خطبة الجمعة الموافق 17 محرم 1445هـ شدة الحر من فيح جهنم

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1445/01/16 - 2023/08/03 15:32PM
الحَمدُ للهِ نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيرًا أمّا بَعْدُ فاتقوا الله عباد الله رأى عمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ رحمَه اللهُ قومًا في جنازةٍ قدْ هَربُوا مِن الشَّمْسِ إلى الظِّلِ وتَوقَّوا الغُبَارَ فأَبْكَاه حَالُ الإنسانِ يَأْلَفُ النَّعيمَ والبَهْجَةَ حتى إذا وُسِّدَ قَبْرَه فَارَقَهُمَا إلى الوَحْشَةِ
مَنْ كَانَ حِينَ تُصِيبُ الشَّمْسُ جَبْهَتَهُ أَوِ الْغُبَارُ يَخَافُ الشَّيْنَ وَالشَّعَثَا
وَيَأْلَفُ الظِّلَّ كَيْ تَبْقَى بَشَاشَتُهُ فَسَوْفَ يَسْكُنُ يَوْمًا رَاغِمًا جَدَثًا
فِي قَعْرِ مُظْلِمَةٍ غَبْرَاءَ مُوحِشَةٍ يُطِيلُ فِي قَعْرِهَا تَحْتَ الثَّرَى لُبْثَا
وإذا كُنَّا في صَيْفٍ وحرٍّ شَدِيدٍ فإنَّهُ ينبغي أنْ يَكونَ لنا فِيهِ عِظَةٌ وذِكْرَى وذلكَ أنَّ حَرَّ الصيفَ يُذَكِرُ المسلمَ بِحَرِّ جهنَّمَ فيزداد خَوفُهُ مِن رَبِّهِ فيُبَادِرُ إلى فِعلِ الطَّاعةِ واجتنابِ المَعْصِيةِ فإنَّ النارَ حرُّها شديدٌ والعياذُ بالله مِن نارِ جَهَنَّمَ كما أنَّ أشدَّ الحرِّ الذي نَجِدُهُ في الدنيا هُوَ في الحَقِيقَةِ مِن فَيْحِ جَهنَّمَ قال ﷺ ( اشْتَكَتِ النَّارُ إلى رَبِّهَا فَقالَتْ يا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فأَذِنَ لَهَا بنَفَسَيْنِ نَفَسٍ في الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ في الصَّيْفِ فَهْوَ أَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ وَأَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ )
عباد الله وإنَّ في حرِّ الصيفِ لَذِكرَى للمؤمنينَ يُذكِّرُهُم بِبَعضِ مَواقِفِ يومِ القيامةِ فإنَّ هَذِهِ الشمس التي يُؤذِينَا حَرُّهَا في الدُّنيا وبَينَنَا آلافُ الأَمْيَالِ تَدنُو يومَ القِيامَةِ مِنْ رُؤُوسِ الخَلائِقِ في أَرضِ المَحشَرِ حتَّى ما يَكونُ بَينَهُمْ وبَيْنَهَا إلا مِقدارَ مِيلٍ فَمَنْ تَأمَّلَ هَذِهِ الكُرُبَاتِ وكَانَ مِنَ المُوفَّقِينَ السُّعَدَاءِ بَادَرَ إلى مَرضَاتِ رَبِّهِ لعلَّهُ أن يَكُونَ في ذلِكَ اليومِ في ظِلِّ الرَّحْمَنِ قَالَ النبيُّ ﷺ ( سَبعَةٌ يظلُّهمُ اللَّهُ في ظلِّهِ يومَ لا ظلَّ إلَّا ظِلُّه ) جعلني الله وإياكم ووالدينا وأزواجنا وأولادنا وأحبابنا منهم
وإنَّ مِنْ أَعظَمَ أسبابِ النجاةِ من النارِ ومِن أهوالِ يومِ القيامة تَحقِيقُ توحيدِ اللهِ تعالى فإنَّ مَنْ حَقَّقَهُ وَكَمَّلَهُ بِأَدَاءِ الفَرَائِضِ وَاجْتِنَابِ المُحَرَمَاتِ دَخَلَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ ولا عَذَاب
ومِن أسبابِ النجاةِ مِن النار التمسكُ بالسُّنَّةِ واجتنابِ البِدَعِ
ومِنْ أسبابِ السَّلَامَةِ مِنْ حَرِّ النارِ بذلُ الصَّدَقَاتِ ولو كانَتْ قَلِيلة فقد قال النبيُّ ﷺ ( اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ )
فاستكثروا رحمكم اللهُ مِن فِعلِ الخيراتِ واجتنبوا المُحرمات واستَعِدُّوا للآخرةِ بِصالِحِ القول والعمل
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ وَأشهدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثيِرًا أَمّا بَعْدُ فاتَّقوا اللهَ عِبَادَ اللهِ
روى البخاريُّ ومسلمُ من حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه أن رسولَ اللهِ ﷺ قال ( قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ يُؤْذِينِي ابنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وأنا الدَّهْرُ بيَدِي الأمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ والنَّهارَ )
فليحذر المسلم من سبِّ الحرِّ أو سبِّ الصيفِ أو سبِّ الجَو
وقولُهُ عَزَّ وجَلَّ ( وأنا الدَّهرُ ) أي خالِقُهُ ( بِيَدِي الأمرُ أُقَلِّبُ الليلَ والنَّهار ) يَعني أنَّ ما يَجري فيهِما مِن خَيرٍ وَشَرٍّ بِإرادةِ اللَّهِ وَتَدبيرِهِ وَبِعِلمٍ مِنهُ تَعالى وَحِكمة
أيها المؤمنون استشعروا ما أنعمَ اللهُ تعالى به عليكم من نِعمَةِ المسكنِ وأجهزةِ التكييفِ في البيتِ والسيارةِ والعملِ ونِعمَةِ الثَّلَّاجَاتِ والبرَّادَاتِ وغيرها مِنَ النِّعَمِ التي حُرِمَ منها خَلقٌ كثير
فَلْنَتَذَكَّر هذِهِ النِّعَمِ ولْنَتَحَدَّث بِهَا على سبيلِ الشُّكرِ والاعترافِ بِفضلِ اللهِ تعالى فللهِ الحمدُ أولاً وآخرًا وظاهرًا وباطنًا ونسألُهُ تعالى أن يُعينَنَا على ذِكرِهِ وشُكرِهِ وحُسنِ عِبادتِه ويرزقنا شكر نعمته فهو القائل سبحانه لئن شكرتم لأزيدنكم
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمْ اللهُ عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وَقَدْ قَالَ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ ورَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمّ أعزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ وَاَجْعَلْ بَلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ يَا رَبَ العَالَمِينَ اللَّهُمّ آمِنَّا فِي أَوطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أَمْرِنَا وَأَيِّدْهُم بِالحَقِّ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ وَلَمَّا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَام اللَّهمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ اللَّهمَّ اخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا وَبِالسَّعَادَةِ آجَالَنَا وَبَلِّغْنَا فِيمَا يُرْضِـيكَ آمَالَنَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) عِبَاْدَ اَللهِ )) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (( فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))
المرفقات

1691065940_خطبة الجمعة 17 من شهر محرم 1445هـ شدة الحر من فيح جهنم.pdf

1691065953_خطبة الجمعة 17 من شهر محرم 1445هـ شدة الحر من فيح جهنم.docx

المشاهدات 1452 | التعليقات 0