خُطْبَةُ الْـمَسْحُ عَلَى الْـخُـفَّـيْـنِ:
د صالح بن مقبل العصيمي
خُطْبَةُ الْـمَسْحُ عَلَى الْـخُـفَّـيْـنِ:
الخُطْبَةُ الْأُولَى:
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
عِبَادَ اللهِ؛ إِلَيْكُمْ أَهَمُّ ثلَاثَّة وثَلَاثُّونَ مَسْأَلَةً ،في أَحْكَامُ الْـمَسْحِ عَلَى الْـخُـفَّـيْـنِ وَالْـجَـبِـيـرَةِ وهي :
الْأُولَى: لَا يَصِحُّ الْـمَسْحُ عَلَي الْـخِفَافِ إِلَّا مِنَ الْـحَدَثِ الأَصْغَرِ كالبولِ، والغَائِّطِ، والْرِّيْحِ، وأكْلِ لَحْمِ الإبلِ، والْمَذْيِّ، والودْيِّ، والاسْتِيْقَاظِ منَ الْنَّوْمِ. أَمَّا الْحدثُ الأكبرُ: كَالجنابةِ ،والحيضِ ،وَالْنُّفَاسِ؛ فَلَا يُـمسحُ بَعْدُّهَا ،بَلْ لابُدَّ مِنْ خَلْعِ الْخِفَافِ وَالْجَوَارِبِ ،لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْغسْلُ الْكَامِل لِلْجِسْمِ بِمَا فِيْ ذَلِكَ الْأَقْدَام، .
الثَّانِيَةُ: يَـجِبُ أَنْ تَكُونَ الْـخِفَافُ والجواربُ التِـي يُـمْسَحُ عَلَيهَا طاهِرَةً؛ فَإِذَا تَعَلَّقَتْ بِـهَا نَـجَاسَةٌ؛ فَلَا يَـجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا، إِلَّا بَعْدَ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْهَا.
الثَّالِثَةُ: يَـجُوزُ تَعَمُّدُ لِبْسَ الـخُفَّيْـنِ مِنْ أَجْلِ الْمَسْحِ عليهِمَا.
الرَّابِعَةُ: مَنْ كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ، ثُـمَّ بَدَأَ يُدُافِعُ الأَخْبَثَيْـنِ؛ فَلَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْـخُفَّيْـنِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَـمْسَحَ عَلَيْهِمَا، لأَنَّ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ جَوَازِ صَلَاتِهِ، وَهُوَ يُدَافِعُ الأَخْبَثَيْـِن ،خَشْيَةُ اِشْتِغَالِ قَلْبِهِ بِالْمُدَافَعَةِ؛ مِـمَّا يُذْهِبُ خشوع فِي الصلاةِ، وَرُبَّـمَا عَجَزَ عَنِ الإِتْيَانِ بِـهَا عَلَى الْوَجْهِ الأَكْمَلِ، بَيْنَمَا هَذِهِ الْعِلَلُ لَا ُتوجَدُ فِي االْـخُفَّيْـنِ إِذَا لَبِسَهُمَا وَهُوَ يُدَافِعُ الأَخْبَثَيْـنِ؛ فَلَا تَضُرُّهُ هَهُنَا الْمُدَافَعَةُ.
الْـخَامِسَةُ: طريقةُ الْمَسْحِ عَلَى الْـخُـفَّـيْـنِ: أنْ يُبَلِّلَ كفيه بالْمَاءِ، ثُـمَّ يُـمِرُّهَا مِنْ على رؤوسِ أصَابِعِ قَدَمَيْهِ، مَعَ جَرِّهَا إِلَى بِدَايَةِ سَاقِهِ خَطًّا بِأَصابِعِهِ، والأفضلُ أنْ يضَعَ يَدَهْ اليُمْنَـى عَلَى خُفِّهِ الأيـمنِ، ويدَهُ اليُسرَى عَلَى خُفِّهِ الأيسرِ، ثُـمَّ يَـمْسَحُ على قَدَميْهِ مَسْحَةً واحِدَةً، في وقٍت وَاحِدٍ. وقَالَ أحمدُ رحِـمَهُ اللهُ: (وكيفَمَا فَعَلْتَ؛ فَهُوَ جَائِزٌ بيدٍ وَاحِدَةٍ، أَو باليدَيْنِ).
