(خطبة ) الذب عن النبي صلى الله عليه وسلم

خالد الشايع
1442/03/11 - 2020/10/28 16:18PM

الخطبة الأولى ( الذب عن سيد الأولين والآخرين )   13/3/1442

إن الحمد لله نحمد ونستعينه ..........

أما بعد فيا أيها المؤمنون : اتقوا الله واقدروه حق قدره ، وعظموا شعائره ، واعرفوا منزلة دينكم ، فهو خير دين مر على البرية .

عباد الله : إن المؤمن الحق صاحب العقيدة الصحيحة يعلم منزلة الدين ، فيعطي في الإسلام كل ذي حق حقه فالله جل جلاله لا يوصف إلا بالصفات العلى ، ولا ينادى إلا بأسمائه الحسنى ، عجزت العقول عن إدراك كنهه ، وخرست الألسن أن تأتي على كمال ثنائه ، سبحانه من إله لطيف خبير .

والنبي صلى الله عليه وآله وسلم له المنزلة العظيمة في الدين ، فهو خير الأنبياء والرسل على الإطلاق ، بل هو سيد ولد آدم

تالله ما حملت أنثى ولا وضعت * * * مثل النبي رسول الأمة الهادي

ولله در القائل :

ألم تر أن الله خلّـَد ذكـره *** إذ قال في الخمس المؤذن: أشهـد
وشـقّ له من اسمه ليجلــه *** فذو العرش محمود وهذا محمــد

معاشر المسلمين : لقد قرأتم وسمعتم بما يدور في الساحة من النيل من نبي الأمة عليه أفضل الصلاة والتسليم ، من قبل نصارى الغرب وخصوصا في فرنسا ، حيث نشروا الرسومات المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم عبر صحفهم وعلقوها في مبانيهم وشددوا عليها الحراسة ، وأعلنوا استمرارهم في ذلك ، عدم مكترثين بملياري مسلم في العالم .

  فهل حرية الفكر تسمح بالنيل من أحد الأشخاص المجهولين فضلا عن الأنبياء ورسل رب العالمين .

فلو كان هذا الوصف وجه إلى أحد الرؤساء أو الزعماء أو الديانات الأخرى كاليهودية مثلا لقامت الدنيا ولما قعدت ، ولذلك لأن خلفها من يذود عنها وينافح ، والآن انصب الحقد الدفين على سيد المرسلين فمن الذي سينافح عنه بما يستطيع ومن الذي سيقف موقف المتفرج !!!

ألا نعلم أن محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم  من الواجبات التي يجب أن نقدمها على النفس والولد والوالد والناس أجمعين كما أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس قال صلى الله عليه وآله وسلم (   لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده و والده و الناس أجمعين )

أيها المؤمنون : هل تعلمون حكم سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم  فلقد أجمع العلماء على أن من سب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المسلمين فهو كافر مرتد يجب قتله .
وهذا الإجماع قد حكاه غير واحد من أهل العلم كما نقل ذلك ابن تيمية في كتابه الصارم المسلوم عن الإمام إسحاق بن راهويه وابن المنذر والقاضي عياض والخطابي وغيرهم .  وقد دل على هذا الحكم الكتاب والسنة
قال الله تعالى : ( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) التوبة / 66 .
فهذه الآية نص في أن الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله كفر ، فالسب بطريق الأولى ، وقد دلت الآية أيضاً على أن من تنقص رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد كفر ، جاداً أو هازلاً .
هذا مع أن الله أجرى العادة أن من نال من حبيبه انتقم منه في حياته وجعله عبرة لغيره أخرج البخاري ومسلم من حديثْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ:" مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ"، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ) 

أخرج الطبراني في الأوسط  عن ابن عباس في قوله (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) قال: المستهزئون، الوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب والحارث بن عبطل السهمي والعاص بن وائل، فأتاه جبريل فشكاهم إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: أرني إياهم، فأراه كل واحد منهم، وجبريل يشير إلى كل واحد منهم في موضع من جسده ويقول : كَفَيْـتُكَهُ، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ما صنعت شيئا !. فأما الوليد، فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلاً فأصاب أكحله فقطعها. وأما الأسود بن المطلب، فنزل تحت سمرة فجعل يقول: يابنيّ، ألا تدفعون عني؟ قد هلكت وطُعنت بالشوك في عينيّ فجعلوا يقولون: ما نرى شيئاً فلم يزل كذلك حتى عتمت عيناه . وأما الأسود بن عبد يغوث، فخرج في رأسه قروح فمات منها . وأما الحارث فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خرؤه من فيه فمات منه . وأما العاص فركب إلى الطائف فربض على شبرقة فدخل من أخمص قدمه شوكة فقتلته .

