خطبة العيد ( شكراً رمضان)
إبراهيم بن صالح العجلان
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى، خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمَّى، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَسْبَغَ مِنَ النِّعَمِ وَأَسْدَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى، وَالصِّفَاتُ الْعُلَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، نَبِيُّهُ الْمُصْطَفَى، وَخَلِيلُهُ الْمُجْتَبَى، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اهْتَدَى.
اللَّهُ أَكْبَرُ (تِسْعًا)، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.
سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ السَّمَوَاتُ وَأَفْلَاكُهَا.
سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ الْأَرْضُ وَسُكَّانُهَا.
سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ الْبِحَارُ وَحِيتَانُهَا.
سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ الِا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ.
ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقَوُا اللَّهَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، وَجَمِّلُوا بَوَاطِنَكُمْ بِلِبَاسِ التَّقْوَى فَهِيَ خَيْرُ اللِّبَاسِ (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)[الْأَعْرَافِ: 26].
وَمَضَتْ أَيَّامُهُ الْمَعْدُودَاتُ بِخَيْرَاتِهَا وَعَطَايَاهَا وَبَهَائِهَا وَجَلَالِهَا.
مَضَتْ تِلْكَ الْأَيَّامُ وَقَدْ زَيَّنَتْ أَهْلَهَا بِالْإِيمَانِ وَكَسَتْهُمْ مِنَ التَّقْوَى مَا قَوَّى صِلَتَهُمْ بِرَبِّهِمْ، وَطَهَّرَ بِالصِّيَامِ قلُوبَهمْ، وَصَحَّحَ فِي الْحَيَاةِ مَسَارَهُمْ.
فَحَقٌّ عَلَى الْأَلْسُنِ أَنْ تَلْهَجَ لِلَّهِ حَمْدًا وَتَمْجِيدًا، وَتَعِجَّ لَهُ شُكْرًا وَتَكْبِيرًا عَلَى نِعْمَةِ الْإِكْمَالِ وَالتَّمَامِ.
حَقٌّ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يَسْتَشْعِرُوا فَضْلَ رَمَضَانَ عَلَيْهِمْ وَمَغَانِمَهُمْ وَمَكَاسِبَهُمْ مِنْهُ.
فَشُكْرًا شُكْرًا شَهْرَ رَمَضَانَ، فَلَقَدْ عِشْنَا مَعَكَ وَفِيكَ أَيَّامًا مِنَ الدَّهْرِ لَا تُنْسَى، تَعَلَّمْنَا مِنْكَ مِنَ الْمَعَانِي الْإِيمَانِيَّةِ وَالدُّرُوسِ التَّرْبَوِيَّةِ مَا يَكُونُ لَنَا زَادًا فِي دِينِنَا وَدُنْيَانَا.
شُكْرًا مِصْبَاحَ الشُّهُورِ، فَقَدْ عِشْنَا فِيكَ أَعْظَمَ مَعَانِي النَّصْرِ، وَأَعْظَمَ صُوَرِ الِانْتِصَارِ، انْتِصَارِ النَّفْسِ اللَّوَّامَةِ عَلَى النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ، وَانْتِصَارِ الْهُدَى وَالتُّقَى عَلَى الْإِعْرَاضِ وَالْهَوَى.
شُكْرًا سَيِّدَ الشُّهُورِ، فَلَقَدْ عَلَّمْتَنَا قِيمَةَ الْوَقْتِ وَاسْتِثْمَارِ الدَّقَائِقِ، فَالصَّائِمُ قَدْ هَجَرَ الْمُلْهِيَاتِ وَأَقْبَلَ عَلَى الصَّالِحَاتِ الْبَاقِيَاتِ، لِأَنَّهُ يَسْتَيْقِنُ أَنَّهَا أَيَّامٌ مَعْدُودَاتٌ، وَمَا تَمَيَّزَتِ الْأُمَّةُ وَمَا بَزَّ رِجَالُهَا إِلَّا بِهَذِا الْجِدِّ فِي الْعَمَلِ وَالْحِرْصِ عَلَى الْوَقْتِ قبلَ حلُولِ الأَجَلِ.
