خطبة الزكاة أهميتها وحكم تاركها - الشيخ صالح بن محمد باكرمان

شادي باجبير
1443/08/23 - 2022/03/26 20:17PM

الخطبة الأولى

الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه . وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك ، تعظيماً لشأنه ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ، الداعي إلى رضوانه ، صلى الله عليه ، وعلى آله ، وأصحابه ، وإخوانه .

أما بعد :

أيها المسلمون - عباد الله - اتقوا الله حق تقواه .

﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢]

عباد الله ، إنَّ الزكاة فرض من فروض الدين ، وركن من أركان الإسلام .

قال الله - عزوجل - : ﴿وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاركَعوا مَعَ الرّاكِعينَ﴾ [البقرة: ٤٣]

وقد قرن الله - سبحانه وتعالى- بين الصلاة والزكاة في كتابه العزيز ، في أكثر من عشرين موضعاً ﴿وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ﴾ ﴿وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ﴾

أعظم العبادات ، وأعظم الشرائع الصلاة ، التي هي علاقة بين المخلوق والخالق ، وبين الخالق والمخلوق .

والزكاة التي هي علاقة بين المخلوق والمخلوق .

الصلاة التي هي أعظم العبادات البدنية ، والزكاة التي هي أعظم العبادات المالية .

وقال - سبحانه وتعالى - فارضاً الزكاة ، آمراً نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - بأن يأخذها من المؤمنين ، قال : ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ۗ ... ﴾[سورة التوبة: 103].

(خُذْ) يا محمد (مِنْ أَمْوَالِهِمْ) الذي يطلبه الله - عزوجل - منَّا عباد الله ، إنَّما هو بعض المال ، إنَّما هو شيء من المال .

(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً) والصدقة هنا هي الزكاة ، تُسمى صدقة ، وتُسمى زكاة .

تُسمى صدقة من الصدق ؛ لأنَّ الزكاة والصدقة دليل الصدق ،  وبرهان الإيمان ، كما قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : " وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ " رواه مسلم .

لأنَّ المزكي والمتصدق ، لايزكي ، ولا يتصدق إلا وقد امتلأ قلبه بالإيمان واليقين بالله ، واليوم الآخر ، لايبذل ماله وإلا وهو مستيقن بالله - عزوجل - وباليوم الآخر ، فالصدقة برهان ودليل صدق .

(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً) ماهو المقصد منها ؟ ماهي الغاية من هذه الزكاة ؟

قال : (تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) .

زكاة تزكي النفوس من الشح ، وتزكي القلوب من الحقد و الحسد ، وتجعل المجتمع متسامياً ، متآخياً ليس بين الغني والفقير أحقاد ولا ضغائن ، ولا يبخل الغني على الفقير .

ففرض الله - عزوجل - على عباده الزكاة ، فرْض من الفروض العظيمة ، بل الزكاة ركن من أركان الإسلام ، كما جاء في الحديث عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ - : " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ". رواه البخاري ومسلم.

الزكاة ركن من أركان الإسلام ، التي بُني عليها الإسلام ، وبُني عليها الدين .

الزكاة فرض متواتر ، مُجمَع عليه ، معلوم من الدين بالضرورة ، لا يجهل أحد أنَّ الزكاة فرض من الفروض ، يعلم ذلك الكبير والصغير ، والعربي والعجمي، والحضري والبدوي ، من المعلوم من الدين بالضرورة ، ومن أنكر معلوماً من الدين بالضرورة ، أو جحد معلوماً من الدين بالضرورة ، كفر وخرج من ملة الإسلام .

فمن جحد الزكاة ، وجحد وجوب الزكاة ، وجحد أنَّ الله - عزوجل - فرض الزكاة ، فإنَّه كافر خارج عن ملة الإسلام ، ليس بمسلم .

