خطبة الجمعة لغد : نجاح الحج .. سيكتبه التاريخ ..
خالد سليمان التميمي
1437/12/15 - 2016/09/16 01:41AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
أيها المسلمون/ لقد كتب التاريخ وسجل المؤرخون أحداث الأمة العظيمة ، ووقائعها الجسيمة، كتبوا آمالها وآلامها، سجلوا أفراحها وأحزانها .. حتى تأتي أجيال ما شاهدت، فإذا قرئت ورأت الآمل والأفراح استبشرت وحمدت ربها وشكرت، وإذا قرأت الآلام والأحزان التجأت إلى ربها وعادت وأنابت ..
وإن قلم التاريخ ماضﹴ لن يتوقف : وسيكتب التاريخ والمؤرخون :
( ثم دخلت سنة 1437هـ وفيها : امتنع الرافضة المجوس رافضة إيران عن الحج حتى تلبى مطالبهم من إقامة الشرك بالله ودعاء الحسين من دون الله ،وإقامة الحسينيات والأضرحة والبدع في مكة ومنى وعرفة .. فرفض الإمام سلمان بن عبد العزيز مطالبهم في وقتها... وحج الناس سنتهم تلك آمنين مطمئنين جاءوا من كل حدب وصوب , لم يعكر صوف حجهم شي وأتموا حجهم على خير وسلام .. حتى ما رؤي حج أتم وأفضل منه ذاك العام ... فلله الحمد والمنة )
أيها المسلمون :ما أجمل حج هذا العام .. تشاهد وجوه الحجيج فتقرأ من ابتساماتهم الكثير ..
إنك لا تستطيع مهما أعطيت من بلاغة أن تقيس وتصوغ وتعبر عن الشجاع البطل حينما يدخل معركة عظيمة صعبة يخوضها فينتصر فيها بإذن الله .. ولا عن الطبيب الباذل حينما يوضع بين عينيه مريض يوشك أن يفارق الحياة فيعود إليها بفضل الله على يديه .. ولا عن الكريم المعطاء تقع عينه على جائع أو شريد فيطعمه ويؤويه مما أنعم عليه الله وأعطاه ...
إنها مشاعر جميلة وعظيمة لا يستطيع أن يعبر عنها قلم أو يتحدث عنها بليغ .. إنها مشاعر لا يتذوق حلاوتها ولا يعرف معناها .. ولا يعيش جمالها إلا الرجال العظماء الذين يتقدمون إذا تأخر الناس ، ويثبتون إذا خاف الناس ، ويبذلون إذا منع الناس ..
وإن قادتنا ورجال أمننا وعلمائنا ودعاتنا ومسولؤ الحج و منسوبيه كل باسمه وتخصصه ومشاركته
لمن هؤلاء الرجال العظماء الأبطال ..
= فالله ملك الحمد ما نصُرنا إلا بفضلك ، ولا نجحنا إلا برحمتك ، ولا اهتدينا إلا بتوفيقك ومنتك ... يسرت أمورنا .. وثبت أقدامنا .. وقويت عزائمنا .. وجمعت كلمتنا .. وحققت رجائنا .. واستجبت دعائنا .. وكبتﹼ عدونا .. ورددت مبغضنا وحاسدنا ..
فلك الحمد ملئ السموات وملئ الأرض وملئ ما شئت من شئ بعد ، أنت أهل الثناء والمجد .. الحمد لله .. الحمد لله .. الحمد لله .. حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى ..
أيها المسلمون :
إن الشعور والفرح بتوفيق الله ونصره ومنته ، من أعظم العبادات وأجلها؛ لأن الفرح يملئ قلب المسلم محبة وتعظيما لخالقه سبحانه لعلمه علم اليقين أن النعم منه جل وعلا وحده ، ويملئ قلبه توكلا وإنابة ورجوعا إلى الله متى مازلت قدمه أو غفل قلبه .. وحينما أنعم الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بالنصر والتمكين وفتح له خيبر .. في تلك الحال السعيدة قدم جعفر ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم
عائدا من أرض الحبشة فقال علية الصلاة والسلام : " والله ما أدري بأيهما أفرح : بفتح خيبر أم بقدوم جعفر "
فاللهم لك الحمد على عظيم المنن وجزيل النعم أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا , وسرا وجهرا ...
