خطبة العيد للشيخ أحمد الحزمي

الفريق العلمي
1436/09/29 - 2015/07/16 12:29PM
[align=justify]
الحمد لله الذي أكمل لنا الدين. وأتمَّ علينا النعمة، وجعل أمتنا خير أمة، وبعث فينا رسولاً منا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة.
أحمده على نعمه الجمَّة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تكون لمَنِ اعتصم بها خير عصمة.

وأشهد أنَّ مُحمَّدًا عبده ورسوله. أرسله للعالمين رحمة، وفرض عليه بيان ما أنزل إلينا. فأوضح لنا كل الأمور المهمَّة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه. صلاةً تكون لنا نورًا من كل ظلمة، وسلم تسليمًا

أمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم ـ أَيُّها النَّاسُ ـ ونفسِي بِتَقوى اللهِ عزَّ وَجَلَّ، فَإِنها خَيرُ الزَّادِ لِيَومِ المَعَادِ، وَتَقَلَّلُوا مِنَ الدُّنيَا وَتَخَفَّفُوا مِن أَحمَالِهَا وَأَثقَالِهَا، فَإِنما هِيَ إِلى فَنَاءٍ وَنَفَادٍ،( يَا قَومِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ.

الله أكبَر، الله أكبر، لا إلهَ إلاّ الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون: عيدُكم مُبارك، وتقبَّل الله صيامَكم وقيامَكم، وصلواتكم وصدقاتكم، وجميعَ طاعاتكم، وكما فرِحتم بصيامكم، فافرحوا بفِطركم، وقد علِمتم أن للصائم فرحتان: فرحة عند فِطره، وفرحة بلقاء ربه، أدَّيتم فرضَكم، وأطعتُم ربَّكم، صُمتم وقرأتُم وتصدَّقتُم، فهنيئًا لكم ما قدَّمتم.

أبشروا ايها الصائمون، أبشروا أيها القائمون، أبشروا أيها التالون لكتاب ربكم والخاتمون، أبشروا أيها الباذلون والمنفقون، أبشروا أيها الذاكرون والداعون، أبشروا أيها المعتمرون، أبشروا أيها المعتكفون، أبشروا أيها الفائزون برمضان أبشروا جميعاً بالفضل من الله ، أبشروا بروح وريحان ورب غير غضبان لقد وعدكم الكريم وقوله حق ووعده حق، وعدكم بالمغفرة والرضوان والعتق من النيران فما أعظم حظ الفائزين اليوم

إن حقكم أن تفرحوا بعيدكم وتبتهِجوا بهذا اليوم. يوم الزينةِ والسرور، ومن حقِّ أهل الإسلام في يوم بهجتهم. أن يسمعوا كلامًا جميلاً، وحديثًا مُبهِجًا، وأن يرقُبوا آمالاً عِراضًا ومُستقبلاً زاهرًا لهم لدينهم ولأمتهم.

لا تجعلوا شيئاً يُكدِّر عليكم سعادة هذا العيد وبهجته لا تتذكروا الأحزان والآلام لا تجعلوا حديث الُكرة ِوالتعصب الرياضي يسلب منكم أُنسه وبهجته لا يكن للوم والعتب سبيل للنيل من هذه الفرحة.

افرحوا يا أمة الإسلام وابتهِجوا واسعَدوا، وانشروا السعادةَ والبهجةَ فيمن حولكم. اسعدوا الأطفال بالسلام والاحتفاء والهدايا أيها المسلمون عباد الله: إن علينا جميعًا أن نتوجه إلى المولى -سبحانه وتعالى- بالشكر على أن وفقنا للصلاة والصيام وقراءة القرآن والقيام وسائر الأعمال، وختم لنا شهر رمضان بعيد الفطر المبارك ليدخل البهجة والفرح إلى النفوس مع ما يدخره لعباده. من أجر وثواب يوم القيامة في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.