الزكاة شأن أهل الإسلام ، وجحْد الزكاة شأن المشركين ، كما قال الله - سبحانه وتعالى - في كتابه العزيز : ﴿ ... وَوَيلٌ لِلمُشرِكينَ۝الَّذينَ لا يُؤتونَ الزَّكاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُم كافِرونَ﴾ [فصلت: ٦-٧]

المشركون( لا يُؤتونَ الزَّكاةَ ) لايعترفون بزكاة ، ولا يؤدون زكاة ، هذا شأن المشركين .

وقال الله - سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز ، مخبراً عن أهل الشرك : (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ ... )[سورة التوبة: 11].

الحديث عن كفار قريش ، يقول الله - سبحانه وتعالى - : (فَإِنْ تَابُوا) أي عن شركهم ، وتركوا عبادة الأصنام ، هذا هو الشرط الأول .

الشرط الثاني : (وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ) قبلوا الصلاة أولاً ، والتزموا بها ، ثم بعد ذلك عملوا وصلوا .

والشرط الثالث : (وَآتَوُا الزَّكَاةَ ) فإن جاء بهذه الشروط ، فالنتيجة (فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ ) منكم أيها المسلمون .

ومفهوم المخالفة لهذه الشروط ، إن لم يتوبوا من شركهم ، أو إن لم يصلوا ، ويعترفوا بالصلاة ، ويُذعنوا للصلاة ، وإن لم يذعنوا للزكاة ، فليسوا بإخوانٍ لكم في الدين .

الزكاة فرض معلوم من الدين بالضرورة ، من جحده كفر ، وخرج عن ملة الإسلام .

وأما من منع الزكاة بخلاً ، وهو يعترف بأنَّها ركن من أركان الإسلام ، وفرض من فروض الدين ، ولكنَّه لم يؤدِّها بخلاً :

🔸️فإن كانوا جماعة ، ولهم شوكة ، ويحاربون ، ويقاتلون ، وجب قتالهم ، وجب على ولي الأمر أن يقاتلهم ، ويقتل منهم حتى يخضعوا للزكاة ، ويؤدُّوا الزكاة ، ويدفعوا الزكاة .

وهذا مافعله أبوبكر الصديق - رضي الله عنه وأرضاه - والصحابة معه  - رضي الله عنهم وأرضاهم - حينما امتنع بعض الناس عن أداء الزكاة .

بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم - كفر من كفر من العرب ، وحدثت الردة ، وكان الناس على ثلاث طوائف :

• طائفة منهم ارتدوا ، ورجعوا إلى عبادة الأصنام .

• وطائفة منهم اتبعوا من ادَّعى النبوّة : كمسيلمة الكذاب ، والأسود العنسي .

• وطائفة منهم لم يعبدوا الأصنام ، ولم يصدقوا المدَّعين للنبوَّة ، ولكنَّهم تركوا الزكاة ، بقوا ثابتين على لا إله إلا الله ، وبقوا ثابتين على أداء فرض الصلاة ، ولكنَّهم امتنعوا عن أن يؤدُّوا الزكاة .

وكان الحوار بين عمر -رضي الله عنه - وبين أبي بكر الصديق -رضي الله عنه - ، الحوار المشهور ، كانوا مشغولين بقاتل عبدة الأصنام ، و متبعِي المدعين للنبوّة ، فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ " ؟

[هذه الرواية كانت عند عمر ، ولكن لم تكن عنده الرواية ، التي فيها ذكر الزكاة والصلاة . ]

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، [أليس الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول : "إلا بحق الإسلام " والزكاة حق المال ] وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا ، كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. "

وفي رواية " عِقَالًا "

فقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. " رواه البخاري ومسلم .

وأجمع الصحابة مع أبي بكر على قوله ، وعلى العزم على قتال مانعي الزكاة ، وأجمعوا على قتالهم فعلا .

🔸️وأما من منع الزكاة وهو فرد من الأفراد ، فعلى ولي الأمر أن يأخذها منه حتماً ، ويرغمه على أدائها ، وهو فاجر هذا الممتنع .

