خطبة العشر الأواخر من رمضان 1446

  أما بعد: فاتَّقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوَى، وراقِبُوه في السرِّ والنجوَى. إخوة الإيمان: موسمٌ مُبارَكٌ آذنَت أيامُه بالانتهاء، والعاقِل مَن استزاد من هبات الرحمن (فقد كان صلى الله عليه وسلم يجتهِدُ في العشرِ الأواخِرِ ما لا يجتهِدُ في غيرِه) رواه مسلم، وكان صلى الله عليه وسلم ( إذا دخَلَت العشرُ أحيَا ليله، وأيقظَ أهلَه، وجدَّ وشدَّ المِئزَرَ) متفق عليه، فأكثروا في هذه الليالِي المُبارَكةُ مِن ذكرِ الله تعالى وتلاوةِ القرآن والدعاء لأنفسكم ولأحبتكم ولموتاكم وللمسلمين أن يصلح حالهم وينصرهم ويهلك عدوّهم ، ومن أنفَعِ الدُّعاءِ وأجمَعِه؛ ما قالت عائشةُ - رضي الله عنها -: يا رسولَ الله! أرأيتَ إن وافَقتُ ليلةَ القَدر، ما أقُولُ فيها؟ قال: «قُولِي: اللهمَّ إنَّك عفُوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي» (رواه أحمد). قال - عليه الصلاة والسلام -: «تحرَّوا ليلةَ القَدر في العشرِ الأواخِرِ مِن رمضان» (متفق عليه). وتطلب ليلة القدر في أوتار العشر الأواخر لمن ضعُف أو عَجِز عن قيام العشر كلها، وأرجاها ليلة السابع والعشرين، كتب الله لنا قيامها وفضلها وأثبت لنا أجرها بمنّه وجوده. إخوة الإيمان : إنها ليلة القدر، أنزل الله تعالى سورة كاملة بإسمها ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر ٍ .. ] وألف شهر تعدل ثلاثًا وثمانين سنة وثلاثة أشهر، يا له من فضلٍ عظيمٍ لا يُقَصِّرُ فيه إلا مغبون، ولا يُحرَمُ منه إلا محروم، والأعمالُ بالخواتِيمِ، والعِبرةُ بكمالِ النهاياتِ لا بنَقصِ البداياتِ، ومَن أساءَ فيما مضَى فليتُبْ فيما بقِي؛ فبابُ التوبةِ مفتُوحٌ، وعطاءُ الله ممنُوحٌ،  أقول ماسمعتم، وأستغفر الله تعالى لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم   ﴿ الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ ﴾ : الدنيا ساعاتٌ وأيامٌ، وهي مِن صحائِفِ الأعمار، وعُمرُ الإنسانِ مِنها عملُه، والسعيدُ مَن خلَّدَها بأحسَنِ الأعمالِ، والفائِزُ مَن اغتَنَمَ بالخير لحَظَات وقتِه، ولم يُفرِّط في شيءٍ مِن دهرِه، والمغبُونُ مَن انفَرَطَ أمرُه، وغفَلَ قلبُه، واتَّبَعَ هواه، والمحرُومُ مَن حُرِمَ الخيرَ في رمضان، والشقِيُّ مَن شقِيَ في أُنسِ الأزمانِ فرَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ دَخَلَ عليه رَمضانُ ولَـمْ يُغْفَرْ له، والمحروم من حُرم فضل قيام ليلة القدر ألا