(خطبة) الحث على العمل الصالح في عشر ذي الحجة

خالد الشايع
1443/11/23 - 2022/06/22 15:38PM

 

 

 

الخطبة الأولى  (الحث على العمل الصالح في عشر ذي الحجة  )  25/11/1443

 

الحمد لله المشكور على نعمه العظام وما يطول به منها ، والحمد لله عند شكره على ما وفق من شكره عليها ، فالنعم والشكر له وهو المتفضل بها علينا ، أحمده وهو المحمود في السراء والضراء المتفرد بالعز والعظمة والكبرياء ، المتكفل للبرية بأرزاقها قبل خلقها ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل في علاه عن الأمثال والنظائر ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي الطاهر ، مفتاح الرحمة ، وخاتم النبوة ، الأول منزلة ، والآخر رسالة ، الأمين فيما استودع ، والصادق فيما بلغ ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا .

 

أما بعد فيا معاشر المؤمنين : فإن من نعم الله تعالى على عباد أن جعل لهم مواسم خير فيها يتنافسون ومضمارا فيه يتسابقون ، فيعطف جل وعلا عليهم فيها برحمته وعفوه فيغفر الذنوب ويستر العيوب ، ويفيض عليهم من سابغ نعمه وجزيل كرمه مالا يحصيه إلا الله سبحانه تعالى .

 

وإن من أعظم الأيام عند الله تعالى وأبركها على العباد ، أيامَ عشر ذي الحجة التي كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على اغتنامها ، والإكثار من الأعمال الصالحات فيها .

 

أخرج البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس قال صلى الله عليه وسلم ( ما العمل في أيام أفضل منها في هذه قالوا ولا الجهاد قال ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء) دل هذا الحديث على فضل هذه الأيام العشر من ذي الحجة ، وأن العمل الصالح فيها أحب إلى الله من كل شيء إلا من قتل في سبيل الله وأنفق ماله في ذلك ،فلا يرجع من ذلك بشيء ، فدل على أنها أفضل الأيام على الإطلاق ، وإذا كان العمل فيها محبوبا إلى الله فيكون أجرها أعظمَ بلا شك .

 

ولشرف هذه الأيام أقسم الله بها في كتابه فقال ( والفجر وليال عشر ) قال ابن عباس : هي عشر ذي الحجة وبهذا قال غير واحد من السلف والخلف .

 

وقال سبحانه ( ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ) أخرج البخاري في صحيحه تعليقا عن ابن عباس قال : هي أيام العشر ، وروي ذلك عن أبي موسى وغيرهما من السلف  .

 

فعلى المسلم العاقل الناصح لنفسه أن يجتهد في فعل الخيرات والإكثار من القرب والصالحات ، فهذه أيام مرابحة مع الكريم الرحمن ، خصوصا وأن هذه الأيام تمضي وتزول ، كما زال غيرها من الأيام ، فلا ينبغي للعبد المؤمن أن يكون فيها من الغافلين 

 

معاشر المسلمين : إذا تزاحمت الأعمال على العبد فينبغي له أن يقدم الأفضلَ فالأفضل ، فمما ينبغي للعبد أن يحرص على ضبطها وإتقانها ، الصلوات الخمس المفروضة ، وأداؤها في وقتها ، والخشوع فيها ، وكذلك من كان عليه زكاة مال فليسارع بإخراجها ، ومن لم يحج فليبادر بالحج ، ومن كان عليه قضاءٌ من رمضان فليقض في هذه العشر ، فإنه يكتب له أجر القضاء ، وأجر صيام عشر ذي الحجة ، وذلك أن الأعمال المفروضة أحب إلى الله من غيرها كما أخرج البخاري في صحيحه من حديث ابي هريرة قال صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى ( وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه )

 

فإذا أدى العبد الفروض بكمال تام ، فليتزود من النوافل ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، فإن النوافل ترقع الخلل الواقع في الفرائض كما أخرج أبو داود في سننه من حديث تميم الداري قال صلى الله  عليه وسلم : ( أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن كان أتمها كتبت له تامة و إن لم يكن أتمها قال الله لملائكته  :  انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكملون بها فريضته  ؟  ثم الزكاة كذلك ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك)فمن الأعمال الفاضلة في هذه العشر بعد الفرائض ، كثرة الصدقة ، وذكر الله ، والنوافل من الصلاة ، وقراءة القرآن ، ومن ذلك الصيام فالصيام في هذه الأيام ينقسم إلى ثلاثة أقسام ، القسم الأول صيام مشروع وهو من جملة الأعمال الصالحة في هذه العشر ، وهو صيام الأيام الثمانية الأولى ، فقد جاء عن السلف صيامها ، كما أخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين أنه كان يصومها ، وجاء عن ابن عباس ، ولم يكونوا يختلفون في مشروعية صيامها ، والقسم الثاني : صوم مسنون متأكد ، وهو صيام يوم عرفة وهو اليوم التاسع ، أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة قال صلى الله عليه وسلم : (صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية و مستقبلة ) ، والقسم الثالث صيام محرم ، وهو صيام يوم العيد ، وهو اليوم العاشر وبعده أيام التشريق ، ثلاثة أيام كلها أيام عيد،  أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى .

 

اللهم بلغنا عشر ذي الحجة وارزقنا فيها صالح العمل تقبل منا يارب العالمين ، أقول قولي هذا .........

 

الخطبة الثانية

 

أما بعد فيا أيها الناس :  إن مما حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العشر المباركة التكبير المطلق في كل وقت، كما كان السلف يفعلون ذلك فقد أخرج البخاري في صحيحه أن أبا هريرة وعبد الله بن عمر كانا يخرجان إلى السوق فيكبران فيكبر الناس بتكبيرهما ، وفي رواية لا يأتيان لشيء إلا لذلك .وصفة التكبير أن يقول ( الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد) كذا روي  عن ابن المسيب ومجاهد وابن أبي ليلى)

 

ومن القرب التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها ، المكث في المسجد ، لقراءة القرآن وذكر الله تعالى ، والخلوة مع الله تعالى ، خصوصا بعد صلاة الفجر إلى ارتفاع الشمس .

 

وكلما كنت فارغا فامكث في المسجد ، فإنه بيت الله ،وأحب البلاد إلى الله ، وهو مجلس الصالحين والعباد .

 

وإن من أفضل القربات عند الله في هذه العشر ، تلمس المحاويج ، وسد حاجتهم ، في المأكل والمشرب ، واللباس ، والعلاج ، وغيرها ، فافعلوا الخير ، فإنما لأنفسكم تمهدون ، ونحن في زمن نستطيع العمل ، وغيرنا يتمنى لو قدر على العمل ، فبادروا آجالكم ، فعما قليل أنتم راحلون .

 

عباد الله : أروا الله من أنفسكم خيرا فإنما هي أعمالكم تحصى لكم ولقد كان ، سعيد بن جبير رحمه الله إذا دخلت العشر يجتهد إجتهادا حتى ما يكاد يقدر عليه ، وكان يقول : لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر تعجبه العبادة ، اللهم وفقنا للأعمال الصالحة وتقبل منا يا سميع الدعاء    ...

 

 

المرفقات

1655996370_فضل العمل الصالح في عشر ذي الحجة.doc

المشاهدات 2441 | التعليقات 0