خطبة الشيخ محمد الشرافي (َكَذَا فَلْتَكُنْ مَعَ إِخْوَانَكَ) 20 شَوَّال 1438هـ

خطبة الشيخ محمد الشرافي (َكَذَا فَلْتَكُنْ مَعَ إِخْوَانَكَ) 20 شَوَّال 1438هـ

إِنَّ الْحَمْد للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمْنْ يَضْلُلُ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدُهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً).

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللهُ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَة،ٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ دِينَنَا الحَنِيفَ جَاءَ بِبَيَانِ العِلاقَةِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ أَكَمَلَ بَيَانٍ, فَهِيَ عِلَاقَةٌ شَرْعِيَّةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَوَدَّةِ، وَالتَّرَاحُمِ وَالتَّعَاطُفِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ), فَكُلُّ مَا يُحَقِّقُ الأُخُوَّةَ وَيَزِيدُ فِي الْمَحَبَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ قَدْ جَاءَتَ بِهِ، وَرُتِّبَ عَلَيْهِ الْمَثُوبَةِ, وَكُلُّ مَا يُعَكِّرُ صَفْوَ الأُخُوَّةِ وَيُؤَدِّي إِلَى الاخْتِلَافِ وَالْفُرْقَةِ قَدْ نَهَى عَنْهُ الْإِسْلَامُ، وَسَدَّ الطُّرُقَ الْمُفْضِيَةَ إِلَيْهِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَإِنَّ سُوء الظَّنِّ بِأَخِيكَ الْمُسْلِمِ لَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ فَسَادِ الْقُلُوبِ، وتَغَيُّرِ النُّفُوسِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَانْفِصَامِ عُرَى الْأُخُوَّةِ وَزَوَالِ الْمَحَبَّةِ وَالْمَوَدَّةِ, وَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِاجْتِنَابِ كَثِيرِ الظَّنِّ؛ احْتَرَازَاً مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْإِثْمِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ), وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ! فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ) متفق عليه. وَذَلِكَ لأَنَّ الشَّيْطَانَ هُوَ الذِي يَقْذِفُ الظَّنَّ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ، وَالشَّيْطَانُ سَاعٍ أَبَدَاً فِي إِغْوَاءِ بَنِي آدَمَ.

وَإِذَا اعْتُبِرَتِ الظُّنُونُ وَاسْتُمِعَ إِلَى مُصَدِّرِيهَا؛ فَشَتِ الشَّائِعَاتُ وَانْتَشَرَتِ الِغيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ، وَأُخِذَ البُرَآءُ بِمُجُرَّدِ الظُّنُونِ وَالْأَوْهَامِ؛ فَيَتَوَلَّدُ عَنْ ذَلِكَ الأحْقَادُ وَالضَّغَائِنُ، وَالانْتِقَامُ وَالثَّارَاتُ، وَحِينَئَذٍ لا يَأْمَنُ النَّاسُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَا عَلَى أَعْرَاضِهِمْ, فَإِنْ سَلِمُوا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الظَّنِّ السَّيِّئِ بِإِخْوَانِهِمْ، وَاتِّهَامِ الْأَبْرِيَاءِ بِمُجَرَّدِ الظُّنُونِ، لَمْ يَأْمَنُوا مِنْ أَنْ يُلصَقَ بِهِمْ مَا لَيْسَ فِيهِمْ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الشَّرِيعَةَ الْغَرَاءَ جَاءَتْ بِحَسْمِ مَادَّةِ الشَّرِّ بَيْنَ النَّاسِ، وَإِغْلَاقِ الْأَبْوَابِ الْمُوصِلَةِ إِلَى الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ، وَإِخْرَاسِ الْأَلْسُنِ التِي تَلُوكُ الْأَعْرَاضَ؛ فَلا يُقْبَلُ قَذْفٌ إِلَّا بِشُهُودٍ عُدُولٍ، يَرَوْنَ الزِّنَا صَرَاحَةً بِلَا لَبْسٍ وَلا غُمُوضٍ، وَإِلَّا كَانَ الْحَدُّ فِي ظُهُورِهِمْ ثَمَانِينَ جَلَدْةً، وَلَمَا وَقَعَ مَنْ وَقَعَ فِي الْإِفْكِ وَخَاضَ فِي عِرْضِ عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مَنْ خَاضَ؛ حَدَّهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ مِنْ صَالِحِي الْمُؤْمِنِينَ، وَعَاتَبَهُمُ اللهُ تَعَالَى فَقَالَ: (لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ).

