خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ بَعْدَ مَوْسِمِ الحَجِّ لِعَامِ 13 ذِي الحِجَّةِ 1439 هـ
محمد بن مبارك الشرافي
خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ بَعْدَ مَوْسِمِ الحَجِّ لِعَامِ 13 ذِي الحِجَّةِ 1439 هـ
الحمدُ للهِ الحيِّ الذي لا يموتُ، تَوَحَّدَ بالدَيْمُومَةِ والبَقَاءِ، وتفرّدَ بالعِزَّةِ والكِبْرِياءِ، وطَوَّقَ عبادَه بِطَوْقِ الفَناءِ، وفَرَّقَهمْ إلى سُعداءَ وأَشْقياءَ, نحمدُه سُبحانَه ونَستَعِينُهُ ونَسْتَغفِرُهُ ونَتُوبُ إِليه، ونَعوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفِسِنَا، ومِنْ سَيِّئاتِ أَعْمالنِا, وأَشْهدُ أن لا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهدُ أَنَّ نَبِيَنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، هُوَ الأَخْشَى لِربِهِ والأَتْقَى، أَصْدَقُ العِبادِ شُكْراً، وأَعْظَمُهمْ لِرَبِه ذِكْراً، صَلَّى اللهُ وسَلَمَ وبَارَكَ عليه وعلى آلِهِ وأَصْحَابِهِ والتَّابِعِينَ ومِنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إَلَى يَوْمِ الدَّيْنِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّها الْمُسْلِمُونَ واعْلَمُوا أَنَّكُم على دِينٍ عَظِيمٍ امْتَنّ اللهُ بهِ عَلَيكُمْ وَهَدَاكُمْ لَهُ وَقَدْ أَضَلَّ عنه كثيراً من الناسِ.
أيها المؤمنون: انْتَهَى مَوْسِمُ الحجِّ وانْقَضَتْ قَبْلَهُ خَيْرُ أَيَّامِ العَامِ وَفِي ذَلِكَ عِبَرٌ وَخَبَرٌ, وَذِكْرَى لِمَنِ ادَّكرَ؟
تأمَّلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ فِي مُرُورِ الأَيَّامِ وَفِي تَعَاقُبِ الدُّهورِ والأَعْوامِ فَمَا إِنْ تَبْدَأْ سَنَةٌ حَتَى تَنْتَهِي, وَمَا يَهِلُ هِلَالُ شَهْرٍ حَتَى يَنْقَضِي, وَمَا إِنْ تَطْلُعْ شَمْسُ يَوْمٍ حَتَى تَغيِبَ, وَمَا يُولَدُ مَوْلُودٌ حَتَى يَكْبُرَ ويَشِيب, وَفِي هَذِهِ عِبْرَةٌ لَنَا بِانْقِضَاءِ آجَالِنَا وَانْتِهَاءِ أَعْمَارِنَا! فَاسْتَعِدَّ لِلِقَاءِ اللهِ, وَمُوَاجَهَةِ مَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ, وَتَجَهَزْ لِمُفَارِقَةِ الأَصْدِقَاءِ وَالأَصْحَاب, وَالبُعْدِ عَن ِالأَهْلِ وَالأَحْبَاب, قَالَ اللهُ تَعَالَى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)
أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ الطَّاعَاتِ لَهَا مَوَاسِمُ وَأَوْقَاتٌ تَشْرُفُ فِيْهَا ويَعْظُمُ أَجْرُهَا, وَقَدْ مَرَّتِ العَشْرُ وَتَتْلُوهَا أَيَّامُ التَّشْرِيقُ, فَمَنْ كَانَ اسْتَغَلَّهَا غَنِمَ وفَرِحَ ومَنْ أهملَهَا وَسَوَّفَ فَاتَتْهُ وَلَمْ يَرْبَحْ, وَرُبَّمَا تَمَنَّى رُجُوعَهَا لِيَسْتَغِلَّها وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ! فَمَنْ يَدْرِي؟ فَرُبَّمَا لَا تَعُودُ إِلَّا وَقَدْ وُسِّدَّ التُّرَابَ, أَوْ أَصَابَهُ مَرَضٌ, أَوْ ابْتُلِيَ بِأَمْرٍ يَصْرفُهُ عَنِ العِبَادَاتِ, ويَشْغَلُه عَنِ الْمُسَارَعَةِ لِلْخَيْرَاتِ, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِك) رَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ هُوَ وَالأَلْبَانِي.