المانع للزكاة فاجر فاسق ، متوعَد عند الله- عزوجل - بالعذاب الشديد .

أقول ما سمعتم ، وأستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا محمد ، وعلى آله ، وصحبه أجمعين .

أما بعد :

أيها المسلمون عباد الله ، اتقوا الله حق تقواه .

عبادالله ، إنَّ الزكاة فرض عظيم ، وركن جسيم من أركان الإسلام ، فكونوا قائمين بحق هذا الركن ، واحذروا عباد الله ، من أن تتكاسلوا عنه ، أو تبخلوا به .

الذي يترك الزكاة ، ويبخل بالزكاة ، فاجر فاسق ، متوعَد عند الله - عزوجل - بالعذاب الأليم .

فترك الزكاة من المسلم ، كبيرة من أعظم الكبائر ، حتى إنَّ بعض علماء السنة ، قالوا بكفر من ترك الزكاة بمجرد الترك ، ولكنّ الراجح أنَّه لا يكفر ، ولكنَّه فاسق فاجر ، مرتكب لكبيرة من الكبائر ، ومتوعَد بالعذاب الشديد عند الله - سبحانه وتعالى -  .

قال الله - سبحانه وتعالى - في كتابه العزيز : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)[سورة التوبة: 34 - 35].

هذا وعيد شديد ، في حق مانع الزكاة ، والمتكاسل بأداء الزكاة .

(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ) يجمعون الذهب والفضة .

(وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) لاينفقون ما أوجب الله - عزوجل - عليهم فيها .

فالكنز هو مالم تُؤدَّ زكاته ، وما أُدِّيت زكاته فليس بكنز ، كما جاء عن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ما أُدِّيت زكاته فليس بكنز ، وإنِّما الكنز مالم تُؤدَّ زكاته .

(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ) ويأخذ حكم الذهب والفضة ، ما قام مقام الذهب والفضة من النقد ، من أي شكل كان ، ومن أي نوع كان ؛ لأنَّه بقيمة الذهب والفضة ، وسيحاسَب عليه الإنسان محاسَبته على الذهب والفضة .

(وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) عذاب مؤلم شديد ، وفسَّر الله - عزوجل- هذا العذاب الأليم بقوله : ( يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ) يُحمى على الذهب والفضة في نار جهنم ، يُجعَل صفائح ، ويُكوى بها هذا المانع للزكاة في ثلاثة مواضع :

• في الجباه في أحسن موضع من
الوجه .
• وفي الجنوب .
• وفي الظهر  .

(فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ )

ويقال لهم : (هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ) كنزته لنفسك ، ولعذابك عبدالله ، (فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)

من منَّا يريد هذا العذاب عياذا بالله ؟! فلنتقِ الله عبادالله .

وقال -سبحانه وتعالى - : (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ ... ) [سورة آل عمران: 180].

مابخلت به عبدالله ، سيكون طوقاً يوضع في عنقك يوم القيامة ، ستُطوَقه .

وجاء الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ الله - سبحانه وتعالى - يمثّل المال في الآخرة ثعباناً ، شجاعاً أقرع ،  فقال : " مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا ، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ[قد ذهب شعر رأسه من شدة السُّم ] لَهُ زَبِيبَتَانِ ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَيْهِ " يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ " ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنْزُكَ. ثُمَّ تَلَا : لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ. الْآيَةَ ".

وفي بعض الروايات أنَّه يطرُد خلفه ، يريد أن يأكله ، فلمّا يرى المرء أنَّه [ الأحاديث في البخاري ومسلم ليست أحاديث القُصَّاص] فلمّا يرى المرء أنَّ هذا الثعبان قد جاءه ، يريد أن يتخلص بشيء منه ، فيعطيه يده ، فيقضمها ويأكلها ( عذاب شديد)  .

