خطبة: اللباس للصلاة
خالد الشريف
1446/07/06 - 2025/01/06 18:25PM
الخطبة الأولى:
إِنَّ الحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنا وَمِن سَيِّئاتِ أَعْمالِنا مِنْ يَهْدِهُ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَن يُضْلِلْ فَلَا هَادِي لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَريكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبادَ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ شَأْنَ الصَّلاةِ شَأْنٌ عَظيمٌ فَإِنَّ العَبْدَ يَقِفُ فِيهَا بَيْنَ يَدَيْ مَلِكِ المُلوكِ، يُعَظِّمُهُ وَيُمَجِّدُهُ، وَيُثْنِي عَلَيْهُ وَيَحْمَدَهُ، يَسْجُدُ لَهُ فِيهَا وَيَرْكَعَ، وَيَذِلَّ لِجَلالِ رَبِّهِ وَيَخْضَع، يَتَقَرَّبُ إِلَيْه بِتِلاوَةِ آيَاتِهِ، وَيَسْتَغْفِرُهُ مِنْ زَلّاتِهِ وَسَيِّئاتِه ، وَيَسْأَلُ رَبَّهُ الغَنيَّ كُلَّ حَاجَاتِهِ، يُؤَدّيها فِي بُيوتِ اللَّهِ ، وَأَحَبُّ البِلادَ إِلَى اللَّهِ، حَيْثُ يَشْهَدُهَا المَلائِكَةُ الأَبْرارُ ، وَعِبّادٌ صَالِحُونَ أَخْيار ﴿ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ فَحَريٌّ بِالْمُسْلِمِ أَنْ يُعَظِّمَ شَأْنَ صَلاتِهِ فَيَحَافِظُ عَلَيْهَا وَيَخْرُجُ إِلَيْهَا فِي هَيْئَةٍ حَسَنَةٍ، وَلِباسٍ حَسَنٍ، وَرِيحُ حَسَنٍ، قَال َتَعَالَى:﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ وَأَخْذُ الزّينَةِ فِي الصَّلاةِ عَلَى نَوْعَيْنِ، زينَةً واجِبَةً وَزينَةً مُسْتَحَبَّةٌ، فَالزِّينَةُ الواجِبَةُ هِيَ سَتْرُ العَوْرَةِ، فَلَا تَصِحُّ الصَّلاةُ وَاَلْعَوْرَةُ مَكْشوفَةً مَعَ القُدْرَةِ عَلَى سَتْرِها، والزّينَةُ المُسْتَحَبَّةُ مَا زَادَ عَلَى سَتْرِ العَوْرَةِ مِمَّا يَتَجَمَّلُ بِهِ، كَاَلْلِباسِ الحَسَنِ، والطّيبِ، والسِّواكِ. قَالَ رسولنا الكريم ﷺ " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَلْبَسْ ثَوْبَيه ، فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ مِنْ تَزَيَّنُ لَهُ" وَقَالَ ﷺ " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتَهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاةٍ " والْجُمُعَةُ وَالعِيدَين يَتَأَكَّدُ فِيهما التَّزَيُّن أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمَا، قَالَ ﷺ حَاثًّا أُمَّتَهُ عَلَى اَلْتُنَظَّفِ والتَّطَيُّبِ لِصَلَاةِ الجُمُعَةِ " الغُسْلُ يَومَ الجُمُعَةِ واجِبٌ علَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وأَنْ يَسْتَنَّ، وأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إنْ وجَدَ" وَقَالَ ﷺ "من اغتَسلَ يومَ الجمُعةِ ولبسَ مِن أحسَنِ ثيابِهِ ومَسَّ مِن طيبٍ إن كانَ عندَهُ ، ثمَّ أتى الجمُعةَ فلم يتخطَّ أعناقَ النَّاسِ ، ثمَّ صلَّى ما كَتبَ اللَّهُ لَهُ ، ثمَّ أنصَتَ إذا خرجَ إمامُهُ حتَّى يفرُغَ مِن صلاتِهِ كانَت كفَّارةً لما بينَها وبينَ جمعتِهِ الَّتي قبلَها ويقولُ أبو هُرَيْرةِ : وزِيادةٌ ثلاثةُ أيَّامٍ إنَّ الحسَنةَ بعشرِ أمثالِها" وَهَكَذَا كَانَ دَأَبَ سَلَفُكُمْ الصّالِح، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى: أَدْرَكَتْ أَصْحابَ بَدْرٍ وَأَصْحابِ الشَّجَرَةِ إِذَا كَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ لَبِسُوا أَحْسَنَ ثيابِهِمْ، وَإِذَا كَانَ عِنْدَهُمْ طَيِّبٌ مَسُّوا مِنْهُ ثُمَّ رَاحُوا إِلَى الجُمُعَةِ،