أيها الناس : إن في حج هذا العام لدروسا وعبرا عظيمة :
1/ الغيرة العظيمة والحمية الكبيرة : لدى شباب هذه الأمة على حماية هذه المقدسات ضد كل من أرادها بسوء ، فإنه ما إن سمع أبناء هذه البلاد بمخططات إيران تجاه هذه المشاعر المقدسة وتجاه ضيوف الرحمن إلا وتنادوا من كل حدب وصوب يقدمون أرواحهم دفاعا عن بيت الله وحماية لضيوف الرحمن
في صورة مهيبة - بالباء –شهدها العالم وتناقلتها وسائل الإعلام .
2/ أهمية الاجتماع والإتحاد صفا واحدا حتى نحقق الهدف وننشر الأمن وندحر الكافر ونغيض العدو
في الحج : اجتمع رجل الأمن مع رجل المرور مع الطبيب مع رجال الإسعاف مع المفتشين والمهندسين مع العلماء والدعاة ... تخصصات عديدة ومهن كثيرة لا تستطيع حصرها..
كلها جمعها هدف واحد ورسالة واحدة : إنها أمن الحجيج وسلامة حجهم ، حملوا على عاتقهم مسؤولية مليوني شخص في مكان واحد ضيق يتنقلون في أيام مع معدودة ست مرات .. إنها رحمة الله وفضله وبركته وإحسانه ..
3/ من أعظم دروس حج هذا العام : الشعور بشعور الرجل الواحد : إن مسؤولية الأمن وانتشاره وتحقيق النصر والطمأنينة لهذا البيت العتيق وحجاجه مسؤولية كل فرد مهما صغرت مرتبته ومهما كانت مهمته
لقد كانت نوبة الواحد لتنتهي فيأبى أن يدع مكانه فيبقى ساعات زائدة في حر شديد وتعب حماية لهذا البيت العتيق ورعاية لعماره ضيوف الرحمن .
4/ ودرس عظيم خالد : ألا وهو الاجتماع على اسم الإسلام العظيم .. لقد كان الحاج من ضيوف الرحمن تقوم الحشود ساهرة على أمنه وراحته ورعايته وصحته وتنقلاته وعبادته مهما كانت جنسيته أو لونه أو لغته أو شكله أو سنه .. إنما شعار الجميع " لا فرق بين عربي ولا عجمي إلا بالتقوى "
لقد هدم هذا التعامل العظيم : كل الدعوات الضالة والمخططات البغيضة التي تفرق بين المسلمين على أمرﹴ لم يجعله الله ولا رسوله فارقا بينهم .. إنما هي تفريقات قائمة على الهوى والعصبية والبدعة والضلالة ناسين أو متناسين أصحاب هذه الدعوات الضالة قول الحق تبارك وتعالى : ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين )
لقد قالت الملايين من ضيوف الرحمن بلسان واحد : إنما يجمعنا شئ واحد : هو اسم الإسلام ومناسكه العظام .. فمن أراد أن يجمعنا على غيره فلا بارك الله في جمعه وجعل الله كيده وضلاله في نحره ..
آلا , لا بارك الله في أقوام أرادوا جمع المسلمين على أعمال ضالة وأسماء مبتدعة , تركوا الاسم الذي سماهم الله به وأرسل عليه رسوله عليه الصلاة والسلام ,وعاش عليه أصحابه رضي الله عنهم وفتحوا البلاد به وقاتلوا الكفار عليه .. حتى مضى عليه أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين وعلي أبا الحسنين , وسار عليه التابعون بعدهم وسلف الأمة وخيارها ..
تركوا هذا الاسم العظيم الذي سار عليه هذا الجيل العظيم : إلى أسماء ما نشأت إلا في قرون متأخرة
تحمل أعمالا وأوصافا مبتدعة ضالة .. فيا سبحان الله أو نسوا قول الحق في كتابه المبين :
( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات )
يقول الإمام ملك بن أنس إمام دار الهجرة : إنه لن يصلح حال آخر هذه إلا بما صلح به أولها : كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام .
أيها المسلمون /
آلا إن ربكم تبارك اسمه وتقدست أسماؤه : قد خصكم في حج عامكم هذا بأمر عظيم ونعمة عظيمة سيكتبها التاريخ وستتناقلها الأجيال .. آلا فاشكروا الله على نعمه واسألوه المزيد من فضله وكرمه .. فإنه سبحانه يحب من عباده السائلين المتطهرين التوابين .. ( يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي شي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر )
ثم اشكروا هذه النعم العظيمة التي أنتم بها تتنعمون وتتقلبون ؛ بلاد آمنة مطمئنة في عالَمﹴ خائف ﹴمتقلب، وأرض بالخيرات وافره بين بلدان فقيرة جائعة يموت الواحد منهم ما يجد كسرة خبز تدفع عنه الموت وتعيد له الحياة ، وكلمة مجتمعه وقلوب متحدة في صف واحد خلف إمام واحد بين أقوام تراهم يمينا وشمالا متفرقين متباغضين متعادين ..
فاللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجائة نقمتك وجميع سخطك ..
أيها المسلمون / ما شكرت نعمة الله بمثل الاعتراف بها لله سبحانه وتعالى ظاهرا وباطنا , سرا وجهرا ليلا ونهارا .. ألا فلتمتلئ قلوبكم بمحبته وشكره وخوفه ورجائه سبحانه ، ولتلهج ألسنتكم بذكره وثنائه وحمده .. فإنه سبحانه من عباده الحامدين الشاكرين .. واذكروا قول الكريم سبحانه : " ولئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد "
إن نبينا الصادق المصدوق قد أخبرنا عن أمر يحبه ربنا جل وعلا ويرضاه من عباده .. يقول حبيبكم صلى الله عليه وسلم : " من لا يشكر الناس لا يشكر الله " , " ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا الله له حتى تروا أنكم قد كافأتموه " .
آلا فاعرفوا الصنيع الجميل الذي قام به ولاة أمرنا والمسولؤن عن الحج ؛ اعرفوه واذكروه ، وتحدثوا به وانشروه بين الناس وليحدث الشاهد الغائب بجميل ما رأى .. وادعوا لهم بخير , وأن يجعل ذلك كله بركة في أعمارهم وأموالهم , وصلاحا في أبدانهم وأبنائهم , ورفعة لهم في الدنيا والآخرة .
= وإن من أعظم ما تشكر به هذه النعمة العظيمة والمنة الجليلة ؛ نعمة نجاح الحج بأمنﹴ ويسر وطمأنينة عظيمة، رد الله بها كيد المغرضين وشماتة المتربصين الحاقدين ... الإستمرارَ على ما يحبه الله ويرضاه في سائر الأيام وجميع الأوقات وشتى الأماكن .. وأن يعلم العبد أن له ربا إذا دعاه أجابه وإذا أذنب فاستغفر غفر له ورحمه ..
= وإن من أعظم ما تشكر به هذه النعمة العظيمة والمنة الجليلة ؛ نعمة نجاح الحج : الاستمرار على المحبة والألفة .. والاستمرار على الاجتماع ووحدة الصف والكلمة .. والحذر من دعوات المغرضين ، وتربصات الشانئين ، وإشاعات المرجفين الحاقدين ..
لنكون – يا عباد الله – حصنا حصينا لهذه البلاد العظيمة الغالية : بلاد التوحيد وحاضنة الحرمين الشريفين تتكسر عنده أي إشاعة كاذبة ،أو نحلة باطله أو بدعة ضالة .. فإننا بإذن الله على ذلك لقادرون متى ما استعنا بالله وتوكلنا عليه ، وجمعنا كلمتنا ووحدنا صفنا ، وإن تكاثرت الأعداء وقويت سهامهم واشتد بأسهم .. فإن الله معنا ناصرٌ دينه ومعزُ أوليائه ..
( إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون )
اللهم لك الحمد على نعمك والآئك التي لا تعد ولا تحصى , لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت و لك الحمد بعد الرضى .. لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ...
