خطبة الشيخ ابراهيم الحقيل [كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ]

سعيد المفضلي
1436/10/14 - 2015/07/30 13:40PM
[كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ]
13/3/1434
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ؛ اتَّصَفَ بِصِفَاتِ الجَلاَلِ وَالجَمَالِ، وَانْفَرَدَ بِالكَمَالِ،"...لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ"، نَحْمَدُهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ، وَلَنْ يَبْلُغَ عَبْدٌ حَمْدَهُ مَهْمَا حَمِدَهُ؛ فَإِنَّ شَأْنَ اللهِ تَعَالَى أَعْظَمُ مِنْ حَمْدِ الخَلْقِ وَثَنَائِهِمْ، وَإِنَّ فَضْلَهُ عَلَيْهِمْ أَعْظَمُ مِنْ وَصْفِهِمْ وَكَلاَمِهِمْ، وَأَشْهَدُ أن لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ لاَ يَعْرِفُهُ عَبْدٌ إِلاَّ أَحَبَّهُ وَأَحَبَّ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالَهُ وَأَمْرَهُ وَشَرِيعَتَهُ، وَلاَ أَحَبَّهُ إِلاَّ أَطَاعَهُ فَامْتَثَلَ أَمْرَهُ، وَاجْتَنَبَ نَهْيَهُ، وَكُلُّ تَمَرُّدٍ عَلَى اللهِ تَعَالَى كَبِرَ أَمْ صَغِرَ فَمَرَدُّهُ إِلَى الجَهْلِ بِهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى؛ [إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ]{فاطر:28}،وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ؛ دَلَّ العِبَادَ عَلَى رَبِّهِمْ، وَبَيَّنَ لَهُمْ مَا يُرْضِي خَالِقَهُمْ؛ فَمِنِ اتَّبَعَهُ هُدِيَ وَنَجَا، وَمَنْ عَصَاهُ هَلَكَ وَغَوَى، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا اللهَ تَعَالَى فِي قُلُوبِكُمْ، وَاعْرَفُوا فَضْلَهُ عَلَيْكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ عَاجِزُونَ عَنْهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْكُمْ، وَمُفْتَقِرُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ، وَلاَ حَوْلَ لَكُمْ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِهِ، وَلاَ مَفَرَّ لَكُمْ مِنْهُ إِلاَّ إِلَيْهِ؛ [فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ * وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ الله إِلَهًا آَخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ]{الذاريات:50-51}.
أَيُّهَا النَّاسُ: لاَ أَحَدَ مِنَ البَشَرِ أَضَلُّ مِمَّنْ كَرِهَ اللهَ تَعَالَى، أَوْ كَرِهَ مَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهُ سُبْحَانَهُ؛ لِأَنَّهُ جَهِلَ مَعْرِفَةَ اللهِ تَعَالَى حَقَّ المَعْرِفَةِ؛ فَأَنْكَرَ نِعَمَهُ، وَاسْتَكْبَرَ عَنْ عِبَادَتِهِ.
وَالأَصْلُ أَنَّهُ لاَ يَقَعُ ذَلِكَ إِلاَّ مِنَ الكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ؛ فَكَرَاهِيَةُ اللهِ تَعَالَى لَمْ تَقَعْ إِلاَّ مِنَ المَلاَحِدَةِ، وَكَرَاهِيَةُ مَا أَنْزَلَ وَقَعَتْ مِنَ المُشْرِكِينَ وَكُفَّارِ أَهْلِ الكِتَابِ.
وَالكَارِهُونَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى مِنْهُمْ مَنْ لَهُ قُوَّةٌ فِي قَوْمِهِ وَمَنَعَةٌ تُجَرِّئُهُ عَلَى إِظْهَارِ ذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحِ بِهِ، وَهُوَ فِعْلُ الكُفَّارِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا سَوَاءٌ كَانُوا مِنَ المُشْرِكِينَ أَمْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ؛ لِأَنَّهُمْ مُبَايِنُونَ لِلْمُسْلِمِينَ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهِمْ: [وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ]{محمد:8-9}.
