خطبة الجمعة الموافق 20 من شهر الله المحرم 1446هـ حاجتنا للدعاء

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1446/01/19 - 2024/07/25 18:05PM
الحمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ الرحمنِ الرحيمِ مالكِ يومِ الدِّينِ لا عِزَّ إلَّا في طاعتِه ولا سَعادةَ إلَّا في رِضاه ولا نَعِيمَ إلَّا في ذِكرِه سُبْحَانَهُ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ القَائِلُ (( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ )) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الدعاء عبادة من أجل العبادات فعن النُّعْمانِ بْنِ بشيرٍ رضِي اللَّه عنْهُما عَنِ النَّبيِّ ﷺ أنه قَالَ ( الدُّعاءُ هوَ العِبَادةُ ) رواه أَبُو داود والترمذي حديث حسن صحيح وعن عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رضِي اللَّه عنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ( مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا أَوْ كَفَّ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ) رواه أحمد فيا عبد الله إلجأ إلى الله وارفع أكف الضراعة وناد الكريم فإنه لا يخيب من دعاه ولا يرد من سأله ))أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ )) وقد أمرَ الله عبادهُ بالدعاء ووعدهم بالإجابة كما قال جل وعلا ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ))
ويقولُ النَّبِيُّ ﷺ ( إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِي أَنْ يَرْفَعَ الْعَبْدُ يَدَيْهِ فَيَرُدَّهُمَا صَفَرًا ) رواه البزار والطبراني والحاكم وصححه الألباني فادع الله متخَيَّرًا جوامعَ الدّعاءِ فعنْ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالتْ كانَ رسولُ اللهِ ﷺ يستحِبُّ الجوامعَ منَ الدّعاءِ ويدَعُ ما سِوى ذلكَ رواهُ أبو داودَ بإسنادٍ جيّدٍ
أيها الإخوة ليس شيءٌ أكرَم على الله عز وجل من الدّعاء وأعجَزُ الناس من عجَز عن الدعاء ولا يردّ القدرَ إلا الدعاء
فيَا منْ تكالبَتْ عليهِ الهمومُ إلجأ إلى الله وابتهل إليه بالدعاء يا مَنْ أتعبه المرض والسقم ادع الله الذي بيده الشفاء والعافية ويا من تكاثرت عليه الديونُ أينَ أنتَ مِنْ دعاءِ الغنيِّ الكريمِ ويا مَنْ أثقلتهُ المعاصي والذنوبُ أينَ أنتَ مِنْ العزيز الغفار أيّها المسلمونَ وممَّا ينبغي مراعاتُهُ في الدعاءِ بعدَ الإخلاصِ والمتابعةِ التضرّعُ والابتهالُ إلى اللهِ تعالى وَدُعَاءِ اللهِ بأسمائِهِ الحسنى وصفاتهِ العلا (( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )) والاستغفارُ والإقرارُ بالذنبِ والاعترافُ بالنِّعمِ واستفتاحُ الدُّعاءِ بالحمدِ والثناءِ على اللهِ بما هوَ أهلُهُ والصلاةُ على النبي ﷺ روى الترمذي عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال ( إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي ﷺ ثم ليدع بعد بما شاء ) صححه الالباني وقال أبو سُلِيمَان الداراني رحمه الله من أراد أن يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي ﷺ وليسأل حاجته وليختم بالصلاة على النبي ﷺ فإن الصلاة على النبي ﷺ مقبولة والله أكرم أن يرد ما بينهما أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ وَأشهدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ آلِهِ وصحبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثيِرًا أَمّا بَعْدُ فاتَّقوا اللهَ وكونوا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب كما ينبغي للعبد أنْ يُخلَصَ العبادة للهِ تعالى وأنْ يتوجّهَ إليهِ سبحانَهُ بالدعاءِ والمسألةِ والطّلبِ وليعلَمْ أنَّ الإجابةَ مَعَ الدّعاءِ سواءٌ كانتْ عاجلةً أوْ آجِلةً قالَ عمرُ رضيَ اللهُ عنهُ إنّي لا أحملُ همَّ الإجابةِ وإنّما أحمِلُ همَّ الدّعاءِ فإذا ألهِمتُ الدّعاءَ فالإجابةُ معهُ قالَ ﷺ ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا قَالُوا إِذًا نُكْثِرُ قَالَ اللَّهُ أَكْثَرُ ) صححهُ الألبانيُّ فالدعاءُ خيرٌ كلهُ وإذا دعوتَ الله فاستكثرْ في دعائكَ يقولُ ﷺ إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيُعْظِمِ الرَّغْبَةَ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَاظَمُ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ ) رواهُ ابن حبان والطبراني وغيرهُما وصححهُ الألبانيُّ رحمهُم اللهُ فيا عبدَ اللهِ أكثرْ منَ الدعاءِ ادعُ لنفسكِ بالصحةِ والعافيةِ والتمتعِ بملاذِ الدنيا المباحةِ وأنْ يكفَّ عنكَ الذى والشرور وكذلك الدعاءُ للوالدينِ أحياء وأمواتا وادعُ اللهَ لأولادك وأهلكَ بالصلاحِ والاستقامةِ والسترِ والعفافِ وأنْ يقيهمْ شر الفتن اسألِ اللهَ تعالى البركةَ في الوقتِ والمالِ بلْ في كلِّ شيءٍ
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمْ اللهُ عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وَقَدْ قَالَ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ ورَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمّ أعزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ وَاَجْعَلْ بَلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ يَا رَبَ العَالَمِينَ اللَّهُمّ آمِنَّا فِي أَوطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أَمْرِنَا وَأَيِّدْهُم بِالحَقِّ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ وَلَمَّا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَام اللَّهمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ اللَّهمَّ اخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا وَبِالسَّعَادَةِ آجَالَنَا وَبَلِّغْنَا فِيمَا يُرْضِـيكَ آمَالَنَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) عِبَاْدَ اَللهِ )) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (( فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))
المرفقات

1721919889_خطبة الجمعة الموافق 20 من شهر الله المحرم 1446هـ ارفع حاجتك إلى الله.pdf

1721919914_خطبة الجمعة الموافق 20 من شهر الله المحرم 1446هـ ارفع حاجتك إلى الله.docx

المشاهدات 491 | التعليقات 0