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة،أقول ما تسمعون ...
الخطبة الثانية
أيها الناس /
إن كانت مواسم الخير قد انتهت, ومشاعر الحج والأضاحي والتكبير قد انقضت فإن أبواب الخير ما تزال تتوالى .. طرق الطاعة والخير ما تزال قادمة وأبوابها مفتوحة ..
ساعات وتفتح مدارس العلم وميادين العمل والعطاء أبوابها لكم .. آلا فلتغتنموها بما يحبه ويرضاه .. استحضر نية التقرب إلى الله وأنت تذهب إلى مدرستك لتتعلم أو لعملك لتعمل .. فإنه متى ما صلحت النية صلح العمل .. استحضر أنك تتعلم علماً أو تعمل عملاً أباحه الله لعباده المسلمين .. ما كنت لتقوم به إلا رجاء النفع لنفسك ولإخوانك ولدينك ووطنك .. في أمر دين أو أمر دنيا .
فإنه إن عُمرت الأرض على أيدي المسلمين .. عُمرت بالخير والتوحيد والهدى ... وإن تولى عمارتها غيرهم عُمرت بالكفر والضلال والأذى .
وإن الله يحب الخير ولا يرضى بالشر ، ويحب التوحيد ولا يرضى لعباده الكفر ، ويحب الهدى ولا يرضى بالضلال والأذى ..
جعلنا الله وإياكم والمسلمين جميعا, هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين مباركين أينما كنا ...
خطبة يوم الجمعة 13 / 12 /1437 هـ ..
بعنوان : ( نجاح الحج .. يكتبه التاريخ .. بدروسه وعبره )
الحمد لله القاهر بقدرته، الظاهر بعزته، الغالب بقوته، خلق الخلق على غير مثال. هو الأول ليس قبله شيء، وهو الآخر ليس بعده شيء، وهو الظاهر ليس فوقه شيء، وهو الباطن ليس دونه شيء. سبحانه جلَّ ثناؤه وتقدست أسماؤه وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ربَّ لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله بعثه الله للعالمين هدىً ورحمةً، وجعل العزة والنصر لمن أطاعه واتبعه، والذلة والصغار لمن خالف أمره. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى صحابته الغرِّ الميامين والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
إما بعد : فيا عباد الله حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا , وزنوها قبل أن توزنوا , وتزينوا للعرض الأكبر على الله يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافيه
أيها المسلمون/ لقد كتب التاريخ وسجل المؤرخون أحداث الأمة العظيمة ، ووقائعها الجسيمة، كتبوا آمالها وآلامها، سجلوا أفراحها وأحزانها .. حتى تأتي أجيال ما شاهدت، فإذا قرئت ورأت الآمل والأفراح استبشرت وحمدت ربها وشكرت، وإذا قرأت الآلام والأحزان التجأت إلى ربها وعادت وأنابت ..
وإن قلم التاريخ ماضﹴ لن يتوقف : وسيكتب التاريخ والمؤرخون :
( ثم دخلت سنة 1437هـ وفيها : امتنع الرافضة المجوس رافضة إيران عن الحج حتى تلبى مطالبهم من إقامة الشرك بالله ودعاء الحسين من دون الله ،وإقامة الحسينيات والأضرحة والبدع في مكة ومنى وعرفة .. فرفض الإمام سلمان بن عبد العزيز مطالبهم في وقتها... وحج الناس سنتهم تلك آمنين مطمئنين جاءوا من كل حدب وصوب , لم يعكر صوف حجهم شي وأتموا حجهم على خير وسلام .. حتى ما رؤي حج أتم وأفضل منه ذاك العام ... فلله الحمد والمنة )
أيها المسلمون :ما أجمل حج هذا العام .. تشاهد وجوه الحجيج فتقرأ من ابتساماتهم الكثير ..