شُكْرًا تَاجَ الشُّهُورِ، فَلَقَدْ تَعَلَّمْنَا مِنْكَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الدِّينِ: أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّنَا نَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ نَكُنْ نَرَاهُ فَهُوَ يَرَانَا، ثَلَاثُونَ يَوْمًا هِيَ دُرُوسٌ صَامِتَةٌ فِي مُرَاقَبَةِ اللَّهِ، حَبَسَ الصَّائِمُ فِيهَا نَفْسَهُ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ؛ لِأَنَّ وَاعِظَهُ الدَّاخِلِيَّ يُخَاطِبُهُ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى، فَمَا أَجْمَلَ أَنَّ تَكُونَ هَذِهِ الْمُرَاقَبَةُ وَذَلِكَ الْإِحْسَانُ مَنْهَجَ حَيَاةٍ (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[الْبَقَرَةِ: 195].
شُكْرًا شَامَةَ الشُّهُورِ، فَلَقَدْ عَلَّمْتَنَا قِيمَةَ الْأَمَانَةِ، وَأَوَّلُ الْأَمَانَةِ أَنْ تَـمْتَثِلَهَا النُّفُوسُ، فَالصَّائِمُ كُلَّ يَوْمٍ كَانَ أَمِينًا مَعَ نَفْسِهِ، رَقِيبًا عَلَيْهَا، لَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ أَنْ يَتَوَارَى عَنِ الْأَعْيُنِ وَيُفْطِرَ، وَلَايَزَالُ الْمُجْتَمِعُ بِخَيْرٍ مَادَامَتْ شُعْلَةُ الْأَمَانَةِ تُضِيءُ فِي قُلُوبِ أَفْرَادِهَا.
شُكْرًا شَهْرَ الْقُرْآنِ، فَلَقَدْ عَرَفْنَا بَعْدَ أَيَّامِكَ المَشْهُودَةِ أَنَّ أَهْنَأَ النَّاسِ حَالًا وَنَفْسًا وَأَجْرًا هُمْ مَنْ عَاشُوا مَعَ كَلَامِ اللَّهِ، فَكَانَ الْقُرْآنُ جَلِيسَهُمْ وَالْمُصْحَفُ لَصِيقَهُمْ، فَمَعَ الْقُرْآنِ تَحْلُو الْحَيَاةُ وَيَطِيبُ الْعَيْشُ وَتَطْمَئِنُّ الصُّدُورُ.
شُكْرًا شَهْرَ الْهِمَمِ، فَلَقَدْ تَعَلَّمْنَا فِي أَيَّامِكَ قُوَّةَ الْإِرَادَةِ، فَمَدْرَسَةُ الصِّيَامِ كَأَنَّمَا تُخَاطِبُنَا: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا فَكَّرَ أَرَادَ، وَإِذَا أَرَادَ نَفَّذَ، وَهَذِهِ هِيَ الْإِيجَابِيَّةُ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ نَتَرَبَّى عَلَيْهَا، وَنُرَبِّيَ عَلَيْهَا أَبْنَاءَنَا، وَأَنْ تَسْتَدْفِعَ بِهَذِهِ الْهِمَّةِ وَالْإِيجَابِيَّةِ كُلَّ عَجْزٍ وَسَلْبِيَّةٍ وَخَوَرٍ وَانْهِزَامِيَّةٍ.
