خطبة الجمعة الموافق 23 من ذي الحجة 1443هـ بعنوان أسباب طلب الرزق
الشيخ فهد بن حمد الحوشان
إِنَّ الحَمدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أمَّا بَعدُ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ وَامْتِثَالُ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابُ نَهْيِهِ فَالْخَيْرُ كُلُّ الْخَيْرِ فِي تَقْوَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَهِي سَبَبٌ عَظِيمٌ لِطَلَبِ الرِّزْقِ (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ )) وَمِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ لِكَسْبِ الرِّزْقِ وَزِيَادَتِهِ صِلَةُ الْرَّحِمِ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) فَيَا مَنْ تَشْكُونَ هَمَّ الرِّزْقِ وَتَسْعَوْنَ فِي زِيَادَةِ أَمْوَالِكُمْ عَلَيْكُمْ بِصِلَةِ أَرْحَامِكُمْ فَمَنْ وَصَلَهُمْ وَصَلَهُ اللَّهُ وَبَارَكَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَوَسَّعَ لَهُ فِي عَيْشِهِ. وَمِنَ الْأَسْبَابِ لِطَلَبَ الرِّزْقِ هُوَ الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ : (( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ))
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا تُبْتُمْ وَاسْتَغْفِرْتُمُوهُ وَأَطَعْتُمُوهُ كَثَّرَ الرِّزْقَ عَلَيْكُمْ ومَنْ أَرَادَ حُصُولَ الرِّزْقِ وَالْبَرَكَةِ فِيمَا رُزِقَ فَعَلَيْهِ بِالْإِنْفَاقِ وَالصَّدَقَةِ يَقُولُ الرَّزَّاقُ الْعَلِيمُ سُبْحَانَهُ (( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )) فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ( يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ ) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا ) فَيَا مَنْ أَرَدْتُمْ سَعَةَ الرِّزْقِ وَزِيَادَتَهُ أَنْفِقُوا مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَتَصَدَّقُوا عَلَى الفُقَرَاءِ وَالْمُحْتَاجِينَ وَارْحَمُوا يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ. أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَنَا جَمِيعًا بِحَلَالِهِ عَنْ حَرَامِهِ وَبِفَضْلِهِ عَمَّنَ سِوَاهُ وَأَنْ يَرْزُقَنَا بَرَكَةً فِي الْأَرْزَاقِ وَالْأَمْوَالِ وَالأَولَادِ وَالْأَعْمَالِ وَالْأَعْمَارِ
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا أَمَّا بَعْدُ فاتَّقوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ قَدْ تَكَفَّلَ بِرِزْقِ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ فَلَمْ يَتْرُكْهُمْ هَمَلًا بَلْ قَدَّرَ مَقَادِيرَهُمْ وَكَتَبَ أَرْزَاقَهُمْ وَلَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( إِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ) عِبَادَ اللَّهِ الْأَسْبَابُ الشَّرْعِيَّةُ لِكَسْبِ الرِّزْقِ كَثِيرَةٌ يَصْعُبُ فِي هَذَا الْمَقَامِ حَصْرُهَا وَلَكِنْ أَخْتِمُ بِسَبَبٍ عَظِيمٍ يُعَدُّ مِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ لِنَيْلِ الْمَطَالِبِ مَهْمَا بَلَغَتْ وَهَذَا السَّبَبُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ أَحَدٌ إِلَّا وَسَّعَ اللَّهُ فِي رِزْقِهِ وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ إِنَّهُ الدُّعَاءُ وَسُؤَالُ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ فَمَنْ ضَاقَ رِزْقُهُ وَقَلَّتْ عَلَيْهِ مَصَادِرُهُ وَمَنْ عَظُمَ عَلَيْهِ الْهَمُّ وَكَثُرَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَلْيَقْرَعْ بَابَ اللَّهِ الَّذِي لَا يَخِيبُ قَارِعُهُ وَلْيَسْأَلِ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ فَهُوَ الْكَرِيمُ الْجَوَادُ الَّذِي مَا وَقَفَ أَحَدٌ بِبَابِهِ فَرَدَّهُ خَائِبًا وَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ وَعَظِّمُوا الرَّجَاءَ فِي رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ فَإِنَّ خَزَائِنَ اللَّهِ مَلْأَى
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ عَلَىَ مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) فَاَلْلَّهُمَّ صَلِ وَسَلِّمْ عَلَىْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَاَرْضِ اَلْلَّهُمَّ عَنِ اَلْتَّاْبِعِيْنَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَاْنٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِكَرَمِكَ وعَفْوِكَ وَجُوْدِكَ وَرَحْمَتِكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ اَلْرَّاْحِمِيْن اَلْلَّهُمَّ أَعِزَّ اَلْإِسْلَاْمَ وَاَلْمُسْلِمِيْنَ وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ وَاَجْعَلْ بَلَدَنَا آمِنَاً مُطْمَئِنَاً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِلَادَنَا بِسُوءٍ فَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ وَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ اللَّهُمَّ إِنَّا نَدْرَأُ بِكَ فِي نُحُورِ أَعْدَائِنَا وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِم اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ لِلبِلَادِ والعِبَادِ ولِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ))
عِبَاْدَ اَللهِ )) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (( فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون
المرفقات
1658418135_خطبة الجمعة الموافق 23 من ذي الحجة لعام 1443هـ.pdf
1658418149_خطبة الجمعة الموافق 23 من ذي الحجة لعام 1443هـ.docx