إنك لا تستطيع مهما أعطيت من بلاغة أن تقيس وتصوغ وتعبر عن الشجاع البطل حينما يدخل معركة عظيمة صعبة يخوضها فينتصر فيها بإذن الله .. ولا عن الطبيب الباذل حينما يوضع بين عينيه مريض يوشك أن يفارق الحياة فيعود إليها بفضل الله على يديه .. ولا عن الكريم المعطاء تقع عينه على جائع أو شريد فيطعمه ويؤويه مما أنعم عليه الله وأعطاه ...
إنها مشاعر جميلة وعظيمة لا يستطيع أن يعبر عنها قلم أو يتحدث عنها بليغ .. إنها مشاعر لا يتذوق حلاوتها ولا يعرف معناها .. ولا يعيش جمالها إلا الرجال العظماء الذين يتقدمون إذا تأخر الناس ، ويثبتون إذا خاف الناس ، ويبذلون إذا منع الناس ..
وإن قادتنا ورجال أمننا وعلمائنا ودعاتنا ومسولؤ الحج و منسوبيه كل باسمه وتخصصه ومشاركته
لمن هؤلاء الرجال العظماء الأبطال ..
= فالله ملك الحمد ما نصُرنا إلا بفضلك ، ولا نجحنا إلا برحمتك ، ولا اهتدينا إلا بتوفيقك ومنتك ... يسرت أمورنا .. وثبت أقدامنا .. وقويت عزائمنا .. وجمعت كلمتنا .. وحققت رجائنا .. واستجبت دعائنا .. وكبتﹼ عدونا .. ورددت مبغضنا وحاسدنا ..
فلك الحمد ملئ السموات وملئ الأرض وملئ ما شئت من شئ بعد ، أنت أهل الثناء والمجد .. الحمد لله .. الحمد لله .. الحمد لله .. حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى ..
أيها المسلمون :
إن الشعور والفرح بتوفيق الله ونصره ومنته ، من أعظم العبادات وأجلها؛ لأن الفرح يملئ قلب المسلم محبة وتعظيما لخالقه سبحانه لعلمه علم اليقين أن النعم منه جل وعلا وحده ، ويملئ قلبه توكلا وإنابة ورجوعا إلى الله متى مازلت قدمه أو غفل قلبه .. وحينما أنعم الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بالنصر والتمكين وفتح له خيبر .. في تلك الحال السعيدة قدم جعفر ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم
عائدا من أرض الحبشة فقال علية الصلاة والسلام : " والله ما أدري بأيهما أفرح : بفتح خيبر أم بقدوم جعفر "
فاللهم لك الحمد على عظيم المنن وجزيل النعم أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا , وسرا وجهرا ...
أيها الناس : إن في حج هذا العام لدروسا وعبرا عظيمة :
1/ الغيرة العظيمة والحمية الكبيرة : لدى شباب هذه الأمة على حماية هذه المقدسات ضد كل من أرادها بسوء ، فإنه ما إن سمع أبناء هذه البلاد بمخططات إيران تجاه هذه المشاعر المقدسة وتجاه ضيوف الرحمن إلا وتنادوا من كل حدب وصوب يقدمون أرواحهم دفاعا عن بيت الله وحماية لضيوف الرحمن
في صورة مهيبة - بالباء –شهدها العالم وتناقلتها وسائل الإعلام .
2/ أهمية الاجتماع والإتحاد صفا واحدا حتى نحقق الهدف وننشر الأمن وندحر الكافر ونغيض العدو
في الحج : اجتمع رجل الأمن مع رجل المرور مع الطبيب مع رجال الإسعاف مع المفتشين والمهندسين مع العلماء والدعاة ... تخصصات عديدة ومهن كثيرة لا تستطيع حصرها..
كلها جمعها هدف واحد ورسالة واحدة : إنها أمن الحجيج وسلامة حجهم ، حملوا على عاتقهم مسؤولية مليوني شخص في مكان واحد ضيق يتنقلون في أيام مع معدودة ست مرات .. إنها رحمة الله وفضله وبركته وإحسانه ..