إِنَّ العِبَادَةَ لَها أثرٌ فِي القَلْبِ بِالارْتِيَاح, وَأَثرٌ فِي النَّفْسِ بِالانْشِرَاح, وَنُورٌ فِي الصَّدْرِ, وَضِيَاءٌ في الحَشْرِ! قَالَ اللهُ تَعَالَى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: وَاللهِ لَوْلَا اللَّيْلُ مَا أَحْبَبْتُ الحَيَاة! يَعْنِي بِذَلِكَ: أنَّهُ يَخْلُو بِرَبِّه فَيُصَلِّي بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ, فَيَأْنَسُ باللهِ ويَجِدُ طَعْمَاً لِلْحَيَاةِ (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فَيَا مَنْ غَابَتْ عَنْهُ الأَفْرَاح, وفَارَقَهُ الهناءُ وخَسِرَ الأَرْبَاح, تَعالَ إلى لَذَّةِ الدُّنْيَا وَسَعَادَتِها! تَعَالَ إِلَى العَمَلِ الصَّالِحِ! تَعَالِ لِلَذَّةِ الصَّلاةِ وَقُلْ كَمَا قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا بِلَالُ أَقِمْ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا) رَوَاهُ أَبُو دَاوودَ وَصَحْحَهُ الأَلْبَانِي.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : انْظروا فِي هَؤُلَاءِ الحَجِيجِ الذِينَ جَاءُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيق, جَاءُوا مِنْ أقطَارِ الدُّنْيَا وَأَطْرَافِ الأَرْض, جَاءُوا مُلَبِينَ مُكَبْرِينَ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ! فَوَ اللهِ لَوْ دَعَاهُمْ مَلِكٌ أَوْ وَزِير أَوْ غَنِيٌّ أَوْ أَمِير, لَمَا جَاءُوا بِمِثْلِ هَذِهِ الأَعْدَادِ وبِمِثْلِ هَذَا الإِقْبَال, وبِمِثْلِ هَذِهِ التَضْحِيَة!
إِنَّهُمْ أَتَوْا لِهَذِهِ الدِّيارِ وَقَدْ بَذَلُوا الغَالِيَ وَالنَّفِيس, جَاءُوا بِقُلُوبٍ يَمْلَؤُهَا الشَّوْق, وَعُيُونٍ اغْرَوْرَقَتْ بِالدُّمُوعِ, فَمَا الذِي حَمَلَهُم عَلَى مَا يَفْعَلُونَ, ومَنِ الذِي دَعاَهُمْ لِمَا يَعْمَلُون؟ إِنَّهُ الله رَبُّ الْعَالَمِينَ ! (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ), فَيَا مَنْ ابْتَعَدَّتَ عَنِ اللهِ, وَيَا مَنْ هَرَبَ مِنْ مَوَلاه, وَيَا مَنْ أَسْرَفَتَ أَنْقِذْ نَفْسَكَ, وَأَطِعْ رَبَّكَ وَإِلَّا فَوَ اللهِ لَنْ تَجِدَ لَكَ مَكَانَاً مَعَ عِبَادِ اللهِ, فَاللهُ غَنِيٌّ عَنَّا, فَكَثِيرونَ مُقْبِلُونَ عَلَيْهِ! كَثِيرونَ يُطِيعُونَهُ فَيَمْتَثِلُونَ أَمْرَهُ وَيَجْتَنِبُونَ نَهْيَهُ وَهُمْ فَرِحِونَ مَسْرُورِونَ! فَهَيَّا تَعَالَ مَعَهُمْ وَأَقْبِلْ عَلَى رَبِّكَ وَاهْرُبْ مِنَ الشَّيْطَانِ عَدُوِّي وَعَدُوِّكَ!