السَّادِسَةُ: أَنْ يَكُونَ الْـمَسْحُ عَلَى ظاهِرِ الخفيـنِ، دُونَ باطنِهِمَا.
السَّابِعَةُ.: أنْ يَـمسحَ عَلَى خُفَّيْهِ مَسْحَةً واحدَةً، وَلَا يُكَرِّرُ المسحَ.
الثَّامِنَةُ: لا يَلْبَسُ الْـخُفَّ الأَيْـمَنَ إِلَّا بَعْدَ غَسْلِ القدمَ اليُسرَى؛ فَإِنْ لبِسَهُ، ثُـمَّ غَسَلَ القدمَ اليُسرَى، ولبسَ خُفَّهَا؛ فَعَلَيْهِ خَلْعُ الْـخُفِّ الأيمنِ، وإعادةُ لِبْسِهِ بعدَ غَسْلِهِ للقدمِ اليُسرَى، منْ غيرِ غَسْلٍ جديدٍ للقدمِ اليُمَنَـى؛ لأنهُ سَبَقَ لَهُ غَسْلُهَا.
التَّاسِعَةُ: لَيْسَ شَرْطًا، أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ لِبْسِ الْـخِفَافِ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا؛ فَلَوْ لَبِسَهُمَا مِنْ غَيْـرِ نِــيَّــةٍ المسحِ عَلَيْهِمَا، ثُـمَّ مَسَحَ عَلَيْهِمَا؛صح مَسْحُهُ.
الْعَاشِرَةُ: إِذَا تَيَمَّمَ ثَـمَّ لَبِسَ الْـخُفَّ؛ لَـمْ يَكُنْ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيهِ إِذَا وَجَدَ الْماءَ؛ لأَنَّ لِبْسَهُ للخُفِّ هُنَا لَـمْ يَكُنْ عَلَى طَهَارَةٍ أَصْلِيَّةٍ، بَلْ كَانَ عَلَى طَهَارَةِ بَدَلٍ، تَزُولُ بِزَوَالِ سَبَبِهَا، وَقَدْ زَالَ بِـحُصُولِهِ عَلَى الْمَاءِ، أَوْ قُدْرِتِهِ عَلَى اِسْتِعْمَالِهِ .
الْـحَادِيَةَ عَشْرَةَ: لَا يُـجْزِئُ غَسْلُ الْـخُفِّ عَنْ مَسْحِهِ؛ إِلَّا إِذَا أَمَرَّ يَدَيْهِ علَى الْـخُفَّيْـنِ أثنَاءَ الْغَسْلِ؛ فَلَعَلَّهُ يُـجْزِئُ.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: لَا يجوزُ الْمسحُ على قدمٍ، وغَسْلُ أخرَى؛ كَمَنْ يَلبسُ الخفَّ في قدمٍ، ويجعلُ الأخرَى مكشوفةً، إلا إذَا كانتْ الَّتِـي عَلَى القَدَمِ جَبِيـرَةً؛ فَإِنَّـهُ يِـمْسَحُ عَلَيْهَـا كَجَبِيـرَةٍ، لَا كَخُفٍّ.
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: يـجوزُ للمُستحَاضَةِ، ومَنْ بِهِ سَلَسُ البَوْلِ، واستِطْلَاقُ الرِّيحِ؛ المسحُ عَلَى الْـخُـفَّـيْـنِ، إذَا لَبِسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ؛ بلْ هُمْ احوج مِنْ غَيْـرِهِمْ فِي الأَخْذِ بِـهَذِهِ الرُّخَصِ.
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ:
1-إذَا نَزَعَ خُفَّيْهِ، وَهُو عَلَى طَهَارَةٍ؛ فَطَهَارَتُهُ بَاقِيَهٌ لَا تَنْتَقِضُ بِنَزْعِ الْـخُفِّ؛ لأَنَّ خَلْعَهُ للخُفِّ لَيْسَ نَاقِضًا للوضُوءِ. حَيْثُ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «أنه تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ فَخَلَعَهُمَا وصلى»، رواه ابنُ أبي شيبةَ في مُصَنَّفِهِ بسندٍ صحيحِ. واختَارَ هَذَا القولَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيِمِيَّةَ، والإمامُ ابنُ عُثَيْمِينَ، وَمُـحَدِّثُ العصرِ الإمامُ الألبَانِــيُّ، وَعَدَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
2-فَإِنْ عَادَ وَلَبِسَهُمَا، ثُـمَّ اِنْتَقَضَ وُضُوؤُهُ؛ فَلَابُدَّ لَهُ عِنْدَ وُضُوئِهِ أَنْ يَـخْلَعَهُمَا، وَيَغْسِلَ قَدَمَيْهِ؛ لأَنَّهُ لَبِسَ هنا للخف أَوِ الْـجَوْرَبَ كان عَلَى طَهَارَةٍ لَـمْ تُغْسَلْ فِيهَا القَدَمَانِ.
الْـخَامِسَةَ عَشْرَةَ: مُدَّةُ الْـمَسْحِ لِلْمُقِيمِ يومٌ وليلةٌ؛ أَيْ خَـمْسَةُ فُرُوضٍ، وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّــامٍ بِلَيَالِيهِنَّ؛ أَيْ: خَـمْسَةَ عَشْرَ فَرْضًا؛ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صحيحِهِ ،عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ».
السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: يُـحْسَبُ وَقْتُ الْمَسْحِ عَلَى الْـخُفَّيْـنِ من أَوَّلِ مَسَحٍ بَعْدَ الحدثِ، ولا يُنظرُ إِلَى وَقْتِ اللبْسِ، ولا إلى وقتْ انتقاضِ الوُضُوءِ. وَإنـَّمَا يَبْتَدِأُ اِحْتِسَابُ الْمَسْحِ مِنْ أَوَّلِ مَسْحَةٍ لَهُ عَلَى خُفِّهِ؛ فَيُصَلِّي بَعْدَ الْمَسْحِ خَـمْسَةَ فُرُوضٍ. فَلَو اِفْتَـرَضْنَا أنَّ رجُلًا لَبِسَ خُفَّهُ قبلَ صَلَاةِ الفجرِ، ولم يَمْسحْ إِلاَّ لِصَلاةِ الْعَصرِ؛ فلهُ أن يمسحَ عَلَى خُفَّيهِ لِصَلَوَاتِ: الَعَصرِ، وَالْمَغْربِ، وَالْعِشَاءِ، وَالْفَجْرِ، وَالْظُّهرِ. وَلَوْ حَسَبَ أربعةً وَعِشْرِينَ ساعةً مِنْ لِبْسِهِ للخُفِّ؛ فَهَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا وَجِيهٌ.
السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: مَنْ مسحَ بعدَ انتهاءِ مدةِ الْمَسْحِ نَاسِيَّاً أو مُتَعَمِّدًا، ثم صلَّى؛ فصلاتُهُ باطلةٌ، وعليهِ الإعادَةُ مهْمَا كثُرَتِ الصلواتُ.
الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: لوْ شَكَّ: هَلْ ابتدأَ المسحَ مَثَلاً مِنْ صَلاةِ الْظُّهرِ أَوْ الْعَصْرِ، وَلَمْ يترجَّحْ عندَهُ شيءٌ منهُمَا؛ فإنَّهُ يَبْنِـي عَلَى الأصلِ؛ فيعتبـرُ نفسَهُ مَسَحَ منَ العصرِ؛ لأنَّهُ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ مِنْهُ، أَمَّا الظهرُ فشَاكٌّ بِهِ، واليقيـنُ لَا يزولُ بالشَّكِّ.
التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: يـجوزُ المسحُ عَلَى الجوربَيْـنِ، سَوَاءَ أَكَانَتْ مِنَ الْنَّايْلُوْن أَوْ الْصُّوْف أَوْ الْقُطن، وَالَّتِـي تُعْرَفُ فِي عصرِنَا بالشُّرَّابِ كَذَلِكَ لَهْ المسحُ عَلَى الْـخُفَّاف، وَالْكَنَادرِ.
الْـعِشْرُونَ: يُشتَـرَطُ أنْ تَكُونَ الـخِفَافُ التِـي يُـمْسَحُ عليهَا سَاتِرَةً لِمَحَلِّ الْفَرْضِ؛ وَهُوَ أن تكون إِلَى الْكَعْبَيْـنِ، فإنْ كَانَتْ غيْـرَ سَاتِرَةٍ لِمَحِلِّ الفرضِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَـمْسَحَ عَلَيْهَا؛ إِلَّا إِذَا كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ خَلْعُهَا؛ ويَحْتَاجَ عند خَلْعِهَا ؛لاستِخْدَامِ يَدِهِ أَوْ قَدَمِهِ، فَلَهُ فِيْ هَذِهِ الْحَالةِ أَنْ يَـمْسَحَ عَلَيْهَا.