كان مسلمة بن عبد الملك على رأس جيش للمسلمين. يحاصرون قلعة عظيمة للروم.ولكن القلعة استعصت على جيش المسلمين. لارتفاع أسوارها ولإغلاق جميع المنافذ إليها ، الأمر الذي رجّح كفة جنود الروم، فأخذوا يقذفون جيش المسلمين من أعلاها ، فازداد تعب وإنهاك جنود المسلمين

وفي الليل. قام أحد جنود المسلمين بفكرة مستحيلة ، إذ أنه تخفى بمفرده. إلى أن وصل باب القلعة. وظل ينقب فيه وينقب. حتى استطاع أن يُحدث به نقباً. ثم رجع دون أن يُخبر أحداً ، وعند الغد. تأهب المسلمون للقتال كعادتهم ، فدخل هذا البطل من النقب. وقام بفتح الباب. فتدافع المسلمون وتسلّقوا أسوار القلعة. وما هي إلا لحظات. حتى سمع الروم. أصوات تكبيرات المسلمين على أسوار قلعتهم. وداخلوا ساحتها فتحقّق لهم النصر .وبعد المعركة. جمع القائد مسلمة بن عبدالملك الجيش ، ونادى بأعلى صوته : مَن أحدث النقب في باب القلعة فليخرج لنُكافئه ..فلم يخرج أحد !فعاد وقالها مرة أخرى ، من أحدث النقب فليخرج ..فلم يخرج أحد !ثم وقف من الغد وأعاد ما قاله بالأمس .. فلم يخرج أحد !وفي اليوم الثالث ، وقف وقال : أقسمتُ على من أحدث النقب أن يأتيني أي وقت يشاء من ليل أو نهار .وعند حلول الليل والقائد يجلس في خيمته ، دخل عليه رجلٌ ملثّم ، فقال مسلمة : هل أنت صاحب النقب ؟فقال الرجل : إنَّ صاحب النقب يريد أن يبرّ قسم أميره ولكن لديه ثلاثة شروط حتى يلبّيَ الطلب فقال مسلمة : وما هي ؟قال الرجل : أنْ لا تسأل عن اسمه ، ولا أن يكشف عن وجهه ، ولا أن تأمر له بعطاء .فقال مسلمة : له ما طلب .عندها قال الرجل : أنا صاحب النقب ، ثم عاد أدراجه مسرعاً واختفى بين خيام الجيش !فوقف مسلمه والدموع تخوض في عينيه وهو يقرأ : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا .. )

فكان مسلمة بعد ذلك يقول في سجوده : اللهم احشرني مع صاحب النقب ، اللهم احشرني مع صاحب النقب .
أيها المؤمنون.

إن عبادةَ اللهِ لا تقومُ ولا تستقيمُ إلا بالإخلاصِ له، فالإخلاصُ للهِ هو حقيقةُ الدِّينِ، ولبُّ العبادةِ، وشرطُ قبولِ العملِ، فهو بمنزلةِ الأساسِ للبنيانِ، وبمنزلةِ الرُّوحِ للجسدِ، فلا عبادةَ ولا عبوديةَ لمن لا إخلاصِ له،:فجاهِدوا ياعبادَ اللهِ أنفسَكم حتى تكونوا من أهلِ الإخلاصِ، الذين أعمالُهم كلُّها للهِ وحدَه، لا يُريدون بذلك من الناسِ جزاءً ولا شكوراً

فأصحاب الطاعات لا يفخرون أبدا بأعمالهم أمام الناس ولا يتباهون بها أمام الخلق بل يُخْفونها أشد الخفاء حتى من أقرب الناس إليهم0
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.

أوصى الله عيسى ﷺ بالصلاة وهو في المهد صبيًا. لكم أن تتخيلوا وليدًا في مهده يقول: (وأوصاني بالصلاة) , يترك إبراهيمُ ﷺ أهله في صحراء قاحلة، ثم يقول"ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة"! انها الصلاة,يا عباد اللهيأتي موسى ﷺ لموعدٍ لا تتخيل العقول عظمته، فيتلقى أعظمَ أمرين: "إنني أنا الله لا إله إلا أنا فـاعبدني.. وأقم الصلاة لذكري"! انها الصلاة, سليمان ﷺيضربُ أعناقَ جياده الحسان ,لأنها أشغلته عن صلاة العصر! انها الصلاة يُشغل الكفارُ رسول الله عليه السلام عن صلاة العصر فيدعوا عليهم دعاءً مرعباً " ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً كما شغلونا عن الصلاة!.