وَمِنَ الكَارِهِينَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى مَنْ هُمْ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وَهُمُ المُنَافِقُونَ فَيُخْفُونَهُ وَلاَ يُظْهِرُونَهُ إِلاَّ فِي حَالِ ضَعْفِ المُسْلِمِينَ، وَأَمْنِ العُقُوبَةِ، أوْ فَلَتَتْ بِهِ أَلْسِنَتُهُمْ، وَظَهَرَ فِي لَحْنِ قَوْلِهِمْ.
وَمِنْ هَذِهِ الآيَةِ أَخَذَ العُلَمَاءُ كُفْرَ مَنْ أَبْغَضَ شَيْئًا مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ عَمِلَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ هُوَ مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى، وَقَدْ حَكَمَ سُبْحَانَهُ بِحُبُوطِ عَمَلِ مَنْ كَرِهَ مَا أَنْزَلَ عَزَّ وَجَلَّ.
وَالمُنَافِقُونَ فِي مُجْتَمَعَاتِ المُسْلِمِينَ قَدْ يُضْطَرُّونَ لِعَمَلِ الطَّاعَةِ وَلَوْ كَرِهُوهَا إِمَّا خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَوْ عَلَى دُنْيَاهُمْ، وَإِمَّا مُجَامَلَةً لِغَيْرِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ يَفْعَلُونَ الطَّاعَةَ وَهُمْ يَكْرَهُونَهَا فَلاَ تَنْفَعُهُمْ، وَقَدْ حَكَى اللهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَنْهُمْ فِي عَصْرِ الرِّسَالَةِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: [وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ]{التوبة:54}، فَهُمْ يَكْرَهُونَ الصَّلاةَ وَيَكْرَهُونَ الإِنْفَاقَ، لَكِنَّهُمْ يُصَلُّونَ وَيُنْفِقُونَ إِحْرَازًا لِدِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَنَشْرًا لِنِفَاقِهِمْ فِي أَوْسَاطِ النَّاسِ.
وَالكَارِهُونَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى يَكْرَهُونَ خُلُوصَ الدِّينِ للهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَيَكْرَهُونَ أَنْ يَكُونَ الدِّينُ وَاحِدًا، بَلْ يَدْعُونَ لِتَعَدُّدِيَّةِ الأَدْيَانِ وَتَنَوُّعِهَا، حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَكْرَهُونَ أَنْ يُذْكَرَ اللهُ تَعَالَى وَحْدَهُ، أَوْ أَنْ يَكُونَ الحَدِيثُ عَنْهُ سُبْحَانَهُ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ شَرِيعَتِهِ، وَفِي وَصْفِ هَذَا الكُرْهِ قَالَ اللهُ تَعَالَى: [وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ] {الزُّمر:45}، وَلِذَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ أَنْ يُخْلِصُوا لَهُ الدِّينَ وَلاَ يَلْتَفِتُوا إِلَى كَرَاهِيَةِ الكَارِهِينَ؛ [فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ]{غافر:14}، إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ العَظِيمَةَ لَتُشْعِرُ المُؤْمِنَ بِالفَخْرِ وَهُوَ يُخْلِصُ الدِّينَ للهِ تَعَالَى، وَيُغِيظُ بذَلِكَ أَهْلَ الكُفْرِ وَالنِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِغَاظَتِهِمْ فِي ذَلِكَ.
وَكَانَ المُنَافِقُونَ حِيَالَ مَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى مِنَ الأَحْكَامِ يَتَّخِذُونَ سَيَاسَةَ الحَلِّ الوَسَطِ، وَمُحَاوَلَةَ تَرْضِيَةِ الطَّرَفَيْنِ: طَرَفِ المُؤْمِنِينَ المُحِبِّينَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى، وَطَرَفِ الكُفَّارِ الكَارِهِينَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى، فَيُسِرُّونَ لِلْكُفَّارِ بِأَنَّهُمْ سَيُوَافِقُونَهُمْ فِي بَعْضِ مَا يُرِيدُونَ لاَ فِيهِ كُلَّهُ؛ لِأَنَّهُمْ لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ؛ خَوْفًا مِنْ غَضَبِ المُؤْمِنِينَ، وَتَأَمَّلُوا عَظَمَةَ القُرْآنِ وَفِيهِ خَبَرُهُمْ وَفَضِيحَتُهُمْ؛ [ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ]{محمد:26}.