شُكْرًا شَهْرَ الْعَطَايَا، فَلَقَدْ عَلَّمْتَنَا أَنَّ الْبَذْلَ وَالْعَطَاءَ وَالْجُودَ وَالسَّخَاءَ لَيْسَتْ مَعَانِيَ جَمِيلَةً تَسْتَعْذِبُهَا الْقَرَائِحُ وَحَسْبُ، بَلْ رَأَيْنَا أَنْ فَكَّ الْكَفَّيْنِ بِالْعَطَاءِ سَهْلٌ مُيَسَّرٌ لِمَنْ صَدَقَ وَسَعَى لِلْآخِرَةِ سَعْيَهَا، فَأَقْبِلْ يَا عَبْدَ اللَّهِ عَلَى الْإِنْفَاقِ دَهْرَكَ، تُقْبِلْ عَلَيْكَ الدَّعَوَاتُ، وَالْحَسَنَاتُ الْمُضَاعَفَاتُ (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)[سَبَأٍ: 39].
شُكْرًا دُرَّةَ الشُّهُورِ، فَقَدْ تَعَلَّمْنَا مِنْكَ مَبْدَأَ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْبَشَرِ، فَلَحْظَةُ جَفَافِ الْأَكْبَادِ، وَظَمَأِ الْحَنَاجِرِ قَدْ عَاشَهَا كُلُّ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ وَشَرِيفٍ وَوَضِيعٍ، فَمَا أَحْرَى أَهْلَ الصِّيَامِ بَعْدَ هَذَا أَنْ يَتَوَاضَعُوا لِخَلْقِ اللَّهِ، فَلَا يَفْخَرُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْقَى فِي الْقُلُوبِ نَبَضَاتٌ لِلْكِبْرِ وَلَا خَطَرَاتٌ لِأَيِّ غُرُورٍ.
سَلَامٌ عَلَيْكَ قَمَرَ الشُّهُورِ، فَفِي إِطْلَالَتِكَ مَشْهَدٌ مِنْ مَشَاهِدِ تَوَحُّدِ الْأُمَّةِ، فَمِنْ مَشَارِقِ الْأَرْضِ إِلَى مَغَارِبِهَا تَوَحَّدَتِ الْأُمَّةُ عَلَى الْإِمْسَاكِ وَعَلَى الْفِطْرِ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ بِدَايَتُهُ وَنِهَايَتُهُ، وَالتَّوَافُقُ فِي الْهَيْئَةِ وَالْحَالِ يُورِثُ الرَّأْفَةَ وَالْأُلْفَةَ وَالرَّحْمَةَ وَالْمَوَدَّةَ.
شُكْرًا شَهْرَ الصِّيَامِ، فَقَدْ عَلَّمْتَنَا أَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الطَّاعَةِ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُعِينُ عَلَى الْخَيْرِ؛ فَبِهَذَا الِاجْتِمَاعِ شَجَّعَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فمَسَاجِدُنَا أُحْيِيَتْ بِالرَّاكِعِينَ السَّاجِدِينَ، وَصُفُوفُنا تَشْهَدُ بِالسَّبَّاقِينَ الْمُنَافِسِينَ، جِبَاهٌ وَضَّاءَةٌ تَسْجُدُ لِبَارِيهَا، وَدُمُوعٌ رَقْرَاقَةٌ تَتَقَاطَرُ عَلَى مَآقِيهَا، فَيَا مَنَ عَرَفْتَ الْمَسَاجِدَ وَتَلَذَّذْتَ بِهَا لَا يَطِشْ مِيزَانُ الصَّلَاةِ فِي قَلْبِكَ فَصَلَاتُكَ هِيَ رَأْسُ مَالِكَ بِهَا تَكُونُ نَجَاتُكَ.
شُكْرًا شَهْرَ الْأَخْلَاقِ، فَلَقَدْ تَطَبَّعْنَا مَعَ الصِّيَامِ بِكَثِيرٍ مِنَ الْأَخْلَاقِ، فِي عَصْرٍ نُعَانِي فِيهِ مِنْ أَزَمَاتٍ فِي الْأَخْلَاقِ، فَلَقَدْ كَانَتْ أَيَّامُكَ دُرُوسًا فِي تَرْوِيضِ النَّفْسِ عَلَى الصَّبْرِ وَالْحِلْمِ وَالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَعَلَى عَفَافِ اللِّسَانِ وَالْبَصَرِ.