والحديث الطويل في البخاري ومسلم ، في عذاب مانعي الزكاة ، عن أَبَي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ، وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا ؛ إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ، وَجَبِينُهُ، وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ ؛ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ". قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَالْإِبِلُ ؟ قَالَ : " وَلَا صَاحِبُ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، وَمِنْ حَقِّهَا حَلَبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ  بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ ، أَوْفَرَ مَا كَانَتْ لَا يَفْقِدُ مِنْهَا فَصِيلًا وَاحِدًا تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، وَتَعَضُّهُ بِأَفْوَاهِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا ؛ رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ ؛ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ". قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَالْبَقَرُ، وَالْغَنَمُ ؟ قَالَ : " وَلَا صَاحِبُ بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ، لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، لَا يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئًا، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ ، وَلَا جَلْحَاءُ ، وَلَا عَضْبَاءُ تَنْطِحُهُ بِقُرُونِهَا،وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا ، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا ؛ رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ ؛ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ". رواه مسلم.

هذا عذاب مانع الزكاة ، أو من عذاب مانع الزكاة في عرصات القيامة قبل النار ، وما أدراك ما النار ، وعذاب النار ؟!

فاتقو الله عباد الله ، اعرفوا أهمية هذا الركن ، اسألوا عن أحكام الزكاة ، فيمَ تجب الزكاة ؟ ماهي شروط الزكاة ؟ ماهي مصارف الزكاة ؟ ماهي أحكام الزكاة ؟

لاتقل - ياعبدالله - من عند نفسك ، أنا ليس علي زكاة ، لا تحكم أنت على نفسك ، اسأل عن الزكاة وأحكامها ، فهذا جزء من صميم دينك .

وليحذر الأغنياء ، ومَن وجبت عليه الزكاة من التهاون في هذا الفرض ، فإنَّ وعيده شديد .

أسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يثبتنا وإيَّاكم على الإسلام ! وأن يجعلنا وإيَّاكم من أهل الصلاة والزكاة !

اللهم اغفر لنا ، وارحمنا ، وعافنا ، واعفُ عنا ، وتب علينا ، واسترنا !

اللهم اغفر للمسلمين ،والمسلمات ، والمؤمنين ، والمؤمنات ، الأحياء منهم ، والأموات !

اللهم إنَّك حي قريب سميع مجيب الدعوات ! اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين ! اللهم رحماك بالمسلمين المستضعفين في كل مكان !

اللهم الطف بنا يا أرحم الراحمين ! اللهم الطف بنا يا أرحم الراحمين ! اللهم الطف بنا يا أرحم الراحمين !

اللهم رخِّص أسعارنا ، وغزِّر أمطارنا ، ولِّ علينا خيارنا ، اصرف عنا شرارنا يا أرحم الراحمين ! اللهم اكتب لنا خيرا !

اللهم بلغنا رمضان ! اللهم بلغنا رمضان ! اللهم اجعلنا فيه من أهل الصيام ، والقيام يا أرحم الراحمين !

اللهم اغفر لآبائنا ، وأمهاتنا ، وأزواجنا ، وذرياتنا ، وإخواننا ، وأخواتنا ، ومشايخنا ،ومعلمينا ، ومن له حق علينا يا أرحم الراحيم !

اللهم ارحمنا يا أرحم الراحمين ، فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض عليك يا أرحم الراحمين!

اللهم الطف بنا في هذه الدنيا والآخرة !

ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار !

عبادالله ، وصلوا وسلموا على من أمركم الله - عزوجل - بالصلاة والسلام عليه ، فقال : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾ [الأحزاب: ٥٦]

اللهم صلِّ على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنَّك حميد مجيد ! اللهم بارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنَّك حميد مجيد !

عبادَ الله ، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسانِ وَإيتاءِ ذِي القُربى وَيَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ وَالبَغيِ يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرونَ﴾ [النحل: ٩٠]

فاذكروا الله ؛ يذكركم ، واشكروه ؛ يزدكم ، ولذكر الله أكبر ، والله يعلم ما تصنعون .

 

 

المشاهدات 1305 | التعليقات 0