خطبة الجمعة الموافق 24 شوال 1445هـ تعظيم شأن الصلاة والأمر بأخذ الزينة لها

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1445/10/23 - 2024/05/02 20:00PM

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )) (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ عباد الله الصلاةُ عمودُ الدين ومفتاحُ الجنة وخيرُ الأعمال وأولُ ما يحاسَبُ عليه المؤمنُ يومَ القيامة أمرَ اللهُ بها خاتمَ أنبيائه فقال (( اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ .. )) وَوَجْهُ كونِ الصلاةِ تنهى عن الفحشاء والمنكر أنَّ العبدَ المقيمَ لها المتممَ لأركانها وشروطها وخشوعِها يستنيرُ قلبُه ويتطهرُ فؤادُه ويزدادُ إيمانُه وتقوى رغبتُه في الخير وتقِلُّ أو تنعدمُ رغبتُه في الشر وأكدَ الله على المحافظةِ على الصلاة فقال (( حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ ))
ومدحَ اللهُ تعالى أهلَ الصلاة المحافظين عليها الخاشعين فيها بالفلاح قال تعالى (( قد أفلح من تزكى )) أي طَهَّرَ نفسَه من الأخلاق الرذيلة وتابعَ ما أنزل اللهُ على رسوله صلوات الله وسلامه عليه (( وذكرَ اسمَ ربِّهِ فصلى )) أي أقام الصلاةَ في أوقاتها ابتغاءَ رضوانِ اللهِ وطاعةً لأمر اللهِ وامتثالًا لشرع الله وقال تعالى قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ والخشوعُ في الصلاة هو حضورُ القلبِ بين يدي اللهِ تعالى مُستحضِرًا لِقُربه فيسكن لذلك قلبُه وتطمئن نفسُه وتسكن حركاتُه ويقل التفاتُه متأدبًا بين يدي ربِّه مُستحضِرًا جميعَ ما يقولُه ويفعلُه في صلاته من أولِ صلاتِه إلى آخرِها فتنتفي بذلك الوساوسُ والأفكارُ الرَّديَّة وهذا روحُ الصلاة والمقصودُ منها فحريٌّ بالمسلمِ أن يُعظّم شأنَ الصَّلَاةِ فيحافظَ عليها ويخرجَ إليها في هَيئةٍ حسنة ولباسٍ حَسن ورائِحَةٍ طَيِّبَةٍ فالزينةُ الواجبةُ هي سَترُ العورة فلا تصح الصلاةُ والعورةُ مكشوفةٌ مع القدرة على سَترِها والزينةُ المستحبة ما زاد على سَترِ العورة مما يُتجمّلُ به كاللباسِ الحَسَن والطِّيْب والسِّواك قال ﷺ ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَلْبَسْ ثَوْبَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ مَنْ تُزُيِّنَ لَهُ ) أخرجه الطبراني وقال ﷺ ( لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ ) بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنْ الْآيَاتِ وَالْحِكْمَةِ أَقُولُ قَولِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ والصلاةُ والسلامُ على النبي الكريم محمد بن عبدالله صلى اللهُ عليه وآلهِ وصحبِه وسلم تسليما أما بعد فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ واعلموا أنَّ اللهَ جَعَلَ الصلاةَ على المؤمنين كتابًا موقوتًا وأمرَهم بإقامتها خمسَ مراتٍ في اليوم والليلة لِتُطهِّرَ المسلمَ من أدرانِ خطاياه وقد مثَّل النبيُّ ﷺ هذا المعنى فَقَالَ ( أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ قالوا لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ قالَ فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا ) أيها الإخوة إن المتأمل لأحوال بعض الْمُصَلِّين يَجِد عَجَبًا
فهذا يأتي إلى المسجد بِقميص نومه وذاك بِزِيّ عَمَلِه وثالث بِثياب مِهنته وآخر بِملابس الرياضة غير آبِـهين بِما سَيُقْدِمون عليه وهو الوقوف بين يدي الله سبحانه بينما تَراهم يَلْبَسون أفضل ثيابـهم عند حضور مناسبة أو إجابة وَليمة ولو دُعي أحدهم لِمُقَابَلَة مسؤول لأخَذ كامِل زينته ولبس أجمل ما عنده من الثياب وتعطّر بأزكى العطور وأرْقَاها كل ذلك ليبدوا جميلاً ولا غرابة في ذلك فالله جميل يحب الجمال والنفس تحب الـتَّجَمل وتُحبِّـذه وقد أمر الله سبحانه وتعالى بأخذ الزينة عند كلّ صلاة فقال (( يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ )) قال ابن كثير رحمه الله يُسْتَحَب الـتَّجَمّل عند الصلاة ولاسيما يوم الجمعة ويوم العيد والـطِّيب لأنه مِن الزِّينة والسواك لأنه مِن تَمَام ذلك ومِن أفضل اللباس البياض . اهـ .
هذا وصلُّوا وسلِّموا رَحِمَكُم اللَّهُ عَلَى نَبِيِّكُمْ مُحَمَّد ﷺ فَقَد أمَرَكُم بذلكَ رَبُّكُمْ فقالَ جلَّ وعلا (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ اللَّهُمَّ وَارْضَ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَأَذِلَ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ وَاجْعَلْ بِلَادِنَا آمِنَةً مُطْمَئِنّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اَللَّهُمَّ آمِّنَّا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَارَبَ العَالَمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ وَلَمَّا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ اللَّهمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ اللَّهمَّ اخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا وَبِالسَّعَادَةِ آجَالَنَا وَبَلِّغْنَا فِيمَا يُرْضِـيكَ آمَالَنَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار عِبَاْدَ اَللهِ )) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (( فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))

 

المشاهدات 1600 | التعليقات 0