الْـحَادِيَةُ وَالْـعِشْرُونَ: يَـجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْـخُفِّ الْمَخْرُوقِ، إِذَا كَانَ الْـخَرْقُ يَسِيـرًا، وَالْفَتْقُ مُعْتَادًا، وَرَدَّ شَيْخُ الإِسْلَامِ عَلَى مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ فَقَالَ: (وَمَنْ مَنَعُوا ذَلِكَ؛ فَقَدْ ضَيَّقُوا تَضْيِيقًا يُظْهِرُ خِلَافًا للشريعةِ؛ بِلَا حُجَّةٍ مَعَهُمْ أَصْلًا) وَقالَ أيْضًا: (وَكَثِيـرٌ مِنْ خِفَافِ الناسِ لَا يخلُو مِنْ فَتْــقٍ، أَو خَرْقٍ؛ يَظْهَرُ مِنْهُ بَعْضُ القَدَمِ، فَكُلُّ مَنْ لَبِسَ خُفًّا وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ؛ فَلَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، سَوَاءَ أَكَانَ غَنِيًّا أَمْ فَقِيـرًا، وَسَوَاءَ أَكَانَ الْـخُفُّ سَلِيمًا أَمْ مَقْطُوعًا) وَقَالَ سُفْيانُ رَحِـمَهُ اللهُ: (وَهَلْ كَانَتْ خِفَافُ الْمُهَاجِرِينَ إِلَّا مُـخَرَّقَةً مُشَقَّــقَةً مُرَقَّــعَــةً؟)
الثَّانِيَةُ وَالْـعِشْرُونَ: يَـجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْـخُفِّ الشَّفَّافِ؛ لِعَدَمِ تَفْرِيقِ الشَّرِيعَةِ بِالْمَسْحِ عَلَى الْـخِفَافِ وَالْـجَوَارِبِ بَيْـنَ الشَّفَّافِ وغَيْـرِهِ، (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا).
الثَّالِثَةُ وَالْـعِشْرُونَ: مَنْ مَسَحَ مُقِيمًا ثُـمَّ سَافَرَ؛ فَلَهُ أَنْ يَسْتَمِرَّ فِي الْمَسْحِ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ قَدْ بَدَأَ قَبْلَ اِنْتِهَاءِ مُدَّةِ مَسْحِ الْمُقِيمِ.
الرَّابِعَةُ وَالْـعِشْرُونَ: مَنْ مَسَحَ مُسَافِرًا، ثُـمَّ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ؛ فَإِنْ كَانَ قَدْ أَتَـمَّ يَوْمًا فِي سَفَرِهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ الْمَسْحُ؛ لأَنَّ مُدَّةَ مَسْحِ الْمُقِيمِ قَدِ انتَهَتْ، وَسَفَرُهُ قَدِ اِنْقَطَعَ.
الْـخَامِسَةُ وَالْـعِشْرُونَ: مَنْ لَبِسَ خُفَّيْـنِ فَوْقَ بَعْضِهِمَا، أو خُفًّا وَجَوْرَبًا؛ فَلَهُ أَنْ يَـمْسَحَ عَلَى مَا شَاءَ مِنْهُمَا: الأَعْلَى أَوِ الأَسْفَلِ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَمِرَّ فِي الْمَسْحِ عَلَيْهِ.
السَادِسَةُ وَالْـعِشْرُونَ: لو لَبِسَ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ، ثـُمَّ أَحْدَثَ، ثُـمَّ لَبِسَ خُفًّا آخَرَ بَعْدَ الْـحَدَثِ، فَوْقَ الْـخُفِّ الأوِل؛ فَإِنَّهُ يَـمِسَحُ عَلَى الْـخُفِّ الأوَّلِ الَّذِي لَبِسَهَ قَبْلَ الْـحَدَثِ، وَلَا يَـجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْـخُفِّ الأخيرِ؛ لأَنَّهُ لُبِسَ عَلَى غَيْـرِ طَهَارَةٍ.