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ?، قَالَ: (هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ?)، قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: (فَمَا أَلْوَانُهَا?)، قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ (هَلْ فِيهَا مَنْ أَوْرَقَ?)، قَالَ: نَعَمْ, قَالَ (فَأَنَّى ذَلِكَ?)، قَالَ: لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ, قَالَ: (فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَهَذَا الرَّجُلُ قَدْ دَاخَلَتْهُ الرِّيبَةُ فِي امْرَأَتِهِ، وَأَحَاطَتْ بِهِ ظُنُونُ السَّوْءِ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا وَلَدَتْ غُلَاماً أَسْوَدَ عَلَى غَيْرِ لَوْنِهِ وَلَوْنِهَا، فَأَزَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ ظَنٍّ وَرِيبَةٍ بِسُؤَالِهِ عَنْ لَوْنِ إِبِلِهِ، وَأَنَّهَا يُمْكِنُ أَنْ تَلِدَ مِنْ غَيْرِ لَوْنِهَا, لِأَنَّ بَعْضَ آبَائِهَا البَعِيدِينَ كَانَ بِذَلِكَ اللَّوْنِ, فَهَكَذَا الرَّجُلُ قَدْ يَكُونُ مِنْ ذُرِّيَتِهِ مَنْ يُخَالِفُ لَوْنَهُ لِأَنَّهُ نَزَعَهُ أَحَدُ أَجْدَادِهِ البَعِيدِينَ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ لَا يَظُنَّ بِإِخْوَانِهِ إِلَّا خَيْرَاً، فَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنَ الظَّنِّ حَرُمَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِمُوجَبِ ظَنِّهِ هَذاَ، فَلَا يَتَجَسَّسُ وَلا يَتَكَلَّمُ فِي عِرْضِ أَخِيهِ، قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: الظَّنُّ ظنَّانِ: ظَنٌّ فِيهِ إِثْمٌ، وَظَنٌ لَيْسَ فِيهِ إِثْمٌ؛ فَأَمَّا الظَّنُّ الذِي فِيهِ إِثْمٌ فَالذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَأَمَّا الظَّنُّ الذِي لَيْسَ فِيهِ إِثْمٌ، فَالذِي لا يَتَكَلَّمُ بِهِ.

فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُدَافِعَ مَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِ مِنْ ظُنُونٍ عَلَى وَيُغَالِبَهَا، وَيُخْرِجُهَا مِنْ قَلْبِهِ؛ حَتَّى يَكُونَ قَلْبُهُ سَلِيمَاً عَلَى إِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَسْرَارُ الْقُلُوبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا عَلَّامُ الْغُيُوبِ، فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَعْتَقِدَ فِي غَيْرِكَ سُوءاً إِلَّا إِذَا انْكَشَفَ لَكَ قَطْعاً بما لا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ، وَلَيْسَ لَهُ مَخْرَجٌ مِنَ الْمَخَارِجِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ لا يُمْكِنُكَ أَنْ تَعْتَقِدَ إِلَّا مَا عَلِمْتَهُ وَشَاهَدْتَهُ.

ثُمَّ إِنْ كَانَ ظَنُّكَ بِأَخِيكَ نَاشِئَاً عَنْ كَلَامٍ نُقِلَ إِلَيْكَ فَالْوَاجِبُ عَدَمُ تَصْدِيقِ النَّاقِلِ بِلَا بِيِّنَةٍ، وَنَاقِلُ الْكَلَامِ بَيْنَ النَّاسِ نَمَّامٌ أَوْ مُغْتَابٌ، فَهُوَ فَاسِقٌ لا يُقْبَلُ قَوْلُهُ, وَيَجِبُ نُصْحُهُ, قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).