وَمَنْ رَأَى الانْتِهَاكَاتِ المُتَتَابَعَةَ لِحِمَى الشَّرِيعَةِ فِي هَذَا الزَّمَنِ، وَالتَّخَلُّصِ مِنْ أَحْكَامِهَا حُكْمًا بَعْدَ حُكْمٍ لَيَظُنَّ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ تَتَنَزَّلُ الآنَ، لِتَصِفَ وَاقِعَ الحَالِ، فَيَا للهِ، مَا أَعْظَمَ القُرْآنَ!
وَمِنْ كَرَاهِيَةِ المُنَافِقِينَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَكْرَهُونَ انْتِشَارَهُ وَعُلُوَّهُ، وَيَكْرَهُونَ عَمَلَ النَّاسِ بِهِ، وَيَكْرَهُونَ انْتِصَارَ أَتْبَاعِهِ وَحَمَلَتِهِ؛ لِأَنَّ انْتِصَارَهُمُ انْتِصَارٌ لَهُ؛ [لَقَدِ ابْتَغَوُا الفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ الله وَهُمْ كَارِهُونَ] {التوبة:48}، وَحِينَ يَنْظُرُ المُسْلِمُ إِلَى المَعَارِكِ الفِكْرِيَّةِ الشَّرِسَةِ فِي بِلاَدِ المُسْلِمِينَ حَوْلَ إِقَامَةِ الشَّرِيعَةِ وَسِيَادَتِهَا أَوْ رَفْضِهَا وَإِبْدَالِ القَانُونِ الوَضْعِيِّ بِهَا؛ فَإِنَّهُ سَيَفْهَمُ هَذِهِ الآيَةَ بِلاَ تَفْسِيرٍ، قَوْمٌ يَبْتَغُونَ الفِتْنَةِ حَتَّى لاَ تَنْتَصِرَ الشَّرِيعَةُ، فَلَوِ انْتَصَرَتْ لَكَانُوا كَارِهِينَ لانْتِصَارِهَا، وَقَدْ صَرَّحَ الصَّلِيبِيُّونَ الَّذِينَ يُدَمِّرُونَ مَالِي وَيَقْتُلُونَ المُسْلِمِينَ فِيهَا أَنَّ غَزْوَهُمْ لَهَا إِنَّمَا هُوَ لاقْتِلاَعِ تَحْكِيمِ الشَّرِيعَةِ ِالإِسْلاَمِيَّةِ، وَإِعَادَةِ القَانُونِ الوَضْعِيِّ.
وَدَوَافِعُ كَرَاهِيَةِ مَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى كَثِيرَةٌ؛ مِنْهَا: كُرْهٌ ذَاتِيٌّ لِلشَّرِيعَةِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِ أَحْكَامِهَا، وَمِنْهَا: هَوًى فِي النُّفُوسِ تَحُولُ دُونَهُ بَعْضُ النُّصُوصِ فَيَكْرَهُ تَنَزُّلَهَا، وَمِنْهَا: دُنْيَا يَطْلُبُهَا لاَ يَنَالُهَا إِلاَّ بِإِظْهَارِ كُرْهِ بَعْضِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، أَوْ الِالْتِفَافِ عَلَى نُصُوصِهَا بِالتَّأْوِيلِ، وَعَلَى أَحْكَامِهَا بِالمَسْخِ وَالتَّعْطِيلِ.