  بل إن الله لييسر فتح الحصون للمسلمين بسبب نيلهم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم  ، يقول شيخ الإسلام رحمه الله : " وإنَّ الله منتقمٌ لرسوله ممن طعن عليه وسَبَّه ، ومُظْهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد ، ونظير هذا ما حَدَّثَنَاه أعدادٌ من المسلمين العُدُول ، أهل الفقه والخبرة، عمَّا جربوه مراتٍ متعددةٍ في حَصْرِ الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نَحْصُرُ الحِصْنَ أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنعٌ علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعرض أهلُهُ لِسَبِّ رسولِ الله والوقيعةِ في عرضِه تَعَجَّلنا فتحه وتيَسَّر، ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك، ثم يفتح المكان عنوة ، ويكون فيهم ملحمة عظيمة أهـ
وقال ابن سعدي رحمه الله: " وقد فعل تعالى ، فما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة ".أهـ

قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً(

عباد الله : هذا فيض من غيض ، وبه يتبين حقد النصارى على المسلمين ودينهم كما قال تعالى (ودوا ما عندتم قد بدت البغضاء من أفواههم ..) (ودوا لو تكفرون كما كفروا ) ( إن تمسسكم حسنة تسؤهم ...)

اللهم اردد على الكافرين حقدهم واجعل مكرهم سببا لهلاكهم

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

                                        الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ...................

أما بعد فيا أيها المؤمنون : اتقوا الله وعظموا دينكم واعرفوا حق نبيكم ، وكونوا أنصار الله لعلكم تفلحون

 معاشر ا لمسلمين : لا تحسبوه شرا لكم ، بل هو خير لكم ، فمثل هذه الأفعال لها فوائد عظيمة على الأمة الإسلامية ، فمن فوائد هذه الحملة التعريف بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم  عند الرد عليهم فبعض المسلمين لا يعرف سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم  فضلا عن الكفار .

ومنه كذلك حصول الألفة بين المسلمين والاجتماع ووحدة الكلمة والصف

ومنها انبثاق منابر عبر وسائل الإعلام لبيان الدين والذب عنه .

ومنها قراءة بعض الكفار عن الدين الصحيح .

وهكذا كما أخرج البخاري و مسلم في صحيحهما من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وآله وسلم ( إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر )

معاشر المسلمين : مالواجب على المسلم عند حدوث مثل هذا :

أولا : لابد أن يكون له حس شرعي وغيرة دينية ، فيغضب ويبرأ من هذا الصنيع .

ثانيا : الدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كل على قدر طاقته ويكون ذلك بالحكمة  .

ثالثا :  أن تتصدى المؤسسات العلمية للدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ممثلة في علمائها وكتابها ومثقفيها .

رابعا:  تأليف الرسائل والكتب في الرد عليهم وبيان سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم  حقيقة وإبراز محاسنها التي شهد بها كتابهم وعلماؤهم ولولا الإطالة لسردتها ، اكتفي بذكر أنموذج واحد وهو ما كتبه الأديب الانجليزي ( برناردشو ) في كتابه "محمد"، والذي أحرقته السلطة البريطانية:

إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد.

هذا النبيُّ الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال، فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد.

وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا).

معاشر الأحبة : لقد قام كثير من المسلمين بجهود جبارة في ذلك عرفها من عرفها وجهلها من جهلها وهي في ميزان حسناتهم ، ولكن ما موقفنا فحذاري حذاري أن نكون من المتفرجين ، فالكل يسعى ، التاجر بماله ، والعالم بعلمه ، والكاتب بقلمه ، وصاحب الجاه بجاهه وهكذا .

اللهم وفقنا لهداك واجعل عملنا في رضاك ،اللهم صل على نبينا محمد ما تعاقب الملوان الليل والنهار ، اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبيا عن أمته ،اللهم ................. 

المشاهدات 8773 | التعليقات 0