وَإِنْ وَقَعَ الظَّنُّ بِسَبَبِ عَمَلٍ أَوْ كَلِمَةٍ مُحْتَمِلَةٍ قَالَهَا أَخُوكَ الْمُسْلِمُ فَلَا تَحْمِلْهَا عَلَى السُّوءِ ابْتِدَاءً، وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْر مَخْرَجَاً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ سَلَامَةُ الْمُسْلِمِ، فَلا يُعدَلُ عَنِ الْأَصْلِ إِلَّا بِيَقِينٍ، أَوْ غَلَبَةِ ظَنٍّ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لا يَحِلُّ لامْرِئٍ مُسْلِمٍ سَمِعَ مِنْ أَخِيهِ كَلِمَةً أَنْ يَظُنَّ بِهَا سُوءَاً، وَهُوَ يَجِدُ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ مَصْدَرَاً.

أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتِغْفِرُ الله العَظِيمَ لي ولكُم فاستغْفِرُوهُ إِنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ حَمْدَاً طَيِّبَاً كَثِيرَاً مُبَارَكَاً فِيهِ كَمَا يَحُبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، أَحْمَدُهُ وَأَشْكُرُهُ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُه وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ كَمَا نُهِيَ الْمُسْلِمُ عَنِ الظَّنِّ الْبَاطِلِ بِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ، فَهُوَ مَنْهِيٌّ كَذَلِكَ عَنِ الْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ التِي تَجْعَلُهُ هُوَ مَحَلَّ التُّهْمَةِ، وَتُورِدُ ظُنُونَ السَّوءِ فِيهِ, وَهَذِهِ سُنَّةٌ نَبَوِيَّةٌ, فَعَنَ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي المَسْجِدِ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ المَسْجِدِ ... مَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ)، فَقَالاَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ!، وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَتَأَمَّلُوا هَذَا الحَدِيثَ ! فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرَّأَ نَفْسَهُ مِنْ شَيْئٍ قَدْ يُوقِعُهُ الشَّيْطَانُ فِي قَلْبَيْ هَذَيْنِ الصَّحَابِيَّيْنِ, فَغَيْرُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى أَنْ يُبَيِّنَ مَا يَفْعَلُ أَوْ يَقُولُ مِمَّا قَدْ يُوجِبُ التُّهْمَةَ لَه.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّنَافِي زَمَنٍ تَكْثُرُ فِيهِ الْأَقَاوِيلُ، وَتَسْرِي الْإِشَاعَاتُ فِي النَّاسِ، وَتَرُوجُ سُوقُ أَهْلِ الرَّيْبِ وَالظُّنُونِ الْفَاسِدَةِ، وَيُظَنُّ بِأَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ مَا لَيْسَ فِيهِمْ؛ فَتُلَاكُ أَعْرَاضُهُمْ، وَيَقَعُ النَّاسُ فِي غِيْبَتِهِمْ!، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهِمْ نَقْصٌ فَلَيْسَ مِنَ النَّصِيحَةِ التَّشْهِيرُ وَالتَّعْيِيرُ، وَتَنَاقُلُ الْعَثْرَاتِ، وَتَسْلِيطُ الضَّوْءِ عَلَى الزَّلَّاتِ, وَخَاصَّةً فِي وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الحَدِيثَةِ التِي صَارَتْ فِي مُتَنَاوَلِ كُلِّ أَحَدٍ, وَيُنْقَلُ بِهَا مَا كَانَ وَمَا لَمْ يَكُنْ, وَيُصَاغُ بِطَرِيقَةٍ يُصَدِّقُهَا أَكْثَرُ النَّاسِ.

فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، وَظُنُّوا بِإِخْوَانِكُمْ خَيْرَاً، وَإِيَّاكُمْ وَوَسَاوِسَ الشَّيْطَانِ وَخَطَرَاتِهِ وَخُطُواتِهِ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ), فاللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ, سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

المرفقات

الشيخ-محمد-الشرافي-َكَذَا-فَلْتَكُنْ

الشيخ-محمد-الشرافي-َكَذَا-فَلْتَكُنْ

المشاهدات 3089 | التعليقات 3

بارك الله
فيك


جزاك الله خيرا

وين الروابط


 جزاك الله خيرا