3/ من أعظم دروس حج هذا العام : الشعور بشعور الرجل الواحد : إن مسؤولية الأمن وانتشاره وتحقيق النصر والطمأنينة لهذا البيت العتيق وحجاجه مسؤولية كل فرد مهما صغرت مرتبته ومهما كانت مهمته
لقد كانت نوبة الواحد لتنتهي فيأبى أن يدع مكانه فيبقى ساعات زائدة في حر شديد وتعب حماية لهذا البيت العتيق ورعاية لعماره ضيوف الرحمن .
4/ ودرس عظيم خالد : ألا وهو الاجتماع على اسم الإسلام العظيم .. لقد كان الحاج من ضيوف الرحمن تقوم الحشود ساهرة على أمنه وراحته ورعايته وصحته وتنقلاته وعبادته مهما كانت جنسيته أو لونه أو لغته أو شكله أو سنه .. إنما شعار الجميع " لا فرق بين عربي ولا عجمي إلا بالتقوى "
لقد هدم هذا التعامل العظيم : كل الدعوات الضالة والمخططات البغيضة التي تفرق بين المسلمين على أمرﹴ لم يجعله الله ولا رسوله فارقا بينهم .. إنما هي تفريقات قائمة على الهوى والعصبية والبدعة والضلالة ناسين أو متناسين أصحاب هذه الدعوات الضالة قول الحق تبارك وتعالى : ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين )
لقد قالت الملايين من ضيوف الرحمن بلسان واحد : إنما يجمعنا شئ واحد : هو اسم الإسلام ومناسكه العظام .. فمن أراد أن يجمعنا على غيره فلا بارك الله في جمعه وجعل الله كيده وضلاله في نحره ..
أبي الإسلام لا أبا لي سواه ... إذا افتخرت بقيس أو تميم
تركوا هذا الاسم العظيم الذي سار عليه هذا الجيل العظيم : إلى أسماء ما نشأت إلا في قرون متأخرة
تحمل أعمالا وأوصافا مبتدعة ضالة .. فيا سبحان الله أو نسوا قول الحق في كتابه المبين :
( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات )
يقول الإمام ملك بن أنس إمام دار الهجرة : إنه لن يصلح حال آخر هذه إلا بما صلح به أولها : كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام .
أيها المسلمون /
آلا إن ربكم تبارك اسمه وتقدست أسماؤه : قد خصكم في حج عامكم هذا بأمر عظيم ونعمة عظيمة سيكتبها التاريخ وستتناقلها الأجيال .. آلا فاشكروا الله على نعمه واسألوه المزيد من فضله وكرمه .. فإنه سبحانه يحب من عباده السائلين المتطهرين التوابين .. ( يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي شي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر )
ثم اشكروا هذه النعم العظيمة التي أنتم بها تتنعمون وتتقلبون ؛ بلاد آمنة مطمئنة في عالَمﹴ خائف ﹴمتقلب، وأرض بالخيرات وافره بين بلدان فقيرة جائعة يموت الواحد منهم ما يجد كسرة خبز تدفع عنه الموت وتعيد له الحياة ، وكلمة مجتمعه وقلوب متحدة في صف واحد خلف إمام واحد بين أقوام تراهم يمينا وشمالا متفرقين متباغضين متعادين ..
فاللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجائة نقمتك وجميع سخطك ..
أيها المسلمون / ما شكرت نعمة الله بمثل الاعتراف بها لله سبحانه وتعالى ظاهرا وباطنا , سرا وجهرا ليلا ونهارا .. ألا فلتمتلئ قلوبكم بمحبته وشكره وخوفه ورجائه سبحانه ، ولتلهج ألسنتكم بذكره وثنائه وحمده .. فإنه سبحانه من عباده الحامدين الشاكرين .. واذكروا قول الكريم سبحانه : " ولئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد "
إن نبينا الصادق المصدوق قد أخبرنا عن أمر يحبه ربنا جل وعلا ويرضاه من عباده .. يقول حبيبكم صلى الله عليه وسلم : " من لا يشكر الناس لا يشكر الله " , " ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا الله له حتى تروا أنكم قد كافأتموه " .