وَلِابْنِ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كَلاَمٌ بَدِيعٌ نَفِيسٌ يُشَخِّصُ فِيهِ أَمْرَاضَ الكَارِهِينَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فَيَقُولُ: ثَقُلَتْ عَلَيْهِمُ النُّصُوصُ فَكَرِهُوهَا، وَأَعْيَاهُمْ حَمْلُهَا فَأَلْقَوْهَا عَنْ أَكْتَافِهِمْ وَوَضَعُوهَا، وَتَفَلَّتَتْ مِنْهُمُ السُّنَنُ أَنْ يَحْفَظُوهَا فَأَهْمَلُوهَا، وَصَالَتْ عَلَيْهِمْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَوَضَعُوا لَهَا قَوَانِينَ رَدُّوهَا بِهَا وَدَفَعُوهَا، وَقَدْ هَتَكَ اللهُ أَسْتَارَهُمْ، وَكَشَفَ أَسْرَارَهُمْ، وَضَرَبَ لِعِبَادِهِ أَمْثَالَهُمْ، وَأَعْلَمَ أَنَّهُ كُلَّمَا انْقَرَضَ مِنْهُمْ طَوَائِفُ خَلَفَهُمْ أَمْثَالُهُمْ، فَذَكَرَ أَوْصَافَهُمْ، لِأَوْلِيَائِهِ لِيَكُونُوا مِنْهَا عَلَى حَذَرٍ، وَبَيَّنَهَا لَهُمْ، فَقَالَ: [ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ]{محمد:9}. هَذَا شَأْنُ مَنْ ثَقُلَتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ، فَرَآهَا حَائِلَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ بِدْعَتِهِ وَهَوَاهُ، فَهِيَ فِي وَجْهِهِ كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ، فَبَاعَهَا بِمُحَصَّلٍ مِنَ الْكَلَامِ الْبَاطِلِ، وَاسْتَبْدَلَ مِنْهَا بِالْفُصُوصِ فَأَعْقَبَهُمْ ذَلِكَ أَنْ أَفْسَدَ عَلَيْهِمْ إِعْلَانَهُمْ وَإِسْرَارَهُمْ؛ [ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ]{محمد:26-28}، أَسَرُّوا سَرَائِرَ النِّفَاقِ، فَأَظْهَرَهَا اللهُ عَلَى صَفَحَاتِ الْوُجُوهِ مِنْهُمْ، وَفَلَتَاتِ اللِّسَانِ، وَوَسَمَهُمْ لِأَجْلِهَا بِسِيمَاءَ لاَ يَخْفَوْنَ بِهَا عَلَى أَهْلِ الْبَصَائِرِ وَالْإِيمَانِ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِذْ كَتَمُوا كُفْرَهُمْ وَأَظْهَرُوا إِيمَانَهُمْ رَاجُوا عَلَى الصَّيَارِفِ وَالنُّقَّادِ، كَيْفَ وَالنَّاقِدُ الْبَصِيرُ قَدْ كَشَفَهَا لَكُمْ؟ [أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ] {محمد:29-30}انْتَهـَى كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
فَحَذَارِ حَذَارِ عِبَادَ اللهِ أَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِ العَبْدِ حَرَجٌ مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى؛ فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ نَهَى نَبِيَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَعْصُومٌ مِنْهُ؛ [كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ]{الأعراف:2}، هَذَا فِيمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى مِنَ القُرْآنِ، وَأَمَّا مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السُّنَّةِ فَفِيهِ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: [فَلَا وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا]{النساء:65}، وَكُلُّ أَمْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَنَهْيِّهِ فَهُوَ مِنْ حُكْمِهِ اَّلذِي يَجِبُ التَّسْلِيمِ بِهِ وَالانْقِيَادُ لَهُ دُونَ حَرَجٍ فِي الصُّدُورِ، وَإِلاَّ كَانَ النِّفَاقُ وَالضَّلاَلُ، عَصَمَنَا اللهُ تَعَالَى مِنَ النِّفَاقِ، وَأَعَانَنَا عَلَى التَّسْلِيمِ وَالانْقِيَادِ.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ...
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ، وَاحْفَظُوا قُلُوبَكُمْ مِنَ الزَّيْغِ بِالاسْتِجَابَةِ لِأَمْرِهِ، وَمَحَبَّةِ حُكْمِهِ، وَبُغْضِ مَنْ أَبْغَضَهُ مِنَ الكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ فِي اليَهُودِ: [وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنْهُمْ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلًا]{النساء:46}.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: كَمْ مِنْ آيَاتٍ كَرِهَ تَنَزُّلَهَا كَثِيرٌ مِنْ مُفَكِّرِي عَصْرِنَا؟! وَكَمْ مِنْ أَحَادِيثَ وَدُّوا أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لَمْ يَنْطِقْ بِهَا، فَأَنْكَرُوهَا أَوْ تَأَوَّلُوهَا وَحَرَّفُوهَا، وَأَبْطَلُوا أَحْكَامَهَا.