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
بَارَكَ اللَّهُ لَنَا فِي الْوَحْيَيْنِ، وَنَفَعَنَا وَإِيَّاكُمْ بِهَدْيِ سَيِّدِ الثَّقَلَيْنِ.
الخطبة الثانية:
أَمَّا بَعْدُ فَيَا إِخْوَةَ الْإِيمَانِ:
وَمِنْ مِنَحِ شَهْرِ الصِّيَامِ: أَنَّنَا تَعَلَّمْنَا فِيهِ مَبْدَأَ التَّسْلِيمِ لِلشَّرْعِ، فَالْمُسْلِمُ لَا يَعْتَرِضُ عَلَى وَقْتِ الْإِمْسَاكِ وَلَا عَلَى الْمُفْطِرَاتِ، وَإِنَّمَا يَسْتَجِيبُ لِلَّهِ تَعَالَى وَيَنْقَادُ، فَمَا أَحْرَانَا أَنَّ نُعَزِّزَ هَذِهِ الْمَعَانِيَ التَّسْلِيمِيَّةَ الَّتِي عَايَشْنَاهَا فِي رَمَضَانَ، وَأَنْ نُعَظِّمَ مِنْ مَبْدَأِ التَّسْلِيمِ لِلشَّرْعِ فِي زَمَنٍ تُشَاعُ فِيهِ الِانْحِرَافَاتُ الْفِكْرِيَّةُ وَيُرَوَّجُ فِيهِ لِلْعَلْمَانِيَّةِ الْكُفْرِيَّةِ وَيُعَادُ إِنْتَاجُهَا عَلَى أَنَّهَا هِيَ الْحَلُّ الْأَمْثَلُ لِلْبَشَرِ بَدِيلًا عَنِ شَرِيْعةِ الرَّحْمَنِ.
شُكْرًا شَهْرَنَا الْغَالِيَ، فَلَقَدْ جَاءَتْ أَيَّامُكَ الخَوَالِي فَغَيَّرَتْ فِينَا الشَّيْءَ الْكَثِيرَ نَحْوَ الْأَفْضَلِ فِي عِبَادَتِنَا وَإِيمَانِنَا وَسُلُوكِنَا، فَمَا أَجْمَلَ هَذَا التَّغَيُّرَ، وَمَرْحَبًا بِهَذَا التَّغْيِيرِ، وَالْمُسْلِمُ لَابُدَّ أَنْ يَتَغَيَّرَ فَيَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَغَيَّرَ فَيَتَأَخَّرَ فَلَيْسَ فِي الْحَيَاةِ وُقُوفٌ (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ)، فَالتَّذْكِير بِالتَّغْيِيرِ الْإِيجَابِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يُكَرَّرَ وَيُعَادَ.
لِمَاذَا؟
لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالتَّغْيِيرِ أَصْبَحَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا، بَرَامِجُ وَنَدَوَاتٌ وَأُطْرُوحَاتٌ تَدْعُو لِلتَّغْيِيرِ، وَإِنَّ تَغَيُّرَ الْعَصْرِ يُحَتِّمُ عَلَيْنَا أَنْ نَتَغَيَّرَ.
فَمَرْحَبًا بِالتَّغْيِيرِ، فَالْكُلُّ يَسْعَى لِلتَّغْيِيرِ، وَلَكِنْ أَيُّ تَغْيِيرٍ يُرَادُ؟
هَلْ هُوَ تَغْيِيرٌ يُرَادُ فِي مَفَاهِيمِ الدِّينِ أَوْ فِي تَسْهِيلِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَتَطْبِيعِ الْمُجْتَمِعِ عَلَى تَقَبُّلِ الِانْحِرَافَاتِ؟
هَلْ مِنَ التَّغْيِيرِ الْبَحْثُ عَنِ الشُّذُوذَاتِ الْفِقْهِيَّةِ وَنَشْرُهَا عَلَى أَنَّهَا جُزْءٌ مِنَ الدِّينِ؟.