هذه هي الصلاة ـ يا عبد الله ـ وإنها لكذلك وأكثر من ذلك، ولماذا لا تكون؟ وهي الصلة بين العبد وربه، نورٌ في الوجه والقلب، وصلاحٌ للبدن والروح، ترفع الدرجات وتكفر السيئات، وتنهى عن الفحشاء والمنكر. : (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ)
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.

وإن من أعظم ما نتذاكَرُ به ونشكُرُه ولا نكفُرُه، ويشكُرُه جميعُ أهل الإسلام: ما أنعمَ الله به على هذه البلاد -بلاد الحرمين الشريفين- من نعمة التوحيد والوحدة، وإقامة الشرع، وبسط الأمن، ورخاء العيش، ونعوذ بالله من التقلُّبات السياسية، والحروب الأهلية، والتحزُّبات الطائفية.
كانت بلادُكم مُمزَّقةً سياسيًّا وتاريخيًّا وأمنيًّا، كان بلدًا مُتناحِرًا يعيشُ على هامِش التاريخ، ثم أصبحَ بيت الله الحرام، ودار المسلمين، انتقل من الفوضَى الضارِبة، والضياع المُمزِّق، والجهل الحالِك، والمرض المُنتشِر، والخوف المُهلِك، إلى الأمن والاستقرار، والوحدة والنظام، والتوحيد والطمأنينة، والعلم والصحة، وسلامة الفِكر والتحضُّر. فلله الحمدُ والمنَّة.

أيها الإخوة في الله: لا يعرفُ فضائل الأمن إلا من اكتوَى بنارِ الخوف والرُّعب، والفوضَى والتشريد والغُربة، عالمٌ حولكم تجتاحُه فتنٌ وحروبٌ، ومجاعاتٌ وقلاقِل، يُحيطُ بهم الخوفُ والجوعُ، واليأسُ والقلق، سلبٌ ونهبٌ، وفوضَى عارِمة، وغابة مُوحِشة، دماءٌ تُراق، في أعمالٍ نكراء، وفتنٍ عمياء. حفِظَهم الله ورحمهم، وأعادَ إليهم أمنَهم، واستقرارَهم ورخاءَهم

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.

أمة الإسلام: إنَّ من أعظم سمات المسلم, التفاؤل وحسن الظن بالله, والتفاؤل عبادةٌعظيمة, وطاعةٌ نتقرب بها إلى الله تعالى ولو في أحلك الظروف, وهذا نبي الله يعقوبُ, وهو في قمة التفاؤل مع شدة المصيبة, وهول الفاجعة, فَقَدْ فَقَدَ ابنه يوسف عليه السلام, ثم مضت سنواتٌ على فقده وغيباه عنه, ثم يفقد ابنه الْمحبوبَ الآخر, فماشعورُ أبٍ يفقد أعزَّ اثنين من أبنائه؟ وأما يعقوبُ فله شأنٌ آخر, حيث لا تزيده المصائب إلا أملاً, {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِوَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِإِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} قال هذه العبارةَ المليئةَ بالأمل والتفاؤل, وهو لا يزال يرجو عودةيوسف عليه السلام, الذي مضى على غيابه سنواتٌ طويلةٌ, انقطعتْ فيها أخباره, واندثرتْ فيها آثارُه, وهذا إمامنا وحبيبنا صلّى اللّه عليه وسلّم, ضرب أعظم الأمثلة فيالتفاؤل, فهذا خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ رضي الله عنه، يأتي شاكياً إِلَى رَسُولِاللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِيظِلِّ الكَعْبَةِ, وَقَدْ لَقوا مِنَ المُشْرِكِينَ شِدَّةَ الأذى والحصار، فَقالله: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا, أَلاَ تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ: «وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَىحَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ،وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ( عندما تنظر إلى واقع إمة الإسلام اليوم تجد جراحات كثيرة وفجائع عظيمة تحيط بها فهاذه فلسطين, والعراق والشام واليمن وبورما وأفريقيا الوسطى كلها تشكي حالها وتندب حظها. وهنا لا بد أن يكون التفاؤل حاضراً. والثقة بنصر الله تعالى قريباً, مع بذل الأسباب كالدعاء والدعم المادي والإعلامي وأما على مستواك الشخصي فاحذر كل الحذر من سيطرة مشاعر النقص والإحباط في حياتك. أو الخوف الدائم من المستقبل. وتشاؤمك من ذلك. سواء كان ذلك في صحتك وعافيتك. أو في مستقبل أبنائك. أو ما سيئول إليه مجتمعك. أو التفكير بأن الحظ السيء. حليفك دائماً. أو النظر إلى ماعند الآخرين. بدافع الحسد أو الجشع أو الطمع.وأخيراً لنحذر من إشاعة روح التشاؤم في المجتمع, وبث الأخبار التي فيها تثبيطالعزائم, ونشر الخوف والهلع بين الناس, والأخبار الحزينةِ, "وإِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ ، فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ".