إِنَّ أَهْلَ الأَهْوَاءِ هُمْ أَهْلُ الأَهْوَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، كَرِهَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ سُورَةَ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ؛ لِأَنَّهَا تُخَالِفُ مَذْهَبَهُ فِي القَدَرِ، وَوَدَّ لَوْ أَنَّهُ حَكَّهَا مِنَ المُصْحَفِ، وَعَنِ الجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ أَنَّهُ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي أَحُكُّ مِنَ المُصْحَفِ قَوْلَهُ تَعَالَى: [الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى]{طه:5}؛ لِأَنَّ هَوَاهُ قَادَهُ إِلَى إِنْكَارِ اسْتِوَاءِ الرَّحْمَنِ عَلَى العَرْشِ، وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ أَبِي دُؤَادَ المُعْتَزِلِيِّ أَنَّهُ اقْتَرَحَ عَلَى الخَلِيفَةِ المَأْمُونِ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى أَسْتَارِ الكَعْبَةِ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ! أَرَادَ أَنْ يُحَرِّفَ الآيَةَ؛ لِأَنَّهُ يَنْفِي السَّمْعَ وَالبَصَرَ عَنِ اللهِ تَعَالَى.
هَذَا كَانَ قَدِيمًا! وَأَمَّا الْيَوْمُ فَكَمْ مِنْ مُفَكِّرِينَ مُنْتَسِبِينَ لِلإِسْلاَمِ يَوَدُّونَ لَوْ قَدَرُوا عَلَى مَحْوِ آيَاتٍ مِنَ القُرْآنِ وَأَحَادِيثَ مِنَ السُّنَّةِ كَالآيَاتِ الَّتِي فِيهَا تَحْقِيرُ الكُفَّارِ وَتَشْبِيهُهُمْ بِالأَنْعَامِ، وَأَنَّهُمْ أَضَلُّ مِنْهَا، وَأَنَّهُمْ شَرُّ البَرِيَّةِ، وَأَنَّهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ وَلاَ يَفْقَهُونَ، وَالآيَاتِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ الحُكْمَ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى بِالكُفْرِ وَأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَكَمْ مِنْ مُفَكِّرٍ وَمُثَقَّفٍ وَرُبَّمَا دَاعِيَةٍ إِسْلاَمِيٍّ يَجِدُ حَرَجًا شَدِيدًا مِنْ آيَاتِ إِبَاحَةِ الرِّقِّ وَأَحْكَامِهِ، وَآيَاتِ جِهَادِ الكُفَّارِ، وَآيَاتِ إِعْطَاءِ الذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فِي المَوَارِيثِ، وَآيَةِ الجِزْيَةِ؟! وَكَمْ مِنْ نِسَاءٍ مَنْسُوبَاتٍ لِلْإِسْلامِ يَتَمَنَّيْنَ لَوْ مَحَوْنَ آيَةَ قِوَامَةَ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، وَآيَةَ تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ، وَآيَةَ مَنْعِ التَّبَرُّجِ وَالسُّفُورِ؟!
وَكَمْ مِنْ مُسْلِمِينَ يَجِدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِنَ الحُدُودِ الشَّرْعِيَّةِ كَقَتْلِ المُرْتَدِّ، وَرَجْمِ الزَّانِي المُحْصَنِ، وَجَلْدِ القَاذِفِ، وَقَطْعِ السَّارِقِ، وَأَحْكَامِ الحِرَابَةِ! نَعَمْ وَاللهِ يَجِدُونَ حَرَجًا مِنْهَا؛ لِأَنَّ أَرْبَابَ الحَضَارَةِ الغَرْبِيَّةِ المُعَاصِرَةِ يَعُدُّونَهَا وَحْشِيَّةً وَهَمَجِيَّةً، وَيُعَيِّرُونَ المُسْلِمِينَ بِهَا؟!
كَمْ مِنْ مُصَلٍّ صَائِمٍ وَهُوَ كَارِهٌ لِشَيْءٍ مِنَ الشَّرِيعَة وَلاَ يَشْعُرُ أَنَّ ذَلِكَ مُحْبِطٌ لِلَعَمَلِ؛ فَالأَمْرُ خَطِيرٌ، وَالخَطْبُ كَبِيرٌ.
