خطبة الجمعة 22 من ذي الحجة 1445هـ شدة الحَرِّ من فيح جهنَّم قصيرة ومختصرة

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1445/12/21 - 2024/06/27 15:19PM
الحمدُ للهِ وَتَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أن محمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيرًا أمّا بَعْدُ فَاتَقُوا اللهَ عَبَادَ اللهِ وَتَذَكَّرُوا بِشِدَّةِ الْحَرِّ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ شِدَّةَ الْحَرِّ فِي مَوقِفِ الحِسَابِ يَومَ القِيَامَةِ قَالَ ﷺ ( تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ ) قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ " فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ أَمَسَافَةَ الأَرْضِ أَمِ الْمِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ قَالَ ﷺ ( فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا ) قَالَ " وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ " رواه مسلم وإذا كُنَّا في صَيْفٍ وحرٍّ شَدِيدٍ فإنَّهُ ينبغي أنْ يَكونَ لنا فِيهِ عِظَةٌ وذِكْرَى وذلكَ أنَّ حَرَّ الصيفَ يُذَكِرُ المسلمَ بِحَرِّ جهنَّمَ فيزداد خَوفُهُ مِن رَبِّهِ فيُبَادِرُ إلى فِعلِ الطَّاعَاتِ واجْتِنَابِ المَعَاصيَ فإنَّ النارَ حرُّها شديدٌ والعياذُ بالله مِن نارِ جَهَنَّمَ
قَالَ ﷺ ( إِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ ) كما أنَّ أشدَّ الحرِّ الذي نَجِدُهُ في الدنيا هُوَ في الحَقِيقَةِ مِن فَيْحِ جَهنَّمَ قال ﷺ : ( اشْتَكَتِ النَّارُ إلى رَبِّهَا فَقالَتْ يا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فأَذِنَ لَهَا بنَفَسَيْنِ نَفَسٍ في الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ في الصَّيْفِ فَهْوَ أَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ وَأَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ )
عباد الله وإنَّ في حرِّ الصيفِ لَذِكرَى للمؤمنينَ يُذكِّرُهُم بِبَعضِ مَواقِفِ يومِ القيامةِ فإنَّ هَذِهِ الشمس التي يُؤذِينَا حَرُّهَا في الدُّنيا وبَينَنَا آلافُ الأَمْيَالِ تَدنُو يومَ القِيامَةِ مِنْ رُؤُوسِ الخَلائِقِ في أَرضِ المَحشَرِ حتَّى ما يَكونُ بَينَهُمْ وبَيْنَهَا إلا مِقدارَ مِيلٍ فَمَنْ تَأمَّلَ هَذِهِ الكُرُبَاتِ وكَانَ مِنَ المُوفَّقِينَ السُّعَدَاءِ بَادَرَ إلى مَرضَاتِ رَبِّهِ لعلَّهُ أن يَكُونَ في ذلِكَ اليومِ في ظِلِّ الرَّحْمَنِ قَالَ النبيُّ ﷺ ( سَبعَةٌ يظلُّهمُ اللَّهُ في ظلِّهِ يومَ لا ظلَّ إلَّا ظِلُّه ) جعلني الله وإياكم ووالدينا وأزواجنا وأولادنا وأحبابنا منهم
وإنَّ مِنْ أَعظَمَ أسبابِ النجاةِ من النارِ ومِن أهوالِ يومِ القيامة تَحقِيقُ توحيدِ اللهِ تعالى فإنَّ مَنْ حَقَّقَهُ وَكَمَّلَهُ بِأَدَاءِ الفَرَائِضِ وَاجْتِنَابِ المُحَرَمَاتِ دَخَلَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ ولا عَذَاب
وَمِنْ أَسْبَابِ النَّجَاةِ مِن النَّارِ التَّمَسُكُ بِالسُّنَّةِ وَاجْتِنَابِ البِدَعِ
وَمِنْ أَسْبَابِ السَّلَامَةِ مِنْ حَرِّ النَّارِ بَذْلُ الصَّدَقَاتِ وَلَوْ كَانَتْ قَلِيلَةٌ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( اَتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بشِقِّ تَمْرَةٍ )
فَاسْتَكْثِرُوا رَحِمَكُم اللهُ مِنْ فِعْلِ الخَيرَاتِ وَاجْتَنِبُوا المُحَرَمَاتِ وَاسْتَعِدُّوا لِلآخِرَةِ بِصَالِحِ القَوْلِ وَالعَمَلِ
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ وَأشهدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثيِرًا أَمّا بَعْدُ فاتَّقوا اللهَ عِبَادَ اللهِ فتَقْوَىْ اَللهِ تَعَالَى هِيَ وَصِيَّتُهُ سُبْحَاْنَهُ لِعِبَاْدِهِ وَهِيَ خَيْرُ زَاْدٍ يَتَزَوَّدُ بِهِ اَلْعَبْدُ فِيْ حَيَاْتِهِ لِمَعَاْدِهِ كَمَا قَالَ سُبْحَاْنَهُ وَتَعَالَى (( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى )) رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسُلمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيِرَةَ رَضَيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قال ( قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ يُؤْذِينِي ابنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وأنا الدَّهْرُ بيَدِي الأمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ والنَّهارَ ) فَلْيَحْذَر المُسْلمُ مِنْ سَبِّ الحَرِّ أَوْ سَبِّ الصَّيفِ أَوْ سَبِّ الجَوِ وَقَولُهُ عَزَّ وجَلَّ ( وَأَنَا الدَّهْرُ ) أَيْ خَالِقُهُ ( بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ ) يَعْنِي أنَّ مَا يَجْرِي فَيهِمَا مِنْ خَيرٍ وَشَرٍّ بِإرَادَةِ اللَّهِ وَتَدبيرِهِ وَبِعِلْمٍ مِنْهُ تَعَالَى وَحِكمَةٍ
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ اِسْتَشْعِرُوا مَا أَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى بِهِ عَلَيكُمْ مِنْ نِعمَةِ المَسْكَنِ وَأَجْهِزَةِ التَّكْيِيفِ فِي البَيِّتِ وَالسَّيَارَةِ وَالعَمَلِ وَنِعْمَةِ الثَّلَّاجَاتِ وَالبرَّادَاتِ وَغَيرِهَا مِنَ النِّعَمِ الَّتِي حُرِمَ مِنْهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ
فَلْنَتَذَكَّر هذِهِ النِّعَمِ ولْنَتَحَدَّث بِهَا عَلَى سَبِيلِ الشُّكْرِ وَالاِعْتِرَافِ بِفَضْلِ اللهِ تَعَالَى فَلِلِّهِ الحَمْدُ أَوْلاً وَآخِرًا وَظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَنَسْألُهُ تَعَالَى أَنْ يُعِينَنَا عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ وَيَرْزُقَنَا شُكْرَ نِعْمَتِهِ فَهُوُ سُبْحَانَهُ القَائِلُ لَئِنْ شَكَرتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمْ اللهُ عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وَقَدْ قَالَ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ ورَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمّ أعزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ وَاَجْعَلْ بَلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ يَا رَبَ العَالَمِينَ اللَّهُمّ آمِنَّا فِي أَوطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أَمْرِنَا وَأَيِّدْهُم بِالحَقِّ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ وَلَمَّا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَام اللَّهمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ اللَّهمَّ اخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا وَبِالسَّعَادَةِ آجَالَنَا وَبَلِّغْنَا فِيمَا يُرْضِـيكَ آمَالَنَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) عِبَاْدَ اَللهِ )) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (( فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))
المشاهدات 1602 | التعليقات 1

خطبة مؤثرة