خطبة الجمعة الموافق 5 رجب 1444هـ
الشيخ فهد بن حمد الحوشان
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلِيهِ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أمّا بعدُ فأوصِيكُم أيّها النَّاسُ ونفسِي بتقوى اللهِ عزّ وجلَّ فمن أرادَ محبةَ اللهِ فاللهُ يحبُ المتقينَ ومن أحبَّ أن يكونَ اللهُ وليَّهُ فاللهُ وليُّ المتقينَ ومن أرادَ معيَّةَ اللهِ فاللهُ مع المتقينَ ومن أرادَ كرامةَ اللهِ فأكرمُ النَّاسِ عندَ اللهِ أتقاهُم ومن أرادَ فوزَ الآخرةِ فالآخرةُ عندَ ربِّكَ للمتقين ومن أرادَ قبولَ أعمالهِ فإنَّما يتقبلُ اللهُ من المتقينَ فاتَّقوا الله رحمكم اللهُ أيها الإخوة الكرام النفس بطبيعتها ملولة متقلبه تحتاج إلى تدريب وتعويد حتى تألف الأعمال وتتعوَّد عليها قال تعالى ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) وتأمَّل في كلمة ( سبلنا ) لتعلم أن طرقَ الخير كثيرةٌ ومتنوعة وأنها كلها توصل بإذن الله إلى مرضاة الله ليختار الانسان منها ما يناسبه ويميل إليه فالطاعاتِ والعباداتِ كُلِّها يُمكنُ للمُسلِم أن يَتعوَّدَ عليها ويَألفَها ومن ثمَّ فلا يتَرُكَها أبدًا فصلاة النافلة كصَلاةِ الضُحى والوترِ والسُننِ الرواتِبِ كُلِّها مما يمكنُ التَّعودَ عليهِ والتبكيرُ إلى المسجدِ والمكثِ فيهِ والخشوعُ في الصلاةِ والمحافظةُ على الأذكارِ والأوراد الشرعية في الصباح والمساء وصيامُ التطوع والمحافظةُ على وردٍ من القرآنِ الكريمِ وبرُّ الوالدينٍ والصلةُ والزيارةُ كُلُّها عاداتٌ يمكنُ للإنسان أنْ يألَفهَا ويُدَاوِمَ عليها وكذلك إدخالُ السُّرورِ على أخيكَ المسلِمِ وقضاءُ الحاجاتِ وتَفريجُ الكُرباتِ جميعها أمورٌ سهلةٌ يمكنُ أنْ يتعوَّدَ عليها المُسلِم والرِّضَا والقَناعةُ وكَثرةُ الحمدِ والشُّكرِ والتسبِيحُ كُلُّها عاداتٌ يمكنُ لكُلِّ من أرادَ أنْ يتَعوَّدَ عليها وكذلك ترويض النفس على كظمِ الغيظِ وعلى السماحةِ والعفوِ والصفحِ عادةٌ بل من أجمل العادات فإنَّما الحُلُم بالتحلُّم وإنَّما الِعلمُ بالتعلُّم ورِقةُ الطبعِ وطَهارَةُ القلبِ وسَلامَةُ الصدرِ عَادة يمكن للإنسان أن يُدرَّبَ نفسهُ عَليها جاء في بعض الآثار عوِّدوا قُلُوبَكم الرِّقةَ فالكلمةُ الطيبةُ والمنطِقَ الجميلُ كُلّها عادةٌ يَستطِيعُ الجميعُ امتلاكُها وكذلك نظافةُ البدَنِ وحُسنُ المظهرِ وجَمالُ الرائِحةِ عَاداتٌ جميلةٌ يُحبُها اللهُ فاللهُ جميلٌ يحبُّ الجمالَ وكذلك إتقانُ العَملِ والانضبَاطُ والجدِّيةِ واحترامُ النظامِ عاداتٌ يمكنُ للإنسان أنَّ يتحلَّى بِها وكذلك تَرشِيدُ الانفَاقُ في الماء والكهرباء وبَقِيةُ أمورِ الحياةِ كُلِّهَا عاداتٌ طيبةٌ مَيسورةٌ للجميع فاتقوا الله وكونوا من (( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ )) باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاسْتَغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيم
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيَكَ لَهُ تَعْظِيماً لِشَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيراً أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ واعلموا أَنّكم في شهرِ رجبٍ وهو أحد الأشهر الحرُمُ الأربعة وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ثلاثة متوالية ورجب الفرد ولهذه الأشهر خصائصُ معلومةٌ تشترك فيها وقد سميت حُرُماً لزيادة حرمتها (( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ )) والواجب علينا ألَّا نخص شهر رجب إلا بما خصه الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم أنه شهر محرَّم يتأكد فيه اجتناب المحرمات لعموم قول الله عز وجل في الأشهر الحرم: (( فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ))
ولا له مزيد عبادة عن غيره من الشهور بحجة أنه شهر محرم فالنبي صلى الله عليه وسلم أدرك هذا الشهر ولم يزد فيه على غيره وحري بكل مسلم أن يكون متبعًا لا مبتدعًا.
قال ابن حجر رحمه الله : لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معين ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة ا.هـ
فاتقوا الله عباد الله واحذروا البدع والمحدثات
ألا وصَلُّوا وَسَلِّمُوا رحمكم اللهُ عَلَى نَبِيِّكُم محمد ﷺ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
وَقَالَ ﷺ(مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمّ أعزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وأذلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ وانْصُرْ عِبَادِكَ الْمُوحِّدِينَ اللَّهُمّ آمِنَّا فِي أَوطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أَمْرِنَا
اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ وَلَمَّا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ
اللهمَّ احْفَظْ جُنُودَنَا الْمُرَابِطِينَ عَلَى الحُدُودِ وثبِّتْ أَقْدَامَهُمْ اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين
( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )
عِبَادَ اللَّهِ اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكمْ (( وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))
المرفقات
1674768342_خطبة الجمعة الموافق 5 رجب 1444هـ.pdf
1674768359_خطبة الجمعة الموافق 5 رجب 1444هـ.docx