يَا هَؤُلاَءِ وَأُولَئِكَ، هَذَا كِتَابُ اللهِ تَعَالَى وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا دِينُ اللهِ تَعَالَى وَشَرِيعَتُهُ وَأَحْكَامُهُ، كَتَبَ اللهُ تَعَالَى لَهَا البَقَاءَ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ، فَلَنْ يُغَيِّرَهَا كَافِرٌ، وَلَنْ يُبَدِّلَهَا مُنَافِقٌ، وَلَنْ يَضُرَّهَا فَذْلَكَةُ زِنْدِيقٍ، وَلاَ تَأْوِيلُ مُحَرِّفٍ، وَلَوْ أَحْرَقَ الكُفَّارُ بِمَا يَمْلِكُونَ مِنْ أَسْلِحَةٍ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا، فَدِينُ اللهِ تَعَالَى سَيَبْقَى، وَسَتَبْقَى شَرِيعَتُهُ، وَحَمَلَتُهَا مُنْتَصِرُونَ طَالَ الزَّمَنُ أَوْ قَصُرَ، إِنَّهَا شَرِيعَةٌ سَتَسُودُ الأَرْضَ، وَسَيَنْزِلُ بِهَا عَيْسَى بْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَيُقَاتِلُ عَلَيْهَا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى، فَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ وَأَتْبَاعَهُ مِنَ اليَهُودِ، وَيَكْسِرُ صُلْبَانَ النَّصَارَى، وَيَقْتُلُ خِنْزِيرَهُمْ، وَلَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ إِلاَّ الإِسْلامَ أَوِ القَتْلَ! فَبِاللهِ عَلَيْكُمْ، دِينٌ هَذَا شَأْنُهُ، وَشَرِيعَةٌ هَذَا مُسْتَقْبَلُهَا، هَلْ يُجَازِفُ عَاقِلٌ -فَضْلاً عَنْ مُؤْمِنٍ- بِهَا، فَيَكْرَهُ شَيْئًا مِنْهَا، أَوْ يَجِدُ فِي صَدْرِهِ حَرَجًا مِنْ بَعْضِ أَحْكَامِهَا؟! يَا لِلْخَسَارَةِ الفَادِحَةِ، وَيَا لِلنِّهَايَةِ البَائِسَةِ لِكُلِّ مَنْ كَرِهَ شَيْئًا مِنْهَا، أَوْ وَجَدَ فِي صَدْرِهِ حَرَجًا مِنْ بَعْضِ أَحْكَامِهَا!
قَالَ العَلاَّمَةُ المُفَسِّرُ الشِّنْقِيطِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ، يَجِبُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ تَأَمُّلُ هَذِهِ الآيَاتِ، مِنْ سُورَةِ مُحَمَّدٍ وَتَدَبُّرُهَا، وَالحَذَرُ التَّامُّ مِمَّا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الوَعِيدِ الشَّدِيدِ; لِأَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ يَنْتَسِبُونَ لِلْمُسْلِمِينَ دَاخِلُونَ بِلاَ شَكٍّ فِيمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الوَعِيدِ الشَّدِيدِ؛ لِأَنَّ عَامَّةَ الكُفَّارِ مِنْ شَرْقِيِّينَ وَغَرْبِيِّينَ كَارِهُونَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ هَذَا القُرْآنُ وَمَا يُبَيِّنُهُ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السُّنَنِ،فَكُلُّ مَنْ قَالَ لِهَؤُلاَءِ الكُفَّارِ الكَارِهِينَ لِمَا نَزَّلَهُ اللهُ: سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي وَعِيدِ الآيَةِ، وَأَحْرَى مِنْ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُ لَهُمْ: سَنُطِيعُكُمْ فِي الأَمْرِ؛ كالَّذِينَ يَتَّبِعُونَ القَوَانِينَ الوَضْعِيَّةَ مُطِيعِينَ بِذَلِكَ لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ، فَإِنَّ هَؤُلاءِ لاَ شَكَّ أَنَّهُمْ مِمَّنْ تَتَوَفَّاهُمُ المَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ، وَأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ، وَأَنَّهُ مُحْبِطٌ أَعْمَالَهُمْ، فَاحْذَرْ كُلَّ الحَذَرِ مِنَ الدُّخُولِ فِي الَّذِينَ قَالُوا: سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ.
وَصَلُّوا وَسَلَّمَوا عَلَى نَبِيِّكُمْ.
المشاهدات 2936 | التعليقات 0