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْانِ الْعَظِيمِ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ لِلهِ عَلَى إِحْسانِهِ والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفيقِهِ وَامْتِنانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَريكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسولَهُ الدّاعي إِلَى رِضْوَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا . أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبادَ اللَّهِ ، وَعَظَّمُوا بُيوتَ اللَّه، وَلِيُرَبّي المُسْلِمَ نَفْسَهُ وَوَلَدَهُ وَأَهْلَهُ عَلَى تَعْظيمِ بُيوتِ اللَّهِ، عَن نافعٍ قالَ: رآني ابنُ عمرَ أُصلي في ثوبٍ واحدٍ، قال: ألم أكْسُكَ ثوبين؟ قلتُ: نعمْ، قال: فلو أرسلتُك في حاجةِ كنتَ تذهب هكذا؟ قلتُ: لا، قال: فاللَّهُ أحقُّ أن تَزَيَّن له. قُلتُ: لا قالَ: فاللَّهُ أحقُّ أن تزَّينَ لَهُ، ثمَّ قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ ﷺ يقولُ "إذا لم يَكُن لأحدِكُم إلَّا ثَوبٌ واحدٌ فليشدَّ بِهِ حقوَهُ، ولا يشتمِلْ بِهِ اشتِمالَ اليَهودِ". إِخْوَةُ الْإِيمَانِ : اجْتَنِبُوا مَا لَا يَلِيقُ بِحُرْمَةِ الصَّلاةِ وَمَكانَةِ المَسْجِدِ، وَمَا لَا يَلِيقُ بِالْمُسْلِمِ أَنْ يُقابِلَ بِهِ أَهْلُ المَسْجِدِ مِمَّنْ يُشَارِكُونَهُ أَداءَ هَذِهِ العِبادَةِ الجَليلَةِ، فَمِن ذَلِكَ لُبْسُ المَلابِسِ غَيْرِ اللّائِقَةِ، كَثيابِ النَّوْمِ، والثّيابِ المُتَّسِخَةَ أَوْ ذَاتِ الرّائِحَةِ الكَريهَةِ، وَإِمَّا لِكَوْنِهَا قَصيرَةً تَكْشِفُ الفَخِذَين عِنْدَ الرُّكوعِ والسُّجودِ والْجُلوسِ، كَبَعْضِ المَلابِسِ الرّياضيَّةِ ،أَوْ لِأَنَّ عَلَيْهَا رُسُومًا تُنافي الشَّرْعَ أَوْ الآَدَابَ العامة. كَمَا يَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَصونَ المَسْجِدَ عَنْ الرَّوائِحِ الكَريهَةِ المُسْتَخْبَثَةِ فَقَدْ نَهَى النَّبيُّ آكُلُ الثّومَ والْبَصَلَ عَنْ حُضورِ الجَماعَةِ حَتَّى لَا يُؤْذِيَ المَلائِكَةَ وَالمُصَلِّينَ بِريحِها، وَالأشَـــرٌّ مِنْ رائِحَةِ اَلْبَصَلِ والثّومِ رائِحَةُ الدُّخانِ عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ حَرامُ اَلشُّرْبِ خَبيثُ الرّيحِ مُتْلِفٌ لِلْمَالِ، مُفْسِدٌ لِلصِّحَّةِ. وَمِمَّا يَنْبَغِي أن نصَوْنُ المَساجِدِ عَنْهُ رَفْعُ الصَّوْتِ رَفْعًا يُشَوِّشُ عَلَى المُصَلِّينَ وَلَوْ كان بِقِراءَةِ القُرْآنِ أَوْ الدُّعاءِ، فَقَدْ نَهَى النَّبيُّ عَنْ ذَلِكَ فَعَظِّمُوا شَرائِعَ اللَّهِ وَحُرُماتِهِ قال تعالى: ﴿ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ﴾
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلَّمُوا.
المرفقات
1736274718_خطبة عن اللباس للصلاة.pdf