بارك الله لي ولكم في العيد السعيد، وأعادهالله علينا وعليكم بالعمر المزيد للأمد البعيد. أقول قولي هذا وأستغفر الله ليولكم

الخطبة الثانية

الحمد لله كثيرا، والله أكبر كبيرا؛ أفرحنا بالعيد، ورزقنا الجديد، ومتعنا بالعيش الرغيد؛ فله الحمد لا نحصي ثناء عليه كما أثنى هو على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ جعل العيد من شعائره المعظمة {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد

من الشباب ينشأ العلماء العاملون، والجنود المجاهدون، والصناع المحترفون، إذا صلحوا سعدت بهم أمتهم، وقرت بهم أعين آبائهم وأمهاتهم، وامتد نفعهم وحسنت عاقبتهم.

أيها الشباب: إن الجري وراء الشهوات والعواطف، وحب الراحة وإيثار اللذة هو الذي يسقط الهمم، ويفتر العزائم، فكم من فتيان يتساوون في نباهة الذهن وذكاء العقل، وقوة البصيرة، ولكن قوي الإرادة فيهم، وعالي الهمة، هو الكامن المتفوق، يجد ما لا يجدون، ويبلغ من المحامد والمراتب ما لا يبلغون .يا شباب: يا ترى ما كان يشغل بال ابن عباس -رضي الله عنهما- وهو صبي ابن عشر سنين إنه معرفة كيفية قيام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأعد يومًا وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- لصلاة الليل فدعا له: "اللهم فقهه في الدين"، وصار بهذا الدعاء -الذي ناله وهو صبي- حبر الأمة وترجمان القرآن.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد

أيها الأخوات الكريمات:

إن الأمل معقود عليك في تربية جيل صالح ينفع نفسه وينهض بأمته، فكوني أُمًّا تصنع أمة؛ فإن إمام أهل السنة أحمد بن حنبل نشأ يتيما فصنعته أمه برعاية الله تعالى وتوفيقه، فصار أمة في رجل، ومن لا يعرف من أهل الإسلام أحمد بن حنبل؟! وكل علمه وجهاده ونفعه للأمة المسلمة طوال القرون فلأمه التي ربته وأدبته وقامت عليه مثل أجره؛ لأنها صنعته إماما، ولم تتركه عابثا. وكانت أم الشافعيتلتقط الأوراق التالفة له ليكتب على قفاها دروسه، وما ردها الفقر عن صنع إمام من أكبر أئمة المسلمين. وكثير من عظماء الشرق والغرب صنعتهم نساء من أمهات وأخوات وقريبات، أخوتي الكريمات أبناؤكم وبناتكم محتاجون إليكم فكون لهم قلوباً حانية ونفوساً رقيقة فالبيت الذي تعلو فيه أصوات النزاع وتحتدمُ في جنباته مظاهرُ الخُصومة والشقاق ليس مهيَّأً للتربية واستقرارِ النفوس، بل قد يهرب منسوبُو البيت من هذا الجوّ المشحون إلى مَن يُؤويهم، وقد يحتضنهم رفقاءُ سوءٍ وقُرَناء شرّ، وتَسهل له بعد إذ طّرق الغواية ليصبحَ مجرمًا محترفًا، كيف لا وقد فَقَد الرعايةَ والنصحَ والتوجيهَ من أبويه، غاب عنه من يدلُّه على طريق الهدى والنّور.

