خطبة الشيخ يحيى جباري جدا مناسبة
يحيى جبران جباري
الحمد لله يبتلي ليأجر ، ويصيب ليغفر ، أحمده سبحانه أعظم الحمد وكمال الشكر له أشكر ، و أستعينه وهو المعين ، وأستهديه وهو الهادي ، ومن كل ذنب وخطأ أستغفر ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من يخضع لربه و لا يستكبر ، وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله ، أمره ربه بإبلاغ دينه بقوله ، (يا أيها المدثر 1 قم فأنذر 2(المدثر) صل الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ، ومن سار على نهجه ، ما بقي مخلوق يسبح ويحمد ويكبر .
ثم أما بعد : فأوصيكم ايها المسلمون ونفسي المقصرة ، بتقوى الله الكريم الحليم ، في كل قول وعمل ، هو سبحانه به عليم ، والتوبة إليه والرجاء في غفرانه ، فعفوه كبير عظيم ، والخوف من غضبه وعقابه ، فحسابه شديد ، وعذابه أليم ، ولا يعي ذلك الا المتقين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) (الاحزاب)
ايها الناس : كفانا الله وإياكم كل داء وبلاء ، وأنزل بمنه على كل مريض شفاء ، وعافى بفضله كل من به بلاء ، قال عز من قائل كريما (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ (30) (الشورى) ويقول سبحانه (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ۚ (النساء) وعنْ أَنسٍ رضي الله عنه قالَ : قالَ رَسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وَسلمَ :( إِذَا أَرَادَ اللهُ بعبدِهِ الخيرَ عجلَ لهُ العقوبةَ في الدُّنيا ، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بعبدِهِ الشرَّ أَمسكَ عنهُ بذَنبهِ حتى يوَافيَ بهِ يوْمَ القيامةِ ) رواه الترمذي وحسنه ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي " . وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إِنَّ عظمَ الجزَاءِ معَ عظمِ البلاَءِ ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحبَّ قوْما ابتلاَهمْ ، فمنْ رَضيَ فلهُ الرِّضا ، وَمنْ سخطَ فلهُ السخطُ ) .
رواه الترمذي وحسنه ، وصححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" أيها الأحبة : هداني الله وإياكم لما أحبه ، جاءني من أحسبه والله حسيبه ، حريص على التفقه في دينه ، عارضا أمرا يرغب في تفصيله ، وهو أمر مهم ، شدني ، فرأيت تعجيله ، ألا وهو ، المصيبة والبلاء ، متى تكون عقوبة ، ومتى تكون ابتلاء ؟ فأقول بالله مستعينا ، راض به مدبرا معينا ، وموجزا في القول لا تفصيلا ،
جاء في كتاب الله جل وعلا وفي سنة رسوله صل الله عليه وسلم ، بأن للابتلاء سببان ، بعد مشيئة الله وقدرته ، وقد دللت لهما كما سمعتم سلفا ،
السبب الأول : عقوبة على ذنب ، فإن كان الذنب من كافر ، فهذه عقوبة مقدمة في الدنيا وله في الآخرة أشد منها ، قال سبحانه (لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ ۖ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ (الرعد) وإن كان مسلما ، فأتى خطيئة وذنبا ، فنزلت عليه مصيبة او أصابه بلاء ، فهذه عقوبة من الله على ذنبه ، كان هو سببها ، كمن سرق ، فقطعت يده ، فهذه عقوبة على ذنب أتاه وهو السرقة ، إن تاب بعدها وصبر على ما عاقبه الله به ، غفر الله له خطيئته وعفى عنه في الآخرة ، ومثله من زنا ، فأصيب بمرض ، او سجن وجلد او غيرها ، فما اصابه عقوبة على ذنبه ، قدمها الله له في الدنيا ، إن صبر ورضي ، وتاب وندم ، عفر الله له ، ولم يحاسبه عليها في الأخرى ، وإن سخط وغضب ، ولم يتب ، عذبه الله عليها في الأخرى ، كما تقدم معنا في حديث انس رضي الله عنه ، وعلى مثل ماذكرت فقس ، وأما السبب الثاني : فهو ابتلاء يريد الله به اختبار عبده ، والنظر في صدق إيمانه ، ولرفع درجاته ، واعظم الأمثلة ، الأنبياء ، فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : ( قلتُ : يا رَسولَ اللهِ ! أَيُّ الناسِ أَشدُّ بلاَءً ؟ قالَ : الأَنْبياءُ ، ثمَّ الأَمثلُ فالأَمثلُ ، فيبتلى الرَّجلُ على حسبِ دِينهِ ، فإِنْ كانَ دِينهُ صلبا اشتدَّ بلاَؤُهُ ، وَإِنْ كانَ في دِينهِ رِقةٌ ابتليَ على حسبِ دِينهِ ، فما يبرَحُ البلاَءُ بالعبدِ حتى يترُكهُ يمشي على الأَرْضِ ما عليهِ خطيئةٌ ) .
رواه الترمذي وقال : حسن صحيح . وهذا النوع رفعة في الدرجات وتكفير للسيئات ، والله ينزل الابتلاء بما شاء ، اما في النفس بمرض اوفي المال ، او فقد الولد ، أو غيرها ، جاء في الحديث الصحيح ان النبي صل الله عليه وسلم قال (ان العبد اذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده اوفي ماله اوفي ولده ) رواه ابو داود وصححه الألباني . وقد جاء الجمع بين السببين في حديث عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صل الله عليه وسلم قال (ما يصيب المؤمن من شوكة فما فوقها الا رفعه الله بها درجة او حط بها عنه خطيئة ) رواه البخاري ومسلم . اللهم ارفع الدرجات واغفر لنا الذنوب والسوءات .اقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية...
الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه ، وله أشكر شكرا يحبه و يرضاه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، عليه من ربي أتم سلام وأزكى صلاة ، وبعد : يا عبد الله اتق الله ، فلا فلاح ولا نجاح إلا بتقواه ،(ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له اجرا 5 (الطلاق) عباد الله : قلت الفرق في البلاء، بين العقوبة والا بتلاء، بإيجاز، بلا تصنع ولا مجاز، وخلاصة الخلاصة ليتم المراد عند كل ذي لب وكياسة، أنت بنفسك أعلم، وبما أصابك أفهم، ( بل الإنسان على نفسه بصيرة) والمتق لربه الوقاف عند حدوده يعرف ما بلاه، أ بسبب نفسه، ام اختبار من ربه، وميزة المسلم ان في كل منهما له إن صبر واحتسب خير ، فإن كان عقوبة، فهي فرصة للرجوع والتوبة، وإن كان اختبارا، فذاك مدعاة للأجور والرفعة ، وإليكم مثالا به للموعظة تتمة ، رجلان لهما متجران ، ينادى للصلاة بالأذان ، فيخرج الأول ليجيب النداء ، و الآخر يسمع النداء، فيطيع شيطانه وهواه ولا يذهب للصلاة، ثم يعودان بعدها ، كل لمتجره ، الأول إن تأخر عليه رزقه ، فهو ابتلاء من ربه ، فيأجره بصبره ، و أما الثاني، فتأخر رزقه ، عقوبة من ربه على فعله ، ولله المثل الأعلى ، فمن منا ليس بمقصر ، نسأل الله أن يتجاوز عنا وأن يغفر.
ثم الصلاة والسلام تمطر،،، على الذي كان لنا المبشر ،،، حتى وجوه المتقين تسفر.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد.....