(خطبة) الحث على دعم أهلنا في غزة

خالد الشايع
1445/04/18 - 2023/11/02 16:56PM

الخطبة الأولى ( الحث على التبرع لأهلنا في غزة )          19/4/1445

أما بعد فيا أيها الناس : يصرف الله هذه الدنيا على ما يشاء ، فله الحكم والأمر ، هو الخالق سبحانه ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، وكل أفعاله سبحانه لا تنفك عن حكمة فهو العليم الحكيم ، نسمع بالمصائب يمنة ويسرة ، في كل يوم تزداد آهات المصابين ، وهتافات الثكالى والمنكوبين ، ونحن بحمد الله ننعم في رغد من العيش والأمن ، فما هو موقفنا من أولئك المصابين في كل مكان ، فإن الأيام دول ، وكم من بلد كان يعيش مثلنا في رغد من العيش والأمن ، ثم تبدلت حالهم إلى الفقر والجوع والخوف ، وما العراق وسوريا وليبيا عنا ببعيد ،

ما بين طرفة عين وانتباهتها         يبدل الله من حال إلى حال

عباد الله : إن ما نعيشه الآن من الخير الوفير ، والأمن العظيم ، يوجب علينا أن نقف مع المكلومين من إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، والآن نسمع ما يمر بإخواننا في فلسطين ، وما حل بهم من الدمار والخراب والحصار ، وقد أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله بدعم الشعب الفلسطيني بالمال ، عبر منصة ساهم ، فجودوا بما تستطيعون ، فمواساتهم واجبة ، وهي أقل مايقدمه المسلم لإخوانه ، فهم يعيشون في وضع مأساوي ، بيوتهم هدمت ، ومستشفياتهم لا تفي بعملية الإنقاذ ، وحصار شامل فلا ماء ولا كهرباء ولا وسائل تواصل ، حتى الأكل واللبس هم بحاجة ماسة له ، واعلموا أنما تقدمونه اليوم هو ستر لكم يوم القيامة ، فالمؤمن في ظل صدقته يوم القيامة

إن الإحسان إلى الناس، وتقديم الخدمة لهم بما يُستطاع، من معالي الأخلاق ، وصفات المرسلين ، فالخلق عيالُ الله، وأحبُّ الخَلق إلى الله أنفعُهم لعياله، والإحسان إلى الخَلق من تمام الإحسان في عبادة الله؛ قال - سبحانه -: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ﴾ [المدثر: 42 - 44].

فسببُ دخولهم سقر، هو تَرْكهم الصلاة وتَرْكهم الإحسان إلى الخَلق بإطعام المسكين، وقد اقتضَت حكمة الله تعالى أن تنوَّعت أرزاق العباد واختَلَفت، والناس متفاوتون من حيث الغنى والفقر؛ ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ﴾ [الزخرف: 32].

 والمسلم إن اغتَنى شكَر، وإن افتقَر صبَر، وعَلِم أنَّ ذلك ابتلاء من الله تعالى له، وليس ذلك إلا للمؤمن، ومن رحمة الله تعالى بالفقراء أن جعَل لهم حقًّا ثابتًا واجبًا في أموال الأغنياء، وهو ما يُخرجونه من زكوات أموالهم، وقد رغَّب الشارع الحكيم في بَذْل المعروف والصَّدقة للمحتاجين، ووعَد على ذلك الأجْرَ الجزيل والعاقبة الحميدة.

 وحملة خادم الحرمين يخرج فيها الصدقة والزكاة ، ولا تستقل شيئا في سبيل الله

عباد الله، إنَّ للفقر لوعته وللعَوز حُرقته، وكم هي مُرَّة تلك الآلام والحسرات التي يَشعر بها ذلك الفقير المُعدم، حين يرمي بطَرْفه صوبَ بيته المتواضع المتهدم المملوء بالرعيَّة والعيال، وهم جِياع لا يَجدون ما يَسدُّ جَوْعتهم، ومَرضى لا يجدون مَن يعالجهم،   كم من فقير ضاقَت به الدنيا وانسدَّت في وجهه أبواب الرزق، لولا بقيَّة باقية من الأمل والرجاء فيما عند الله.

 عباد الله : لقد غفر الله لبغي أن رحمت كلبا فسقته لما رأته يموت من العطش ، إنها الرحمة التي أسكنَها الله القلوب، إنها الرحمة التي يَرحم الله بها الرُّحماء، ويفتح بها أبواب البركات والخيرات من السماء، بُعِث بها سيِّد الأوَّلين والآخرين؛ كما قال ربُّنا في كتابه المبين: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].

 هي شعار المسلمين ودِثار الأخيار والصالحين، وشأن الموفَّقين المُسدِّدين، كم فرَّج الله بها من هموم، وكم أزالَ الله بها من غموم، إنها الرحمة، إذا أسكنَها الله في قلبك فتَح بها أبواب الخير في وجهك، وسَدَّدك وألْهَمك، وأرْشَدك وكنتَ من المحسنين.

 اللهم كنا لإخواننا في غزة وارفع عنهم البلاء ، واستر عوراتهم وآمن روعاتهم

أقول قولي هذا واستغفر الله .....

الخطبة الثانية

أما بعد فيا أيها الناس :  من شعائر الإسلام العظيمة إطعامُ الطعام، والإحسان إلى الأرامل والأيتام، والتوسيع عليهم؛ طلبًا لرحمة الله الملك العلاَّم؛ أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، وكالقائم لا يَفتُر، وكالصائم لا يُفطِر)).

 الذي يُطعم الأرملة، ويُدخل السرور عليها، ويرحم بُعْدَ زوجها عنها - إحسانًا وحنانًا - كالصائم الذي لا يُفطِر من صيامه، والقائم الذي لا يَفتُر من قيامه، فهنيئًا ثم هنيئًا لأمثال هؤلاء الرُّحماء.

 أحوجُ الناس إلى رحمتك يا عبد الله الأيتامُ والمحاويج، فلعلَّك بالقليل من المال تُكَفْكِف دموعهم، وتَجبر كَسْر قلوبهم، فيكفَّ الله نارَ جنَّهم عنك يوم القيامة؛ أخرج البخاري في صحيحه قال - صلى الله عليه وسلم -: ((فليَتَّقِيَنَّ أحدُكم النار ولو بشقِّ تمرة)) .

 عباد الله -: أنَّ عمر - رضي الله عنه - كان يحمل أهلَه، وأولاده زمنَ الرمادة، على شِدَّة وشَظَف العيش.

 دخَل يومًا على ابنه عبدالله، فوجدَه يأكُل شرائحَ لحْم، فلامه، وقال له: ألا إنَّك ابنُ أمير المؤمنين، تأكُل لحْمًا، والناس في خَصاصة! ألاَ خُبزًا ومِلحًا، ألا خبزًا ومِلحًا.

 ورأى يومًا بطيخةً في يدِ ولدٍ من أولاده، فصاح به: بخٍ بخٍ يا ابنَ أمير المؤمنين، تأكل الفاكهةَ وأمَّة محمَّد هَزْلَى!

 كان - رضي الله عنه - يؤثِر بطعامه الآخرين على نفسه، أمَرَ يومًا بنَحْر جزور، وتوزيع لحمِه على أهل المدينة، وعندما جلَس عمرُ لغدائه، وجَدَ سنامَ الجزور وكبدَه على مائدته، وهما أطيبُ ما في الجَزور، فسأل: مِن أين هذا؟ فقالوا: مِن الجزور الذي ذُبِح اليوم، فأزاحه بيده، وقال: بئس الوالي أنا، إن طعمتُ طيبَها، وتركتُ للناس كراديسَها؛ يعني: عظامها، ثم أمر بمأدبته المعهودة، خبز يابس وزَيْت، فجعل يكسِر الخبز ويثرده بالزَّيت، ولم يكملْ هذه الوجبة المتواضعة؛ لأنَّه تذكر أهل بيتٍ لم يأتِهم منذ ثلاثة أيام، فأمر خادمَه بحمْل الطعام إلى ذلك البيت.

 كان - رضي الله عنه - في تلك المَخْمَصة كثيرَ التضرُّع لربِّه، منكسرَ الحال، ملازمًا للصلاة، لم ينقطعْ لسانُه عن الاستغفار.

عباد الله : سنسأل يوم القيامة عن نصرة إخواننا في فلسطين ، ماذا قدمنا لهم ، وها قد فتحت لنا طرق المساعدة فلا تتردد ، واعلم أن ما أنفقته هو الباقي ، وستجده أحوج ماتكون إليه .

اللهم عليك باليهود الغاصبين ....

 

المرفقات

1698933368_الحث على التبرع لأهلنا في غزة.docx

المشاهدات 4397 | التعليقات 0