وهَلْ مِنَ التَّغْيِيرِ تَسْوِيقُ الزَّنْدَقَةِ وَتَهْوِيْنُ الْإِلْحَادِ وَالتَّشْوِيشُ عَلَى عَقِيدَةِ وَفِكْرِ الْمُسْلِمِينَ؟
هَلْ مِنَ التَّغْيِيرِ ظَاهِرَةُ الطَّعْنِ فِي الْأَحْكَامِ وَالتَّزْهِيدُ فِي الِاسْتِقَامَةِ لِإِضْعَافِ التَّدَيُّنِ فِي النُّفُوسِ؟
وهَلْ مِنَ التَّغْيِيرِ شَتْمُ شَرائِحَ من المُجْتَمعِ، وَنَسْفُ وَعَصْفُ تَارِيخِ صَالحٍ، لكي يتروضَ المجتمعُ بأيِّ انْحرافٍ سلوكيٍّ أو فكْريٍّ.
أم هَلْ مِنَ التَّغْيِيرِ كَثْرةُ الدَّنْدَنَةِ حَوْلَ تَغييرِ الخطابِ الدِّيْني، ليقدَّمَ التَّنازُلاتِ تِلْوَ التَّنازُلاتِ لِيُقالَ عنَّا بأنَّنا مُتَسامحون، ولا يقال غلاة أو متشدِّدون.
فَلَا مَرْحَبًا بِهَذَا التَّغْيِيرِ، وَلْيُعْلَمْ أَنَّ كُلَّ تَغْيِيرٍ يُعَاكِسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَيْسَ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَهُوَ مَذْمُومٌ، وَإِنْ سَمَّاهُ أَهْلُهُ بِالْإِصْلَاحِ وَنَعَتُوهُ بِالتَّقَدُّمِ.
وَمِنْ سُنَنِ اللَّهِ الْبَاقِيَةِ فِي الْبَشَرِ أَنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ حَالَ الْمُجْتَمَعَاتِ إِلَى الْأَسْوَأِ إِلَّا لِتَغْيِيرٍ سَيِّءٍ أَحْدَثُوهُ فِي أَنْفُسِهِمْ (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).
فَاتَّقَوُا اللَّهَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، وَحَافِظُوا عَلَى مَا غَنِمْتُمْ فِي شَهْرِكُمْ مِنْ مُكْتَسَبَاتٍ يَزِدْكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ فَضْلِهِ (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ)[مُحَمَّدٍ: 17].
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
يَا مَنْ أَكْمَلْتُمْ عِدَّتَكُمْ وِأَخْرَجْتُمْ فِطْرَتَكُمْ أَبْشِرُوا بِالْخَيْرِ، فَرَبُّكُمُ الْكَرِيمُ يُضَاعِفُ الْأُجُورَ وَيَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ، وَلَا يُضِيعُ أَجْرَ الْعَامِلِينَ، (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا).
لَنْ نَقُولَ: "بِئْسَ الْقَوْمُ لَا يَعْرِفُونَ اللَّهَ إِلَّا فِي رَمَضَانَ"، بَلْ سَنَقُولُ: "لَقَدْ رَأَيْنَا أَثَرَ الشَّهْرِ عَلَيْكُمْ وَتَغَيُّرَكُمْ فِيهِ، فَاجْعَلُوا مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَقُودًا وَزَادًا لِتَرْوِيضِ النَّفْسِ عَلَى صَالِحِ الْأَعْمَالِ.
كُلَّ عَامٍ أَنْتُمْ بِخَيْرٍ، وَأَعَادَ اللَّهُ عَلَيْنَا أَيَّامَ رَمَضَانَ وَنَحْنُ فِي سَلَامَةٍ وَهدى، وَإِلَى رَبِّنَا أَقْرَبُ وأتقى.
صَلُّوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى نَبِيِّ الْهُدَى وَالرَّحْمَةِ.
المرفقات
رمضان-1
رمضان-1