آلا فاعرفوا الصنيع الجميل الذي قام به ولاة أمرنا والمسولؤن عن الحج ؛ اعرفوه واذكروه ، وتحدثوا به وانشروه بين الناس وليحدث الشاهد الغائب بجميل ما رأى .. وادعوا لهم بخير , وأن يجعل ذلك كله بركة في أعمارهم وأموالهم , وصلاحا في أبدانهم وأبنائهم , ورفعة لهم في الدنيا والآخرة .
= وإن من أعظم ما تشكر به هذه النعمة العظيمة والمنة الجليلة ؛ نعمة نجاح الحج بأمنﹴ ويسر وطمأنينة عظيمة، رد الله بها كيد المغرضين وشماتة المتربصين الحاقدين ... الإستمرارَ على ما يحبه الله ويرضاه في سائر الأيام وجميع الأوقات وشتى الأماكن .. وأن يعلم العبد أن له ربا إذا دعاه أجابه وإذا أذنب فاستغفر غفر له ورحمه ..
= وإن من أعظم ما تشكر به هذه النعمة العظيمة والمنة الجليلة ؛ نعمة نجاح الحج : الاستمرار على المحبة والألفة .. والاستمرار على الاجتماع ووحدة الصف والكلمة .. والحذر من دعوات المغرضين ، وتربصات الشانئين ، وإشاعات المرجفين الحاقدين ..
لنكون – يا عباد الله – حصنا حصينا لهذه البلاد العظيمة الغالية : بلاد التوحيد وحاضنة الحرمين الشريفين تتكسر عنده أي إشاعة كاذبة ،أو نحلة باطله أو بدعة ضالة .. فإننا بإذن الله على ذلك لقادرون متى ما استعنا بالله وتوكلنا عليه ، وجمعنا كلمتنا ووحدنا صفنا ، وإن تكاثرت الأعداء وقويت سهامهم واشتد بأسهم .. فإن الله معنا ناصرٌ دينه ومعزُ أوليائه ..
( إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون )
اللهم لك الحمد على نعمك والآئك التي لا تعد ولا تحصى , لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت و لك الحمد بعد الرضى .. لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ...
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة،أقول ما تسمعون ...
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام، وأكرمنا بالإيمان، ورحمنا بنبيه عليه الصلاة والسلام، فهدى به من الضلالة، وجمع به من الشتات، وألف به من الفرقة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق أولياءه الوعد بالنصر على أعدائه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله خاتم رسله وأنبيائه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا.
أيها الناس /
إن كانت مواسم الخير قد انتهت, ومشاعر الحج والأضاحي والتكبير قد انقضت فإن أبواب الخير ما تزال تتوالى .. طرق الطاعة والخير ما تزال قادمة وأبوابها مفتوحة ..
ساعات وتفتح مدارس العلم وميادين العمل والعطاء أبوابها لكم .. آلا فلتغتنموها بما يحبه ويرضاه .. استحضر نية التقرب إلى الله وأنت تذهب إلى مدرستك لتتعلم أو لعملك لتعمل .. فإنه متى ما صلحت النية صلح العمل .. استحضر أنك تتعلم علماً أو تعمل عملاً أباحه الله لعباده المسلمين .. ما كنت لتقوم به إلا رجاء النفع لنفسك ولإخوانك ولدينك ووطنك .. في أمر دين أو أمر دنيا .
فإنه إن عُمرت الأرض على أيدي المسلمين .. عُمرت بالخير والتوحيد والهدى ... وإن تولى عمارتها غيرهم عُمرت بالكفر والضلال والأذى .
وإن الله يحب الخير ولا يرضى بالشر ، ويحب التوحيد ولا يرضى لعباده الكفر ، ويحب الهدى ولا يرضى بالضلال والأذى ..
جعلنا الله وإياكم والمسلمين جميعا, هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين مباركين أينما كنا ...
المرفقات
بعد الحج 1437.docx
بعد الحج 1437.docx
خالد سليمان التميمي
السلام عليكم ورحمة الله / هذا الملف مرفق بعد تعديل بعض الأخطاء الإملائية .. وفق الله الجميع لكل خير
المرفقات
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/6/9/9/7/بعد%20الحج%201437.docx
https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/6/9/9/7/بعد%20الحج%201437.docx
تعديل التعليق