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اعْتَادَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى الْجِدِّ فِي مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ ثُمَّ الدَّعَةِ والْخُمُولِ بَعْدَ ذَلِكَ, بَلْ رُبَّمَا قَارَفَ بَعْضَ الْمَعَاصِي بِحُجِّةِ أَنَّهُ قَدَّمَ وَقَدَّمَ , وَهَذَا أَمْرٌ لا يَنْبَغِي, بَل الْمُؤْمِنُ لا يَزَالُ مُسْتَمِرَاً فِي طَاعِةِ اللهِ حَتَّى يَكَونَ مُنْتَهَاهُ الْجَنَّةَ, ثُمَّ إِنَّ الأَعْمَالَ بِالخَوَاتِيمِ, فَاحْذَرْ تَسْلَمْ, وَجِدَّ تَغْنَمْ! واسْتَمِعْ لِهَذَا الحَدِيثِ: عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ, فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ, وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا ذِرَاعٌ, فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ) مُتَّفَقٌ عَلِيْهِ, وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ (اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرِّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَينَ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ وَإِمَامِ الْمُرْسَلِينَ, نَبِيِّنَا مَحَمِّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ نِعَمَ اللهِ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ البِلادِ كَثِيرَةٌ, فَمِنْ نِعْمِةِ إِسْلامٍ وَإِيمَانٍ إِلى نِعْمَةِ أَمْنٍ وَسَلامٍ, وَمِن نِعْمَةَ عَقِيدَةٍ صَحِيحَةٍ قَامَتْ عَلَيْهَا الدَّوْلَةُ وَنَشَأَ عَلَيْهَا الصِّغَارُ وَشَابَ عَلَيْهَا الكِبَارُ, إِلى نِعْمَةِ رَخَاءٍ فِي الاقْتَصَادِ وَرَغَدِ عَيْشٍ فِي البِلادِ! وَحَتَّى بَعْدَ هَذِهِ الأَزْمَةِ الاقْتِصَادِيَةِ العَالَمِيَةِ فَلَا زِلْنَا بِحَمْدِ اللهِ بِخَيْرٍ, وَنَنْتَظِرُ الفَرَجَ مِنَ اللهُ.
وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الخَيْرِ فَلْيَنْظُرْ إِلى غَيْرِنَا مِنَ البِلادِ, لِيَرَى الفَّرْقَ وَيَعْرِفَ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ خَيْر! وَقَدْ قَالَ اللهُ تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) فَنَشْكُرُ اللهَ عَلَى نِعَمِهِ وَنَسْأَلُهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِه!
وِلِيْسَ مَعْنَى هَذَا أَنَّنَا فِي بِلَدِنَا فِي كَمَالٍ وَعَدَمِ نَقْصٍ, كَلَّا بَلِ النقصُ موجودٌ, والشَّرُّ غَيْرُ مَفْقُود, وأَهْلُ الباطلَ كَانُوا ولَا زَالُوا يَكِيدونَ لِهذَا الدِّينِ وَأَهْلِه, ويُغِيظُهُمْ ظُهُورُ الدِّينِ وَانْتِشَارُ الخَيْرِ, وَبَعْضُهُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا وَيَنْعَمُونَ بِخَيْراتِ دَولَتِنَا.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ مَا تَبْذُلُهُ حُكُومَتُنَا فِي خِدْمَةِ الحُجَاجِ أَمْرٌ يُذْكَرُ فَيُشْكَرُ وَيُعْرَفَ فَيُظْهَر, وَلَا سِيَّمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بَالدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ, فَقَدِ انْتَدَبَتْ وَزَارَةُ الشُّئُونِ الإِسْلَامِيَةِ وَالدَّعْوَةِ وَالإِرْشَادِ مِئَاتِ الدُّعَاةِ إِلَى اللهِ مِنَ العُلَمَاءِ الأَجِلَّاءِ وَطَلَبَةِ العِلْمِ النُّبَلاءِ والْمَشَايِخِ الفُضَلَاءِ, وَهَيْأَتْ لَهُمُ الْمَرَاكِزَ الدَّعَوِيَةَ عَلَى طُولِ مِكَّةَ وَعَرْضِهَا, وَيَسَّرَتْ لَهُمْ سُبُلَ التَّنَقُلِ بَيْنَ الْمَشَاعِرِ وَفِي أَمَاكِنِ الحُجَّاجِ مِمَّا حَصَلَ بِحَمْدِ اللهِ بِهِ خَيْرٌ كَثِيْر, وَنَشْرٌ لِلْعِلْمِ النَّافِعِ وِالعَقِيدَةِ الصَّحِيْحَةِ, وَاسْتَفَادَ كَثِيْرٌ مِنَ الحُجَاجِ القَادِمِينَ لِهِذِهِ البِلادِ, وَتَعَلَّمُوا كَثِيراً مِنْ أُمُورِ دِينِهِمْ وَانْتَفَعُوا بِقُدُومِهِمْ, بَلْ إَنَّ كَثِيراً مُنْهُمْ يُطَالِبَ أَصْحَابَ الفَضِيلَةِ بِالقُدُومِ إِلَى بُلْدَانِهِمْ لإِيْصَالِ مَا سَمِعُوهُ إِلَى إِخْوَانِهِمْ الْمُسْلِمِينَ مِمَّن لَمْ يَتَيَسْرْ لَهُ الحُضُور, وَهَذَا فَضْلُ اللهِ عَلَى هَذِهِ البِلَادِ وَأَهْلِهَا, وَتَشْرِيفٌ وَتَكْلِيفٌ لِحَمْلِ أَعْبَاءِ نَشْرِ الدِّينِ لِأَقْطَارِ الأَرْض.
فَأَسْأَلُ اللهَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ أَنْ يُدِيمَ عَلَيْنَا نِعْمَتَهُ وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِفَضْلِهِ وَأَنْ يَرْزُقَنَا القَبُولَ, اَللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِيننا اَلَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا, وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانا اَلَّتِي فِيهَا مَعَاشُنا, وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنا اَلَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنا, وَاجْعَلْ اَلْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ, وَاجْعَلْ اَلْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ , اَللَّهُمَّ اِنْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا, وَعَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا, وَارْزُقْنَا عِلْمًا يَنْفَعُنَا, اللَّهُمَّ إنِّا نعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ, اللَّهُمَّ إنَّا نعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ , اللَّهُمَّ ارْفَعْ عنَّا الغَلَا والوَبَا وجَنِّبْنَا الرِّبَا والزِّنَا والزَّلَازِلَ والفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَن, اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا, اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَارًا فَأَرْسِلِ السماءَ عَلينا مِدْرَارا, اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا غَدَقاً مُجَلِّلاً عَامًا سَحًّا طَبَقًا دَائمًا اللَّهُمَّ اسْقِنَا الغيثَ، ولا تجعلْنَا مِنَ القَانطِيِن اللَّهُمَّ سُقْيَا رحمةٍ لَا سُقْيَا عذابٍ، ولا بَلاءٍ ولا هَدْمٍ ولا غَرَق, اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْع ، وأَدِرَّ لَنَا الضَّرْع واسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ, اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى عبدِكَ وَرَسولِكَ محمدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إَلَى يَوْمِ الدِّينِ, وَالحَمْدُ للهِ ربِّ العالمينَ.
المرفقات
الْجُمُعَةِ-بَعْدَ-مَوْسِمِ-الحَجِّ
الْجُمُعَةِ-بَعْدَ-مَوْسِمِ-الحَجِّ
المشاهدات 6317 | التعليقات 2
شبيب القحطاني
عضو نشط
جزاك الله خيرا
محمد بن مبارك الشرافي
عفوا أصحاب الفضيلة , العنوان هو (خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ بَعْدَ مَوْسِمِ الحَجِّ لِهَذَا العَامِ 13 ذِي الحِجَّةِ 1439 )
تعديل التعليق