خطبة الجمعة السادس من ذي القعدة 1444هـ خطبة قصيرة ومختصرة

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1444/11/05 - 2023/05/25 18:39PM

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اَللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ (( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ))
أيها الإخوة رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أُمِّ المؤمِنينَ جُوَيْرِيةَ بنتِ الْحَارِثِ رَضيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ فَقَالَ ﷺ ( مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا ) قَالَتْ نَعَمْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ ) فَقَوْلُهُ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ فِيهِ تَنْزِيهُ الْخَالِقِ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ وَعَيْبٍ وَوَصْفُهُ بِالْكَمَالِ الْمُطْلَقِ وَقَوْلُهُ عَدَدَ خَلْقِهِ أَيْ عَدَدَ مَا خَلَقَ مِمَّنْ كَانَ وَمِمَّنْ هُوَ كَائِنٌ مِنَ الآدَمِيِّينَ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْجِنِّ وَالْحَيَوَانِ وَسَائِرِ مَخْلُوقَاتِهِ مِمَّنْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ وَمِمَّا خَلَقَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهَذَا مَا لاَ يُمْكِنُ لأَحَدٍ تَصَوُّرُهُ فَضْلاً عَنْ عَدِّهِ وَقَوْلُهُ وَرِضَا نَفْسِهِ أَيْ تَنْزِيهُ الْخَالِقِ وَحَمْدُهُ حَمْدًا لأَبْلُغَ بِهِ رِضَا اللهِ سُبْحَانَهُ وَالْفَوْزَ بِجَنَّتِهِ وَقَوْلُهُ وَزِنَةَ عَرْشِهِ أَيْ تَنْزِيهُ الْخَالِقِ وَحَمْدُهُ زِنَةَ عَرْشِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَزِنَةُ الْعَرْشِ لاَ يُمْكِنُ لأَحَدٍ أَنْ يُقَدِّرَ قَدْرَهُ أَوْ يَبْلُغَ وَزْنَهُ فَهُوَ أَعْظَمُ مَخْلُوقَاتِ اللهِ وَأَكْبَرُهَا وَأَثْقَلُهَا قَالَ تَعَالَى (( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ )) وَقَالَ ﷺ ( مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ فِي الْكُرْسِيِّ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِكُرْسِيِّ اللهِ إِلاَّ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلاَةٍ أَيْ فِي صَحْرَاءَ مِنَ الأَرْضِ قَالَ وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلاَةِ عَلَى تِلْكَ الْحَلْقَةِ ) رواه ابن حبان في صحيحه
وَالْعَرْشُ فَوْقَ الْكُرْسِيِّ وَفَوْقَ كُلِّ الْمَخْلُوقَاتِ عَلَيْهِ اسْتَوَى رَبُّنَا اسْتِوَاءً يَلِيقُ بِجَلاَلِهِ قَالَ تَعَالَى (( الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ))
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ وَقَوْلُهُ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ أَيْ تَنْزِيهُ الْخَالِقِ وَحَمْدُهُ بِعَدَدِ كَلِمَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَكَلِمَاتُ اللهِ تَعَالَى لاَ يُقَارَنُ بِهَا شَيْءٌ وَلاَ يُنْفِدُ مِدَادَهَا أَحَدٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى (( قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا )) وَقَالَ تَعَالَى (( وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )) وَالْمَعْنَى أَنْ لَوْ أَنَّ أَشْجَارَ الأَرْضِ كُلَّهَا بُرِيَتْ أَقْلاَمًا وَالْبَحْرُ مِدَادٌ لَهَا وَيُمَدُّ بِسَبْعَةِ أَبْحُرٍ أُخْرَى وَكُتِبَ بِتِلْكَ الأَقْلاَمِ وَذَلِكَ الْمِدَادِ كَلِمَاتُ اللهِ لَتَكَسَّرَتْ تِلْكَ الأَقْلاَمُ وَلَنَفِدَ ذَلِكَ الْمِدَادُ وَلَمْ تَنْفَدْ كَلِمَاتُ اللهِ التَّامَّةُ الَّتِي لاَ يُحِيطُ بِهَا أَحَدٌ
فَهَذَا الذِّكْرُ وَالتَّسْبِيحُ عَظِيمٌ بِالْكِمِّيَّةِ بِكَوْنِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَعَظِيمٌ بِالثُّقْلِ بِكَوْنِهِ زِنَةَ عَرْشِهِ وَعَظِيمٌ بِالْكَثْرَةِ بِكَوْنِهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ وِلِعَظَمَتِهِ وَفَضْلِهِ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ الإِكْثَارُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ لِيَحْصُلَ عَلَى رِضَا رَبِّهِ وَحَيَاةِ قَلْبِهِ وَمَغْفِرَةِ ذَنْبِهِ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ))
جَعَلَنَا اللهُ وإياكم مِنَ الذَّاكِرِينَ الله كثيرا الذين أعد الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمً وَأَعَانَنَا جميعًا عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ
بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ والمسلمات مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وخطيئة فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أَمَّا بَعْدُ عباد الله اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَاعْلَمُوا أَنَّ أَزْكَى الأَعْمَالِ وَخَيْرَ الْخِصَالِ وَأَحَبَّهَا إِلَى اللهِ ذِي الْجَلاَلِ ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ( أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ قَالُوا بَلَى قَالَ ذِكْرُ اللهِ ) رواه الترمذي وصححه الألباني فَكُونُوا مِنَ الذَّاكِرِينَ الله تَعَالَى الَّذِينَ (( أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا )) هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فَقَالَ (( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين الطَّاهِرِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ لهم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَانْصُرِ الْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اللهم آمنا في أوطاننا وأدم الأمن في ديارنا اللَّهُمَّ احْفَظْ ولي أمرنا وولي عهده ووفّقهما لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى ولما فيه خيرٌ للبلاد والعباد يا ذا الجلال والإكرام اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين
(( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار )) عِبَادَ اللهِ اذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))

 

المرفقات

1685029098_خطبة الجمعة الموافق 6 من ذي القعدة 1444هـ.pdf

1685029138_خطبة الجمعة الموافق 6 من ذي القعدة 1444هـ.docx

المشاهدات 2964 | التعليقات 2

جزاك الله خيراً ونفع بك ياشيخ فهد

ملاحظة محذوفة سهواًكلمة  (قدمه)

 عند العبارة التالية: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ  


بارك الله فيكم يا شيخ فهد وجزيتم خيرا