أسالوا الله دائماً الهداية والصلاح لأولادكم وأن يحفظهم من مسالكُ الشبُهات، ونوازِع الشهوات وأن يحبب للبنات الستر والحشمة وألا ينجرفن وراء الموضة.

عباد الله

يقول صلى الله عليه وسلم ( لا يشكر اللهَ من لا يشكر الناس ) عباد الله في بلدنا هذا أبدع أبناءه في أيام هذا الشهر الكريم عبر إقامة أعمال خيرية ومشاريع نوعية , وبرامج تطوعية جهود كبيرة وأعمال جليلة يراها الجميع فاطعموا الجائع , وأحسنوا للفقير , وفطروا الصائم , وعلموا الجاهل واعتنوا بكتاب الله جل وعلا
كل الشكر وبالغ التقدير وخالص الدعاء للمشرفين على هذه الجهات الخيرية والعاملين معهم .

ويبقى دوركم أبها الكرماء في استمرار الدعم والمؤازة , فمشاريعهم قائمة بعد الله على امثالكم .

إن ننسى فلا ننسى أئمة المساجد الدين اجتهدوا في إقامة الصلوات واعتنوا ببيوت ربهم وكم يفرحنا والله أن نرى بعض المساجد قد امتلأت بالمصلين خلف شباب حفاظ حباهم الله حسن الصوت وجودة القراءة, ولا ننسى إخوتنا في الجهات الأمنية والقطاعات الخدمية فجهودهم كبيرة وأعمالهم مشهودة فللجميع الشكر والدعاء.

عباد الله

وثمة أمر لا بد من التنبيه إليه وهو أنه إذا وافق العيد يوم الجمعة كحالنا اليوم جاز لمن حضر العيد ألا يصلي الجمعة وأن يصلي ظهرا لما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه رخص في الجمعة لمن حظر العيد، لكن لا يدع صلاة الظهر والأفضل أن يصلي مع الناس جمعة فإن لم يصل الجمعة صلى ظهرا انتهى من مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

أيها المسلمون أذكركم جميعًا وأحث نفسي وإياكم على صيام ستة أيام من شوال، ففي الحديث الصحيح: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر)).

أيّها المسلمون، تبَّل الله طاعاتِكم وصالحَ أعمالكم، وقبِل صيامَكم وقيامكم وصدقاتكم ودعاءَكم، وضاعف حسناتِكم، وجعل عيدَكم مباركًا وأيّامَكم أيامَ سعادةٍ وهناء وفضلٍ وإحسان وأعاد الله علينا وعلى المسلمين من بركات هذا العيد، وجعلنا في القيامة من الآمنين، وحشرنا تحت لواء سيد المرسلين.
اللهم إنا خرجنا اليوم إليك نرجو ثوابك ونرجو فضلك ونخاف عذابك، اللهم حقق لنا ما نرجو، وأمِّنا مما نخاف، اللهم تقبل منا واغفر لنا وارحمنا، اللهم انصرنا على عدونا واجمع كلمتنا على الحق، واحفظ بلادنا من مكروه ووفق قيادتنا لكل خير إنك جواد كريم...ألا وصلوا ـ عباد الله ـ على خير البرية أجمعين ورسول رب العالمين، (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار وصحابته المهاجرين منهم والأنصار، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين وبقية الصحب والتابعين، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أرحم الراحمين





[/align]
المشاهدات 1528 | التعليقات 0