ويوبق العبد في جهنم ، فرب كلمة قالت لصاحبها دعني ، ورب كلمة أدخلت العبد النار وهو لا يشعر .

أخرج مسلم في صحيحه من حديث عن جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له، وأحبطت عملك". وفي حديث أبي هريرة: أن القائل رجل عابد، قال أبو هريرة: "تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته".

وأخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّم ) َ.

عباد الله : إن اللسان على ما عود عليه ، فإن عوته على السب والشتم ، والكلام البذيء ، اعتاد عليه ، وإن عودته على الكلام الطيب والذكر اعتاد عليه .

عود لسانك قول الحق تحض به        إن اللسان لما عودت معتاد

اللهم نسألك صحة في إيمان ، وإيمانا في حسن خلق ............

 

المرفقات

1637895118_خطورة اللعن.docx

المشاهدات 2557 | التعليقات 0