خطبة الحج المبرور
حسين بن حمزة حسين
1445/11/08 - 2024/05/16 12:07PM
الْحَجُّ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بالغ عاقل، رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً، مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْعُمْرِ، على من كَانَ مُسْتَطِيعًا فِي بَدَنِهِ وَمَالِهِ وأمن الطريق، ووجدت المرأة المحرم المناسب، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾، وقد حَثّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِأَدَاءِ فَرِيضَةِ الْحَجِّ، فإن الإنسان لا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ، ِوروى الإمام أحمد في مسنده، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: (تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ, يَعْنِي: الْفَرِيضَةَ, فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ)صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ ، وَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنه-: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ: أَيُّ العَمَلِ أَفضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبرُورٌ»، مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، والْحَجِّ الْمَبْرُورِ ليس له جزاءٌ إلا الجنة، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحج المبرور هو الحج الخالي من المعاصي والذنوب والآثام، فتكون النفقة من حلال، ويكفّ الإنسان شرّه عن الناس فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، وأن يوافق في حجه طاعة ولي الأمر في تنظيم سير الحجاج، واستخراج تصريح الحج، فَقَدْ أَكَدَتْ هَيئَةُ كِبَارِ العُلَمَاءِ، بِوُجُوبِ الالْتِزَامِ بِاسْتِخْرَاجِ تَصْرِيحِ الْحَجِّ وَأَنَّهُ لا يَجُوزُ الذَّهَابُ بِدُونِ أَخْذِهِ وَيَأْثَمُ فَاعِلُهُ. وأَن مَا تُنَظِّمُهُ حُكُومَتنا أَيَّدَهَا اللهُ إنَّمَا هِيَ لِتَيسِيرِ شَعِيرَةِ الْحَجِّ، وَرَفْعِ الْحَرَجِ عَنْ الْخَلْقِ، قَالَ اللهُ تَعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، وَالالْتِزَامُ بِاسْتِخْرَاجِ تَصْرِيحِ الْحَجِّ هُوَ مِنْ طَاعَةِ وَليِّ الأَمْرِ الواجبة، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ أَطَاعَ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي». وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ حَجَّ هَذَا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)، وعلى من أراد الحج أن يتعلم المناسك ويعرف أعمال الحج وأحكامه فلا يستقيم حجه إلا بذلك، وأعظمُ أعمالِه أركانُه، وهي: نيَّةُ الدخول في النُّسُك بالإحرام، والوقوفُ بعرفة، وطوافُ الحج بعد ليلةِ مُزدلِفَة، والسعيُ. فمَن تركَ الوقوفَ فاتَه الحجُّ، ومَن تركَ رُكنًا فلا يتِمُّ الحجُّ إلا به، وواجِباتُ الحجِّ: الإحرامُ مِن المِيقات، والوقوفُ إلى الغروبِ، والمَبِيتُ بمِنَى ومُزدلِفة إلى نصفِ الليل، والرميُ والحلقُ والوداعُ، وليحرِص المُسلمُ على السُّنن، وعلى المُسلم أن يعرف محظورات الإحرام ويبتعِدَ عنها ولا يُعرِّض حجَّه للمُبطِلات، فيا بُشرَى مَن أخلَصَ النيَّةَ لله في حجِّه، واجتهَدَ في أنواع القُرُبات بكثرةِ الذِّكر والتلاوة والإحسان وبذل الخير، وكفِّ الشرِّ.نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِلحُجَّاجِ حَجَّهُمْ, وَأَنْ يَجْزِيَ خَادِمَ الْحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ وَحُكُومَتَنَا خَيرَ الْجَزَاءِ لِمَا يُقَدِّمُوَن مِنْ جُهُودٍ وَخَدَمَاتِ جَلِيلَةٍ. انتهى
الخطبة الثانية
إخوة الإيمان: لا تَستَخْسِروا مَا تَدفَعُونَ على حَجِّكُمْ فَقد يَسَّرَ اللهُ علينا أكثَرَ مِن غَيرِنَا! فَنحنُ بِحمْدِ اللهِ بِأَمْنٍ وَغِنَى، وَقُربٍ وَتَسهِيلاتٍ، وَغيرُنا يَقُدُمُ مِنْ شَتَّى البِلادِ، وَرُبَّمَا يَدْفَعُ كُلَّ مَا يَملِكُ لأداء هذه الفريضة، فاللهم لك الحمد ولك الشكر على ما أنعمت وتفضلت. وتذكروا إخوة الإيمان وصيةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في حجَّة الوداع، قال: «أيها الناس، اتقوا ربَّكم، وصلُّوا خمسَكم، وصُوموا شهرَكم، وأطيعُوا ذا أمرِكم؛ تدخُلوا جنَّة ربِّكم»، حديثٌ صحيحٌ؛ (رواه الترمذي وأحمد).