السَّابِعَةُ وَالْـعِشْرُونَ: مَا يُلْبَسُ مِنَ الْقُبَّعِ الشَّامِلِ لِلرَّأْسِ والأُذُنَـيْـنِ، والَّذِي قَدْ يَكُونُ فِــي أَسْفَلِهِ لَــفَّــةٌ عَلَى الرَّقَبَةِ، وكذلكَ الخوذةُ التي يلبسُهَا الخيالةُ وراكبُو الْدَّرَاجَاتُ الناريةِ؛ فَــإِنَّ هَذَه يُــمْسَــحُ عَلَيْهِا؛ لِــمَشَـقَّـةِ نَــزْعِــهِا، قياسًا على الْــعِـمَامَةِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ.
****************************
———— الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:—————
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.
عِبَادَ اللَّهِ؛ أَجَازَ الشَّارِعُ الْـحَكِيمُ الْمَسْحَ علَى الْـجَبِيـرَةِ؛ وَهِيَ مَا يُوضَعُ لِشَدِّ الْكُسُورِ، وَعِلَاجِ الْـجُرُوحِ وَالأَمْرَاضِ؛ سَوَاءَ أَكَانَتْ الْـجَبِـيـرَةُ مِنْ جِبْسٍ أَوْ شَاشٍ، أَوْ لَصَقَاتٍ أَوْ غَـيْـرِهَا. وَأَمَّا الْـجَبِيـرَةِ فيُـمْسَحُ عَلَيْهَا من الْـحَدَثِ الأَصْغَرِ وَالْـحَدَثِ الأَكْبَـرِ
التَّاسِعَةُ وَالْـعِشْرُونَ: إِذَا كَانَ جُزْءًا مِنَ الْعُضْوِ الْوَاجِبِ غَسْلُهُ عَلَيهِ جَبِيـرَةٌ، وَبَاقِي الْعُضْوِ مَكْشُوفًا؛ فَإِنَّ حَقَّ الْعُضْوِ الَّذِي عَلَيْهِ الْـجَبِيـرَةُ الْمَسْحُ، وَحَقَّ الْعُضْوِ الْمَكْشُوفِ الْغَسْلُ، وَمِثَالُ ذَلِكَ: إِذَا وَضَعَ جَبِيـرَةً عَلَى كَفِّهِ؛ فَالْكَفُّ يُـمْسَحُ، وَالسَّاعِدُ يُغْسَلُ؛ إِلَّا إِذَا تَضَرَّرَ السَّاعِدُ مِنَ الْغَسْلِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَغْسِلَهُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَـتَيَمَّمَ لَهُ بَعْدَ اِنْتِهَائِهِ مِنَ الوُضُوءِ.
الثَّلَاثُونَ: الْـجَبِيـرَةُ لَابُدَّ أَنْ يُعَمَّمَ الْمَسْحُ عَلَيهَا مِنْ جَـمِيعِ الْـجِهَاتِ، بِعَكْسِ الْـخُفِّ وَالْـجَوْرَبِ؛ فإنه يَـمْسحُ أَعْلَاهُـمَا.
الحاديةُ والثلاثونَ: الْـجَبِيـرَةِ يُـمْسَحُ عَلَيْهَا مَا دَامَتِ الْـحَاجَةُ دَاعِيَةً إِلَى بَقَائِهَا عَلَى جَسَدِهِ، فَلَا يُشْتَـرَطُ لَـهَا مُدَّةٌ مَحَدَّدَةٌ.
الثانية والثلاثون: لَا تَـخْتَصُّ الْـجَبِيـرَةُ بِعُضْوٍ مُعَيَّـنٍ مِنَ الْـجَــسَدِ.بَلْ يُـمْسَحُ عَلَيهَا فْي مَكَان مِنْ جَــسَدِهِ إِذَا كَانَ مِنْ أَعْضَاءِ الوُضُوءِ.
الثالثةُ والثلاثونَ: لَا يُشْتَـرَطُ لِصحة المسحِ عَلَى الْـجَبِيـرَةِ أَنْ تُوضَعَ بَعْدَ طَهَارَةٍ ، لِمَشَقَّةِ ذلكَ .
الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاِقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، «اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
اللَّهُمَّ اُنْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا، وَاِرْبِطْ عَلَى قُلُوبِـهِمْ، وَثَبِّتْ أَقْدَامَهُمْ، وَانصُرْهُمْ عَلَى الْقَوْمِ الظَّالِمِيـنَ. اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.
المرفقات
الجمعة-بعنوان-المسح-على-الخفين
الجمعة-بعنوان-المسح-على-الخفين
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق