خطبة: الحاجةُ للعلمِ عندَ البَلاءِ والوَبَاء

وليد بن محمد العباد
1443/06/17 - 2022/01/20 19:30PM

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة: الحاجةُ للعلمِ عندَ البَلاءِ والوَبَاء

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، من يهده اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا، أمّا بعدُ عبادَ الله

لقد حثَّ دينُنا الحنيفُ على طلبِ العلمِ وخصَّ أهلَه بالتّكريم، قالَ تعالى لنبيِّه الكريم، عليه أفضلُ الصّلاةِ وأزكى التّسليم: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) وقالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم: من خرجَ في طلبِ العلمِ فهو في سبيلِ اللهِ حتّى يَرجع. قالَ الإمامُ أحمدُ رحمَه الله: العلمُ لا يَعدلُه شيءٌ لمن صَحَّتْ نيّتُه، قالوا: كيفَ ذلك، قالَ ينوي رفعَ الجهلِ عن نفسِه وعن غيرِه. والحاجةُ للعلمِ في كلِّ وقتٍ وحين، وتزدادُ الحاجةُ للعلمِ في زمنِ الفتنِ والبلاءِ والوَباء، لحاجةِ النّاسِ إلى ما يُبصّرُهم ويَجمعُهم ويُطمئنُهم، ويردُّ عنهم الشّبهات، ويحذّرُهم من الانغماسِ في الشّهوات، فصاحبُ العلمِ حيُّ القلبِ مُستنيرُ البصيرة، يسيرُ في الحياةِ على نورٍ وهُدى، بخلافِ الجاهل، فإنّه مُتخبّطٌ في ظلماتِ الضّلالِ والهَوى، والوصولُ إلى شرفِ العلمِ ومَنزلتِه الرّفيعة، يَحتاجُ إلى تَضحيةٍ وصَبرٍ وجِدٍّ واجتهاد، فبِقدرِ الكدِّ تُكتسبُ المَعالي * ومن طلبَ العُلا سَهِرَ الليالي. فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وعليكم أيّها الطّلابُ والطّالبات، أن تجتهدوا في التّعلمِ والدّراسة، وَاعْـلَمْ بِأَنَّ الْعِلْـمَ لَيْـسَ يَنَالُـهُ * مَنْ هَمُّهُ فِي مَطْعَـمٍ أَوْ مَلْبَـسِ، مع إخلاصِ النّيّةِ لوجهِ الله، بتعلّمِ ما تُقِيمونَ به دينَكم وصلاتَكم وألسنتَكم، وتَضبطونَ به أخلاقَكم وتعاملَكم وغرائزَكم، وما تَنفعونَ به وطنَكم ومجتمعَكم وأمَّتَكم، وعلى المعلمينَ والمعلمات، بذلُ المزيدِ من الجهودِ في التّعليمِ والتّربيةِ والتّوجيه، وعلى الآباءِ والأمّهاتِ، ترغيبُ أولادِهم في العلمِ وإعانتُهم وكثرةُ الدّعاءِ لهم بالتّوفيقِ والرّشاد، وعلى كافّةِ المربّينَ والمربّياتِ، توعيةُ الطّلابِ والطالباتِ بأهميّةِ العلمِ، وتَزويدُهم بما يحتاجونَه لمواجهةِ التحدّيات، مع إبعادِهم عن المُهاتراتِ وتحذيرِهم من الشّائعات، وتوجيهِهم للتّقيّدِ بالتّعليماتِ والإجراءات، وأن يكونوا لهم خيرَ قدوةٍ بالتزامِهم بتلكَ التّوجيهاتِ والاحترازات، نسألُ اللهَ أن يُصلحَ أبناءَنا وبناتِنا، ويوفّقَهم للعلمِ النّافعِ والعملِ الصّالحِ، ويحفظَهم من كلِّ سوء، إنّه سميعٌ مُجيب.

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله:

اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.

اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين

عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. وأقمِ الصلاةَ إنّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكر، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

إعداد / وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 18/ 6 /1443هـ

المشاهدات 1130 | التعليقات 0